المستعمرات العلمية .. الى اين ؟؟
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
المنهج العلمي يعتبر عمود المعرفة ووسيلة تطورها .. هذا ما سلكته العلوم الحديثة في منهجيتها المعلنة في الاروقة الاكاديمية والتي حققت نجاحات تطبيقية مذهلة .. تلك المنهجية التي رسم معالمها الفيلسوف (ديكارت) في مطلع القرن الثامن عشر في تثبيت معايير الحقيقة العلمية وفرزها عن الانشطة الظنية والنتاجات العقائدية جعلت المدرسة الحديثة موصوفة بالمدرسة المادية والتي تألقت فيها علوم المادة الى الذروة التي نراها في زماننا ...
ما اضافته تجربة الماديين الى المنهج الديكارتي هو تحويل العلم الى ابعاد متعددة فاصبحت العلوم مقسمة الى مربعات او دوائر معرفية بينها خطوط فاصلة تشبه صفة المستعمرات ... ذلك يعني ان الجهد المعرفي المعاصر تحول الى مستعمرات معرفية ذات ابعاد محددة وواضحة فنرى علوم البايولوجي والفيزياء والطب والصيدلة والهندسة والكهرباء وغيرها كثير ...
انشطرت تلك المستعمرات الى مستعمرات تخصصية وليدة تمثل انشطة علمية اكثر تخصصية مثل الفيزياء الفلكية والكيمياء العضوية والهندسة المعمارية ومن ثم الهندسة المدنية واشكال كثيرة من تلك الابعاد العلمية ذات التخصص الاكثر عمقا ..
المراقب المستقل لتلك المنهجية العلمية سيرى بعين الباحث عن الحقيقة ان تلك المستعمرات العلمية تسببت في اشكالية كارثية لبني البشر وان المسيرة بدأت تعلن عن كارثة اكيدة وليس كارثة محتملة ...
السبب يكمن في الابعاد المتعددة للعلم حيث انتشار الوسيلة العلمية في الاختصاصات دفع بالانتاج العلمي التطبيقي الى وفرة كبيرة الا ان المسؤولية الانسانية ضاعت بين مستعمرات العلم ونجد ذلك واضحا جدا في اجهزة الهاتف الخلوي حيث تعلن مستعمرات علم الانسجة ضررها الاكيد الا ان مستعمرة علمية اخرى لا تصادق على مستقرات في مستعمرة اخرى فبدلا من وقف استخدام الهاتف المحمول او وضع مرشحات لامتصاص الاذى الصادر منه توسعت دائرة الاستخدام ومنحت امتيازات استثمار اوسع لتغطي وسيلة الاتصال ... الانفصام العلمي سبب مباشر في تدهور الصحة العامة بل انها بدأت تنذر بالخطر ..
نجاحات مذهلة تحققت في ميادين الجهد الهندسي مما وسع دائرة الاستخدام الميكانيكي بشكل كبير دفع الى زيادة الحاجة للطاقة الكهربائية والطاقة الاحفورية (النفط) بشكل عام مما ادى الى احتباس حراري وتدهور بيئي ملحوظ ...
النجاحات السريرية التي تحققها العقاقير الطبية اوقعت وسيلة الطب المعاصر في اختناقات تلقى فيها المسؤولية على الصيادلة وكأن الاطباء في منأى عن المسؤولية ...
الاستخدام المفرط للمنظفات والذي يستهلك ملايين الاطنان من المواد الكيميائية الفعالة تؤدي بشكل مطرد الى موت الارض الزراعية وفقدان طبيعتها المتوازنة .. لا يوجد مسؤول ولا يمكن اتهام مستعمرة العلم الكيميائي بمثل ذلك البعد السيء للاستخدام الكيميائي فالنظافة بريق المجتمعات والمنظفات وسيلة تلك النظافة ..
الابعاد العلمية والمستعمرات العلمية افقدت الانسان القدرة على السيطرة البيئية او الصحية سواء له او لمخلوقات نباتية او مخلوقات اخرى تتعايش مع الانسان فاصبحت الابعاد العلمية والمستعمرات العلمية وباءا كارثيا يتحمل مسؤوليته الآدميون جميعا دون ان يكون للمبرمج لها حضور فينا فقد مات المبرمجون من جيل الفيلسوف ديكارت لغاية جيل الامس القريب .. اصبحت المسؤولية هي مسؤولية آدمية (بني ءأدم) كلهم مسؤولون عن منهج علمي يدفع الانسان الى هاوية كبرى .
انها امتداد لمثل غراب ابن ءأدم المنشور في دوحة الثقافة الاسلامية تحت عنوان (اغرب من الغراب) .. فقد قتل الانسان اخاه الانسان (ابني ءأدم) ونحتاج الى غراب يبعثه الله ليبحث في الارض ويرينا كيف نواري سوأة اساءت لنا وسوف توصلنا الى محتوم قاسي بنص قرءاني
(وَلَوْ أَنَّ قُرءاناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (الرعد:31)
عندما يقرأ البشر خارطة الخالق الاجمالية سوف ترتبط كافة تلك المستعمرات العلمية بمحركات تلك الخارطة المبينة بيانا اعجازيا (قرءان تسير به الجبال وتقطع به الارض ويكلم به الموتى) وبالتالي فان الحيود العلمي سوف لن يكون له وجود في الانشطة التخصصية وعند هذه النقطة سوف يكون العلماء هم الاكثر دعوة الى البعد العلمي الواحد الذي سينقذ البشرية من مهالك محققة .
البعد العلمي الواحد يمتلك هيمنة المصمم للعلم (الخالق) وان التزم العلماء خصوصا المسلمين بكتالوج الخالق (القرءان) انما يقومون بترجمة صفتهم العلمية بشكل موضوعي ولن يكونوا ببغاوات علم يرددون المفردة العلمية من لسان بشري وهي في الاصل ذات عائدية الهية ..
فهل الفيزيائيون صنعوا مستقرات الفيزياء العلمية ..؟؟ ام الله .. وهل علماء الطب صنعوا علوم الطب ام الله ..؟؟ وهل اهل الفلك صنعوا الافلاك ..؟؟ ام الله .. ولكن المسلمون يلتهمون العلم في ابعاده المتعددة ولكنه في بعد واحد وهم لا يعلمون .. قرءان يقرأ .. بل قرءان مهجور .
المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام بعث الينا الاشارة في قرءان وسنة نبية ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ... من امسك بالقرءان ..؟؟ ونحن الان في ضلال علمي ولنترك الضلال العقائدي لاهله ... في الضلال العلمي نحن غارقون والكل يقول في كارثة آتية (قارعة بما صنعوا) .. فهل حزم المسلمون امرهم ان يورثوا مورثيهم كارثة كبرى ..؟؟ كيف ترتسم معالم الضلال ونحن متأكدون ان السرطان يفتك بنا ولا نعلم كيف يأتي ومن اين يأتي .. اليس ذلك بضلال ..؟ ام ان الضلال هو فقط عند تارك الصلاة ..؟؟ او لاعب القمار ..؟؟ واي ضلال اخطر ؟؟!!
تلك هي رجرجة عقل لنعرف ان الضلال يسري فينا في استخدامات علمية وكل استخدام له بعد وغرقنا في ابعاد العلم حتى طغت على كامل انشطتنا وحتى السجادة التي نسجد عليها هي من بوليمرات مسحوبة من باطن الارض (نفط) ... الله عزلها كما نعزل نحن فضلاتنا في حوض التعفين .. علم معاصر اخرجها فهي تغلف الان كامل نشاطنا في المأكل والملبس والنوم وحتى الصلاة ...
ما ان تمسكنا به لن نضل ابدا .. ولكن القلوب اقفلت ... اقفلت باقفال تاريخية وصدأت مفاتيح تلك الاقفال فهي غير صالحة للفتح .. ونبقى نبكي فلسطين السليبة منا ولا ندري ان عقولنا قد سلبت قبل سلب فلسطين
الحاج عبود الخالدي
تعليق