قظم الزمن
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
مجهولية العقل في حضارة الانسان كانت وتكون ارحم بكثير من مجهولية الزمن لان مجهولية الزمن ادت الى مسار علمي خاطيء في العلم وتسببت في اختناقات بشرية ستودي الى كارثة حتمية ما لم يسارع الركب العلمي الى تصحيح المسار وتعديل الميل الشديد في مفاهيم الزمن .
تعيير العلم واحدة من المسائل المتميعة في الحضارة البشرية القائمة وقد اضطربت مدرسة الماديين اضطرابا شديدا في تحديد معايير الميزان العلمي وفقد كبار العلماء سلطويتهم العقلانية عندما ارادوا وضع معيارا للعلم يكون في العقل رقيبا مطلقا وما حدث لانشتاين وستيفن هوكنغ وغيرهما من متاهات علمية في رصد الزمن وحركية المادة دليل على وهن وضعف في المعيار العلمي بل الى انعدام المعيار العلمي خصوصا عندما يكون الزمن احد عناصر التكوينة العلمية مثل حركية المادة سواء حركية جسيمات الذرة او حركة الاجسام عموما وتقف سرعة الضوء بصفتها جدار الزمن الذي تسجد له المادة الكونية بشكل عام .
ولا يمكن للعقل البشري ان يستكمل دائرة المعرفة معتمدا على عقلانية تبحث في المخلوق لبيان حقائق الخلق ولا بد للعقل البشري ان يبحث عن مكامن المعرفة الخاصة بالخلق ويتحصن ببنود معرفية تعبر سقف ما يرصده العقل بالمخلوقات عموما والمادة منها وعليه ان يسعى لحصانة فكرية من التيه (الضلال) وقيام المعيار العلمي من منظومة الخلق التي رسخ الخالق بيانها (ايات) وجعلها مفصلات ولكن اقوال الخالق في الخلق بقيت ولا تزال مركونة في زوايا العقل القدسية ولن ترى نور المعرفة الحقيقية في تطبيقات الخلق .
ونقرأ في القرءان مفصل مهم من مفاصل الخلق .
(انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) (المرسلات:30)
اية مستقلة في القرءان واستقلاليتها تفيد في نهج الاستقراء العلمي للقرءان انها مفصل من مفاصل التكوين .. كذلك عدم وجود حرف (الواو) في بداية الاية دليل استقلال ذلك المفصل فهو يصلح للتطبيق مع أي نشاط في الخلق وهذه واحدة من منهجية الاستقراء العلمي للقرءان في زمن معاصر
الانطلاق هو برنامج النفاذ (التنفيذ) في فهم اولي .. وهو في عمق العلم القرءاني (كينونة تنفيذ نقل الروابط لمرابطها) ... فاي نافذة تنفيذ لها برنامجها الخاص بها سواء كان تنفيذ في الزرع او في الصناعة او أي نشاط يمكن الانطلاق فيه (تنفيذه) فلا بد ان يمتلك برنامج والبرنامج بالتأكيد يربط بين مفردات التنفيذ ففي الزراعة يكون برنامج التنفيذ في صلاح التربة وهو ايضا له برنامج ومنه الحرث والثاني يخص البذرة وموسمها الخاص بانباتها وعناصر تكاملها ومن بعدها يأتي برنامج توفير الماء وتدخل قوانين الفيزياء وحركية الماء وايصاله الى العنصرين الاخرين ...
العناصر التنفيذية الثلاث تظهر في كل نشاط ولا محيص لانها سنة خلق ومفصل من مفاصل الخلق ويدخل الزمن فيها كعنصر يصاحب العملية التنفيذية وهو ايضا له ثلاث مكامن في (ماضي + حاضر + مستقبل) وهذه العناصر تصاحب عملية الانطلاق التنفيذي حتما بموجب سنة التكوين التي فطر الله الخلق عليها ..
(يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (لأعراف:187)
مرسى الساعة هو موقفها وتوقفها عن النشاط والحركة .. وهي تثقل ما في السماوات والارض ولا يمكن فصل ثقلها عن فاعلية ما في السماوات والارض وتأتي بغتة .. مباغتة ... تعلن عن نفسها بعد ان تأتي وقبل ان تأتي لا يعرف احدا كيف اتت (مباغتة) .
مهما اراد العقل ان يقطّع مساحة الزمن حتى يصل (عقلا) الى اصغر وحدة زمنية فان العقل يعجز كما عجز عن ادراك عدمية المادة عندما افترض العلماء تقطيع المادة الى جزء بعد جزء وصولا الى الجزء الذي لا يمكن ان يجزأ فقالوا بالذرة ... تلك المنهجية العقلانية لا تنفع في تقطيع الزمن لان عملية التقطيع لا تسمح للعقل ان يمسك بالزمن في حيازته كما يمسك المادة في حيازته فالومضة الزمنية التي يريد العقل ان يقطعها خرجت من حيازته ودخلت وعاء الماضي وتسقط وسيلة العقل في مسك ومضة الزمن
اللحظة التي يتعامل فيها الشخص مع الزمن لن تبقى مساحة الزمن في حيازة العاقل المتفكر بل تنقلب فور ادراكها الى ماضي ومهما كانت مساحة الحاضر صغيرة (ومضة زمن) فانها تنقلب الى الماضي دون اذن حائزها (بغتة تذهب) فهي عندما تأتي بغتة تذهب بغتة فتبهت من تأتيه ..
(بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (الانبياء:40)
وكيف ينظرون اليها فهي لن تكون في حيازتهم الا ومضة ادراك .. شأنها شأن الالكترون في دائرة كهربائية فهو لن يقف لكي يكون في الحيازة فهو مثلما يحل في مدار ذرة السلك مثلما ينتقل الى ذرة اخرى ولا يمكن حيازته عقلانيا لانها دائرة كهربائية دوارة .
زمن المستقبل يسقط في زمن الحاضر وينتقل الى زمن الماضي في نبضات لا يستطيع العقل الامساك بها (ولا هم ينظرون) فيكون الانسان في صحوته انما يقرط الزمن قرطا على شكل ومضات لا يمكن الاحتفاظ بها وادراك مضامينها ...
القرءان يتمم تبليغه وبيانه العلمي في سنن الخلق
(اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (الشورى)
بالتأكيد لم يكن النص واصفا قيام الساعة ويوم الحساب لان غير المؤمنين لا يحبون الموت ولا يؤمنون بيوم الحساب او المعاد اساسا ويكرهون تذكيرهم بالموت وانما النص يصف من يريد ان يجعل من الزمن ركوبة (عجلة) يستعجل بها .. واول ءالة اكتشفها الانسان هي العجلة ... !!
السرعة .. الاسراع ... تقنيات سريعة والاسرع هو الافضل ... عجلة .. استعجال في كل امر .. وان الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ..
الساعة قريب .. الضلال بعيد .. والنص يشير الى كتاب حق وميزان وعقولنا معنا في صحوة في قرءان ...
المرور هو من (يمارون) وهو في بناء اللفظ العربي .. مر .. مار .. يمار .. يمارون .. مثله .. سر .. سار .. يسار .. يسارّون .. ومثله .. جر .. جار .. يجار .. يجارون ..
فعل المرور هو حركة على ثابت وفيه عنصران عنصر متحرك وعنصر ثابت فيقوم المرور في العقل .. المرور في المدينة يعني حركة اختراق المدينة والمدينة ثابت ومن يمر فيها متحرك .. المارون في المدينة لفي ضلال بعيد وهي تساوي الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد .. وهم الذين يربطون الحدث والحركة في ثابت زمن (ساعة)
لقد قام العلم في الفيزياء على ثابت زمن .. حركة الناس كلها على ثابت زمن .. ولكن الله ما خلق ذلك ابدا ففي اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما لا يكون للزمن ثابت يمر الناس فيه ... بل الزمن يأتي بغتة وكأننا ثوابت والزمن هو الاتي وبنص قرءاني
لذلك ما افلح العلماء لانهم قلبوا المعادلة التكوينية فجعلوا الحركة في ثابت زمن (ضلال بعيد) ولكن الله يؤكد لنا ان الساعة (قريب) تاتي بغتة فيظهر في (الكتاب الحق والميزان) اننا نقظم الزمن قظما وليس هو قاظم لنا
حركية الزمن هو المجهول الاكبر من العقل فهو يأتي ونحن قابعون في حاوية صحو وحدث ... نحن نقظم ايامنا .. ومضة الحاضر فينا نأكلها .. نقضمها فتكون كما تكون لقمة تبتلع في الحلقوم .. من مستقبل ءاتي تكون في حاضر وعينا لتدخل جوف الماضي
هي التي تسجل الحدث وبغيرها لن يكون الحدوث وعندما يكون الزمن (ءاتي) فهو متحرك وذلك ما يخالف نظم الفيزياء التي اقرها العلماء واحتاروا في قرارهم واعلنوا انهم واهمون ..
اين هم من قرءان الله وما تحدثنا الا بما يمكن فيه الحديث على صفحات منشورة ولكن الحديث يختلف عندما يكون على بساط متخصص يحتشد حوله علماء حقيقيون يلتقطون العلم من مصدره فالله هو الذي علم الانسان ما لم يعلم ولن يكون انشتاين او نيوتن اوغيره ولكن قتل الانسان ما اكفره ..!!
الحاج عبود الخالدي
تعليق