في موضوع منشور وحوارية سابقة جرت مع فضيلة الشيخ مصطفى القاسم من الاردن تحت عنوان (الكلمة بين الفهم والتطبيق) أثير موضوع : إمامة ابراهيم عليه السلام وكما هو راسخ لدينا ان الإثارة دائما تعمل عمل الذكرى فتقيم سببا تكوينيا في التفكر .. التفكر (الحق) بايات الله توصل المتفكر الى (الحقيقة) وهي حصرا في قرءان مجيد يذكرنا .. عسى ان يحدث لنا ذكرى ولا بد من الذكرى ان (الحواريون) اي المتحاورون في ءايات الله هم انصار الله كما جاء في مثل عيسى عليه السلام ..
وفيما يلي نص إثارة فضيلة الشيخ مصطفى القاسم :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في قصة ابراهيم عليه السلام تجارب ولما يمثله لنا كما ذكرتم أكثر من مرة في العقل السادس ،ولما أراه الله تعالى ملكوت السموات والارض وتنقله لينفي بذلك الوطن الصنم ولما فعله من تكسير للاصنام ولما تدرج فيه من بناء اليقين على الله ربما نحن بحاجة لعمل تسلسل لهذه التجربة الابراهيميةمن قوله اني سقيم الى أن نال درجة الامامة فكانت النار بردا وسلاما وصار بحق ابراهيم ابو الانبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام ومن يقينه الذي نحتاجهوكم نبهت اليه ووهو الذي يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين ابراهيم عليه السلام فينا قليل ذكره مع أن مناسك الحج والهجرة في الارض واستمرار ذريته وغيرها تذكرنا به ولكن اذا تذكرنا ذلك فاننا نسى التجارب التي فعلها مثل خذ اربعة من الطير ونظره في النجوم ووصفه بالاواه وغيرها وهي ليست عبثية أو قصة للتسلي بل للتأسي وأما الامامة وهي الاهم فلا تخلو الارض من اما م أولا والامامة جعل الهي اني جاعلك للناس اماما والامام هو الهادي للناس (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )
وللحديث بقية ان شاءالله ولكني أطمع منكم بالمزيد دائما
حياك ربي شيخنا الجليل فيما يكون وكائن من ظمأ شديد فينا لمشارب القرءان
(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (النحل:120)
ذلك نص قرءاني يؤكد الصفة الإبراهيمة بصفتها (أمة) والأمة في القصد العربي واللسان العربي المبين هي جمع من الخلق يتحد بمشغل تكويني مشترك كالعرق او اللغة او الدين وهي لا تخص الانسان فـ (الطير امم امثالكم) وبموجب نصوص قرءانية
(قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) (هود:48)
(كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ) (الرعد:30)
من ذلك كان ابراهيم صفة في الناس وفي جمعهم تحت صفة ابراهيمية يكون (ابراهيم أمة) يمتلكون مشغل تكويني مشترك وقد بلغت حكمة النص الشريف أوجها في محاكاة العقل الانساني ان وضعت شراكة الصفة الابراهيمية فردية الخطاب لانها صفة تحمل تكوينة فردية بتكوينتها ولن تكون قابلة للشراكة ولا يمكن ان تحمل الصفة الابراهيمية جماعة من الناس في مكان واحد لان الصفة الابراهيمية تقع حصرا في البراءة من شراكة (الامة) في افكارهم (قوم ابراهيم) والا كيف يكون إبراهيم ومن معه كلهم إبراهيميون عنئذ سوف لن يكون للتبرهم ضرورة بل تكون صفات اخرى في مسميات اخرى في (ثلة) او (قليل) او (بني اسرائيل) مؤمنون بالله وتختفي صفة (إبراهيم) فابراهيم هو المتبريء من قومه (أمته) التي هو فيها ومن ذلك جائت حكمة النص في جعل ابراهيم اماما فيأتم الناس ببرهمته من افكار فسدت او مسارب سوء وقع بها القوم . فيكون في الوصف (إبراهيم والذين معه) ... ومن ذلك فأن ابراهيم صفة في فرد يتكرر ولا يتشارك فيه جمع ليكونون امة بل يبقى ابراهيم وحده أمة ومن يتبع ابراهيم لا يكون ابراهيم بل يكون على (ملة ابراهيم)
(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة:124)
ابتلي ابراهيم من ربه بـ (كلمات) .. فاتمهن إبراهيم ... فقال الله اني جاعلك للناس إماما ... قال ومن ذريتي .. قال لا ينال عهدي الظالمين وهو تأكيد يؤكد ان الصفة الابراهيمية هي صفة فردية وبالتالي فان ذريته غير مشمولة بالامامة لانه ابراهيم فردي الصفة .. اما الائمة فهم لا يقعون حصرا في ابراهيم فيوجد من النصوص ما يصف جعل الائمة في غير ابراهيم ايضا
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:74)
وتلك إمامة مرجوة يرجوها العبد الصالح فتكون له إمامة المتقين
الكلمة لفظ ثبتنا بيانها في ادراج سابق تحت عنوان (الكلمة بين الفهم والتطبيق) فهي (ربط مرابط) .. ابتلي بها الابراهيمي (ابراهيم) وهي عندما رأى ملكوت السماوات والارض .. فقام ابراهيم باتمام تلك الكلمات حين يربطها بمرابط قومه ... فكان ان جعله الله اماما ...
ابتلاء ابراهيم وهو (البريء من قومه) انه يرى ملكوت السماوات والارض بوعد الهي يقيني الصفة (ليكون من الموقنين)
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (الأنعام:75)
ذلك الملكوت المرئي عند ابراهيم هو عبارة عن (مرابط مربوطة في عقله) فيراها ابراهيم على شكل مستقل في مرابط الخلق فتكون موصوفة تحت وصف (كلمات) ... تلك الكلمات تبقى في وعاء العقل (ابتلي ابراهيم بها) حتى (يتمهن) ابراهيم حين يربط تلك الكلمات بيوميات قومه فيكون تمامها في التطبيق .. تلك الصفة تجعل من ابراهيم إماما ... من ذلك يتضح ان الحبو المعرفي على خارطة الخالق يزيد من مساحة نظر الباحث الى مفاصل اكثر في خارطة الخلق ...
فما هو الإمام في الفهم ...؟؟ نستدرجها كنتاج من علوم القرءان ثم نقوم بتطبيقها في الميدان الفكري لتكون وسيلة الفهم مستحضرة على هذه السطور كما هو منهجنا ومن ذلك يكون معنى (الامام) في العلم القرءاني هو (مشغل تكويني يفعل مشغل) أي ان الامام يمتلك مشغل تكويني ويمتلك مشغل اخر يتفعل بين يديه وعند تطبيق النتاج فكريا سنجده واضحا في القرءان ... ذلك المشغل التكويني عند الامام يفعل مشغل يقع بين يدي ابراهيم الامام فيقيم تجربة احياء الموتى (تجربة طيور ابراهيم) فيكون مشغل كوني من منظومة الخلق واخر بيد الامام (ابراهيم) فتكون صفة الامام عندما يكون المشغل الذي بين يديه مزدوج (الاول) تكويني يراه في ملكوت السموات والارض (الثاني) تجريبي بين يديه في تجربة الطيور كمثل قرءاني
وهنلك تطبيق ميداني في (إمام الصلاة) فهو يمتلك مشغل تكويني في كينونة الصلاة (فيض اليبسار) ويمتلك مشغل اخر من عنده حين يقيم الصلاة بجسده هو فيأتم به الناس في توحيد حركتهم معه واداء المنسك جماعة فيكون امام الصلاة يمتلك مشغلين واحد تكويني مرتبط بمرابط الخلق (المسجد الحرام) واخر من عنده مرتبط بمرابط المصلين خلفه ... وهنلك تطبيق اخر كما سيأتي
(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24)
فالامام يمتلك مشغل تكويني الهي وذلك المشغل التكويني يقع حصرا في نوعين يتعلقان بمصدرية ذلك المشغل وهما :
الاول : يقوم المشغل التكويني في عقولهم من خلال اليقين بايات الله وابراهيم منهم وامام الصلاة منهم فيفهمون الامر الالهي من يقينهم بالايات وهو امر الهي في (هديهم) الى اليقين (ليكون من الموقنين)
الثاني : يقوم المشغل التكويني عند الامام بصيغة الايحاء وهي درجة عليا في الامامة وقد ورد ذكرها في حكاية العبد الصالح الذي صاحب موسى (العقل)
(وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (الانبياء:73)
فصفتهم (عابدين) لا تعني انهم يكثرون الصوم والصلاة ولكن ذلك يعني ان ما يقومون به من افعال انما هي منقلبة الى الله وهم لا مصلحة لهم فيها شأنها شأن المملوك (العبد) انما يجمع الغلة لمالكه فهو عبد .. وفعله عبودية لمالكه ..
وتلك الصفة في (المشغل التكويني) بالايحاء وردت في (فعل الخيرات) وهو بيان مستكمل في نص قرءاني
(فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف:65)
وبموجب ذلك العلم المأتي (مشغل تكويني ) تفعل المشغل الثاني عند العبد الصالح فخرم السفينة وقتل الغلام وبنى الجدار (وأوحينا اليهم فعل الخيرات) فهو قد حصل على مشغل تكويني اردفه بمشغل من عنده
هذا النوع من الائمة يفعلون الخيرات دون طلب من المستفيدين من الخيرات .. فهذا النوع من الائمة يبحثون عن المؤمنين ليفعلون لهم الخيرات .. ولا يتوجب ان يبحث المؤمنون عنهم ...!!!!!!
انهم في جميعية ايمان (دار السلام) ... فيها منظومة خلق غير مرئية .. قد يراها المؤمنون في مراحل الايمان اليقيني ... تباشر اليقين في عقولهم ... وتأتمر بامر الله المباشر... إقتراب الناس للامام (لاينفع) .. لانهم هم يتقربون الى الناس بصفات الناس الايمانية وليس بسبب (لقلقة لسان) تصدر من الناس ... !!! فإمام الصلاة لا يشترط فيه ان يقترب منه المؤتم به ويتمسح به او ان يمتدحه او ان يتعرف عليه او على اسمه ونسبه لان الإمام يمنح المصلين فيض اليسار تكوينيا من كينونة الصلاة اما الاقتراب المكاني في الصلاة الجامعة فهو ليس اقتراب من الامام بل ضرورة منسك تخص جامعية الصلاة ولا تخص القربى من الامام ...
إبراهيم (إمة) و (قانتا لله) ... القنوت لله هو تبادل الرابط مع منظومة الله ... الابراهيمي عندما يتم الكلمات التي ابتلي بها من ربه لا يكتفي بربطها بواقع قومه بل يعبر ذلك السقف فيعيد ربط مرابط قومه بالله مرة اخرى فالقنوت هو المشغل الثاني في الامام . مثال :
الشرك ... كلمة ... وهي ربط مرابط مع إله اخر ... عندما يرى المتبرهم ان الوطن شريك لله وان المواطنين (قومه) يربطون مرابطهم بالوطن فبرائته من ذلك الرابط باعلان فساده وبذلك يكون قد اتم الكلمة التي ابتلي بها .... عندها يقنت لله ... يعيد ربط المواطنون والوطن مع الله فتسقط شراكة الوطن فيقيم الوطن ولا يقطع الانسان ... يبقى الانسان انسان خلق الله في كل وطن وفي ذلك قنوت لله ... تفكيك مرابط الناس بالوطن هي مهمة قنوت ابراهيمية حيث يعاد ربط الوطن والناس بالله وبذل يظهر المعول الابراهيمي في تهشيم الصنمية الوطنية ليس من خلال تهشيم الوطن بل من خلال فك مرابط الشرك بين الوطن والناس واعادة ربط رابطة الحق (كلمة طيبة) الوطن بالله والناس بالله فيسمو الوطن ويسمو المواطن ... تلك إمامة ابراهيم ... وتلك صفته في رؤية ملكوت السماوات والارض والقرءان يذكرنا بها تذكيرا
ما يؤكد ذلك المسرب الفكري هو برامجية (ذو القرنين) فقد أتاه الله سبب بموجبه استطاع ان يربط خارطة الخالق بفساد يأجوج ومأجوج ... ولكنه .. ثم اتبع سببا .. عاد فقرن (ربط) يأجوج ومأجوج بخارطة الخالق فاقام (الردم) فكان إماما يهدي بأمر الله من خلال يقينه بايات الله ... القرن الاول تمام الكلمة (ربط المرابط) بواقع يوميات قوم ذو القرنين ... عندما يعيد ربط تلك المرابط بمنظومة الخلق تارة اخرى يكون في (قرن ثاني) ... تقوم امامته ... فهو ذو قرنين .. فكان امام امتلك مشغل اول (تكويني) .. تفعل عنده مشغل اخر فاقام الردم ..
ولغرض تحصين الموقف الفكري في موضع الحاجة الى بيان قد يتصور متابع فاضل اني ادعي بشكل غير مباشر صفة ابراهيمية في مشروعي الفكري اواني ادعي الامامة ...!! ذلك لن يكون لاني في ميدان فكري غير ناجز فلم استطع ان افكك مرابط الناس الفاسدة مع الوطن وبناء غيرها اومع غيرالوطن ولم استطع ان اجري تجربة ابراهيم في الطيور او ان اقيم ردم ذي القرنين .. وان استطعت الاتيان بكل تلك الصفات فان امامة ابراهيم ليس ادعاء يعلن من المتبرهم بل هي عملية (جعل) تكويني يفرضه الله فرضا بين الناس ... ارجوا ان لا يحمل متابعي الفاضل هذه السطور ما لا تحتمل ... فهي لا تزال ذكرى لي ولكم ...
ابراهيم أمة ... ابراهيم اماما ... قانتا ... في خارطة الخالق ... منهجية الانسان على الارض ... ذكرى من قرءان ... لا رأي يـُطرح ... لا نظرية تـُنظر ... بل قرءان يـُقرأ للذكرى ... عسى ان تنفع الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق