الجنة (بعد الموت) في الخطاب الديني ..!
من أجل تطبيقات دينية معاصرة
الخطاب الديني يكثر الحديث عن (الجنة) بصفتها حاوية الثواب الذي وعد الله به عباده الصالحين الا ان الخطاب الديني يرسخ ترسيخا مطلقا ان (الجنة) هي الثواب الواقع بعد الموت وقد ثبتت تلك الرواسخ العقائدية رغم انها تخالف نصوصا قرءانية مبينة
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً) (الكهف:35)
وحين يؤتى لفظ (جنة) في القرءان لربطه في حياة دنيا فان الخطاب الديني يمنحها صفة (المجاز اللفظي) وتبقى الجنة هي ثواب الاخرة (بعد الموت) وكأن الدنيا لا ثواب لها او ان الخطاب الديني يصف ثواب الدنيا بعيدا عن وصف الجنة وهنا قرءان مبين يوضح ان العمل الصالح له ثواب داني في دنيا وله ثواب عند تمامية العمل (الاخرة)
(فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:148)
ورغم ان كثير من الموارد العقائدية الموروثة تصف ان الثواب والعقاب يقع في الدنيا والاخرة (بعد الموت) الا ان وصف (الجنة) وضع حصرا في ثواب ما بعد الموت في مجمل الخطاب الديني مما جعل من الدين ضبابي البيان خصوصا عند طموحات الشباب الذين لا يفكرون بالموت الا قليلا وهم يسعون لملء يومهم بما يملأ طموحهم فالجنة هي وسيلة كبار السن في خريف العمر وحتى حين يفكر الشباب بما بعد الموت وثواب العمل فيه انما يحمل تصرفات سلبية تدفعهم الى التطرف الشديد حين تذهب مذاهبهم العقلية الى كسب ثواب ما بعد الموت بفاعليات سريعة حين تعجز عقولهم عن كسب ثواب الدنيا وذلك يحصل عند كثير من المتطرفين الانتحاريين الذين ينهون حياتهم في تهلكة جهادية طمعا في (جنة) اعدت لهم بعد الموت في سبيل الله ..!!
(إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (هود:119)
(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (الناس:6)
وهنا لفظ (جنة) يختلف عن ما هو مستقر في مقاصد الناس للفظ (جنة الثواب) وفي هذه التذكرة من (قرءان) سوف لن ينفع مراشدنا العقلية ان نلوي السنتنا في اللفظ لنذهب بعيدا عن مقاصد الله فالعرب يلوون السنتهم في الالفاظ ويقولون انها من عند الله
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:78)
عندما يطبق القرءان يكون الكتاب وقراءة القرءان هو واحد من تطبيقاته فالقرءان نزل من الله ليقرأ وحين يقرأ تبدأ عملية التطبيق فيكون الكتاب (وعاء النفاذ) وفيه فريقا من الناس يلوون السنتهم فيه
(إِنَّهُ لَقُرءانٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) (الواقعة:78)
لفظ جنة من بناء عربي فطري (جن .. جان ... جاني .. جنة ... جنات ... جنى .. يجني .. جناية .. جنين .. جين ... جنون ... مجنون .. و .. و ..) وجميعها الفاظ من خارطة لفظية واحدة من جذر (جن) واللسان العربي المبين حين يقوم بين يدي حامل القرءان فان بيان القرءان يكون في حيازة حامل القرءان
جن ... هو مخلوق تبادلي الاحتواء ومنها (جن عليه الليل) في مثل ابراهيم فالليل كان في تبادلية محتوى فكري عند ابراهيم ومنها (الجنة والناس) وهو ما يتم تبادل محتواه في صدور الناس من محامل الشر ومثله ما تبادل الناس محتواه في السوء فيكون في مصير جهنمي رغم ان الجنة لفظ خصصها الخطاب الديني وكأنها ثواب ما بعد الموت ووصفت بانها ذات بساتين واشجار وحور عين وولدان مخلدون واباريق وكل تلك المفاهيم كانت تصلح عند السابقين الذين (يؤمنون بالغيب) وهو كل شيء غائب عنهم اما اليوم ونحن في زمن العلم فكل شيء سجل حضورا علميا ولم يعد غائبا على عقول الناس فاصبح لزاما على حملة القرءان ان يفهموا قانون الله في الثواب والعقاب خصوصا عند النشيء الجديد الذي يتأثر كثيرا ببريق حضارة تدفع الناس الى تسارع في الطموح ليكونوا عتلات حضارية سرعان ما تستهلك ...
الجنة هي حاوية (جني الثمار) نتيجة العمل (الاخرة) فلكل عمل له (بداية) وله (نهاية) ويمكن ان نفهم نهاية العمل هي ءاخرته و (جني الثمار) يكون عند تمامية العمل فتكون الجنة هي الحاوية التي يحوي منها العامل خيرات عمله في اخر فاعلية عمله ... وهنا تختفي صفة (ما بعد الموت) خفاءا تاما وتقوم البنية العقلية على مدركات رصينة من قرءان يقرأ لمعرفة نظم الله في الثواب والعقاب
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (الزلزلة:7)
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة:8)
فالرؤيا رؤيا شر او رؤيا خير ستكون في نهاية العمل عند تماميته (يعمل) وعندها تظهر الجنة بموصوفاتها في زمن السعي (الحياة) وليس حصرا في زمن الموت
جنة الدنيا لا تنفي وجود جنة ما بعد الموت فكلاهما في قانون الهي الا ان الخطاب الديني شطب جنة الدنيا وجعل موصوف الجنة لما بعد الموت حصرا ومن تلك الصفة تصدع الخطاب الديني خصوصا عند النشيء الذي يتعامل مع الدين تعاملا منسكيا او قد يكون بعيدا عن الدين وبعيدا عن المناسك ايضا لان النشيء الجديد انما يمتلك ناصية عقلية لاثبات وجوده فيتسارع لديه الطموح ويريد اجرا ءانيا على فعله ولا يكترث بالاجر المؤجل الى بعد الموت
الخطاب الديني المعاصر اصبح معاصرا بتقنيات الاتصال الا ان موضوعية الخطاب لا تزال عتيقة وهي لا تمتلك مقومات مخاطبة جيل العلم خصوصا عندما تكون مادة الخطاب الديني مأتي بها من ماضي الانسان الذي لا يمكن تفعيله في زمن معاصر شأنه شأن أي شيء ماضي مثل صناعة الملابس مثلا فمن يأتي بمهنية صنع الملابس من الماضي فهي لا تصلح في زمن المكننة المعاصر ومثله الخطاب الديني في مثال توضيحي :
كان خطيبا يتحدث عبر مكبرات صوت بتقنية معاصرة ملأ بصوته الشوارع المحيطة بمنبره فيقول بما معناه (صلاة ركعتين في الجامع خير من صلاة الف ركعة في غيره) ..!! وخطيب اخر مثله يقول ( الصلاة في بيت المقدس افضل من مائة الف صلاة في غيره) ... ذلك الخطاب يتحدث عن (جزيل الثواب) الالهي الا انه (غير مرئي) فيكون الوصف معاكسا لنص قرءاني في من يعمل مثقال ذرة خيرا (يره) ففي ثواب الخطيبين ثواب لا يرى ولانه ثواب غير مرئي فيركن الى ما بعد الموت وتضيع الحقيقة على المصلي ولا يعرف اين تكمن (حاوية الجني) ليرى (جنة الدنيا) كما وعد الله المصلين
لا احد يعرف ماهية كينونة الصلاة المنسكية ومرابطها التكوينية ومثلها لم يكن يعرف البشر ان في جسم الانسان دورة دموية الا ان انسان اليوم سبر غور الحقيقة في كل شيء بين يديه ولم يكتفي بذلك بل ذهب ليكتشف الفضاء الفلكي الذي يكتنفه ..!! البعد الكبير بين الخطاب الديني والخطاب العلمي المعاصر جعل الدين هو مجرد مراسيم يؤديها حملته اما فاعلية الدين فاصبحت موقوفة (البيان) في ميدان فكري يصلح عند السابقين ولا يصلح بين يدي المعاصرين
جني ثمار الصلاة (جنة الثواب) جنة مهملة من قبل المصلين فالناس حين يصلون انما يطيعون الله ورسوله وكأن الله امبراطور عظيم يريد الناس ان يمتدحوه في صلاة او ان يركعون له ويسجدون فيزداد بهاءا وعظمة ..!! انها رجعية معرفية تعيد انسان اليوم الى مجاهيل اكل الدهر عليها وشرب كما ان حاجة الناس اليوم لمعرفة (ثمار جنة يومهم) ستجعل من مناسكهم تحت ناصية التأهيل لتصحيح ما هو خاطيء منها فلو عرف المصلون ان الصلاة في تكوينتها تفعل (كذا وكذا) فان المصلين سيكونون قادرين على تصحيح أي خطأ في صلواتهم حين (يرون) الخير من عمل الخير في جنة مرئية على طاولة علمية فيكون اسلام اليوم في هرمية تعلو كثيرا علوم اليوم فلو عرف المصلون ان الصلاة تحميهم من الفايروسات (مثلا) فان اصيب المصلي بفايروس مرضي سيعلم ان هنلك تصدع في منسك صلاته يستوجب البحث عنه لاعادة تعيير منسك الصلاة
(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:128)
الا ان احدا منا لا يرى مناسكه ورؤية المنسك لا تؤتى الا من خلال نتيجته كما هو (الطب السريري) حين يرى العلماء اثر الدواء في جسد مرئي حيث يكون (جني الثمار) في خير مرئي من عمل الخير و شر مرئي من عمل الشر فيتزن المسلم في دينه ويقوم بتطوير تطبيقات الدين دون ان يخضع الى (مخدرات المنابر) التي تخدر العقول حين تركن الثواب في (جنة) مأتية بعد الموت ..!!
تلك تذكرة عسى ان تنفع الذكرى
الحاج عبود الخالدي
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً) (الكهف:35)
وحين يؤتى لفظ (جنة) في القرءان لربطه في حياة دنيا فان الخطاب الديني يمنحها صفة (المجاز اللفظي) وتبقى الجنة هي ثواب الاخرة (بعد الموت) وكأن الدنيا لا ثواب لها او ان الخطاب الديني يصف ثواب الدنيا بعيدا عن وصف الجنة وهنا قرءان مبين يوضح ان العمل الصالح له ثواب داني في دنيا وله ثواب عند تمامية العمل (الاخرة)
(فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:148)
ورغم ان كثير من الموارد العقائدية الموروثة تصف ان الثواب والعقاب يقع في الدنيا والاخرة (بعد الموت) الا ان وصف (الجنة) وضع حصرا في ثواب ما بعد الموت في مجمل الخطاب الديني مما جعل من الدين ضبابي البيان خصوصا عند طموحات الشباب الذين لا يفكرون بالموت الا قليلا وهم يسعون لملء يومهم بما يملأ طموحهم فالجنة هي وسيلة كبار السن في خريف العمر وحتى حين يفكر الشباب بما بعد الموت وثواب العمل فيه انما يحمل تصرفات سلبية تدفعهم الى التطرف الشديد حين تذهب مذاهبهم العقلية الى كسب ثواب ما بعد الموت بفاعليات سريعة حين تعجز عقولهم عن كسب ثواب الدنيا وذلك يحصل عند كثير من المتطرفين الانتحاريين الذين ينهون حياتهم في تهلكة جهادية طمعا في (جنة) اعدت لهم بعد الموت في سبيل الله ..!!
(إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (هود:119)
(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (الناس:6)
وهنا لفظ (جنة) يختلف عن ما هو مستقر في مقاصد الناس للفظ (جنة الثواب) وفي هذه التذكرة من (قرءان) سوف لن ينفع مراشدنا العقلية ان نلوي السنتنا في اللفظ لنذهب بعيدا عن مقاصد الله فالعرب يلوون السنتهم في الالفاظ ويقولون انها من عند الله
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:78)
عندما يطبق القرءان يكون الكتاب وقراءة القرءان هو واحد من تطبيقاته فالقرءان نزل من الله ليقرأ وحين يقرأ تبدأ عملية التطبيق فيكون الكتاب (وعاء النفاذ) وفيه فريقا من الناس يلوون السنتهم فيه
(إِنَّهُ لَقُرءانٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) (الواقعة:78)
لفظ جنة من بناء عربي فطري (جن .. جان ... جاني .. جنة ... جنات ... جنى .. يجني .. جناية .. جنين .. جين ... جنون ... مجنون .. و .. و ..) وجميعها الفاظ من خارطة لفظية واحدة من جذر (جن) واللسان العربي المبين حين يقوم بين يدي حامل القرءان فان بيان القرءان يكون في حيازة حامل القرءان
جن ... هو مخلوق تبادلي الاحتواء ومنها (جن عليه الليل) في مثل ابراهيم فالليل كان في تبادلية محتوى فكري عند ابراهيم ومنها (الجنة والناس) وهو ما يتم تبادل محتواه في صدور الناس من محامل الشر ومثله ما تبادل الناس محتواه في السوء فيكون في مصير جهنمي رغم ان الجنة لفظ خصصها الخطاب الديني وكأنها ثواب ما بعد الموت ووصفت بانها ذات بساتين واشجار وحور عين وولدان مخلدون واباريق وكل تلك المفاهيم كانت تصلح عند السابقين الذين (يؤمنون بالغيب) وهو كل شيء غائب عنهم اما اليوم ونحن في زمن العلم فكل شيء سجل حضورا علميا ولم يعد غائبا على عقول الناس فاصبح لزاما على حملة القرءان ان يفهموا قانون الله في الثواب والعقاب خصوصا عند النشيء الجديد الذي يتأثر كثيرا ببريق حضارة تدفع الناس الى تسارع في الطموح ليكونوا عتلات حضارية سرعان ما تستهلك ...
الجنة هي حاوية (جني الثمار) نتيجة العمل (الاخرة) فلكل عمل له (بداية) وله (نهاية) ويمكن ان نفهم نهاية العمل هي ءاخرته و (جني الثمار) يكون عند تمامية العمل فتكون الجنة هي الحاوية التي يحوي منها العامل خيرات عمله في اخر فاعلية عمله ... وهنا تختفي صفة (ما بعد الموت) خفاءا تاما وتقوم البنية العقلية على مدركات رصينة من قرءان يقرأ لمعرفة نظم الله في الثواب والعقاب
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (الزلزلة:7)
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة:8)
فالرؤيا رؤيا شر او رؤيا خير ستكون في نهاية العمل عند تماميته (يعمل) وعندها تظهر الجنة بموصوفاتها في زمن السعي (الحياة) وليس حصرا في زمن الموت
جنة الدنيا لا تنفي وجود جنة ما بعد الموت فكلاهما في قانون الهي الا ان الخطاب الديني شطب جنة الدنيا وجعل موصوف الجنة لما بعد الموت حصرا ومن تلك الصفة تصدع الخطاب الديني خصوصا عند النشيء الذي يتعامل مع الدين تعاملا منسكيا او قد يكون بعيدا عن الدين وبعيدا عن المناسك ايضا لان النشيء الجديد انما يمتلك ناصية عقلية لاثبات وجوده فيتسارع لديه الطموح ويريد اجرا ءانيا على فعله ولا يكترث بالاجر المؤجل الى بعد الموت
الخطاب الديني المعاصر اصبح معاصرا بتقنيات الاتصال الا ان موضوعية الخطاب لا تزال عتيقة وهي لا تمتلك مقومات مخاطبة جيل العلم خصوصا عندما تكون مادة الخطاب الديني مأتي بها من ماضي الانسان الذي لا يمكن تفعيله في زمن معاصر شأنه شأن أي شيء ماضي مثل صناعة الملابس مثلا فمن يأتي بمهنية صنع الملابس من الماضي فهي لا تصلح في زمن المكننة المعاصر ومثله الخطاب الديني في مثال توضيحي :
كان خطيبا يتحدث عبر مكبرات صوت بتقنية معاصرة ملأ بصوته الشوارع المحيطة بمنبره فيقول بما معناه (صلاة ركعتين في الجامع خير من صلاة الف ركعة في غيره) ..!! وخطيب اخر مثله يقول ( الصلاة في بيت المقدس افضل من مائة الف صلاة في غيره) ... ذلك الخطاب يتحدث عن (جزيل الثواب) الالهي الا انه (غير مرئي) فيكون الوصف معاكسا لنص قرءاني في من يعمل مثقال ذرة خيرا (يره) ففي ثواب الخطيبين ثواب لا يرى ولانه ثواب غير مرئي فيركن الى ما بعد الموت وتضيع الحقيقة على المصلي ولا يعرف اين تكمن (حاوية الجني) ليرى (جنة الدنيا) كما وعد الله المصلين
لا احد يعرف ماهية كينونة الصلاة المنسكية ومرابطها التكوينية ومثلها لم يكن يعرف البشر ان في جسم الانسان دورة دموية الا ان انسان اليوم سبر غور الحقيقة في كل شيء بين يديه ولم يكتفي بذلك بل ذهب ليكتشف الفضاء الفلكي الذي يكتنفه ..!! البعد الكبير بين الخطاب الديني والخطاب العلمي المعاصر جعل الدين هو مجرد مراسيم يؤديها حملته اما فاعلية الدين فاصبحت موقوفة (البيان) في ميدان فكري يصلح عند السابقين ولا يصلح بين يدي المعاصرين
جني ثمار الصلاة (جنة الثواب) جنة مهملة من قبل المصلين فالناس حين يصلون انما يطيعون الله ورسوله وكأن الله امبراطور عظيم يريد الناس ان يمتدحوه في صلاة او ان يركعون له ويسجدون فيزداد بهاءا وعظمة ..!! انها رجعية معرفية تعيد انسان اليوم الى مجاهيل اكل الدهر عليها وشرب كما ان حاجة الناس اليوم لمعرفة (ثمار جنة يومهم) ستجعل من مناسكهم تحت ناصية التأهيل لتصحيح ما هو خاطيء منها فلو عرف المصلون ان الصلاة في تكوينتها تفعل (كذا وكذا) فان المصلين سيكونون قادرين على تصحيح أي خطأ في صلواتهم حين (يرون) الخير من عمل الخير في جنة مرئية على طاولة علمية فيكون اسلام اليوم في هرمية تعلو كثيرا علوم اليوم فلو عرف المصلون ان الصلاة تحميهم من الفايروسات (مثلا) فان اصيب المصلي بفايروس مرضي سيعلم ان هنلك تصدع في منسك صلاته يستوجب البحث عنه لاعادة تعيير منسك الصلاة
(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:128)
الا ان احدا منا لا يرى مناسكه ورؤية المنسك لا تؤتى الا من خلال نتيجته كما هو (الطب السريري) حين يرى العلماء اثر الدواء في جسد مرئي حيث يكون (جني الثمار) في خير مرئي من عمل الخير و شر مرئي من عمل الشر فيتزن المسلم في دينه ويقوم بتطوير تطبيقات الدين دون ان يخضع الى (مخدرات المنابر) التي تخدر العقول حين تركن الثواب في (جنة) مأتية بعد الموت ..!!
تلك تذكرة عسى ان تنفع الذكرى
تعليق