الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ
من أجل بيان نظم الخلق التي بينها الخالق
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) (الجاثـية:21)
النص الشريف حمل قانونا إلهي التفعيل كما حمل وعدا إليها واضحا (مبينا) في صفة (إجتراح السيئات) وصفة ( الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) وبين الوصفين وعد إلهي يؤكد اختلاف النتيجة في تفعيل الوصفين فللذين ءامنوا وعملوا الصالحات نتيجة محيا وممات تختلف عن من يجترح السيئات ومن يتصور ان هنلك في الحياة الدنيا (فرص) و (حظوظ) كما يقولون فهو انما في ضلال كبير بل ان لكل قدر تقدير في برنامج الخلق ولا مكان لاي تصورات عشوائية كنتيجة حتمية لموصوفات كل فعل فـ (الصدفة) او (محاسن الفرص) ما هي الا تصورات عقلانية بشرية خاطئة والخطأ يقع حصرا في غفلة العقل البشري عن ما كتبه الله لمجمل خلقه ونرى ويرى كل طالب للحقيقة ان كثيرا من الناس لا يعلمون معايير (الفوز) فيما ينشطون به من انشطة فتراهم يحسبونها بالمال او بالجاه او بغيرها من المعايير ويجعلون من عندهم معايير عشوائية لا ترتبط بقانون الله ولا تصيب الحقيقة بل تشوه الحقائق ويبقى الانسان لا يمتلك سبيلا مبينا يدله على موصوفات (ربه) الذي يدير ادق مفاصل حياته اليومية .
اجترحوا السيئات ... اجترحوا هو لفظ من جذر (جرح) وهو لفظ يستخدمه اللسان العربي لوظيفة بيان تخص خروج الدم من الجسد وفي غير ذلك الوصف لا تسمى الاصابة (جرح) فقد يكون (كسر عظم) او (كدمات) في الانسجة الحياتية ولا يسميها اللسان الفطري بـتسمية الجرح بل لها مسميات اخرى ... الجرح هو حين يسري الدم في غير مسراه فيفقد وظيفته التكوينية ... تلك تبصرة في لفظ قرءاني لها تطبيقات في جروح نسميها بمسمياتها في فطرة ناطقة بالحق كما وصفها الله (فورب السماء والارض انه لحق كما انكم تنطقون ـ الذاريات) ... معالجة لفظ (جرح) هو عملية اعادة المقاصد العقلية الى اوليات العقل وهي عملية (تأويل) وهي عملية اعادة النطق الى اولياته في المقاصد العقلية الفطرية لمعرفة مقاصد الله في لفظ (اجترحوا) ونحاول ان نرى السيئات حين تجترح ويتم تغيير مسارها التكويني الذي خصصت له ونستبصر ونتدبر لنعرف حقيقة القصد الالهي الشريف في رسالة وجهها الى العقل البشري (قرءان)
ليس من السهل في زمننا المعاصر ان نضع (معيار عام مطلق) يعير الصالح والسيء ذلك لان لكل مفصل من مفاصل الخلق معيار تخصصي فلو رصدنا مخلوقات خلوية في ماء الشرب (مثلا) فهو ماء سيء (غير صالح) كما هي مستقرات حياتنا المعاصرة علميا التي تشترط لصلاح الماء ان يكون خاليا من المخلوقات المجهرية ونتسائل كيف كان حال الاباء في مشربهم فهل كانوا في (سوء مشرب) وهم لا يعلمون ..!! فكيف كانوا في سلام الاسلام والله قد اكمل لهم دينهم ..؟؟!!! وكيف لهم ان يعلموا بوجود المخلوقات المجهرية وهم لا يمتلكون تقنية المجهر ..!! ولا يمتلكون عدسات محدبة ومقعرة ومركبة يرون من خلالها المخلوقات التي لا تدركها العين البشرية بسبب شدة صغرها ... معيار الماء (الصالح للشرب) الخالي من (السوء) معيار (مكنون) في سنن الخلق (كتاب الله) والبشرية لم تصل بعد الى ميزان التعادل الذي نزل مع الانبياء الا ان اختفاء مسلسل الانبياء اصبح ينذر بخطر كبير تغرق فيه البشرية غرقا تكوينيا حين تضيق بهم سبل الحياة كما يغرق الانسان في الماء فتضيق به سبل الحياة ... حياتنا المعاصرة باتت تصنع المعايير صناعة ضالة وتجعل من الحق باطلا ومن الباطل حقا وكل حزب متحزب في العلم او في العقيدة يفرح بما اكتشف من معايير للصالح وغير الصالح ولعل وضوحا بالغا نراه ونرصده بمدرك بالغ الادراك في القوانين الوضعية التي (افتعلت معايير) السيء والصالح وفق برامجيات لم ينزل الله بها من سلطان حق ولم يكن لمثل تلك البرامجيات وجود في الرسالات الالهية الموجهة للبشر والتي ختمت بقرءان منزل فيه تصريف لكل مثل وقد نمسك بعينة محددة الاوصاف لنعرف مدى الاسفاف البشري في صناعة المعايير العشوائية الباطلة كما في عقوبة (السجن) مثلا والتي ليس لها وجود في رسالات الله بل هي عقوبة مفتعلة من مفتعلات بشرية لتكون وسيلة سلطوية على الناس تحت معايير قانونية وصفت السوء على الاهواء التي روج لها منظروا الماسونية المعاصرة ومعهم السائرين في ركابهم مستمدين افكارهم من طبيعة العقل البشري الذي يمتلك صفة (الضلال العقلي)
(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:38)
النص الشريف يوضح لنا صفة تراكمية في اخطاء الامم (اخراهم لاولاهم) حيث تتوارث الامم معايير الصالح وغير الصالح وتتحول مصدرية المعايير الى مصدرية تاريخية (احيانا) دون ان تكون تلك المعايير من مصدرية دستورية تتطلبها مرحيلة الاحياء ونسوق مثالا في (الماء الصالح والماء غير الصالح) حين وضع علماء الحقبة العلمية الماضية معيار (التعقيم) والقضاء التام على أي مخلوقات مجهرية (وحيدة الخلية) في ماء الشرب ليكون صالحا للشرب مما دفع الناس في زمن لاحق (معاصر) الى اعتماد ذلك المعيار في صلاح الماء الا ان العلم المعاصر لم يستكمل ذلك المعيار ليقوم او يطالب بتعقيم الهواء من المخلوقات الخمائرية المنتشرة فيه وبالتالي فان معيار التعقيم لمياه الشرب يبقى موضع شك وريبة وان عملية خلط غير موفقة حصلت عندما تم بناء معيار التعقيم ليشمل كل اصناف المخلوقات الوحيدة الخلية في حين يؤكد العلم ان هنلك مخلوقات جرثومية محددة هي الموصوفة بالضرر اما بقية المخلوقات الوحيدة الخلية فهي لا تتصف بالسوء ومنه ما هو نافع مثل خمائر المضادات الحيوية او خمائر الخبز وغيرها وبالتالي فان معيار الصالح وغير الصالح لا بد ان يخضع الى معيار (ميزان) قرءاني ذلك لان توريث المعايير لا يصلح والقرءان رسالة (تنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ـ يس) فهي رسالة تنذر الاحياء ولا ينفع انذار السابقين لان يومياتهم حملت خصوصيات يومهم وكان انذارهم في زمنهم لانهم احياء وحين ماتوا ماتت معهم خصوصياتهم وسقط الانذار عنهم فلا يصلح ان يكون انذرا لاحياء اليوم من البشر ...
الارض التي نسكن عليها لنا حقوق عليها في زرعها واستثمار غلتها وحين ينضب ماؤها ويقل زرعها وجب علينا هجرها والبحث عن غيرها لتكون لنا موطنا فالارض مسخرة لخدمة الانسان اما ان نخرجها من مسارها التكويني كارض يستوطنها البشر نكون كما يخرج الدم من الانسجة المجروحة فيكون الاجتراح في التطبيق حين نجعل لتلك الارض حقوقا علينا كما هي صرخة (الوطنية المعاصرة) فاصبحت الشعوب تأن في اوطانها بحقوق وطنية ولدت من ارض الوطن باطلا وحين يريد الناس هجرة الارض عند اختلال خدماتها فالبشرية المعاصرة تقف مانعة لاي هجرة فقوانين الاوطان لا تسمح بالهجرة في زمن معاصر جدا فقدت فيه البشرية معايير الصلاح والسوء فاصبح كل شيء منقلب الى ضده تحت مسميات صيغ باطلة قام الفكر الـ (ضال) بتحويلها الى ظلم وظلام لا يمتلك نور الهدي الالهي وضاعت الحقيقة حتى على طلابها وعصبت العيون بعصبة سميكة مصنوعة من نسيج وطني او عقائدي مذهبي او علمي اكاديمي او نسيج فكري سياسي فغرق العقل البشري في ضلال فكري خصوصا عندما يتحدث المتكلمون على عروش تلك الانسجة الفكرية الباطلة وكأن كل نسيج فكري هو الاله الخالق في وطنية سوداء ومذهبية مقيتة او ديمقراطية هوجاء او علم يكفر بالخالق فيرسم نـُساج الفكر الباطل للانسان طريقا الى الهاوية في اضطراب مجتمعي او اضطراب بدني في سرطان مدمر وبيئة مدمرة ويوم اسود مليء بسلع براقة الا ان ضررها دفين خلف بريقها وتحول الانسان الى مجرد عتلة في مسار حضاري سرعان ما يهوي به التحضر في واد سحيق لا يقدر على الخروج منه
السيئات لا تزال غير مرئية فهي اخطر من الجراثيم التي كانت تعيش في ماء شرب الاباء والذين ما كانوا يمتلكون مجاهر يرون فيها سوء تلك الجراثيم واليوم في يوم العلم نحتاج الى مجاهر ترى الفكر السيء الذي جعل مشارب الناس الفكرية غير صالحة للشرب وهم لا يعلمون ليس لان الحقيقة غير مرئية التكوين بل لان معايير الناس افتعلت وصنعت صناعة الضلال وتحويله الى حق مفتعل وكان ويكون الناس على دين ملوكهم يهرعون ففقدوا سلطنة عقولهم حين تحولت تلك العقول الى عقول لا تتفعل الا عندما تكون تحت قيادة فكرية مبرمجة ومعدة اعدادا مسبقا كما في ثورات الفيس بوك التي يشهد الناس سوئها المعاصر ..!!
لفظ سيئات هو من جذر (سيء) وهو في البناء العربي الفطري (ساء .. سيء .. سيئة .. سوء .. سوأة ... مساويء .. مسيء .. مساء .. سواء .. اساء ... يسوء .. و .. و) وكل تلك الالفاظ مبنية في النطق على مقاصد حرفية لحرفين هما حرف (السين) وحرف (الهمزة) وهو (سأ) وهما في مقاصد العقل بموجب علم الحرف القرءاني (كينونة خلق غالبة) فالخمر سيئة الشرب وهي (مخلوق) (غالب) في مسرى فاعليته عندما يمنع الاوكسجين عن وعاء (التخمير) فيكون (الخمر) ووعاء التخمير هو في (غلبة خلق) اوجدها الخالق لتتفسخ البروتينات وتعود الى اساسيات عناصرها تصلح لبناء خلق جديد وهي عملية التحلل فمن يخرج تلك (السارية في الخلق) من وظيفتها انما فعل فعل (الجرح) أي (اجترح) كينونة غالبة في الخلق فكان فيها وعد الهي (سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) ففي النص لفظين (سواء .. و .. ساء) وهما من جذر (سيء) الا ان تبصرة النص وتدبر مقاصد رسالة الله سنعرف ان في (غلبة الخلق) (حاكم) و (محكوم) فمن (تحكم) بسريان نظم الخلق انما كان مجترحا للسيئات وان كان محكوما بسريان نظم الخلق كان من الذين (أمنوا) السوء من خلال (العمل الصالح) ... نرصد تلك الصفة في عملية التحلل البايولوجي للبروتينات (التخمير) فان كان العبد المكلف محكوما بتلك السنة في الخلق ترك فاعلية التخمير كما قام الله بتفعيلها في نظمه (الحق) وان قام العبد متحكما بتلك السنة وحجب الاوكسجين عن وعاء التخمير ليصنع الخمر فيشربه فهو انما اخرج وعاء التخمير من ساريته التي سنها الله فكان الوصف (اجتراح السيئة) فنتج الخمر في محيا السوء عند صنـّاعه وشاربيه
ما تقدم من سطور هو (معيار) عام غير مطلق يقوم بتعيير الصالح وغير الصالح في (سريان فاعلية) لـ (نظم الخلق الغالبة) التي تتصف بصفة الغلبة في فاعليتها في كل امر مخلوق تحسه مداركنا ويمثل لحياتنا (وعاء) تنفذ فيه انشطتنا من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وصناعة وزراعة وانجاب وعلائق مجتمعية واسرية ولا يستثن ذلك المعيار كل شيء مخلوق غالب في ساريته في الخلق ورغم انه معيار (عام) الا انه لا يمتلك صفة (مطلق) ذلك لان كل فاعلية في نظم الخلق (مسرى فاعلية) متخصص وعلى الباحث عن المعيار الصالح ان يدرك مسار ذلك الفعل ليتعرف على خارجة عليه
نستبصر في بصيرة فطرية من مراصد العقل البشري الى وسعة الانشطة المعاصرة التي تم تعييرها بمعايير صنعها البشر وما ادى ذلك الى كوارث تستعر يوما بعد اخر في كل شأن من شؤون الناس يتضح ان (طريقة الخلاص) تحتاج الى معيار وضعه (الخالق) وليس حزمة معايير وضعتها منظومة علم لا تعترف بالخالق ولا تضع له أي مؤثر في المادة العلمية وتطلب من الناس عبادة ما يقول العلم بعيدا عن الله في ادوية صنعت من مصدر ميت وليس من بروتينات حية ومن تأجيج طاقوي جعل الاجواء كلها مكهربة (يأجوج ومأجوج) وهم مفسدون في الارض ولا بد من العودة الى رسالة الله لاستخلاص معيار (حق) يرينا الحقيقة فنتبعها حين نقوم بـ (تأمين) انفسنا وانشطتنا في نظم خلق سارية غير مجترحة فيكون الوصف (الذين أمنوا وعملوا الصالحات) فهي ممارسة تطبيقية ولن تكون فعلا منسكيا في صوم او صلاة او زكاة بل هي منهجية (تصرف) نافذ ينجي الباحثين عن النجاة من السوء المجترح في سنن الخلق
تلك السطور انما هي تذكرة من عقل بشري لعقل بشري اخر ولن تنفع لتكون علما معرفيا مكتسبا فان قامت الذكرى في العقل الاخر نفعت المتذكر وان لم تقم الذكرى فلن تفتح بوابات العقل الا بتوفيق الهي اعلن بيانه في رسالة الله للبشرية
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
اجترحوا السيئات ... اجترحوا هو لفظ من جذر (جرح) وهو لفظ يستخدمه اللسان العربي لوظيفة بيان تخص خروج الدم من الجسد وفي غير ذلك الوصف لا تسمى الاصابة (جرح) فقد يكون (كسر عظم) او (كدمات) في الانسجة الحياتية ولا يسميها اللسان الفطري بـتسمية الجرح بل لها مسميات اخرى ... الجرح هو حين يسري الدم في غير مسراه فيفقد وظيفته التكوينية ... تلك تبصرة في لفظ قرءاني لها تطبيقات في جروح نسميها بمسمياتها في فطرة ناطقة بالحق كما وصفها الله (فورب السماء والارض انه لحق كما انكم تنطقون ـ الذاريات) ... معالجة لفظ (جرح) هو عملية اعادة المقاصد العقلية الى اوليات العقل وهي عملية (تأويل) وهي عملية اعادة النطق الى اولياته في المقاصد العقلية الفطرية لمعرفة مقاصد الله في لفظ (اجترحوا) ونحاول ان نرى السيئات حين تجترح ويتم تغيير مسارها التكويني الذي خصصت له ونستبصر ونتدبر لنعرف حقيقة القصد الالهي الشريف في رسالة وجهها الى العقل البشري (قرءان)
ليس من السهل في زمننا المعاصر ان نضع (معيار عام مطلق) يعير الصالح والسيء ذلك لان لكل مفصل من مفاصل الخلق معيار تخصصي فلو رصدنا مخلوقات خلوية في ماء الشرب (مثلا) فهو ماء سيء (غير صالح) كما هي مستقرات حياتنا المعاصرة علميا التي تشترط لصلاح الماء ان يكون خاليا من المخلوقات المجهرية ونتسائل كيف كان حال الاباء في مشربهم فهل كانوا في (سوء مشرب) وهم لا يعلمون ..!! فكيف كانوا في سلام الاسلام والله قد اكمل لهم دينهم ..؟؟!!! وكيف لهم ان يعلموا بوجود المخلوقات المجهرية وهم لا يمتلكون تقنية المجهر ..!! ولا يمتلكون عدسات محدبة ومقعرة ومركبة يرون من خلالها المخلوقات التي لا تدركها العين البشرية بسبب شدة صغرها ... معيار الماء (الصالح للشرب) الخالي من (السوء) معيار (مكنون) في سنن الخلق (كتاب الله) والبشرية لم تصل بعد الى ميزان التعادل الذي نزل مع الانبياء الا ان اختفاء مسلسل الانبياء اصبح ينذر بخطر كبير تغرق فيه البشرية غرقا تكوينيا حين تضيق بهم سبل الحياة كما يغرق الانسان في الماء فتضيق به سبل الحياة ... حياتنا المعاصرة باتت تصنع المعايير صناعة ضالة وتجعل من الحق باطلا ومن الباطل حقا وكل حزب متحزب في العلم او في العقيدة يفرح بما اكتشف من معايير للصالح وغير الصالح ولعل وضوحا بالغا نراه ونرصده بمدرك بالغ الادراك في القوانين الوضعية التي (افتعلت معايير) السيء والصالح وفق برامجيات لم ينزل الله بها من سلطان حق ولم يكن لمثل تلك البرامجيات وجود في الرسالات الالهية الموجهة للبشر والتي ختمت بقرءان منزل فيه تصريف لكل مثل وقد نمسك بعينة محددة الاوصاف لنعرف مدى الاسفاف البشري في صناعة المعايير العشوائية الباطلة كما في عقوبة (السجن) مثلا والتي ليس لها وجود في رسالات الله بل هي عقوبة مفتعلة من مفتعلات بشرية لتكون وسيلة سلطوية على الناس تحت معايير قانونية وصفت السوء على الاهواء التي روج لها منظروا الماسونية المعاصرة ومعهم السائرين في ركابهم مستمدين افكارهم من طبيعة العقل البشري الذي يمتلك صفة (الضلال العقلي)
(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:38)
النص الشريف يوضح لنا صفة تراكمية في اخطاء الامم (اخراهم لاولاهم) حيث تتوارث الامم معايير الصالح وغير الصالح وتتحول مصدرية المعايير الى مصدرية تاريخية (احيانا) دون ان تكون تلك المعايير من مصدرية دستورية تتطلبها مرحيلة الاحياء ونسوق مثالا في (الماء الصالح والماء غير الصالح) حين وضع علماء الحقبة العلمية الماضية معيار (التعقيم) والقضاء التام على أي مخلوقات مجهرية (وحيدة الخلية) في ماء الشرب ليكون صالحا للشرب مما دفع الناس في زمن لاحق (معاصر) الى اعتماد ذلك المعيار في صلاح الماء الا ان العلم المعاصر لم يستكمل ذلك المعيار ليقوم او يطالب بتعقيم الهواء من المخلوقات الخمائرية المنتشرة فيه وبالتالي فان معيار التعقيم لمياه الشرب يبقى موضع شك وريبة وان عملية خلط غير موفقة حصلت عندما تم بناء معيار التعقيم ليشمل كل اصناف المخلوقات الوحيدة الخلية في حين يؤكد العلم ان هنلك مخلوقات جرثومية محددة هي الموصوفة بالضرر اما بقية المخلوقات الوحيدة الخلية فهي لا تتصف بالسوء ومنه ما هو نافع مثل خمائر المضادات الحيوية او خمائر الخبز وغيرها وبالتالي فان معيار الصالح وغير الصالح لا بد ان يخضع الى معيار (ميزان) قرءاني ذلك لان توريث المعايير لا يصلح والقرءان رسالة (تنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ـ يس) فهي رسالة تنذر الاحياء ولا ينفع انذار السابقين لان يومياتهم حملت خصوصيات يومهم وكان انذارهم في زمنهم لانهم احياء وحين ماتوا ماتت معهم خصوصياتهم وسقط الانذار عنهم فلا يصلح ان يكون انذرا لاحياء اليوم من البشر ...
الارض التي نسكن عليها لنا حقوق عليها في زرعها واستثمار غلتها وحين ينضب ماؤها ويقل زرعها وجب علينا هجرها والبحث عن غيرها لتكون لنا موطنا فالارض مسخرة لخدمة الانسان اما ان نخرجها من مسارها التكويني كارض يستوطنها البشر نكون كما يخرج الدم من الانسجة المجروحة فيكون الاجتراح في التطبيق حين نجعل لتلك الارض حقوقا علينا كما هي صرخة (الوطنية المعاصرة) فاصبحت الشعوب تأن في اوطانها بحقوق وطنية ولدت من ارض الوطن باطلا وحين يريد الناس هجرة الارض عند اختلال خدماتها فالبشرية المعاصرة تقف مانعة لاي هجرة فقوانين الاوطان لا تسمح بالهجرة في زمن معاصر جدا فقدت فيه البشرية معايير الصلاح والسوء فاصبح كل شيء منقلب الى ضده تحت مسميات صيغ باطلة قام الفكر الـ (ضال) بتحويلها الى ظلم وظلام لا يمتلك نور الهدي الالهي وضاعت الحقيقة حتى على طلابها وعصبت العيون بعصبة سميكة مصنوعة من نسيج وطني او عقائدي مذهبي او علمي اكاديمي او نسيج فكري سياسي فغرق العقل البشري في ضلال فكري خصوصا عندما يتحدث المتكلمون على عروش تلك الانسجة الفكرية الباطلة وكأن كل نسيج فكري هو الاله الخالق في وطنية سوداء ومذهبية مقيتة او ديمقراطية هوجاء او علم يكفر بالخالق فيرسم نـُساج الفكر الباطل للانسان طريقا الى الهاوية في اضطراب مجتمعي او اضطراب بدني في سرطان مدمر وبيئة مدمرة ويوم اسود مليء بسلع براقة الا ان ضررها دفين خلف بريقها وتحول الانسان الى مجرد عتلة في مسار حضاري سرعان ما يهوي به التحضر في واد سحيق لا يقدر على الخروج منه
السيئات لا تزال غير مرئية فهي اخطر من الجراثيم التي كانت تعيش في ماء شرب الاباء والذين ما كانوا يمتلكون مجاهر يرون فيها سوء تلك الجراثيم واليوم في يوم العلم نحتاج الى مجاهر ترى الفكر السيء الذي جعل مشارب الناس الفكرية غير صالحة للشرب وهم لا يعلمون ليس لان الحقيقة غير مرئية التكوين بل لان معايير الناس افتعلت وصنعت صناعة الضلال وتحويله الى حق مفتعل وكان ويكون الناس على دين ملوكهم يهرعون ففقدوا سلطنة عقولهم حين تحولت تلك العقول الى عقول لا تتفعل الا عندما تكون تحت قيادة فكرية مبرمجة ومعدة اعدادا مسبقا كما في ثورات الفيس بوك التي يشهد الناس سوئها المعاصر ..!!
لفظ سيئات هو من جذر (سيء) وهو في البناء العربي الفطري (ساء .. سيء .. سيئة .. سوء .. سوأة ... مساويء .. مسيء .. مساء .. سواء .. اساء ... يسوء .. و .. و) وكل تلك الالفاظ مبنية في النطق على مقاصد حرفية لحرفين هما حرف (السين) وحرف (الهمزة) وهو (سأ) وهما في مقاصد العقل بموجب علم الحرف القرءاني (كينونة خلق غالبة) فالخمر سيئة الشرب وهي (مخلوق) (غالب) في مسرى فاعليته عندما يمنع الاوكسجين عن وعاء (التخمير) فيكون (الخمر) ووعاء التخمير هو في (غلبة خلق) اوجدها الخالق لتتفسخ البروتينات وتعود الى اساسيات عناصرها تصلح لبناء خلق جديد وهي عملية التحلل فمن يخرج تلك (السارية في الخلق) من وظيفتها انما فعل فعل (الجرح) أي (اجترح) كينونة غالبة في الخلق فكان فيها وعد الهي (سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) ففي النص لفظين (سواء .. و .. ساء) وهما من جذر (سيء) الا ان تبصرة النص وتدبر مقاصد رسالة الله سنعرف ان في (غلبة الخلق) (حاكم) و (محكوم) فمن (تحكم) بسريان نظم الخلق انما كان مجترحا للسيئات وان كان محكوما بسريان نظم الخلق كان من الذين (أمنوا) السوء من خلال (العمل الصالح) ... نرصد تلك الصفة في عملية التحلل البايولوجي للبروتينات (التخمير) فان كان العبد المكلف محكوما بتلك السنة في الخلق ترك فاعلية التخمير كما قام الله بتفعيلها في نظمه (الحق) وان قام العبد متحكما بتلك السنة وحجب الاوكسجين عن وعاء التخمير ليصنع الخمر فيشربه فهو انما اخرج وعاء التخمير من ساريته التي سنها الله فكان الوصف (اجتراح السيئة) فنتج الخمر في محيا السوء عند صنـّاعه وشاربيه
ما تقدم من سطور هو (معيار) عام غير مطلق يقوم بتعيير الصالح وغير الصالح في (سريان فاعلية) لـ (نظم الخلق الغالبة) التي تتصف بصفة الغلبة في فاعليتها في كل امر مخلوق تحسه مداركنا ويمثل لحياتنا (وعاء) تنفذ فيه انشطتنا من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وصناعة وزراعة وانجاب وعلائق مجتمعية واسرية ولا يستثن ذلك المعيار كل شيء مخلوق غالب في ساريته في الخلق ورغم انه معيار (عام) الا انه لا يمتلك صفة (مطلق) ذلك لان كل فاعلية في نظم الخلق (مسرى فاعلية) متخصص وعلى الباحث عن المعيار الصالح ان يدرك مسار ذلك الفعل ليتعرف على خارجة عليه
نستبصر في بصيرة فطرية من مراصد العقل البشري الى وسعة الانشطة المعاصرة التي تم تعييرها بمعايير صنعها البشر وما ادى ذلك الى كوارث تستعر يوما بعد اخر في كل شأن من شؤون الناس يتضح ان (طريقة الخلاص) تحتاج الى معيار وضعه (الخالق) وليس حزمة معايير وضعتها منظومة علم لا تعترف بالخالق ولا تضع له أي مؤثر في المادة العلمية وتطلب من الناس عبادة ما يقول العلم بعيدا عن الله في ادوية صنعت من مصدر ميت وليس من بروتينات حية ومن تأجيج طاقوي جعل الاجواء كلها مكهربة (يأجوج ومأجوج) وهم مفسدون في الارض ولا بد من العودة الى رسالة الله لاستخلاص معيار (حق) يرينا الحقيقة فنتبعها حين نقوم بـ (تأمين) انفسنا وانشطتنا في نظم خلق سارية غير مجترحة فيكون الوصف (الذين أمنوا وعملوا الصالحات) فهي ممارسة تطبيقية ولن تكون فعلا منسكيا في صوم او صلاة او زكاة بل هي منهجية (تصرف) نافذ ينجي الباحثين عن النجاة من السوء المجترح في سنن الخلق
تلك السطور انما هي تذكرة من عقل بشري لعقل بشري اخر ولن تنفع لتكون علما معرفيا مكتسبا فان قامت الذكرى في العقل الاخر نفعت المتذكر وان لم تقم الذكرى فلن تفتح بوابات العقل الا بتوفيق الهي اعلن بيانه في رسالة الله للبشرية
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
الحاج عبود الخالدي
تعليق