العملة الورقية صفة شيطانية 2
من اجل حضارة أسلامية معاصرة
انتشرت العملة الورقية (البنكنوت) في بدايات القرن التاسع عشر وكانت القفزة الاولى لنشر تلك الوسيلة التبادلية قد تمت بموجب مسرحية مفبركة بين الحكومة البريطانية واحدى المؤسسات المالية ذات العروق اليهودية المحض وسرعان ما تحولت تلك الاوراق السحرية الى وسيلة الدولة المعاصرة في إحكام سيطرتها على اموال الجماهير (الشعب) بحيث اصبحت تلك الاوراق فيما بعد تمثل وسيلة التبادل السلعي والخدمي بشكل مطلق تحت همينة كهنة فرعون الجدد في دولة حديثة لم يكن لها وجود في النشاط الانساني ... استسهل الجمهور تلك العملة في حيازتها او خزنها او في تناقلها كما استسهل ثبات الصرف النسبي (اليومي) فيها والقبول العام لها وبالتالي اصبحت الجماهير مطية خطة خفية مالية اقتصادية تحوكها فئة تعتمد سبل سيطرة غير مرئية على الجماهير كهدف مركزي من اهدافها وصولا الى مركزية اهدافها في إستعباد البشر في كل مكان (إستثمار الإنسان) .
من اهم الصفات التبادلية بين إنسان وإنسان هي (المنفعة) بحيث تتم تبادلية المنفعة بين الآدمين وفق نظام كوني يخص الانسان حصرا بصفته قادرا على صناعة المنفعة بما يختلف عن الحيوان الذي لا يستطيع صناعة المنفعة لنفسه او لغيره فالحليب الذي تنتجه الابقار ليس لغرض صناعة اللبن منه بل هو لغرض رضاعة صغار الابقار ومثله بيض الدواجن فالدواجن تبيض للانجاب وليس ليكون للانسان ومثلها حبات القمح والرز والشعير وبقية الغلة الزراعية فالمخلوق النباتي ينتجها لغرض تكاثري وليس لتكون غذاءا للانسان ومثلها مخلوق النحل الذي يصنع العسل غذاءا احتياطيا له وليس لتغذية البشر ... الله سبحانه منح الانسان القدرة على تصنيع المنفعة من خلال تدجين تلك المخلوقات وتقديم الخدمات لها في علفها ودفئها او في انبات البذور وحرث الارض وسقاية النبات والشجر .
العملة الورقية تسجل خروجا كبيرا على سنة الخلق في فقدان صفة المنفعة التكوينية التي فطرها الله في الانسان وتم تأمين (منفعة مفترضة) في قيمة العملة الورقية ثبت كذبها ثباتا مطلقا في مسلسل قاسي بدأ مع بداية الثورة البلشفية في روسيا القيصرية عندما انهارت العملة بيد الجمهور نتيجة لعبة سيئة الصيت لعبتها مؤسسة لنكولن اليهودية ..!! واستمر مسلسل الضحك على الذقون في المانيا النازية ومن ثم وسط اوربا ولا يزال يتعرض البشر في كل بقعة من بقاع الارض وفي كل وطن من الاوطان الى ابتزاز الثروة الشخصية من جيوب الجماهير بين الحين والحين في ابشع صورة تسلطية على الانسان الحر وفي اسوأ صفة يتصف بها العالم المتمدن ..!!
العملة الورقية لا تحمل قيمتها السلعية معها وهي صفة مركزية في تبادلية المنفعة التكوينية فيكون قبولها جماهيريا هو خروج على سنن الخلق (شيطنة) واسقاط حق انساني منحه الله للبشر في كل زمان ومكان وجعل له وسيلته التي استنها الله فخلق الذهب والفضة كعنصرين مخصصين للانفاق وقد اكد الله ذلك المفصل في خارطة الخلق كما رسمها الخالق العظيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة:34)
رهبان وأحبار ... كثير منهم يأكلون أموال الناس بالباطل ... صفتهم انهم يكتنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في (سبيل الله) وتلك هي صفة كثير من المؤسسات المالية المرتبطة بالدولة الحديثة والتي تكتنز معدني الذهب والفضة والتي جعل الله لها (سبيل) وهو ان تكون للانفاق فكان العقل في القرءان يمسك (سبيل الله) من خلال استخدام معدن الذهب والفضة للتبادل السلعي ..!! النظام المالي التسلطي لا يسمح بتكديس الذهب والفضة بين ايدي الجمهور خوفا من انقلابه الى وسيلة تبادلية سلعية (تبادل منفعة تكويني) فتسعى تلك المؤسسات الى سحب أي خزين لدى الجمهور من خلال شرائه بشكل دائم منذ اليوم الاول لظهور العملة الورقية ليومنا المعاصر وبين الفينة والفينة تفتعل تلك المؤسسات المالية ازمات ترفع من خلالها قيمة الذهب والفضة مقابل ورق مطبوع ..!! لكي تحرم الجماهير من حيازتها التكوينية وقد تم تأمين نظام مصرفي يساعد على تجميع الذهب والفضة في مراكز مالية مسيطر عليها بقرارات مباشرة من الدولة ومن ثم الحصول على دعم مالي ورقي تحت حجة غطاء ائتمان بنكنوني بل هو كهنوتي (رهبنة) ذهبية فضية يذكرنا بها القرءان ويمنح عقول حملته حجم الخطر الذي يحيق بهم من فعل خارج سنن الخلق (شيطنة) . ولعل عقل قاريء القرءان يدرك وسيلة التذكير القرءانية عندما يكون على يقين ان الذهب والفضة مادة كونية لا تؤكل ولا يمكن ان تكون ثيابا بل حصرا تقع في (تبادلية المنفعة) وهو (سبيل الله) فلو كانت طعاما في سبيل الله لعرف العقل ان الله يقصد في سبيله هو اطعام الجياع الا ان الاية هي آية اقتصادية تكوينية .. الناس عنها غافلون .. فيكون سبيل الله هو في استخدامها سلعة تبادلية (الإنفاق) وفق منظومة التكوين
رب تساؤل يثور في عقل متابع فاضل لهذه الاثارات عن (هل الذهب والفضة) كمعدن يكفي لتغطية حاجات الناس المتصاعدة ..!! الجواب يعرفه ذوي الاختصاص المالي والاقتصادي حيث تعتبر العملة ذات الصفة التبادلية مرتبطة بحجم التبادل السلعي وغنى الأمة (وعائها المالي) ... فلو افترضنا ان في مجتمع بشري تعداده 10 مليون نسمة يمتلك 10 طن من الذهب حيث ستكون الكتلة الذهبية تلك مؤشر قيمة (تبادل المنفعة) في ذلك المجتمع فيكون سعر السيارة (مثلا) وفق ذلك الثابت بـ (500 غم) من الذهب ... لو كان خزين الذهب بيد نفس الجمهور (5 طن) وليس (10 طن) من الذهب لاصبح سعر السيارة (250 غرام) من الذهب وليس (500 غرام) ... تلك سنن تكوينية ولكن نتيجة غفلة الناس يتلاعب بها منظري الدولة الحديثة من خلال صلاحيات اصدار العملة فيحصل ما يسمى (التضخم) الذي يتلاعب بالبشرية اسوأ لعبة عرفها تاريخ البشر حجما وشراسة لانها تصل الى ثوب الفقير ولقمة عيشه فتسلب الفقراء قوتهم اليومي وان تسلب الاغنياء شيئا كبيرا من اموالهم الا ان الفقراء هم الاغلبية الساحقة بالتالي تتحول لتكون الغالبية المسحوقة بموجب خطط (لا انسانية) تنفذ في (مجتمعات انسانية) والبشر في غفلة عنها ...
يستطيع البشر ان يضع للتعاملات البسيطة (المنفعة الصغيرة) عملة اكثر وفرة وهي في معدن النحاس (مثلا) وبما يعادل قيمتها المعدنية (وزن النحاس) وهذه طريقة كانت سائدة لغاية ما بعد منتصف القرن الماضي الا ان التضخم المستمر للعملة الورقية الشيطانية افقد تلك العملة حضورها واختفت تدريجيا ونظن ان لا وجود لها الان بين البشر ... ينتقل الانسان بطبيعته الى نوع من المنفعة يتصف بصفة (الوسط) في التبادليات السلعية فتكون في عملة الفضة وهو معدن اكثر وفرة في الارض من الذهب واقل من النحاس بموجب تصميم الهي حكيم ليغطي تعاملات الناس الوسطية ويمكن خلط الفضة مع فلزات ارخص لتوسيع دائرة الوسطية في تبادل المنفعة بين الناس .. بعدها يكون الذهب وسيلة السلع التبادلية التي تعبر سقف الوسطية ...
الخروج من سنن الخلق (شيطنة) وعندما يتم تفعيل الشيطنة ويكون لها نتاج يكون (شيطان) وتلك عربية بسيطة مع العقل والعملة (شيطان) والناس لا يعرفون الشيطان والله يصفه انه مبين
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي ءأدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يّـس:60)
وما هو العهد ..؟؟ وكيف عاهد الله بني ءادم ..؟ .. انها ببساطة ولا تحتاج الى خبراء في علم النفس او مختبرات .. العهد هو عقل الانسان الذي خلقه الله في بني ءأدم ونقرأ العهد في العقل لا غير ... (لا يقوم الافتراض بديلا عن اليقين) وتلك فطرة عقل وعهد (عقل) بشري مع خالقه الذي خلقه وصممه هكذا لا يقبل بالفرض بديلا عن اليقين ويسمونها اهل الكلام (بديهية عقل) وذلك عهد بين (العقل وخالقه) فكيف عبد البشر (بني ءأدم) العملة الورقية على اساس قيمة افتراضية فيها ..!! انها خيانة العهد مع العقل لو يعلمون ..!! وان العملة البشرية شيطان لو يعلمون ..!! بل هو مبين لو كانوا يعلمون ..!! والناس يقلبون سريان فاعليتهم كلها الى عملة الورق .. فالرز بورق والقمح بورق والاجر بورق والغلة بورق وكل نشاط انساني ينقلب سريانه الى شيطان اسمه (العملة الورقية) وهو مبين وبنص قرءاني وهو مفهوم العبودية (قلب سريان نتاج القبض) فالعبد المملوك لسيده عندما يحتلب البقرة ويقبض حليبها يقلب سريان قابضته في الحليب الى سيده المالك وتلك في الفهم موضوعية العبادة وهو الذي يحصل بين الجمهور وشيطان اسمه العملة الورقية فكل فعل ونشاط ينقلب سريان القابضة فيه الى ورق ملون مطبوع ..!! ومن لا يدرك هذا البيان فان القرءان يصف تلك الصفة بالضلال
ورب تساؤل يثور وهل للذهب والفضة والنحاس وسيلة استبدال العملة الورقية وجواب ذلك تقنيا في معالجة سهلة وميسرة من خلال وضع قيمة العملة على شكل شريط مرن بين ثنايا عجينة الورق لتكون الورقة حاملة لقيمتها من الذهب على شكل شريط بداخلها وهي لا تحمل كذب وزيف الاوطان التي تستعبد مواطنيها فمثل تلك العملة لا تسقط على حدود الوطن كما تسقط عملات اليوم ..!!!
اكبر كارثة استعبادية تعرض لها الانسان المعاصر هو شيطنة العملة الورقية حيث استطاعت الفئة الباغية التي تسلطت على الارض بعد نجاح ثورتها الاولى (الثورة الفرنسية) وسرت في الارض تستعبد البشر في كل مكان حتى اكتملت وملئت ظلما وجورا واستحكم الظلم والجور في الناس اجمعين ولا ينفلت من ذلك السلطان احد .
لو اراد احدنا ان يشتري خروفا بالذهب فلن يجد من يبيعه ولو اراد احدهم ان يشتري ثوبا بالفضة فلن يجد من يبيعه ..!! انها كارثة تحت عنوان (ملئت ظلما) وان لم يجعل الله للمؤمنين مخرجا فان المؤمنين يعبدون شيطانا اسمه العملة الورقية ولو اراد احد المؤمنين ان ينفر من العملة ليكون درويشا في الاحراش يأكل من عشب الارض فانه سيحتاج الى ما يستر عورته وهي لا تتوفر الا بوسيلة عملة ورقية ... وهنا الضجيج الى الله ... اللهم انت لطيف بعبادك ..!!
تلك ثورة ذكرى فمن شاء ذكر ومن شاء فلينهل من بنكنوت الدنيا منهلا يرضيه
الحاج عبود الخالدي
تعليق