أشرق في قلبه سرور تقر له عينه..
وحرك في داخله شعور بالسعادة وطمأنينة لنفسه الحائرة ..
عقب مخاضات
عقب مخاضات
ولادة الفجر حين يتنفس ما وراء الأفق البعيد ....
فشرب شهقاته المسترسلة عتمة أطراف الليل :
لا تكاد تدرك أسحاره العجيبة ...!
في مثل هذا الوقت ...
تشتاق روحه لأن يجلس تحت فيء الشجرة....
وأجمل ما يحب أن يراه :
شعاع الشمس المرسل من بين نوافذ السحب المتناثرة هنا و هناك
مثل خراف ترعى الأعشاب في السماء..!
تدفقت من داخله ..
التأملات والدهشة ..، فوشحت نفسه سعادة روحية خالصة
قطرات من الندى المفضض بلون الشمس ..!
سقطت فوق شعر رأسه..، تزحلق بعضها لتنزز ببرودتها
الطلل بويصلاته لتنعشها ..!
فراشة هيمانه ..
تبحث عن زهرة بين خيوط الفجر ..! خطفت أمامه فأستنشق
ما علق بجناحيها من عطور مسك الأقحوان فدخل هيلها صدره
تبسمت الشمس ..!
فبان بساط الأرض السندسي الاخضر...، و تساقط الندى المدرار
من بين أغصان شجرة الحاج مرزوق ...، فسقطت على وجنته
سالت مثل دمعة فرح طال أنتظارها ..!!
هكذا أعتاد الحاج مرزوق على مصافحة الفجر
وأستنشاق بخوره النوراني الفائح من أعماق الأرض ..!!
كم تبدو جميلة وفاتنة جنينة الحاج مرزوق..!
حين شتل فيها الربيع أزهاره .. عرائسا ..!
تمنح لمن يهب الأرض..
جمالا .. وطهرا.. وعطورا مرشات في الأثير ..!
كانت قد عنى بها الحاج مرزوق فمنحها سمادا روحيا من محبته
ولأنها تمتلك محبتها أعماقه .. فقد أحبها.. حتى صارت مدرسته الجميلة
تعلم منها...
كيف يتعامل بلطف و رقه مع الجمال ، و ان جرحته شوكة ..!
و لأنه طيب جدا ..
فلقد حنى بنفسه ...على شتلاتها الصغيرة الوديعة ...
فأعطت زهورا أخرى زرقاء..حمراء.. ومن البنفسج واليانسون..
وأعطت كذلك ...
عنبا ..و آسا ...و عسلا ..، حين ترعرعت و كبرت
أصطفت كراديس ملائكة ترتدي الاستبرق ..!
فكانت في بيت الحاج مرزوق .. كتابا أخضر..!
حين يدنو منها ليمنحها عطفا !
تحدق اليه مبتسمه بعيون كحيلة بالزيت والياسمين،،!
فتزدهر منه الروح .. تطير ..تحلق..تتسلق اللبلاب ..!!
حتى أعشاشها الصغيرة ..
يرعاها ..، ما نساها الحاج مرزوق يوما .. يتفقدها مثل أم حنون..!
وحين مرضت ذات يوم قرنفلة ، غام في عينية كل هذا النعيم..
و راح يشافيها ..، يدهنها مرهما من روحه ..
و يعطيها همسا آخر أجمل من كل ترانيم السواقي والغدران ...
يحرسها من أرواح الأبالسة ...!
وحين يقرب تلك القرنفلة المريضة من شفتيه يبدو لمن رآه نظير ظامىء
و هو يحدق الى حافة الكأس المترعة بماء زمزم...
هكذا كان يحنو عليها الحاج مرزوق يحبها و تحبه .. ويتكلم معها بلغات
نباتية فريدة أقرب الى التسبيح والمناجات بروح فارحة .
تعليق