حكمة الحكيم .. والناس
من زهرات مجالس الاقدمين
أشتهر الشيخ في حكمته بين الناس حكيما عليما حتى وصل علمه الى مسامع الامبراطور الكبير فاستدعاه وجالسه فعرف عظيم حكمته ... عرض عليه أن يكون وزيره الاول .. فاستمهلة سبعة ايام فغضب الامبراطور منه وكاد يتهمه بنكول النعمة ولكنه صبـّر نفسه ليعرف حكمته من تأخير القبول لنعمة الوزارة التي يركع لها أخيار الناس ... فهي علياء علية القوم ..!!
خرج الشيخ الى منزله محتجبا عن الناس لا يقابل منهم أحد حتى صار يوم الجمعة فاصطحب خادمه الى سوق الجمعة المزدحم راكبا بغلته فهمس في أذن خادمه يأمره أن اصرخ في الناس أن (ايها الناس ... الشيخ ابتلعته الارض) ... بعد أن ترجل الشيخ من بغلته وضاع بين زحمة الناس ... صاح خادم الشيخ بين الزحام صيحة المفجوع ... طار الخبر بين القوم وهرجوا ومرجوا فالشيخ الشهير قد ابتلعته الارض حتى وصل النبأ بلاط الامبراطور .. نادى منادي امبراطوري ... أن ايها الملأ في سوق الجمعة ... من شاهد الشيخ تبتلعه الارض فليحضر في مجلس الامبراطور .. هرع الناس الى القصر الإمبراطوري ... لطالما حلموا برؤية زينته .. محص الامبراطور صفاتهم .. اعتزل منهم كثير من ذوي الرصانة والعقل وسرح الباقين ... اعتصر منهم نخبة معـّرفة بالصدق والرصانة ... وهم الشاهدون على حدث جلل ... الأرض ابتلعت الشيخ من قدميه حتى عمامته ... !! اصبح الامبراطور يقلب كفاه ويبحث عن حكمة الشيخ فيما أجاب على استوزاره ... واذا بالشيخ يستأذن الدخول ... أن ايها الامبراطور كراسي الحكم لا تليق بحكيم مثلي وخيرة القوم بين يديك يكذبون ..!! ففساد الراعي من فساد الرعية ايها الامبراطور ... اصلح قومك ... يصلح الحكماء على كراسي الحكم .. فصعق الامبراطور ... ايها الحكيم ... ماذا أفعل برعية لا خير فيها .. لا بد من راع حكيم يرعاهم ... قال بل سلط عليهم راعيا من جنسهم وفصيلتهم ... فهي سنة الله في الذين ظلموا انفسهم .. غضب الامبراطور مزمجرا أوتريد ان يكون الراعي فاسدا ..؟ عقوبة للرعية ..!! قال كلا ... بل لو نجح النداء فيهم فغيروا ما بانفسهم فيغير الله حكمه فيهم ..!! فقال ولم لا تفعل ..؟ قال لقد هرمت فيهم ولم يسمعوا الحكمة الا من افواه سفهائهم ايها الامبراطور ... قال وكيف اشتهر صيتك بينهم ... ؟؟ قال إن الناس يبحثون عن الحكمة ليخالفوها .. !! قال الامبراطور .. ! وكيف تجروء على ما تقول ... ! قال اولا تراهم كيف يقرأون الحكمة في القرءان ..؟ وهل وجدتهم للحكمة فاعلين ..!! قال وهل من سبيل ... قال لا هادي للعباد الا خالقهم ... فهو بأمرهم وكيل ... إن اصلحوا انفسهم .. اصلح الله حالهم ...
الحاج عبود الخالدي
تعليق