العقلانية الانسانية تمتلك القدرة على التأقلم في الوسط الذي تكون فيه .. تلك الصفة عقلانية الرصد اما الجسد فهو يخضع الى نظم مختلفة في الآقلمة .
تلك الأقلمة العقلانية هي من اخطر المؤثرات على العقل في رخص العقل ومنها نرصد الانحرافات الخلقية الرخيصة جدا تظهر في مجتمعها وكأنها ارث موروث من الكبار ..
علماء معاصرون وجدوا ان صغارا بعمر سنة واحدة من اباء يعملون مع الافاعي في حديقة للحيوان عرضت عليهم صور متحركة لافاعي فلم تؤثر تلك الصور في هدوئهم ووداعتهم وعندما عرضت تلك الصور على اطفال بنفس العمر من اباء لا علاقة لهم بالافاعي ظهر ذعر شديد على اولئك الصغار .
ذلك الرصد الاكاديمي عرض في تقارير متلفزة وهو يشكل منحى فكري حديث جدا الا انه يرتبط بنظرية قديمة في بدايات نهضة العلم قادها الطبيب العالم (لومبروزو) والذي ادعى ان المجرمين يملكون صفة بايولوجية في تجاويف المخ الخلفية ... ذلك يعني ان السلوكية العقلانية ذات مرابط بايولوجية .
المجتمعات المعاصرة التي قلبت نظرية العقاب الى نظرية الاصلاح وتحولت السجون الى اصلاحيات تقوم بتصليح العقل عند المجرم والمنحرف بدلا من فكرة الانتقام منه التي كانت سائدة قديما ...
لا تقبل تلك المجتمعات ان يكون اكسير العقل بايولوجيا .. ولا تقبل ان يكون المجرم وسط مجتمعه بعد اجرامه ولا بد ان يكون للاصلاح وعاءا تأديبيا .
من هذه الراصدة تكون القوانين التي قننها الانسان في كل بقاع الارض كوسيلة لاجبار العقل على الرقي وتلك الاجبارية القانونية تعمل صلاحا للعقل الرخيص قبل ان ينحرف ويرخص ولكن ازمة رخص العقل تزداد اطرادا مع رقي القوانين واتساع تقنيات منفذيها في مؤسسات بوليسية رسمت لنفسها هيكلية جبارة .
ويبقى الاكسير العقلاني في تراث الفلاسفة بعيدا عن تطبيقات الحضارة المعاصرة .
كثير من الافكار السياسية سواء كانت وليدة من مجتمعاتها مثل الفكر الديمقراطي وحرية الرأي او الوليدة من نعرة قومية مثل فكر (تركيا الفتاة) او وليدة من فكر عقائدي مثل الاحزاب الاسلامية عجزت عن توفير منظومة عقلانية (إكسير) لاصلاح العقل البشري حتى لو كان طموح الاصلاحيين محدد باقليم او بقومية او بفئة عقائدية .
المجتمعات المتحضرة وجدت في الصغار وعاءا مثاليا لزراعة العقل السليم واعتقدت ان انبات المباديء في عقول الصغار كفيل برقي عقلانية بشرية متميزة .. تلك التجربة لم تسجل نجاحات شمولية في العقل البشري فهي ان استطاعت بوسيلة التربية المدرسية ان تنبت افكارا منهجية جعلت من بعض المجتمعات تحمل شهادات اكاديمية بنسب عالية في المجتمع الا ان سلوكية الرخص العقلي تسجل نسبة ملحوظة في المجتمع المثقف وبمعدلات تزيد على المجتمع الفلاحي الفطري حيث يراقب ذلك من خلال ارتفاع مؤشر الجريمة في المجتمعات الموصوفة بالتحضر .
لو رصدنا ..
في طموح حق ..
وفي تواضع فكري ...
مستقل ... بل مستقل باصرار ...
مجتمع الرسالة المحمدية قبل الرسالة ...
لوجدنا رخص العقل بعيون واسعة ...
ولو رصدنا ذلك المجتمع نفسه بعد الرسالة ...
لوجدنا رقي العقل في اوسع صورة للرؤيا ..
ذلك هو ما نبحث عنه ... إكسير العقل ...
تعليم الكبار ... !! ليس تعليم الصغار ...!!!
من يكون المعلم ..؟؟
ما هي مادة التعليم ...؟؟
سنكون في :
شوط رابع من رحلتنا مع اكسير العقل ...
الحاج عبود الخالدي
تعليق