علما ، وفقها ، وبحثا ، وحكمة ،وهداية
أن نذكرهم ونذكر الأجيال بهم لما أورثونا من علم ننتفع به الى يومنا هذا
وما عرف عنهم في زمانهم من صلاح
وورع وصدق وأمانة والدقة المتناهية في مراجعة متن الحديث
حيث تمر هذه الأيام ذكرى وفاة الامام الصادق (ع)
في الخامس والعشرين من شوال سنة 148 هجرية
نعزي انفسنا والمؤمنين كافة برحيل علم من أعلام بيت النبوة
ودفن في المدينة المنورة في مقبرة البقيع قرب أبيه
الأمام محمد الباقر (ع)
وفي هذه المناسبة نمر مرورا سريعا على مآثر ومناقب صاحب الذكرى
وقد تتلمذ في مدرسة الأمام في زمانة العديد من علماء الأمه وعلى رأسهم النعمان
والذي قضى سنتين من الدراسة في مدرسة الأمام الصادق (ع) وهو القائل
( لولا السنتان لهلك النعمان )
ومدرسة الأمام الصادق (ع) جديرة بالأهتمام ولعلها خافية على كثير من الناس
الذين يتعطشون للأطلاع الواسع على مثل هذه العلوم طبيعية وغير طبيعة من المنبع الصافي
والمنهل الأصلي المنزل من الباري جل جلاله
الذي حباه العلم من جميع جوانبه
وفتح له أبوابه ، فليس وراء التدبر في علمه الا السعاده والأكتفاء
لأن الأمام الصادق (ع) ما ترك شيء الا وتحدث به وبينه لنا
وما علينا سوى التعرف على مغزى علمه وأحاديثه النورانية والعلمية
التي وجه بها كافة المستويات البشرية ليستفيدوا منها ويجعلونها ضوءا
يسيرون به نحو مستقبل واع ومسؤول يخدم الناس كافة ويهدي الى صراط مستقيم
وهو القائل (ع) :
ألا أخبركم بالحسنه التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة
والسيئة التي من جاء بها كبه الله لوجهه في النار ؟
قالوا بلى يا ابن رسول الله
قال : الحسنه حبنا والسيئة بغضنا .
وعن الأمام الصادق (ع)
قال : ( قال رسول الله (ص) : من أعان مؤمنا نفس الله عز وجل عنه
ثلاثا وسبعين كربة ، واحدة في الدنيا وثنتين وسبعين كربة عن كربه العظمى
قال: حيث يتشاغل الناس بأنفسهم)
وقال (ع) ( ان من الكبائر عقوق الوالدين ، واليأس من روح الله ، والأمن لمكر الله )
مكر الله : أي عذابه وأستدراجه وامهاله عند المعاصي.
وعن الأمام الصادق (ع)
قال لخيئمة ( يا خيئمة اقرأ موالينا السلام واوصهم بتقوى الله العظيم وأن يعود غنيهم
على فقيرهم وقويهم على ضعيفهم وأن يشهد أحيائهم جنائز موتاهم
وأن يتلاقوا في بيوتهم فان لقاءهم حياة لأمرنا ، ثم رفع يده فقال : رحم الله من أحيا أمرنا )
وقال (ع) ( اذا كانت لك حاجة فاغد فيها ، فان الأرزاق تقسم قبل طلوع الشمس
وأن الله تعالى بارك لهذه الأمة في بكورتها ، وتصدق بشيء عند البكور ، فان البلاء لا يتخطى الصدقة)
وقال (ع) ( اذا صليت صلاة فريضة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف أن لا يعود اليها أبدا ، ثم أصرف ببصرك
الى موضع سجودك ، فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لأحسنت صلاتك ، وأعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه )
وعن الأمام الصادق (ع) قال: ( اذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين )
وفي علوم الكون والفلك قال الأمام الصدق (ع) لتلميذه النجيب المفضل:
فكر يا مفضل فيما خلق الله عز وجل
عليه هذه الجواهر الأربعة ليتسع ما يحتاج اليه منها
فمن ذلك سعة هذه الأرض وامتدادها
فلولا ذلك كيف كانت تتسع لمساكن الناس
ومزارعهم ومراعيهم ومنابت اخشابهم وأحطابهم
والعقاقير العظيمة والمعادن الجسيم غناؤها.
ولعل من ينكر هذه الفلوات الخاوية والقفار الموحشة .
فيقول : ما المنفعة فيها ؟
فهي ماوى هذه الوحوش ومحالها ومراعيها .
وعن أبان بن تغلب ، قال كنت عند الأمام الصادق (ع)
اذ دخل عليه رجل من أهل اليمن فسلم عليه
فرد عليه السلام فقال له : مرحبا يا سعد .
فقال له الرجل : بهذا الأسم سمتني أمي ، وما أقل ما يعرفني به.
فقال له الأمام الصادق (ع) : صدقت يا سعد المولى
فقال الرجل : جعلت فداك بهذا كنت القب .
فقال له الأمام الصادق (ع) : لا خير في هذا اللقب
ان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه :
(وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ) الحجرات 11
وعن أبن يعفور قال :
سالت الأمام الصادق (ع) عن أختلاف الحديث يرويه من نثق به
ومنهم من لا نثق به .
قال : اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول
رسول الله (ص) والا فالذي جاءكم به أولى به .
وينقل الشيخ المفيد عن الأمام الصادق (ع)
قوله أن الله سبحانه وتعالى عندما يبقض روح انسان ، يبعثها في الجنة
بنفس الشكل الذي كانت عليه في الدنيا .
وينقل صاحب (الكافي ) عن أبي ولاد الحناط أنه سأل الامام الصادق (ع)
عن شكل أرواح المؤمنين ، فقال الامام (ع)
أنها تأخذ نفس الأشكال التي كانت عليها في الدنيا
وأن أرواح المؤمنين تتجمع على شجرة في الجنة لتتعارف فيما بينها
وتسأل كل منها عن الآخرين ، وكلما التحقت بها روح جديدة ، قالت الأولى
أفسحوا لها ، فانها قادمة من الأهوال والخوف العظيم .
وفي (الأحتجاج ) ورد أن هشام بن الحكم سأل الامام الصادق (ع)
عن الروح ، هل تفنى بعد خروجها من قالبها
( الجسد ) أم أنها تبقى ؟
فاجابه الامام (ع) أن الروح تبقى حتى ينفخ في الصور وعندها يبطل كل شيء
فلا يبقى حس ولا محسوس ثم يعود كل شيء الى أصله الذي خلقه الله عليه .
ثم يقول الله عز وجل( لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) فيجيب هو بالقول( اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ )
ولامامنا الصادق (ع) بحر زاخر من العلوم في الطب والكيمياء والفيزياء والفلك والفقه والأصول
فمدرسة الأمام الصادق (ع) مدرسة العلوم الجامعة والتي غايتها سعادة العباد في الدارين
السلام عليك سيدي ومولاي يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا
تعليق