السنة النبوية الشريفة
السنة النبوية الشريفة حقيقة غير مرئية
السنة النبوية الشريفة : هي الافعال التي قام بها رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام .السنة النبوية الشريفة حقيقة غير مرئية
تعريف منضغط موجز يرضي كل المختلفين وحديث رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام يندرج تحت افعاله الشريفة فالقول (الحديث) فعل كأي فعل في مدركات العقل .
من المشهور جدا ان رواة الحديث قد اختلفوا في رواية الحديث الشريف وبوجوه متعددة منها الاختلاف بمتنه او بتفسيره او بسلسلة رواته واوجه اخرى وخطيرة شملت انفراد فئة مذهبية بحديث لا يعترف به مذهب او مذاهب اخرى وعلى ذلك تقام احكام او تلغى احكام لتعارضها مع احاديث اخرى يعترف بها جانب مذهبي اخر وقد حملوا الحديث الشريف ريبا قاسيا وكان ذلك الاختلاف في روايته ومتنه سببا مباشرا في فرقة المسلمين الى مذاهب مختلفة رغم اليقين المطلق في حكمة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وانه لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى اليه من ربه وقد علمه شديد القوى ... ولكن ... الا يعلم المسلمون ان الحديث قد تم توثيقه كتابة في منتصف القرن الثاني الهجري .. !!! وان اكثر من قرن ونصف القرن بقي الحديث على السنة الناس دون وثيقة ..؟ الباحث عن اليقين هو باحث عن الحقيقة لا محال وبالتالي فان اليقين الذي يعني اللاريب يجب ان يكون ملاصقا لكل مهمة بحث يرتجى منه رؤية الحقيقة .
يمكن ان يتمنطق الباحث واي باحث بمنطق اللاريب في اي نقطة يرتضيها هو لبحثه ولكنه سوف لن يكون عادلا لان اللاريب الذي يقتنع به بين يديه يجب ان يمتلك قدرة التحول الى بديهية عقل ملزمة له في يومه المعاصر ولا يحق للباحث ان يرث صفة اللاريب من السابقين ولا يمكن ان تكون ثابتة اللاريب ثابتة تأريخية دون ان تترك اثرا ماديا يقع في حيازة الباحث عن اليقين يضاف اليه ان مقومات اليقين ومعاييره اختلفت بين الاجيال وتقلبت وتصدعت تصدعا كبيرا واليقين الذي كان بين يدي الناس في جيل معين لا يشترط له ان يقوم في اجيال اخرى ونرى مثل ذلك في معايير قيام العلم عند السابقين فقد كان من مصادر العلم الثابتة في فقه العلم ان العلم يؤتى بالخبر الصادق اما اليوم فان ثوابت قيام العلم انقلبت الى الوثيقة المادية في الخبر الصادق ولا يركن الى النقل اللفظي للثابتة العلمية ولا يعتمد اللفظ كوثيقة علمية كما كانت تعتمد في الماضي فاصبحت للوثيقة المكتوبة دورا رائدا على حساب أي خبر غير موثق فالخبر الصادق في يومنا بحاجة الى وثيقة (اثر) ليكون فاعلا في مصدرية العلم , حتى الشهادة اللفظية في عصرنا لا يؤخذ بها ما لم يكون الشاهد قد شاهد بيانات الواقعة بشكل مباشر ولا تقبل الشهادة ان لم تكن شهادة ميدان الحدث المباشر.
اذا كانت الاجيال السابقة تستخدم خضاب الحناء باعتمادها سنة نبوية شريفة وبيقين استخدامها لانها سنة نبوية بخبر صادق ولانها عادة مستخدمة بين جماهير المسلمين فيكون من الصعب في زماننا المعاصر استخدام خضاب الحناء لانها سنة شبه مهجورة وليس لانها عادة الغيت في الجيل المعاصر بل لان المسلمين لا يملكون ضرورتها (كينونة الاستخدام) الا من خلال مؤشر تاريخي فقط واذا توفرت مرابط ضرورتها من مؤشر علمي معاصر فان وجود بدائل كثيرة قد تكون اسهل استخداما واكثر يقينا في برنامج ربط السبب بالمسبب بسبب وسعة البنود المعرفية فيكون اليقين الذي يحتاجه العقائدي المسلم لغرض احياء سنة استخدام الخضاب مجددا تحتاج الى اطلاق اليقين في استخدام تلك المادة وربط اسبابها بمسبباتها (منفعة الاستخدام) ربطا علميا يمثل لغة العصر في المأكل والمشرب وتسري تلك المعالجة حتى في الزواج الشرعي حيث يعلق الايجاب والقبول بين الخطيبين على نتائج التطابق التبادلي لفصيلة الدم بين الخطيب وخطيبته عند ظهور نتيجة الفحص المختبري لدمهما وذلك يفتح امامهما خيار فسخ الخطبة او القبول بالاضرار التي تصاحب عملية الانجاب والسبب هو ليس في ضرورة ترسيخ السنة الشريفة باستخدام الخضاب او الحكم الشرعي كالزواج وفق ترجمة علمية معاصرة بل لان الريب قد اصاب رواية الحديث فاصبح من الصعب ان يجري المكلف مفاضلة بين الريب واللاريب في وعاء واحد لتكون حاجاته الدنيوية مثل الخضاب بالحناء او الزواج الناجح من الناحية البايولوجية وذلك ليس بغريب في زماننا فنجد (مثلا) الكثير من رجال العقيدة لهم قدسية رفيعة المقام وفي نفس الوقت سلموا اجسادهم لاطباء معاصرين للاستشفاء من مرض ما ولا احد يسأل اين صفة الله الشافي واين الرقيا التى يرقى بها المريض والقرءان فيه{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} (82) سورة الإسراء .. الاستشفاء بنظام الرقيا سطر بسطور كثيفة في الفكر الاسلامي الا انها لاتمثل يقينا للمستشفي بها مما يدفعه الى دائرة يقين الطب المعاصر ليكون (تقيا) يتقي خطر ما الم فيه من مرض ولكن تقواه تكون في دائرة اخرى ..!!!
لنضرب مثلا في مسرب فكري اخر ... لو ان فقيها عقائديا قال فتوى مفادها (استخدام اقراص الاسبرين للمرأة الحامل بدعة) وبالتالي فقد حرم على اولات الحمل استخدام اقراص الاسبرين ونتيجة لتلك (الفتوى) فان نسبة ما من اولات الحمل يمتنعن عن استخدام اقراص الاسبرين فترة الحمل وربما تكون النسبة منخفضة ولكن ذلك الفقيه العقائدي لو اثبت علميا ان اقراص الاسبرين للمرأة الحامل سوف تسبب في ضعف قدرات المولود العقلية لان العقاقير سوف تغير في سنة خلق الجنين الالهية وهو تدخل ضار في قوانين الخلق في مفصل واضح وثابت من مفاصل التكوين وان اثباتات علمية ملزمة صاحبت نتاجه ... ماذا سيحدث عند الجمهور ..؟؟ سوف تمتنع المرأة الحامل عن استخدام اقراص الاسبرين طواعية (لعلهم يحذرون) وتكون المرأة الحامل اكثر (تقوى) من تلك التي تعاملت مع نظرية (البدعة) لان الخطر على جنينها اصبح (لا ريب فيه) ولن يكون الامتناع مبنيا على نظام الحلال والحرام الروائي بل على نظام الصالح وغير الصالح كما في الزمن المعاصر .
اذا اراد الباحث ان يضع الفكر الاسلامي بكامله على طاولته البحثية فان عمله سيكون مثل عمل المستشرقين الذين درسوا تراث الاسلام وكل واحد منهم خرج على قومه بنتاجات لا تتطابق مع الاخرين ممن امتهنوا دراسة التاريخ الاسلامي لان كل باحث مستشرق رأى ما لم يراه غيره فكان جهدهم (المستشرقون) جهدا تنظيميا غير مثمر الا ليحصل اولئك الدارسون لتراثنا على مقاعد مرموقة ليس اكثر وربما دس بعضا منهم مؤثرات مضافة من الاختلاف .
الباحث في مشروعنا لا يمكن ان يتصف بالاستقلالية فهو مسلم والمستشرقين لا يمكن وصفهم بالاستقلالية لانهم من حضارات اخرى وبالتالي فان الباحث عليه ان يتخذ لنفسه مقعدا غير موصوف بالاستقلالية الا عندما تكون في الفكر المذهبي فيكون غير مستقل فكريا وعليه ان يبقي على هويته المسلمة دون المذهبية والتي يجب ان تتصف بالاستقلالية لتصاحب بنود بحثه كيفما يتقلب البحث بين يديه .
هذه الصفة الاسلامية ذات الشيوع العام وليس الاستقلال المحض سوف تدفع بالباحث لان يهيء لنفسه رف علوي يحرص على قدسيته ليصفف عليه كل صنوف الفكر الاسلامي ويحافظ على قدسية ذلك الرف ليضع عليه الحديث وكل ما روي عن رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام لانه عاجز عن ربط صفة اللاريب فيه وذلك لاختلاف روايته بشكل قاسي ... الباحث في هذه المحاولة سيضع التراث النبوي الشريف في حاوية قدس ولا يستحضر شيئا منها على طاولته القدسية عدا خمس مفردات من سنة المصطفى حصرا وردت الى جيلنا بفعل جماهير اجيال المسلمين فعلا مرئيا وليس بلسانهم وروايتهم وهي حصرا في :
1- منسك الوضوء
2- منسك الصلاة
3- منسك الحج
4- منسك الصوم
5- منسك الذبح
خمس مناسك اسلامية متواترة الفعل وليس القول وصلت الينا مع بعض يسير من المختلفات ويستطيع الباحث ان يهمل المختلفات في بحثه ليتعامل مع ما اتفق عليه كل المسلمين في كل اجيالهم في المنسك الواحد دون استثناء وهي مهمة يسيرة وليست عسيرة .
خمس مناسك لانراها .... انها الاثارة التي تحملها هذه المحاولة .. الحاوية القدسية للحديث وبقية السنة الشريفة سوف لن تتصدع وسوف لن تتضرر بل سوف لن تكون على طاولة الباحث .. ولعل ماسكة فكرية اكثر نفعا يتمسك بها الباحث عن الحقيقة عندما يكون وجها لوجه مع القرءان والمنسك دون ان يضيف الى طاولته البحثية مختلفات موروثة تسبب اجهاض محاولته او قد تصيبها بالعقم اذا وصل الاختلاف الى ضرورة جمع ضديدين من المختلفات الروائية .
واهم ما يتوجب تأكيده في هذه المحاولة هو ان الحديث الشريف والرواية في رفها القدسي ستكون غير فعالة عندما يكون الباحث في بحثه فقط وذلك يعني ان هذه السطور لا تعني هجر الحديث والرواية ووقف التعامل معها بل الدعوة فقط الى عدم استخدامها في البحث عن الحقيقة ولا يتعدى ذلك الى نشاط الباحث اليومي في عباداته ونسكه وتقربه الى ربه وعمل مستحبات الاعمال التي وردت في سنة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام والابتعاد عن مكروهات الاعمال كما اوصى نبي الرحمة وان لايكون الباحث بعيدا عن سنة رسول الله في مجمل اعماله عدا طاولته البحثية فقط فانها يجب ان تخلو من أي ريب.
واهم ما يمكن ان اضعه بين يدي الراغب في تفعيل هذه الاثارة في عقله ما هو منقول عن المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام ان ما جاءكم مني اعرضوه على العقل والقرءان .. العقل يحتاج الى رؤيا والقرءان يحتاج الى تثوير فقد قالها خاتم النببين عليه افضل الصلاة والسلام من اراد العلم فليثور في القرءان فبين العقل والثورة في القرءان نرى المنسك في حاضرنا وندعوا الله ربنا ... ان ... ربنا ارنا مناسكنا
خمس مناسك لا ترى واكثرها شهرة وحيوية هو منسك الذبح وهو ركن جوهري من اركان حاجة انسان اليوم المعاصر في الغذاء وهو يسجل في عصرنا ازمة كبيرة بسبب تداخل سكن المسلمين باعداد كبيرة في ديار غير اسلامية ويتبعه سبب كبير ايضا الا وهو انتقال لحوم الحيوانات المذبوحة عبر مساحات شاسعة من الارض ومن دول غير اسلامية رغم تواجد طائفة اسلامية فيها مما يجعل حاجة مسلمي اليوم اكثر حيوية من حاجات امسهم عندما كان يتم الذبح في قرية تستهلك اللحوم يوما بيوم ويتعامل الانسان مع سوق صغير لمدينة وان كبرت فهي صغيرة في اعراف ايامنا والناس بعضهم يعرف بعض والطمأنينة بينهم قائمة لانضباط منسك الذبح في زمنهم اليومي ومساحة ارض في حيازتهم في مدينتهم ولا تنقل اللحوم المذبوحة بين المدن لانها سريعة التفسخ وتلك المقومات كانت عالية لمستهلكي الغذاء من اللحوم ناهيك عن قلة استخدام اللحوم في الازمنة المنصرمة مقارنة بما تنتجه حقول التربية المعاصرة من كميات هائلة من اللحوم .
اختيار منسك الذبح على هذه السطور المعنونة بعنوان (حقائق غير مرئية) له ما يبرره لان منسك الذبح غير مختلف عليه او فيه ويمثل منسكا معروفا وراسخا لاجيال المسلمين كافة وهو الان هوية مهمة من خصوصية المسلم عندما يكون في بلد غير اسلامي فكيف بنا اذا علمنا ان هذا المنسك الوارد الينا من السنة الشريفة هو حقيقة كبيرة وتكبر كثيرا في زماننا الا انها غير مرئية ..! عندما قالها اسماعيل عليه السلام (وارنا مناسكنا) فهل كان يريد من ربه ان يكون ذبيحا لابيه ابراهيم عليه السلام ليقول الله لابراهيم :
(وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (الصافات:104 ـ 107)
عناصر المثل القرءاني الشريف هما ابراهيم (الذابح) واسماعيل (المذبوح) وان هنلك لابراهيم رؤيا وتلك (الرؤيا) كانت صادقة وان اسماعيل قد يتعرض الى بلاء ولكنه موصوف بصفة (مبين) وقد طلب رؤية مناسكه وهو يرى ان يذبح ليرى ابراهيم فعل الذبح ويرى اسماعيل فعل المذبوح وتم الفداء بذبح عظيم ... الربط بين الذابح والمذبوح موجز منضغط لعناوين علمية من علوم القرءان في موضوعية الذبح .
سوف لن نعالج موضوعية الذبح علميا لان للبحث العلمي شروط منضبطة تتصدى لها جميعة علوم القرءان ولكن الاثارة هي اثارة فكرية يراد منها الترويج الى عموميات يمكن ان تكون ازرارا لتشغيل منظومة فكرية علمية كبيرة في معالجة موضوعية يتوقف فيها الفكر الاسلامي وهو لا يمتلك أي تفعيل معاصر حيث انحسرت فاعلية الفكر الاسلامي في كتب تاريخية واراء مذهبية تدور في دائرة منغلقة غير منفتحة على عالم معاصر لا يغادر كل صغيرة وكبيرة حتى (يراها) ونحن مسلمون لا نزال (نرى) الحقائق بعيون اجدادنا السابقين ولا نزال نتعامل مع انشطة تفرضها المناسك ونحن معصوبي الاعين .
لو قمنا بالتجربة الفكرية التالية سوف يتوضح مراد سطورنا:
لو اخذنا ذبيحتين تجريبتين (الاولى) ذبحت وفق المنسك .. و .. (الثانية ) قتلت قتلا ... وذهبنا بهما الى مختبرات الارض كلها لنقول لرواد تلك المختبرات العلمية الرسمية ان (ايها العلماء اعلمونا أي الذبيحتين صالحة للاستهلاك الغذائي) والجواب سيكون حتما مبني على ثوابت مادية في خلو الذبيحتين او تلوثهما بالجراثيم الضارة ونوعيتها والسماحات المثبتة في المعايير الدولية لقبولها او رفضها وتصدر شهادة العلماء في المختبر (رؤيا) تحت المجهر تحدد (صلاحية) ذلك للغذاء من (عدم صلاحيته) باسباب معتمدة في كل المختبرات ولو ندور الارض كلها ولكن تلك المختبرات سوف لن ترى الرابطة بين الذابح والمذبوح كما يربطها المنسك....
ولو اخذنا الذبيحتين الى المجمع العلمي الاسلامي الفلاني او الفلاني وقلنا لهم ان (ايهاالعلماء افتـونـا ـ اعلمونا ـ أي الذبيحتين صالحة للاستهلاك الغذائي ـ حلال او حرام) فماذا نتوقع ان يكون الجواب ...؟؟ سيكون الجواب مبنيا على بحث في الماضي وليس بحث في الحاضر كما فعل علماء المختبر ... سيتركون الذبيحتين ويبحثون في ماضيهما.
هل الذبيحتان كانتا ملكا صحيحا غير مغصوب او ذي شبهة ..؟ هل كان الذابح مسلم ..؟ هل كان مميزا او دون سن التمييز ..؟ هل كان المالك قد اذن للذابح بالذبح ..؟ هل كان قد استقبل القبلة ..؟ هل كان قد ذكر اسم الله على الذبيحة اثناء الذبح .. ؟؟ هل كان قد قطع الاوتاد الاربعة دفعة واحدة ..؟ .. هل كان .. وهل كانت .. وكله بيان ماض .. اما بيان حاضر .. فلا وجود له ... فلو قلت لهم ايها العلماء انا حائز الان فقط لهاتين الذبيحتين (لحوم مستوردة) ولا اعرف ماضيهما واني اشك بان احداها غير اسلامية الذبح فاعلموني حلالها من حرامها ..؟ فلا جواب .. ولا قدرة على الجواب لان الماضي بكينونته لن يكون حاضرا بين يدي علماء العقيدة...
لو تفحصنا التجربة الفكرية اعلاه لوجدنا ان العقائدي باسئلته عن الماضي انما يريد بيان عن الذابح والمذبوح وبينهما ربط رابط وهي عملية الذبح ... البيان مبني على صفات الذابح وصفات المذبوح وتلك هي الحقيقة التي لا ترى ولا يمتلك العقائدي قدرة رؤية (الربط الرابط) بين الذابح والذبيحة فهي حقيقة غير مرئية (لا رؤيا حاضرة فيها) الا بالبحث في الماضي وهو الشرخ الكبير الذي فرق بين علماء المختبر وعلماء العقيدة فجعل علماء المختبر يرون الحقيقة في حاضرهم (بين ايديهم) وعلماء العقيدة لا يرون الحقيقة الا في وعاء الماضي (من خلفهم)... الربط الجدلي المربوط انفا انما هي مطارق فكر يراد منها لحلحة العقل من مستقره المقولب ليكون بين يدي العالم العقائدي وسيلة للرؤيا في الحاضر وليس في الماضي لان مقومات الرؤيا في الماضي تدخل الراغب الذي يرغب في مسك الحقيقة ان يكون في دائرة الريب والشك اما الحاضر بين يدي ماسك الحقيقة فان اليقين هو سيد الموقف وهو الوسيلة الحاسمة في حيازة الحقيقة . وبما ان العلاقة الرابطة بين الذابح والمذبوح والقبلة واسم الله كلها مرابط عقلانية وبما ان العقل بلا جواب فان المرابط العقلانية لا ترى ايضا في مختبرات حديثة جدا ولا يمكن رصد غير ميكانيكية الذبح فقط .
مسك الحقيقة من خلال برنامج ممنهج في القرءان بشكل دستوري واضح يضع الباحث في دائرة الحكمة وهو انما يبحث عن المنهج الموصل الى اليقين سنرى في النص
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) (يّـس:31)
المعادلة الفكرية التي يروج اليها الذكر المبارك في النص الشريف اعلاه هو مفتاح وسيله للعالم العقائدي وان من هلك لا رجعة اليه وان على العالم العقائدي ان يفعل ما بين يديه (حاضره) ليرى منسكا واحدا فقط يكون مفتاح وسيله في منسك حقيقة غير مرئية (الذبح) .. المعالجة الفكرية للنص القرءاني تدفع الباحث الى استحلاب برنامج البحث من مصدر قرءاني ايضا وليس رؤية الحقيقة فقط .
ماذا يجري في الذبح ..؟ ما هي ضرورته التكوينية ..؟ ما هو دوره في منسك الحج ..؟ ما هو نتاج ذلك المنسك وغلته ..؟ لماذا اراد ابراهيم ان يذبح اسماعيل ..؟ وهل في سنن الاولين ان يقدم الاباء قربانا الى الله في ذبح اولادهم ..؟ وهل يقبل العقل ان يقوم رسول رسالي بذبح ابنه قربة الى الله ..؟ وهل يمكن ان يكون الذبح لغرض غير الاكل والطعام ..؟ هل يمكن ان يقدم احد المؤمنين ذبيحا يتقرب به الى الله والذبيح لا يؤكل ..؟الله لن ينال دمائها او لحومها ولكنها تقوى منكم فكيف تكون ..؟ وعندما يتقي الانسان شر السارق فهل تقيته من السارق هي نفسها التقوى المرجوة في الذبح ..؟ فماذا سيتقي الذابح ..؟ ما هي حقيقة فرعون الذي يذبح ابناء بني اسرائيل ..؟؟ هل يذبحهم كما تذبح الشاة ..؟ ولماذا يقوم فرعون بذبح الابناء دون ان يشير النص الى ذبح الاباء ..؟ ولماذا يربط النص ذبح الابناء مع استحياء النساء ..؟ اليس النساء فيهن ابناء ايضا ..؟ وما هو الاستحياء الذي ارتبط بذبح الابناء ...؟ وهل الذبح لبني اسرائيل دون غيرهم ..؟؟ ولماذا ..؟ وهل استحياء النساء لبني اسرائيل حصرا ..؟؟ وهل فرعون وتر لا يتكرر ولماذا ..؟ وهل يمكن ان يكون فرعون الذابح للابناء صفة يتصف بها غير فرعون مصر ذو الاهرامات ..؟ ... وماهي حكاية ذبح بقرة بني اسرائيل ...؟ هل هي عملية ذبح بقرة من نفس فصيلة ابقارنا التي نذبحها ..؟ وهل يمكن تكرار تجربة بني اسرائيل في ذبح البقرة لنضرب بعضها بمقتول مجهول قاتله لنعرف من قتله .. كيف يتم احياء ذاكرة المقتول بعملية الذبح ..؟ الا يحق للعالم العقائدي ان يكون له مختبر يرى فيه الحقائق ..؟؟ الم يجري ابراهيم تجربة الطيور ويقطعها ومن ثم يحيها ..؟ الم يصنع عيسى طيرا من طين فينفخ فيه ليكون طيرا ..؟ ام هي حكايات يحكيها القرءان ...؟ وما المنفعة من تلك الحكايات ..؟ تساؤلات لو استمرت فانها ستملأ اكبر حاوية يمكن ان يتصورها حاوي ...
نحن لا نعلم عن الذبح سوى ميكانيكيته باستخدام السكين والغرض منه هو لغرض توفير الطعام من اللحوم فهل كان ذبح اسماعيل لنفس الغرض وهل كان ذبح البقرة لبني اسرائيل لنفس الغرض وهل فرعون يذبح الابناء لغرض الاكل والطعام ..؟؟ ماذا وراء تلك الامثلة القرءانية ...!!! تساؤلات ليس لها مختصين للاجابة ...
راجت في الاونة الاخيرة شائعات مفادها ان فريقا علميا اكاديميا من المسلمين استطاع ان يثبت ان اللحوم المذبوحة ذبحا اسلاميا لا تسمح بتلوث بكتيري محدد مقارنة بلحوم غير مذبوحة على نظام المنسك الاسلامي ... رغم عدم اطلاعنا على ذلك البحث ولكن النتاج الذي شاع عنه يكفي لمعرفة منهجية البحث المرتبط بمنهجية البحوث المعاصرة وهو (رصد جرثومي وبكتيري) أي ان الناظور ناظور اكاديمي ولكن مراشد الباحث القرءاني لا بد ان تكون اكثر شمولية واكثر طموحا لان منسك الذبح مرتبط باحياء ذاكرة قتيل بني اسرائيل والذبح هو حاجة من حاجات منسك الحج وذبح ابراهيم لاسماعيل لم يكن لغرض الغذاء بل لاغراض اخرى ولا علاقة للجراثيم بتلك الامثال القرءانية وبالتالي فان الرصد البكتيري الناتج من عملية الذبح يكون او يكون نتاجا عارضا وان كينونة الذبح تحمل تحتها مضامين علم عقلانية وذلك مؤكد من الترابط بين النصوص الشريفة والمناسك التي بين ايدينا وهذا الانضباط الفكري مرتبط بضابطة اخرى روج لها في بداية هذه الصفحة مفادها ان الحبو على العلوم القرءانية لا يمكن ان تتفعل في اروقة العلوم المادية المجردة من المرابط العقائدية وضربنا مثلا لموضوع البحث عن الملائكة والجان كمخلوقات عاقلة في الكون ورأينا ان لا يمكن للمرابط العقائدية ان تكون وسيلة باحث مادي في مختبرات علم معاصرة وكذلك العقائدي لا يستطيع ان يواكب التطور العلمي الحاصل ما لم يكون له مختبر تخصصي يرى في مجهره العلمي حقيقة خارطة الخالق ليقرأ القرءان باعتباره دستور الخلق الاجمالي ويرى ما لا يراه الماديون الا ان مراصده ستكون في خارطة الخالق وليس في خارطة المخلوق .
العلوم المعاصرة تقرأ علومها في خارطة افتراضية هي حصرا تقع في المخلوق نفسه ولعل الراصد لمنهج العلوم الحديثة التي تقرأ حيثيات القشرة المخية نزولا للحامض النووي في نواة الخلية الواحدة للمخلوق فتكون تلك هي خارطة المخلوق لذلك عجزت منظومة العلم عن قراءة منظومة الشيخوخة ولم تستطع المختبرات المتطورة ان تشاهد نظام الشيخوخة رغم انها تقرأ بتفصيل كبير خارطة المخلوق ولم تعرف لحد اليوم ميكانيكية الشيخوخة واين يكمن المشغل المفعل لذلك النظام الذي ينهي حياة المخلوق ولا يمنحه قدرة التحكم بعنصر الاستمرار او اطالة الامد .
كما عجزت منظومة العلم كثيرا عن قراءة خارطة السرطان وذلك لانها تقرأ خارطة الخلية كمخلوق ولم تستطع المجاميع العلمية ان تقرأ خارطة الخالق التي يقول دستورها ان عيسى عليه السلام كان يبريء الاكمه والابرص ويصنع من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا .. اين الحامض النووي واين نواة الخلية في تلك الخارطة ..؟ حقيقة لا يمكن للعالم المادي ان يراها بل الانكى من ذلك يسخر منها واكثر ما يمكن ان يتعامل معها هي كونها حكاية قدسية لا مجال للتعامل معها في مختبره المتطور جدا جدا .
منهج العلم الحديث يتصدع ايضا عندما يتعامل مع المادة كمخلوق وهو يرى عناصر المادة وهي في الخلق دون ان تكون له قدرة القراءة في خارطة الخالق التكوينية فالعلماء يعلمون ويدركون بنواظير علمية رصينة ان الماء يشذ عن بقية المواد الكونية عند انخفاض حرارته دون اربع درجات مئوية وبدلا من ان يستمر بالتقلص كلما تنخفض درجة الحرارة الا ان الماء يبدأ بالتمدد ويطرد تمدده كلما انخفضت درجات الحرارة وهذه الظاهرة هي التي مكنت المخلوقات المائية من الاستمرار والعيش تحت الجليد في المحيطات الباردة لان الجليد المتجمد يكون قد تمدد حجمه بفعل انخفاض الحرارة فانخفضت كثافته فاصبح طافيا في الماء وليس مغمورا فيه مما جعله يطفو على سطح الماء ليكون عازلا حراريا لما تحته من ماء ليسمح باستمرار الحياة للمخلوقات المائية . شذوذ الماء عن القاعدة العامة للمادة الكونية لا يعرف سببه التكويني لحد الان ويعتبر من حافات العلم لان علماء المادة لا يعرفون الماء باكثر مما عرف به الماء نفسه من انه مزيج من الهيدروجين والاوكسجين لانهم لا يقدرون على قراءة خارطة الخالق فالزموا انفسهم بخارطة المخلوق
الرابط بين السبب والمسبب والتي كانت عرش العالم الاكاديمي ستكون نفسها عرش العالم العقائدي ولكن العقائدي سوف يربط بين السبب والمسبب ليس كما يربطها العالم الاكاديمي والفرق بينهما هو (رؤيا) العالم العقائدي لخارطة الخالق وليس خارطة المخلوق (ملكوت السموات والارض) ... تلك هي اجازة ابراهيم عليه السلام (وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض) وهي سنة ابراهيمية ومن يرغب عن ملة ابراهيم فهو سفيه ويبقى وعاء العقل هو الظلام ذو المرتبة العليا التي تحجب رؤيا العلماء الماديين لخارطة الخالق (افلا تعقلون) .
لعل ترشيد فكر الباحث العقائدي ترشيدا قرءانيا يظهر ملامح اكثر وضوحا في معرفة العقل كحقيقة غير مرئية ليرى من خلاله (قراءة) مفردات خارطة الخالق في (قرءان) .. (وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون) من سورة العنكبوت وتلك الرابطة العقلانية التي تضع للعقل حضورا في وعاء العلم ( يعقلها العالمون) ليكون اول ما يكون ان يكون العالم القرءاني قد فك تماما لغز العقل فانه سوف يرى منسك الذبح وغيره من المناسك .
عندما يراد التفريق بين خارطة الخالق وخارطة المخلوق سوف يتألق عقل الباحث في رؤية منسك الذبح الخفي لانه في خارطة الخالق حصريا لذلك فان علماء العقيدة عندما يتعاملون مع ميكانيكية الذبح انما يرصدون خارطة المخلوق فقط وعند البحث عن صفات الذابح الاسلامية وشرط القبلة يكون الربط مع خارطة الخالق وليس خارطة المخلوق ولكن مرابط القبلة لا تزال غير معروفة وذكر اسم الله لا يزال غير معروف بفاعليته وبالتالي فان رصد عملية الذبح تقع في دائرة المخلوق (ميكانيكية الذبح) الا ان البحث عن مرابط المخلوق في خارطة الخالق سوف تري الباحث حقيقة شرط القبلة وذكر اسم الله في عملية الذبح .
لا يمكن تكوينيا ان تقرأ خارطة أي مخلوق ما لم يكون ذلك المخلوق بتكوينته جزء من خارطة الخالق الاجمالية ومهما بلغ الفكر العلمي من رفعة وتكاملا وما احتوى من تقنيات تذهل العقول فان منهجية العلم تبقى في دائرة المخلوق منقوصة في الجزء الذي يرتبط به المخلوق بالخلق الاجمالي وتلك الرابطة التي تربط المخلوق بمجمل الخلق لا يمكن ان ترى الا من خلال خارطة الخالق ولا وجود لخارطة الخالق على الارض غير قرءان خاتمة الرسالات وفيه (ملكوت السموات والارض) وهو الجزء المفقود في علوم العصر .
المعالجة التالية تصف عمومية الاشكالية العلمية القائمة سواء في المخلوقات التي تمتلك دورة حياتية او الكون الاجمالي باجرامه وشموسه ومجراته ...
تحدث علماء بدايات النهضة عن فراغ مطلق بين الاجرام والكواكب الا ان التطورات التي صاحبت الاكتشافات النووية وما صاحبها من اكتشافات للموجة الكهرومغناطيسية جعل من العلماء حيارى في اطلاق صفة الفراغ الكوني المطلق ... شملت الحيرة الفراغ النووي للذرة الواحدة نفسها حيث تشير التقارير العلمية الى ان اكثر من 90% من حيزالذرة عبارة عن فراغ .. استلام الموجات الراديوية والضوء من الاجرام السماوية دفع بالعلماء الى معالجة الكيفية التي تنتقل فيها جسيمات المادة ضوئية كانت (فوتونات) او موجية في فراغ مطلق ؟؟ واصبح من المفروغ منه علميا في السنين المتقدمة من نهضة العلم القبول بالفراغ المطلق الذي يفصل بين مجرات الكون واجرامه ... ماذا اذن في ذلك الفراغ ..؟ منهم من اطلق عليه لفظ (الاثير) ومنهم من اسماه باسم (بلازما الكون) ومنهم من قال (عجينة الكون) ولكنه غير معروف الكينونة .
ذلك الفراغ الذي يشكل حافة علمية معاصرة قد لا يستهوي جماهير البشر ولكنه يستهوي العلماء لانه حافة علمية بل لغز علمي خلفه الغاز كبيرة لا مجال لسردها بل يكفي ايصال الفكرة لمتابع غيور على قرءان الله الذي يمنح الباحث وسيلة معرفية ليتعرف على عجينة الكون ومن ورائها اسرار كونية عظمى ولكن ... لمن تقال المعرفة ..؟؟ لعلماء لا يسمعون صوتا الا في حرمهم العلمي ..؟؟ ام لعلماء لا يرون من العقيدة حاضرها بل متمسكين بماضيها ...؟ فاصبح بنيان العلم هشا ولكنه يمتلك بريقا أخاذا اخذ الابصار بما فيها ابصار المسلمين .
عندما وعدنا متابعنا الفاضل في هذه الصفحة ان ندرج نتاجات من علم القرءان دون تفاصيلها فان اهم ما يمكن ايجازه عن نتاج بحوثنا عن فاعلية الذبح هو انه (استقطاب عقل الذبيحة) وهي قدرة كينونية لصقت بمخلوق الانسان حصرا دون غيره وهي سر كون الانسان خليفة الله في الارض فالله سبحانه القادر على استقطاب العقل اجمالا (شفط العقل) او (امتصاصه) او (سحبه) او (حيازته) وقبضه ، والانسان في استخلافه لله على الارض خلق تكوينيا بقدرته على استقطاب عقل الذبيحة فهو المخلوق الوحيد الذي يمارس عملية الذبح ... الشاة النافقة موتا او خنقا يبقى عقلها في حيازتها حتى تتفسخ وتتحلل اما الشاة المذبوحة ذبحا اصوليا فانها خالية من عقل جسدها وبالتالي تكون مادة بروتينية غذائية خالية من صنف محدد من صنوف العقل التي يجب الأتقاء منها كما نتقي شر السارق وذلك الصنف المستقطب يعتبر ضارا لعقلانية جسد الانسان عندما يكون لصيقا بالمادة الغذائية التي تدخل جوفه ... اللحوم غير المذبوحة تحوي صنفا عقلانيا ضارا بالانسان (حرام) واللحوم المذبوحة ذبحا صحيحا اصوليا خالية من تلك العلقة العقلانية الضارة (حلال) .
تعليق