صحوة الخلاص الاسلامية بين الفهم والتطبيق
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
لا يستطيع احد القول ان المسلمين في خير باسلامهم ... ولا احد يجروء القول ان الاسلام ينصر المسلمين جمعا في هذا الزمان ... اللهم الا النصر فرادى لمن احسنوا في هذه الدنيا واتقوا بعد ايمانهم ... الانكفاءات الاسلامية ليست جديدة بل هي قديمة تمتد بجذورها الى الربع الاخير من حكم الدولة العباسية عندما حصل ضمور فقهي واضح وانتقلت الخلافة العباسية الى سامراء ففقدت المركزية الفقهية التي كانت متركزة في بغداد ومدارسها التي كانت عامرة وتم طعن الاسلام طعنة كبرى عند احتلال بغداد من قبل هولاكو مما تسبب في وهن فقهي كبير
لم تسلم الساحة الفقهية الرئيسية للفكر المذهبي الرئيس الذي رسخ في ربيع الفقه الاسلامي بل ظهرت فرق اسلامية فرعية نتيجة افكار متطرفة سواء كان تطرفا ايجابيا ممدوحا او سلبيا مقدوحا ادت في بعضها الى خروج من الاسلام مثل فرقة (البابية) ومنظرها المتطرف (الميرزا محمد الباب) في ايران وهو مسلم فقيه ارتد بسبب تطرفه وفرقة (اليزيدية) ومنظرها (عدي الاموي) وهو مسلم وبسبب تطرفه ارتد اتباعه في شمال العراق ... منظروا تلك الطوائف كانوا مسلمين اصلا ولكنهم على تطرف شديد اخرجهم من الاسلام واعلنوا هم خروجهم منه ... وهنلك فرق بقيت في الاسلام الا ان صفة التطرف فيها كانت ضمن ايجابية اسلامية وبقيت اسلامية مثل (الاسماعيلية) في الشام والهند والدروشة الرفاعية والطائفة الدرزية والفكر الوهابي والصفوية والقاديانيه ومسميات الغرض من سطرها ليس لاتهامها بالنقص او لمناقشة فكرها الخاص ولكن لغرض رسم صورة اسلامية معاصرة لتركيبة الجسد الجماهيري الاسلامي
المنظرون للمؤامرة العالمية الذين ملكوا ناصية عالمية (العولمة الخفية) والذين ظهر فعلهم كنتيجة واضحة في الثورة الفرنسية وقيام الدولة الحديثة في العالم اجمع يعرفون ان أي نصر اسلامي سوف يقوض بنائهم ويسقط انتصاراتهم وهم اليوم اسياد الارض وامرائها وكل الشعوب ما هي الا قطعان بشرية تسير وفق منهجيتهم التي يرسمونها ويفرضونها على الناس بخفاء تام ... في هذه الراصدة الفكرية البديهية نرى ان العداء بين تلك الفئة الخفية والاسلام عداء تكويني وليس عداء مرحلي منهجي ناتج عن احتكاك بين منظومتين حيث تكون بداهة العقل ان أي صحوة اسلامية (حق) سوف تجهض برنامج خلفاء ثوار باريس في امرين :
الاول : الانصياع الفكري الجماهيري الاسلامي في صحوة (حق) سوف يضع المسلمين في رعاية الهية مباشرة مما يصعب السيطرة على الجمهور المسلم والتحكم به لان ارادة الله سوف تكون (الاكبر) من ارادتهم وهم يعرفون الله جيدا ويعرفون الاسلام جيدا وفيه (ان الله يدافع عن الذين امنوا) فهم مثل ابليس يعرفون الله ويكونون للبشر غاويين ..!! الغاوي يعرف الله ويعرف قوانينه والمغفل يقول (انهم اضلونا) ولكن الحقيقة ان الانسان يظلم نفسه فيغوى وله (غاوي) ...
السيطرة على جمهور المسلمين من قبل الفئة الخفية توجب اخراج المسلمين من دائرة رعاية الله وقد برمج البغاة الغاوين الحياة المعاصرة على تلك الصيغة في برنامج الخليقة الذي يعرفون عنه الكثير فصنعوا صنما اسموه الدولة الحديثة (وطن) ومنحوه كثير من الصفات الخاصة بالله سبحانه وفرضوه على الناس فقام الشرك بالله وكانت نتيجته خروج الجماهير من رعاية الله فاصبحوا في رعاية الفئة الباغية يفعلون بهم ما يشاؤون ..!! ونحن نرى في الامس القريب وفي يومنا الكثير من نتائج تلك الخطة الخفية .. وبداهة العقل تقول ان اردت ان تستعبد عبدا ما عليك إلا ان تفك رابطة عبوديته بغيرك ليكون عبدا لك ...!!
الثاني : الصحوة الجماهيرية الاسلامية (الحق) تعني قيام دولة الاسلام وهي دولة تسحق كل باطل يقف في طريقها وذلك يعني انهيار النصر الذي حققته تلك الفئة الباغية التي تختفي خلف الحكومات ...
الحرب على الاسلام حرب ضروس استخدمت فيها وسيلة غاية في الذكاء بحيث برمجت الخطة ان يكون القضاء على الاسلام بوسيلة اسلامية وبخنجر اسلامي وهذا التخريج الفكري مستحلب من القرءان عند فهم برنامج (النفاق) المسطور في القرءان بصفته قانون في برنامج الخليقة ينطبق على التجمعات الانسانية في كل زمن .. فاذا كان ابو لهب في زمن الرسول عليه افضل الصلاة والسلام ففي زماننا ملايين (ابو لهب) لان ذلك برنامج في الخليقه يظهره الله في امثال قرءانية ...
النفاق الذي استخدمته الفئة الباغية ان قامت بتفعيل الصراع الفكري بين الطوائف الاسلامية نفسها من خلال مجندين يمتلكون اقلاما او مواقع كلام ومزامير مختلفة الالحان تجعل من النظرية الفقهية وسيلة للهجوم على الاخر فحصل ما يلي :
كل فرقة وكل طائفة لا تكتفي بالتنظير لافكارها كما كان زمن ربيع الفقه بل تسعى كل فرقة لاظهار العيوب الفكرية والعقائدية في الطوائف الاخرى وهجرت التنظير الفقهي الاصولي كما بدأ فاصبح اظهار العيوب وسيلة المتصارعين واختفى تقريبا التنظير الفقهي الاصولي الذي شهدته ولادة الفقه في الصدر الاول من الاسلام ..!!
كل طائفة تعلن عيوب متعددة في الاخر وبتبادل تلك الآلية اصبح الاسلام كله عيوب وبالتالي تعرض الاسلام الى طعنات متتالية من قبل حملته والمراقب المستقل لتلك الظاهرة سيجد ان العيوب المعلنة هي عيوب عقائدية وليس عيوب عادات او اخطاء مجتمعية او اخطاء في انشطة جماعية بل العيوب التي تعلن هي في مصب عقائدي مما جعل الاسلام موسوما بالعيوب في كتب صدرت في حاضرة اعداء الاسلام تحمل في طياتها عيوب منتقات من سوق العيوب الاسلامي فكل طائفة اسلامية تمتلك معرضا للعيوب في ذلك السوق وتعرض فيه عيوب الاخر على الملأ وهنلك مهرجانات لعرض العيوب في كل مكان ... فضاع الاسلام وبقي المسلمون يحملون اسمه
نعم ... ضاع الاسلام في مهرجان العيوب وبقي المسلمون يحملون اسمه .. ولا حول ... لان الله قد رفع حمايته عنهم والاسلام ضاع في المسلمين ولكنه لن يضيع في القانون الالهي المسطور في الذكر الحكيم وسيظهر الاسلام رغم قلة حملته الحقيقيون ...
فان كانت الصحوة الاسلامية ممكنة في العقل فهي تحتاج الى منهجية في التطبيق واهم مفصل من مفاصل المنهجية لصحوة (حق) هو احراق سوق العيوب والغاء مهرجان العيوب بين طوائف المسلمين ... وهل هذا ممكن ومزامير كثيرة مدفوعة الاجر تستخدمها الفئة الباغية بفاعلية مطردة ..!! الممكن في ادنى تطبيق هو صم الاذن عن كل عيب يطلقه الاخر وقل ربي قد اتيتك طائعا كيفما كان مذهبي فاني ذاهب اليك فقد ذهب ابراهيم الى ربه ليهديه ... وهو المذهب الحق فوق مذهبي كيفما يكون ... وسلام على المهتدين
(وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الصافات:99)
والقرءان ذكر ... عسى ان تنفع الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق