الحمد لله .. لفظ في وعاء
التنفيذ
التنفيذ
من أجل تنفيذ نص قرءاني
(دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (يونس:10)
أضطرب العرب في مقاصد لفظ (حمد) فمنهم من جعله ضديد الذم ومنهم من قال انه الشكر وقيل ان (الحمد رأس الشكر) وقيل ايضا ان الشكر يأتي عن يد والحمد لا يأتي عن يد بل الحمد ومنه التحميد الفاظ تستخدم للصفات فيكون الشخص حميدا بصفاته الحميدة وليس للشكر علاقة بالحمد ونقل ابن منظور في لسان العرب عن الزجاج ان الحمد في غير القرءان (لغة رديئة) ... ومن فطرة العقل .. من قدم لنا خدمة لا نستطيع ان نقول له (حمدا لك) بل يتوجب الشكر وليس الحمد ومن تلك الفطرة العربية الواضحة فان الحمد هو في الصفات ولن يكون رديف الشكر ولعل استخداماتنا الفطرية للفظ (اصيب بورم حميد) يقصد به انه ورم غير خبيث (سرطاني) فيكون العقل الفطري مع لفظ (حميد) بقصد الصفة وليس بمقاصد الشكر .. فما هي صفة حمد .. ؟
حمد ... في علم الحرف القرءاني يدل على القصد في (انقلاب سريان فاعلية التشغيل الفائقة) ... أي ان الفعل التشغيلي الفائق منقلب المسار ... وبالتالي فان (الحمد لله) تعني ان جموع المشغلين للفاعليات والصفات في الخلق يكون فعلهم التشغيلي فائق الوصف فينقلب مساره لله سبحانه فهو المدبر له وذلك الترشيد الفكري هو من صميم الفكر العقائدي في صفات الله سبحانه وهنلك كثير من الجهود العلمية التي تصف بعض الارقام كنتائج لتشغيل الخلق فتظهر فائقية التشغيل فعلى سبيل المثال نقرأ في احد التقارير ان الانسان العادي يستنشق في اليوم الواحد 2 مليون لتر من الهواء وفي كل شهيق وزفير يستهلك قرابة 5 مل من الاوكسجين فاذا عرفنا ان الانسان لوحده كمخلوق في الارض يصل تعداده اليوم بحدود 10 مليار شخص فكم سيستهلك ذلك الانسان من الاوكسجين يوميا لوحده ولو رصدنا بقية المخلوقات المتزايدة جدا لاغراض انتاج اللحوم من الابقار والاغنام والدواجن ولو رصدنا حجم استهلاك الاسماك للاوكسجين والطيور فان تصوراتنا للفعل التشغيلي الفائق ستكون مذهلة (جبارة) ولا يمكن تصور معادلتها واستمرارية تشغيلها الا حين تكون المعادلة منقلبة لله أي انقلاب سريان تلك الفائقية لتشغيل الخلق لله سبحانه وهو الذي يقوم بتصريف شؤونها وتعديل مساراتها وتزويدها بمقومات تشغيلية هوالإله المسيطر عليها حصرا دون غيره فيكون الحمد لله في وعاء تنفيذي يمثل صفة كبرى من صفات الله جعلها الله في ثاني مفصل من مفاصل افتتاح وعاء التنفيذ (فاتحة الكتاب) وهي (بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين)
وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ... فهي ليس للمدح وليس للشكر بل هي قبول نتيجة ان منقلب مسار الفعل التشغيلي لله سبحانه (الحمد لله) فالدعوى هي (انقلاب سريان نتاج) فاقامة الدعوى امام القضاء هي في فطرة العقل قلب سريان نتيجة الصراع الى القاضي والدعوة الى حفلة عشاء تعني انقلاب سريان غذاء العشاء في حاوية الدعوة .. فاخر دعوى الصالحين الذين يسبحون بنظم الله الموصوفين بصفة (تحيتهم فيها سلام) أن تكون نتيجة عملهم في الفعل التشغيلي الفائق منقلبا لله سبحانه وليس لغيره ومن هنا تبدأ رحلة التذكر ..
عندما ينجب الانسان الصالح يقلب نتاج ما انجب لله فقد حمد الله اما حين ينجب لغرض اخر كبقاء ذكراه او لعز الكبر او للتباهي او للعون في دنياه او للسير على ما سار عليه الناس فهو خارج منظومة (الحمد لله)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (لأعراف:189)
عندما يسعى الانسان الصالح لرزق او عمل او وظيفة فيقلب نتاج ما يسعى له الى حيازة المال والتمتع بالمال او التباهي به او العلو بما يملك او السيطرة على الغير انما يكون خارج منظومة (الحمد لله)
(وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طـه:131)
الانسان يتنفس كثيرا من الهواء ليأخذ الاوكسجين ويعطي ثاني اوكسيد الكربون .. لو يعلم انما يتنفس الانسان ليوفر للنبات ما يحتاجه من الكربون لعلم ان (الحمد لله) في شهيق وزفير من صدره ومن ذلك عليه ان يعي ويتذكر ان لا يمكن ان يرتبط بقية مسعاه في شأن غير منظومة (الحمد لله) فيكون قد (سبح) في منظومة الخلق كما يسبح السابح في الماء ليعادل وزن جسمه مع قوانين الله في الفيزياء ليبقى عائما فان لم (يسبح) ويجذف بيديه ورجليه ليتوازن مع منظومة الخلق في الفيزياء فانه سيغرق لانه لم يقلب سريان مشغله الفائق لله وكأنه لا يمارس نظام (الحمد لله) وبالتالي يخسر امرا كبيرا سخره الله للانسان حين ادخله في منظومة الخلق ..!! وعليه ان يكون من فئة الذين دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ فيحصل على ما سخره الله له
تلك ثقافة عقل مستحلبة من ذكرى قرءانية بلسان عربي مبين
الحاج عبود الخالدي
تعليق