الماء والطاقة والقرءان
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
عندما يكون المسلم المؤمن في تجلياته العقلية متسائلا في دائرة الايمان ان (ربي الى اين تسير هذه الدنيا ..؟؟) فلن يجد المسلم جوابا من نبي او رسول او فقيه او حكيم ولا بد ان يكون الجواب في بقية الله في الارض وهو عصارة ثلاث رسالات سماوية من توراة وانجيل وقرءان ...
بدأت الارض تسير الى نهايات قاسية واذا كانت التساؤلات في دائرة الكوارث الطبيعية وما سيحصل في الارض من دمار في امراض او ارتفاع درجات الحرارة الا ان التساؤل الاكبر في العقل هو في شحة المياه العذبة والطاقة التي اعتاد الانسان عليها .
ما تعود الانسان عليه ليس سهلا فالعائلة التي تسكن في الطابق العاشر او العشرين لا تستطيع ان تلبي حاجاتها بقربة ماء يحملها حمار ولا يمكن للعامل والموظف ان يلتحق بعمله وهو يمتطي صهوة جواد او عربة تجرها الخيول والكل يتحدث عن نضوب قريب للنفط والكل يتحدث عن ازمة طاقة وتصحر وقلة الماء حتى قيل في القرن الحادي والعشرين انه قرن شحة المياه وقال بعضهم قرن الطاقة وكليهما معا يكون القرن الحادي والعشرين قرن الطاقة والماء ... فهل نجد لهذا الاختناق مربط قرءاني جعله الله ذكرى للبشر ..!!
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) (الفرقان:53)
نؤكد لمتابعنا الكريم ان المعالجة العلمية العميقة تحتاج الى بساط علم متخصص وان ما تجود به هذه الاسطر هو الربط العقلاني ففي الاية (مرج) وفي النص القرءاني التذكيري بحران (الاول) هو عذب فرات و (الثاني) هو ملح اجاج .. !! وبينهما برزخ ...؟
العلم المعاصر وبنوده المعرفية استخدمت في مشروعنا الفكري كمفردات تؤلف قاموس (مقاصدنا) بصفتها معايير نعير بها مفاهيمنا لتكون في قاموس للفهم اطلقنا عليه لفظ (مقاصدنا) ومعنا مفردة من مفردات العلوم المادية في (الماء المتأين) وهو عندما يذاب الملح في الماء فيكون الماء (ايوني) أي متأين أي ان الملح فيه يتحول الى ايونات فيكون (اجاج) وهو من لفظ متأجج .. اجيج .. النار وهو في عربية فطرية بسيطة فيكون في البناء العربي اللفظي
أج .. اجيج .. اجاج .. يأجوج ... مأجوج .. يأجج .. تأجيج .. وهي تؤكد صفة طاقوية ويستخدمها اللسان العربي في الطاقة فيقول (تأجيج الثورة) وهو دليل منحها طاقة وفي جنوب العراق ووسطه يستخدم لفظ (وج النار) أي اشعل النار ومنها في القرءان (يأجوج ومأجوج) ومنها (ملح اجاج) وهو الماء
لو تصور الانسان ان بحار الارض كلها متأينة فهل ستكون الطاقة شحيحة لو استطاع البشر ان يستغل التأين الملحي في البحار ... !!!
سنطلب من عقولنا ان تبحر في القرءان لمعرفة مدى امكانية الحصول على الطاقة من البحر ... ونقرأ في القرءان ليذكرنا
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ) (الرحمن:19)
ففي النص الاول (وهو الذي مرج البحرين ... الله سبحانه) والله جعل بينهما برزخ وحجر محجور ... ولكن في سورة الرحمان (رحمين) ان البحران يلتقيان وتلك ذكرى لمن يتذكر ويربط بين صفتين تكوينيتين
(بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ) (الرحمن:20)
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن:21)
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) (الرحمن:22)
عندما نكون في سورة الرحمان (رحم + رحم)
وعندما نكون في مرج بحرين يلتقيان فيخرج منهما مرجان (مرج + مرج)
فيكون الخارج هو لؤلؤ ( لؤ + لؤ) ليكون الخارج من رحم كل بحر (رحمين ) و (بحرين) و ( لؤلؤين ) و (مرجين) ... فيكون العقل الباحث في القرءان امام خارطة خلق غير مقروئة في العلم او في العقيدة ...
البحر العذب له مرج ... البحر المالح له مرج .. يخرج منهما ربك (مرجان) .. فبأي منهما سنكذب ايها السامعون لهذا الحديث ..!!
البحر المالح المتأين موجود في بحار الارض التي نعرفها ويا لوفرتها وغزارة ماؤها ... اين البحر العذب اذن ( هذا عذب فرات) ... ؟؟
(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (فاطر:12)
هل يستطيع قاريء القرءان (عقلا) ان يفصل بين (هذا عذب فرات سائغ شرابه) و (هذا ملح اجاج) ... !!!
اذا كانا مفترقين فيجب ان يكون التفريق بالنظر ونحن ننظر للمتكلم وهو يشير باصبعه الى (هذا) ومن ثم يشير الى موقع اخر ويقول (هذا) فتكون التفرقة .. اما اذا اختفت وسيلة النظر لاشارة المتكلم فان المتلقي لا يستطيع ان يفرز الوعائين بلفظ (هذا) وتذهب مراشد المتلقي للنص القرءاني ان (هذا هو نفسه هذا) والدليل هو جمعهما في (ومن كل تأكلون) ...
من هذه المعالجة التذكيرية نجزم ان مياه البحار المالحة هي نفسها مياه البحر العذب والفصل بينهما فصل تكويني يتوجب البحث عنه في مقاصد الله في (البرزخ) ...
ذلك ليس بعسير على الفهم فان مياه البحر المالح هي في التكوين غير مالحة وان الملح طاريء عليها ونرى ان محطات التصفية المختلفة تعمل على فصل الملح عن مياه البحر ليكون حقيقة ان النص يؤكد (هذا هو نفسه هذا) وان مصدر المياه العذبة (بحر عذب) يمكن ان يكون وفيرا بقدر وفرة مياه البحار وتنتهي ازمة الانسان بالتصحر او شحة المياه او شحة الغذاء التي يتحدثون عنها كثيرا والتي ادت الى ارتفاع المواد الغذائية الرئيسية ارتفاعا خطيرا ينذر بكارثة انسانية مستقبلية قريبة
نعود للمرج والى اللؤلؤ ففيهما كنز علمي كبير لو تعلمون ..!!
المرج موصوف في القرءان كصفة طاقوية وهو ترشيد فكري لا ريب فيه
(وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) (الرحمن:15)
فيكون المارج هو شيء من كينونة النار وهي الطاقة عموما في مفاهيمنا ولها اشكال متعددة كما يعرفها اهل الفيزياء ...
مرج البحرين يلتقيان ... يكون فيها لفظ (مرج) هو اسم في عربية اللسان العربي المبين ... اما النص من سورة الفرقان (وهو الذي مرج البحرين) فيكون لفظ (مرجَ) هو فعل في اللسان العربي المبين وتقوم المشكلة في نصب ورفع لفظ البحران وهي مشكلة مع قواعد اللغة ولا تخص المقاصد عند قيام نشوء القصد فيكون بين ايدينا فهم المقاصد وليس قواعد الكلام فيكون
البحرين ... بحر + بحر ... يربطهما حيز بدلالة الياء
البحران ... بحر + بحر ... يربطهما فعالية وليس حيز
لذلك جاء النص الشريف (وما يستوي البحران .... هذا .. وهذا) لان الرابط الذي يربطهما رابط فاعلية ومنه يقوم علم الفصل بينهما عندما يتم مسك تلك الفاعلية بين البحرين فينفصل هذا .. عن هذا ... أي عندما يتم وقف الفاعلية المشتركة بينهما ...
الفاعلية المشتركة بين البحرين عرفها العلم الحديث وهي الملح المذاب في الماء العذب فان تم وقف فاعلية (الاذابة) واخرج الملح من البحر المالح اصبح الماء بحرا عذبا ..
ولكن القرءان يمنح عقولنا سببا للذكرى في فاعلية غير الملح المادي وهي (اجاج) فان تمت السيطرة على الايون الملحي تم قبض بحر عذب سائغ شرابه ...
عملية مسك (اجاج) تتم من خلال الامساك بمرجين (مرجان) في البحر الاجاج ليكون البحر عذبا في الحيازة ...
مسك الاجاج هو مسك الطاقة كما ذهبت مراشدنا اليه في سطور سابقة فيكون الاجيج في البحر المتأين في ماسكة يتم فيها اخراج اللؤلؤ ...
لوء + لوء وتقرأ لؤلؤ ... فما هو لوء واحد ... ومن علم الحرف القرءاني يكون لوء (ناقل مربوط ربطا تكوينيا)
انه الالكترون في مقاصدنا فهو منقول ولكنه مربوط بالذرة ربطا تكوينيا ... يخرج من الذرة ... ويعود اليها .. فيكون لوء لوء فهو لؤلؤ ... فهو مجرد ناقل طاقوي وهو التيار الكهربائي الذي نعرفه ... !!
اللؤلؤ الذي تلبسه النساء حلية ... انه حبات مستخرجة من حيوان بحري اسمه (محار) وهو قوقعة صدفية في داخلها يتحصن ذلك المخلوق عندما تنتقل اليه حبة سليكون ناعمة (حبة رمل) تدخل بين غشاء جسده وقوقعته الصدفية فيفرز عليها المخلوق مادة كلسية وبتراكمها يكون شكل اللؤلؤ كما هو معروف فهو في اصله حبة رمل ناعمة (ذهبت وعادت) فكانت لؤلؤ ... وهي في التكوين لؤلؤة ولونها متلألأ فهي لا تعطيك لونا ثابتا ..يذهب بريقه ويعود فبريقها متلألأ فكانت لؤلؤا بموجب عربية المقاصد .
اذا كانت لؤ هي غير مربوطة فتكون (لأ) وجمعها (ألاء) فباي الاء ربكما تكذبان وتلك لها مقام علم اخر في موقع لاحق ...
لؤ واحدة لها مرج ... لؤ ثانية لها مرج وبجمعهما يكون لؤلؤ ومرجان ... سبحان الله الذي جعل قرءانه بلسان عربي مبين ... يذكر حامل القرءان بالعلم العظيم لو امسك به حملة القرءان لاصبحوا خيرا من علماء الارض اجمعين .. ولكنه قرءان مهجور في اهم صفة دستورية فيه (علوم التكوين) ..!! فهي دعوة وتذكرة عسى ان تسري بين يدي مستنفرة عقولها نيرة تلقف البيان ومنه تقوم الذكرى في سورة الرحمان ... والاء الرب فيها .. لؤلؤ ومرجان ومن كل تأكلون لحما طريا
لحم .. في علم الحرف القرءاني (نقل فاعلية فائقة التشغيل) وهو عندما يلتحم الحديد ببعضه فنقول (لحيم) فهو نقل فائق الفاعلية في حيز للتشغيل .. ونقول لـُحمة الامة فهي ناقلة فاعلية فائقة التشغيل وهو في الاتحاد بين الامة فتكون لـُحمتهم في اتحادهم ... ذلك يستخرج كفاعلية منقولة فائقة التشغيل وهي طاقة كهربائية تشغل اجهزتكم ..
صفة تلك الطاقة (طرية) فهي ليست مجمدة في وقود احفوري او نووي بل هي موجودة طازجة في البحار نأخذ كما نشاء وكيفما نشاء ووقتما نشاء .. انها وفيرة لحد الذهول بلا وقود وبلا تلوث فهي (طرية) تتشكل كيفما نشاء في شدة التيار او حجمه او ذبذبته لانها محكومة بطلبنا وليست مفروضة من صانعها (مأجوج) .. فهي ليست (مأججة) كما في مكائن توليد الطاقة التي تقطع قطبي الشمال والجنوب المغنطي فتكون مفسدة لوعاء الرضا كما فصلنا ذلك في ادراج منشور (يأجوج ومأجوج في التكوين) بل هي (مرج) وجمعها (مروج) تنساب كما ينساب الفيض المغنطي الطبيعي ولا تفسده كالمروج الخضراء فهي (لحم طري)
وترى .. ولسوف ترى ان لم تكن بالاء ربكما تكذبان ... ان (وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله)
الفلك .. هي وكل في فلك يسبحون ... ومنها ذلك الناقل الذي يحمل صفة المشغل الفائق الفاعلية (الالكترون) الفعال في تشغيل اجهزتنا لنبتغي من فضل ربنا الذي خلق .. فـُلك فيه .. صفته مواخر ...
مواخر ... لفظ من فعل (خر) وهو من بناء عربي .. خر .. يخر .. خوار .. خور ..خرير .. موخور .. مواخر ... فهو ينساب في مرج كالمروج فهو (يخر) وليس (يؤجج) فهو من ملح (اجاج) اصلا .. فهو (كان مؤجج في ماء مالح) تم خريره فكان (مواخر) ..
تلك هي .. انصاف ... ارباع .. الكلام .. دحرجت للتذكير .. فعلوم الله لا تكتسب كما يكتسب العلم .. بل تؤتى من عند الله والقرءان يذكر من يتذكر .. اما من لا يتذكر ويكذب بالاء الله فسوف لن يكون له مع هذه الاثارات نصيب
الحاج عبود الخالدي
تعليق