البقر وعلوم البشر
من أجل يوم إسلامي أفضل
ورد لفظ البقر في القرءان في مواضع متعددة وحملت اطول سورة من سور القرءان اسم (سورة البقرة) ولعل تسمية سورة قرءانية بسورة البقرة يكفي لتحفيز عقل الباحثين عن الحق والحقيقة من اجل يوم اسلامي افضل تسستحلب افضليته من دستور ثابت ومستقر يعتبر بكامل نصوصه مستقرا فكريا لعموم المسلمين على طول عمر الرسالة الشريفة ... التساؤل الاكثر حضورا في العقل هو في حقيقة اللفظ في المقاصد الشريفة وهل ينحسر لفظ (بقر) بذلك المخلوق المسمى بيننا (بقرة) وما علاقة تلك التسمية بذلك المخلوق خصوصا وان اعداد كبيرة من البشر تعبد ذلك المخلوق ...!!
في لسان العرب لابن منظور نقل عن مقاصد العرب في لفظ (بقر) انه يعني اسم جنس وهو يعني الذكر والانثى وينقل عن مقاصد العرب ان لفظ بقر يأتي كفعل فهو يعني شق البطن بعندما تشق بطن البعير يقال (بقر بطن البعير) وعندما تشق الارض من اجل الماء يقال (بقر الارض) وهو لفظ تم تصريفه بين العرب فقيل (بقر .. باقر .. بقير .. بيقور .. باقورة .. بواقر ... ) وقيل ان المبقر هو من يخط دائرة بحوافر فرسه فاسموها دائرة اللعب (ملعب) ...
من خلال ما وصلنا من مقاصد لفظ (بقر) وما يقرأ في معاجم اللغة يصبح واضحا وجليا ان لفظ (بقر) لا يختص بمخلوق البقرة التي نعرفها وبالتالي نحتاج الى رشاد فكري لمعرفة المقاصد الالهية في لفظ (بقر)
لفظ بقر في علم الحرف القرءاني هو (وسيلة قبض فاعلية متنحية) ... من ثوابت معارف القرءان أن الوسيلة هي حصرا بيد الله سواء كانت رزق او بر او شجر او بحر او قمر ... فكل وسيلة هي مفردة من مفردات الخلق وان تفعيل تلك الوسيلة هي هو فعل الهي دائم (مستمر) ... انشطة الانسان تقع حصرا في (ماسكة) تلك الوسيلة اما الوسيلة ذاتها فتكون آليتها الفعاله بيد الإله (بيده ملكوت كل شيء) ... اذا كان لفظ (بقر) يعني وسيلة فإن (بقرة) تعني حاوية تلك الوسيلة وهي البقرة التي نعرفها في الخلق والتي حملت اسم (سورة البقرة) وفيها سر تكويني يتفرد القرءان بمعالجته وهو لا يزال يتخذ صفة (الاسطورة العقائدية) ويحتاج الى مساحة ايمانية عميقة لتصديق تلك الحكاية التي تشبه الخيال في عملية استرجاع ذاكرة رجل مقتول ... !!!
1 ـ (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (البقرة:67)
2 ـ (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ) (البقرة:68)
3 ـ (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) (البقرة:69)
4 ـ (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ) (البقرة:70)
5 ـ (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ) (البقرة:71)
6 ـ (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:72)
7 ـ (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (البقرة:73)
القرءان يؤكد صعوبة تصديق هذه (الاية السباعية الذكر) وقد ظهرت قساوتها الفكرية في (اتتخذنا هزوا) حين يأمرهم بذبح البقرة وكان جوابة النافي (أعوذ بالله أن اكون من الجاهلين) ... النظام السباعي في القرءان يفعل فعله التذكيري فصفة القرءان تذكيرية (ص والقرءان ذي الذكر) والله يذكرنا ان التذكر تقع في سبع مثاني
(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرءانَ الْعَظِيمَ) (الحجر:87)
ورغم ان هذه التذكرة على هامش موضوعية البحث الا انها ذكرت لغرض وضع لمسات تنفع المؤمنين الذين تستفزهم هذه التذكرة وتتفعل بين ايديهم رغبة استكمال الذكرى ... لهذه الايات السبع دعم قرءاني شامل ومتخصص في سبع ايات اخرى في القرءان تدعم العقل المتذكر لتقيم بين يديه مادة معرفية من قرءان ...
(وَمِنَ الأِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الأنعام:144)
النص اعلاه فيه واصفة خلق تضع في ترابطياته اثنين من البقر وهي تعني في القصد (وسيلة قبض فاعلية متنحية) والقرءان يؤكد في رتل الذكرى السباعي اعلاه ان البقرة استخدمت كرابط مع ذاكرة القتيل فيكون تخصصية الرتل السباعي اعلاه في (فاعلية الربط المتنحي) هو مع الذاكرة ... نحن نعلم ان الذاكرة هي فاعلية متنحية ولا احد يعرف كيف تتفعل ولا احد يعرف كيف يتم ربطها في الوعي (التذكر) الا ان الله سبحانه يصف ان تلك الرابطة هي (بقر) فيكون بقر هو رابط ذكرى وعندما يتم احتواء الذكرى تكون حاوية في لفظ (بقرة) فكانت سورة البقرة وفيها مثل بقرة بني اسرائيل وكيف تم ربط البقرة بذاكرة القتيل وإن عملية الذبح لم تتم بفعل ميكانيكي عن طريق السكين (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ) حيث تم الذبح كما تم في برامجية تنفيذية في ذبح اسماعيل حيث تجري عملية الذبح بصفتها التكوينية كما يذبح فرعون ابنائنا (يستقطب عقولهم) وكما اراد ابراهيم ذبح ابنه بما يخالف السنن البشرية فعندما نذبح قربة لله انما لتوزيع لحومها للفقراء الا ان ذبح بشر لا يقع تحت نفس السنة وننصح بمراجعة ادراجنا (ذبح اسماعيل) في الرابط التالي
الموضوع: ذبح اسماعيل ..!!
عملية استقطاب عقل البقرة يمكن ان نمسكه من خلال عمل الحاوي (مدرب الحيوان) الذي يختار الحيوان الذي سيدربه ومن ثم يستقطب عقلانيته في ما يريد منه فعله
الاشارة القرءانية اشارة علم كبيرة جدا تمنح العالم منهجية استقراء مفاصل غير مستقرأة من نظم الخلق حيث يعلن القرءان أن البقرة تمتلك رابط مع ذاكرة المتوفي ويستطيع العلم أن يستخدم ذلك الرابط لقيام علم العقل الخفي على العلماء الماديين ... الاحياء يعرفون القاتل كلهم او بعض منهم بما فيهم القاتل نفسه (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا) الا ان ارتباط البقرة قام مع ذاكرة النفس المقتولة وليس مع النفس الكاتمة فتم اخراج ما كان مكتوم من نفس القتيل (اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى) والغرض منها هو (وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) والهدف المركزي للتذكير القرءاني هو (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وهي اشارة لاحتواء عملية العقل لان التذكرة اشارت الى رشادهم وعدم اختلال ميزان عقولهم (اتتخذنا هزوا) فيكون التذكير ان علوم العقل لا يعرفوها وحين يرون ايات الله (مفاصل من خلقه) سيكونون عارفين بالعقل (يعقلون) ...
الحاج عبود الخالدي
تعليق