الايمان التوحيدي صفة الاسلام الاولى والاخيرة وهو المقود العقلاني الى مفاصل الايمان الاخرى في مجمل صفات الله ومن ثم الانتقال الى ميدان طاعة الله في تطبيق الاحكام التي وردت في القرءان والسنة الشريفة .
الفكر التوحيدي تقلب بين اجيال المسلمين ووصل الينا ونحن صغارا نرتشف من كلمات الاهل والناس حولنا توحيد الله وصفاته الاخرى في اسمائه الحسنى التي يرددها الناس في الرحمن الرحيم القوي الجبار الكريم العظيم ...
تلك الصفات التي نبتت منبت الشجر في ارض مباركة من ربها وقد سرت في العقول مسارب تطبيقية بين الناس حتى تحول الله في نظر الكثير من المؤمنين الى صفة (الخارق) وبموجب تلك الصفات اقتربت العقول في التطبيق الى تطبيقات ميدان ما كان لها ان تكون في مفهوم وحدانية الله وعظمته فتصور كثير من الناس بل اكثرهم ان الله يمكن ان يغير حال المتوسل كما يتوسل المحتاج في حضرة امبراطور رحيم او يمكن ان تكون قصيدة شعر في مديح الله سببا في اغداق الخير على قائلها كما كان يمتدح الشعراء بعض الملوك فيأمرون بالاف الدراهم والمنح والمقام الرفيع ..
عموم الناس يتوجهون الى الله بصيغة التوسل وان كان ربنا اهلا للتوسل والمديح الا ان نظرية التوحيد الالهي لا تعني ان العبودية رق في الموقف وفي العبادة يسمونه (خبت لله) وتواضع لله وتوسل بالله ... ويقوم سؤال الاثارة ... وان كان المتوسل يستحق ما هو فيه من جور او ضيق او غيره فكيف يكون الله والعبد يتوسل به الى حدود قصوى ..؟؟
وفي كثير من شؤون العباد نرى ان العبد يتجه الى الله بعد ان اعدمت الوسيلة بين يديه وبعد ان فقد الحيلة فيما هو فيه وكان قد طرق كل مطارق الحلول لقضيته ولم ير غير الله ملجأ فلجأ يتوسل ويدعو الله في خشوع ما بعده خشوع ... ويستغرب ... ان استجابة لدعائه لم تحصل ..!!
هنا يدرك العقل المؤمن بالتوحيد خلة توحيدية في العقل اذ ان الله بصفاته لم يكن الاول والاعلى عندما سعى العبد الى حلول ذاتية في وساطة الى سلطان او مراجعة لطبيب او قرض من صديق وان التوجه الى الله قد حصل بعد تشطيب كل مسارب الحلول في غير جنب الله ..!! ذلك شرخ في الايمان التوحيدي خصوصا عند الايمان بصفات الله التي تتصف بصفة الاطلاق وليس النسبية ...
ان توجه العبد المؤمن لربه من بداية الاختناق الذي وقع فيه ذلك يعني ان صفات الله كانت على محامل الايمان المطلق بتلك الصفات فان كان ربي يشفين فهو مطلق في تلك الصفة ولن يكون بعد عجز الاطباء من الشفاء .. وان كان للمؤمن نصيرا فان تلك الصفة ان كانت مطلقة فلن تثني العبد المؤمن من طلبه المباشر لربه دون ان يكون قد عجز الوسطاء والمرتشين عن نصرته .. وهكذا هو اطلاق الايمان التوحيدي ليكون الله قويا في البديء وليس عند سقوط الحيلة ...
الايمان النسبي بوحدانية الله قد تنحى في صفة (الخالق) صفة الاطلاق وليس النسبية فيؤمن الموحد ان الله هو الخالق الاوحد الا ان صفات الله الاخرى سرعان ما تتحول الى صفات نسبية لن تكون حاضرة في وجدان المؤمن الموحد عند ارتفاع حرارته (مثلا) ليهرول الى الدواء فيبتلع ما اوصى به الطبيب ... بل يركن الى ربه في الشفاء فصفات ربه ان يشفي المريض اذا مرض اما ان يكون الله في ذيل قائمة الالهة الشافية فان الايمان التوحيدي يتصدع وتضمحل العلاقة بين العبد وربه
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186)
التصدع في الايمان التوحيدي تجعل الله بعيدا وليس قريبا كما جاء في النص الشريف اعلاه فالاقرب من الله هو طبيب او صيدلي او قرص اسبرين اقرب في صيدلية الدار والله إله ابعد من غيره من الالهة التي توفر الشفاء حتى سميت (مشفى) والقرءان مهجور والله هو الابعد من المشفى .. السبب هو ان الناس يدعون على مرأى ومسمع من ذويهم ولا استجابة .. الا ان في حقنة الطبيب استجابة في سويعة ولكن دعاء عريض لايام لم ينفع ...
ولو عاد المؤمن التوحيدي الى دائرته العقلانية مع ربه فلسوف يجد ان (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) تكون فقط في الصلاة والعبادات اما في الانشطة اليومية وعلى مدار الساعة فان نظم بشرية هي التي تعمل عملها وهي التي تترك اثرها في حياة المؤمن الموحد بالله بانه الخالق الوحيد للكون الا ان التطبيق الذي يشمل صفات الله معطلة او مهملة او لن يكون لها وجود تطبيقي .. فالجبار صفة متحفية او اثرية اما ان يكون المؤمن يطبق كلمة الجبار فلا ... وتراه يتهاوى خضوعا لسلاطين زمانه ويتصنع الابتسامة في حضرتهم لانه امام اله جبار اخر هو سيده في العمل او مديرا للشرطة او حاكما للبلاد ... ذلك هو الوهن في الايمان التطبيقي لوحدانية الله وان عبر المؤمن عقلا سقف التوحيد والايمان بالخالق الواحد ولكن الله لا يمتلك صفة الخالق حصرا رغم انها عمود التوحيد الا ان صفات الله تستكمل الايمان التوحيدي ... وبما ان الانسان (قتل) فـ (ما اكفره) يوقف فاعلية الجبار الاوحد وهو الله عند الاعتراف بجباتر غيره فيكون قد قتل وحدانية الله وهو يكفر ببقية الصفات التوحيدية ويعتبر ان المهيمن يمكن ان يكون حاكم المدينة فوحدانية الميهمن لا تسجل حضورا في عقل الموحد الا عندما يقرأ القرءان .. اما في التطبيق فحاكم المدينة هو المهيمن ...
من ذلك الحبو الفكري يتضح ان صفات الله كلها تحتاج الى راسخة توحيدية .. الشافي يجب ان يكون واحدا كالخالق .. العظيم يجب ان يشمله الفكر التوحيدي .. القوي .. العزيز ... فكل صفة من صفات الله سبحانه هي في مقام صفة الخالق وتحتاج الى فكر توحيدي في العقل والتطبيق ولا تستنفذ الرغبة التوحيدية في صفة الخالق ما لم تكون صفات الله كلها وتر (توحيدية) المضمون ...
من هذا الانضباط العقلاني الحريص على توحيد الله يقوم التوحيد في ميدان تطبيقي يومي وعلى مدار الساعة ...
تلك خاطرة ايمانية في منهج يقرأ القرءان ... ويتذكر ... فيذكر
الحاج عبود الخالدي
تعليق