وقلوب المؤمنين أوعية واعية
لأنهم زهدوا في الدنيا
بعد
أن أحكموا أساس التقوى
فبالتقوى زكت نفوسهم
وبالزهد صفت قلوبهم
وسمعت آذان قلوبهم
ولما فقهوا علموا
ولما علموا عملوا
ولما عملوا عرفوا
ولما عرفوا أهتدوا
فتزكت نفوسهم
وأنجلت فيها صور الأشياء
على هيئتها وماهيتها
فبانت الدنيا بقبحها فرفضوها
وظهرت الآخرة بحسنها فطلبوها
يقول الحق تبارك وتعالى
{أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} (17) سورة الرعد
فما أتى به الرسول ألأكرم
عليه أفضل الصلاة والسلام
من قرآن ، وسنة مثل المطر
فالعلم هو المطر
والأودية هي القلوب
ولكل قلب قدر يحمله من العلم
كما أن لكل واد قدر يستوعبه من المطر
وكما ينزل السيل
أو المطر على الوادي
فينظفه بأن تطفو الشوائب
على سطح الماء فتتجمع
ثم يلقى بها ليصبح الوادي
بعد ذلك نظيفا
ويبقى الماء أيضا نظيفا
كذلك العلم فانه اذا نزل على القلوب
كنسها من الأوضار والأكدار
والأمراض والأوساخ
واذا كنس العلم القلب
أستنار القلب
وأنطبعت فيه صور الأشياء وماهيتها
فبانت في القلب على حقيقتها
فتظهر الدنيا بقبحها فيتجنبونها
كما تبدو الآخرة بحسنها فيطلبونها
وكلما كانت المرآة مجلية
كلما كانت الصورة واضحة جلية
وهذة الصورة المنطبعة
في مرآة القلب
للمعلوم لها ظاهر ولها باطن
ذلك لأن العلم له ظاهر وباطن...
ظاهر العلم ( التعلم )
وباطن العلم ( الفهم )
وهو أرقى وأشرف من العلم
وقد نبه الله تعالى الى ذلك فقال
{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} (79) سورة الأنبياء
تعليق