السماء والطارق
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ 1 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ 2 النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق:3)
(والسماء والطارق) اية مستقل منفصلة لا بد ان يكون لها بيان منهجي مستقل فاستقلال الاية يعني استقلالية فاعليتها بموجب نهج قرءاني معلن في متن القرءان بشكل واضح من خلال تجزئة القرءان الى سور والسور الى ايات ولا يوجد حشو قرءاني غير هذا التفصيل المنهجي ... حرف الواو في بداية الاية يشير الى صفة يعرفها اللسان العربي ويعرف بيانها ان الواو رابط تربط الشيء بالشيء وان ظهور الواو في بداية الآية تدل في دلالة القصد الشريف ان فاعلية الاية المستقلة تتصف بصفة الربط بفاعليات اخرى لآيات مستقلة اخرى ...
السماء كما قلنا في تثويراتنا السابقة هي (دائرة الصفات الغالبة) وهي في فهم اكثر عمقا يستند الى علم الحرف القرءاني (فاعلية تشغيل تكويني) وبتلك الفاعلية التشغيلية تقوم الصفات الغالبة للاشياء سواء في العالم المادي (عناصر المادة) اوحركيتها في افلاكها سواء في الفلك او في الذرة او جزيئات المادة المتحدة ... كما تكون تلك الصفات الغالبة في العالم اللامادي (العقلاني) الذي يسبق المادة في الوجود الخلقي والذي يمتلك مشغل تكويني ايضا يكون نتاج اتحاد العالمين (المادي واللامادي) قيام الخلق في العقل والمادة وتناغميته
الطارق ... نحن نعرف الطرق والطريق وطرق فيكون منها طارق ... لسان عربي مبين ... ومنها طرائق وطرقات ومطرقة ونحن في عربية بسيطة جدا
طرق ... الطرق هو لفظ يستخدم باستخدام المطرقة او باليد كالطرق على الباب او الطرق على الحديد لتشكيل اشكالا مختلفة منه والطرق على مسمار لينبت في لوح خشبي .. وتلك ايضا مقاصدنا في عربية بسيطة .
النقر على الطبل او الدف او أي الة اخرى كالضرب بالسوط لا يستخدمه اللسان العربي تحت لفظ (الطرق) لسبب جوهري هو ان الطرق يغير شكل المطروق اما الاستخدامات الفيزيائية التي لا تغير شكل المطروق فان عربة المقاصد لا تحمل مقاصدها لان الطرق له لفظ مخصص في تغيير شكل المطروق كما يستخدم الحداد والنجار مطرقته ... حتى الطرق على الباب هو لغرض فتحها أي تغير صفتها الموصدة الى صفة اخرى مفتوحة . وفي مثل هذه النقطة نرى بوضوح فطرة اللسان العربي المبين ولكن بيانه اختفى عندما ورثنا اللفظ دون منبعه من فطرتنا اللصيقة بنا في الخلق .
الطريق هو ذلك الطرق الذي يغير شكل المقاصد في حيازتها فالطريق الى بغداد يغير موقع حيازة المستخدم للطريق ليكون في بغداد بدلا من دمشق مثلا وذلك باستخدام الطريق الواصل بينهما ... مثلها مثل طرق الوصول الى الاهداف المرجوة في النجاح و الاستشفاء والتجارة جميعها لها (طرق) وتلك الطرق انما تغير شكل الحال بعد استخدامها كما هو الطرق على الحديد الذي غير شكل الحديد من حال الى حال ..
الطارق هو فاعلية الطرق مثلما نقول في عربية بسيطة (سفر .. سافر ... نقل .. ناقل .. برد .. بارد ...) ... فيكون طارق فاعل الطرق الذي يغير الحال الى حال اخر كالطارق في البندقية الذي يفعل الاطلاقة لتتحول من رصاصة ساكنة الى رصاصة منطلقة فالطارق قام بفاعلية الطرق لتحويل اطلاقة البندقية من حال السكون الى حال الحركة .
والسماء .. والطارق ... رابطان بدلالة حرفي الواو فتكون السماء ذات رابط والطارق ذات رابط وكلاهما يكونان حاوية فاعلية تتحول من حال الى حال اخر .. ذلك ما نراه في الخلق عموما فعندما نرى الشجرة انما هي من ماء واملاح واكاسيد ولكن (والسماء والطارق) في فاعلية خلق جعلت من عناصر المادة وترابطياتها في منظومة خلق منتج نرى فيه الخلق فتكون بين ايدينا ضابطة علم في النشيء والتكوين عندما نتعرف على صفة المادة في السماء الاولى مرتبطة بطارق يطرقها لتكون سماء ثانية والثانية مرتبطة بطارق لتكون ثالثة وهكذا يصف الله في خارطة الخلق ان التغير يبدأ من سماء فسماء وصولا الى سبع سماوات فتكون السماء السابعة بلا رابط مع طارق وهي سقف الخلق اجمالا وبذلك تتضح مساحة اوسع في خارطة الخالق عندما نرى ان السماوات السبع بنيت في ستة ايام
اليوم هو حيز مرتبط بمشغل (علم الحرف القرءاني) فاليوم في الارض يساوي (حيز دوران الارض) حول نفسها فهو حيز في حركة مشغل
نرى من خلال تلك المعالجة ما يلي
السماء الاولى والطارق للسماء الثانية ... يوم واحد
السماء الثانية والطارق للسماء الثالثة ... يومان
السماء الثالثة والطارق للسماء الرابعة ... ثلاثة ايام
السماء الرابعة والطارق للسماء الخامسة ... اربعة ايام
السماء الخامسة والطارق للسماء السادسة ... خمسة ايام
السماء السادسة والطارق للسماء السابعة ... ستة ايام
السماء السابعة (الطور) لا طارق فيها لانها حكومة الله فهي تسود الخلق وهي عرش الرحمن
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)(لأعراف: من الآية54)
تلك النشأة التكوينية خفية على العلماء في المدرستين المادية والعقائدية لانها من علوم الله المثلى والتي لا تقوم في عقلانية عبقري او مكتشف بل تقوم بدلالة الله عليها حصرا فهي في بقية الله في الارض (قرءان)
لو عرفوا القرءان لما ذهبوا الى المريخ ولم يكن لتجربة الانفجار الكبير ضرورة ... ونحن نبثق البيان بايجاز شديد وعلى حذر شديد ..
وما ادراك ما الطارق .. وعسى ان ندركه فهو طارق يطرق دائرة الصفات الغالبة في ست سماوات من اجل غاية وهدف في الخلق الاجمالي في النشيء والتكوين المستمر
النجم الثاقب ... تلك مؤجلة لمقام لاحق وهي في عنوان مجرد من التفصيل (تكوينة نقل يتبادل احتواء ماسكة المشغل ينتقل كينونة بفاعلية فائقة خفية ـ متنحية عن المخلوقات ـ تقبض كل فعل ) ... انه الزمن ... في تذكرة عسى ان تنفع الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق