عذاب السعير واسعار سعرات الحرارة في قرءان يقرأ
من أجل قرءان يقرأ بلسان عربي مبين
ورد لفظ (السعير) في القرءان مرتبطا بصفة العذاب سواء جاء اللفظ في (عذاب السعير) او (اصحاب السعير) او جاء لفظ (سعيرا) كصفة من صفات العقاب
(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً) (الفتح:13)
(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (فاطر:6)
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) (لقمان:21)
وجاء لفظ السعير من بناء (سعرت)
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) (التكوير:12)
البناء العربي للفظ السعير ومن فطرة ناطقة بسيطة يتضح انه من جذر (سعر) ومن ذلك الجذر يبدأ البناء (سعر .. سعير ... سعرت ... سعرات ... سعار .. اسعار .. سعرية ... مسعرة ... مسعورة ... مسعور .. مستعر ... و ... و ...) ويظهر بوضوح بالغ ان اللفظ يحمل مقاصد عقلية بشرية تظهر من خلال دلالات ناطقة من مصدرية فاعلية عقل ناطق انطقه الله بموجب نظم خلق لها بيان قرءاني مبين .... جذر لفظ (سعر) جيء به على عربة عربية واضحة في مفاهيم مختلفة وظيفيا متحدة قصدا وهي :
1ـ السعير بصفته عقاب ـ عذاب السعير ... سعيرا ... اصحاب السعير
2 ـ السعر بصفته ثمن الاشياء ... سعر السيارة او سعر السلعة او سعر خدمة (سعر العمل)
3 ـ السعرة ... بصفتها وحدة قياس طاقوية للحرارة الغذائية
4 ـ المسعور تحت قصد تصرفات مرضية عدوانية شرسة تصيب الكلاب وبعض حيوانات الدم الحار فيقال كلب مسعور او حصان مسعور
5 ـ مستعر وهو لفظ يستخدم لوصف نفاذية النار او الحرارة فيقال نار مستعرة او حرارة مستعرة او يقال حر شمس مستعر وجاء في القرءان (واذا الجحيم سعرت)
6 ـ سعير مستعر ... لوصف غير النار والحرارة مثل ثورة مستعرة او يقال سعير فتنة كبيرة او يقال سعير حرب ضروس
اكثر الالفاظ استخداما بين الناس للفظ (سعر) هو في اسعار السلع والمنازل وكل شيء تبادلي المنفعة كتسعيرة العمل او النقل او تسعيرة خدمات المحامي او الطبيب او غيره ورغم ان الاستخدام الوظيفي للفظ (سعر) مختلف الا ان وحدوية المقاصد العقلية تكون ملزمة للعقل ذلك لان الخارطة الحرفية لجذر (سعر) متحدة الترابط وبالتالي توجب الاعتراف (عقلا) باتحاد المقاصد كما سنرى في هذه السطور وكما رأينا تلك الصفة في اللسان العربي المبين مع طروحات لفظية نشرت في صفحات هذا المعهد ولا نزال في طور ترسيخ اتحاد المقاصد العقلية كنتيجة لاتحاد خارطة الحرف اللفظية رغم اختلاف الاستخدام الوظيفي المتعدد لجذر لفظ عربي واحد
عندما تكون خارطة الحرف لاي لفظ محورا مركزيا في رشاد العقل فان علم الحرف القرءاني هو المسرب الوحيد الذي يفك الغاز خارطة الحرف اللفظية حيث يستحلب معنى الحرف الواحد من قرءان الله وليس من راي عقل ناطق وبالتالي تقوم الحاجة الى اظهار نتيجه بيان المقاصد العقلية للفظ ما يكون في حاجة الباحث ضمن منهجية علم الحرف القرءاني ومن تلك النتيجة المعلنة من (علم الحرف) نقرأ لفظ (سعر) او غيره بموجب منهجية الحرف القرءاني في مقاصد عقلية تظهر حركتها على عربة العربية فيكون اللسان العربي مبين (واضح) وان كان من حيث النتيجة دون التفاصيل حيث يبقى منهج علم الحرف القرءاني غير معلن على صفحات المعهد الى يوم يحتشد فيه حشد مؤمن يؤمن بضرورة فهم القرءان في زمن قرائته فيقومون باعادة الفاظ النطق الى (اوليات) العقل وليس الى تاريخ الالفاظ عربيا ومن خلال ذلك الحشد تقوم البداية في الحروف المقطعة في القرءان فيقوم علم الحرف القرءاني بصفة (ءايات مفصلات) بين حملة القرءان الباحثين عن الحق (الحقيقة) فيه ونبقى نعلن نتاجات علم الحرف القرءاني في الفاظ مختارة الا اننا لا نترك متابعنا الفاضل دون ان يكون له دور عقلاني مع تلك النتيجة بل سنجعل من النتيجة المستحلبة من علم الحرف القرءاني مادة سهلة الادراك في فطرة العقل الناطق لدى حامل العقل
لفظ سعر في علم الحرف القرءاني يدل في مقاصد العقل الناطق على (وسيلة غالبة لـ نتاج فاعلية) ... ذلك الرشاد المستحلب من علم الحرف القرءاني يمكن ان يتحرك مع فطرة العقل الناطق في :
1 ـ السعر ... فالاسعار التي تصاحب عقود البيع والشراء للسلع والخدمات انما هي (وسيلة) المتعاقدين وتلك الوسيلة (غالبة) فلا ينعقد العقد الا باقرار الثمن (سعر) وبالتالي يقع كل عقد خالي من الثمن او ان يكون الثمن غير قابل للتحديد عقديا يكون العقد باطلا فالثمن يعتبر ركن من اركان العقود الرضائية التي يتم فيها تبادل حيازة المتاع او الخدمات التي يتناولها العقد فـ (السعر) يمثل وسيلة غالبة للمتعاقدين وتلك الوسيلة لها (نتاج فاعل) يفعل الوسيلة في (تبادل الحيازة) بين المتعاقدين فيستلم البائع الثمن (يحوز النقود) وهي مادة السعر ويستلم المشتري (المبيع) وهو (يحوز المتاع) او (يحوز الخدمة) في صفة تبادلية عقدية يكون (السعر) فيها وسيلة غالبة في العقد ... من تلك (الاوليات العقلية) يظهر ان السعر هو وسيلة غالبة لـ بيع وشراء السلع والخدمات ولها نتاج فعال في تبادل الحيازة بين المتعاقدين
2 ـ عذاب السعير ... اضافة حرف الياء الى لفظ (سعر) ليكون لفظ (سعير) يدل على قيام فاعلية (حيز) او (حيازة) فحين يقال (كتابي) فهو يعني فعالية حيازة كتاب وحين يقال (يكتب) يعني تفعيل حيز الكتابة في صفة الفعل يكتب ومثلها (فعل ... فعيل) فلفظ (سعير) يعني ان (الوسيلة الغالبة) انما تفعل حيز له نتاج يتصف بصفة العذاب فيكون عذاب السعير دالا على ان حيازة العذاب متأتية من حيازة السبب فيقوم السعير
(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (النساء:10)
وسيصلون سعيرا ... في لسان عربي (مبين) يتضح بيانها ان اكل اموال اليتيم سيكون في البطون (وصلة السعير) التي (توصلهم) الى عذاب هو (وسيلة غالبة) لـ (نتاج فاعلية حيازة) والحيازة الفعالة تحصلت من اكلهم اموال اليتامى ظلما (حيز فعال في بطونهم) فكانت (سعيرا) ...
3 ـ اصحاب السعير ...
(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (فاطر:6)
الصحبة معروفة القصد عقلا فهي (قابضة) لشيء متنحي فلا يمكن القول ان فلان يصاحب عيناه او يداه لان يداه هي جزء من تكوينته فالصحبة تقوم مع شيء متنحي عن تكوينة الشيء كما هي صحبة الصديق فالصديق ليس من تكوينة الانسان بل متنحي عنه كذلك تكون (صحبة السعير) فالسعير ليس جزء من تكوينة الخلق بل هو طاريء كمنظومة عقابية تحل في جسد المكلف المعذب كما ان (سعر الشيء) ليس من تكوينة الشيء او الحاجة الا ان البائع يضع (السعر) كنتيجة لوسيلة غالبة من اجل البيع ومن تلك (الصحبة) لـ (السعير) يقوم العذاب كما في شارب الخمر حين (يصاحب الخمرة) فان حيازة جسده للخمر تجعله في صحبة مع عذاب السعير وشرب الخمر هو فعل (شيطنة) وفاعلها متصف بصفة (شيطان) وفيها عداوة للانسان فان كانت الشيطنة صحبة الانسان فذلك مخالف لسنن الخلق المسطورة في القرءان وبما ان الشيطان في شيطنته عدو للانسان فان (البلاغ الرسالي) يذكرنا ان نعالج عداوة الشيطان (الشيطنة) للانسان بان (نتخذه عدوا) فنتخلص من صحبة (السعير) أي (قبض فاعليته المتنحية) ففي قبضها (حيز) له نتاج فيكون (وسيلة غالبة) (تستعر) عند القابض الصاحب فتقيم العذاب
4 ـ سعرات الحرارة ... نار مستعرة ... جحيم سعرت ... وسعير حرب وفتنة تستعر ... المقاصد العقلية في تلك الالفاظ اقل ضبابية عند استخدام لفظ (سعر) وظيفيا مع الحرارة فالترابط بين وقود النار وسعيرها شان معروف فلا توجد نار من غير وقود وبالتالي فان الوقود ينتج سعرات حرارية سواء كانت من غذاء له سعرات حرارية او من حطب يكون وقودا لسعير النار وبذلك الرشاد الفكري يتضح جليا ان (السعير) هو (وسيلة غالبة) لها (نتاج) يفعل (حيز) يكون سببا مباشرا في (عذاب) او (حرارة) او (حرب) او (فتنة)
5 ـ المسعور ... تلك الصفة يعرفها الناس في (الكلب المسعور) او في غيره من حيوانات الدم الحار وهو ذلك الحيوان الذي يحمل فايروس مرضي لمرض يسمى (داء الكلب) او (الكزاز) وذلك الفايروس يسبب هيجان عدواني عند الكلب او غيره في عدوانية معروفة تؤدي الى نقل الفايروس الى جسد غير مسعور فيستعر فيكون الحيوان (مسعور) في فطرة نطق حق ينطقها حامل العقل واذا عرفنا ان حرف الميم في مقاصد العقل يعني (مشغل) مثل تصريف لفظ (فعل ... مفعل) حيث يكون حرف الميم دليل تشغيلي ومثله (خبز مخبز) فيكون مخبز هو مشغل صفة الخبز ومن تلك الراشدة يكون (مسعور) هو مشغل لفظ (سـَعور) والسعور هو من بناء لفظي (سعر سعير سعور مسعور) ومثله (فعل ... فعيل ... فعول ... مفعول) فيكون الكلب المسعور هو مشغل السعير في ابدان من يجترحهم باسنانه فينقل الفايروس الذي يكون مشغل السعير عندهم
من تلك الاثارات الفكرية التدبرية يتذكر العقل (وعسى ان يتذكر) ان لفظ السعير الوارد في القرءان يؤكد ان العذاب لا يؤتى جزافا بل له مرابط مسببة ولها حيز (مادي) يتفعل فيه يكون وقودا للعذاب وبالتالي فان (عذاب السعير) هو عذاب يقوم باسباب مادية فالشخص الذي ينوي نوايا سيئة لغيره او يستغيب غيره في كلام مقبوح يقيم العذاب في مربط مختلف مع منظومة الخلق ولا توصف بصفة (السعير) لان السعير هو وسيلة خلق غالبة لنتاج حيز (شيء) يحوزه جسد المعذب
تلك ذكرى من قرءان يذكرنا بلسان عربي مبين تنفع من يريد ان يقوم بتأمين ما فوضه الله به في نظم الخلق التي بينها الله في رسالته للبشر في اخر رسالة إلهية فيها تصريف كل مثل
(ط هـ) (طـه:1)
(مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرءانَ لِتَشْقَى) (طـه:2)
(إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى) (طـه:3)
اصل العلوم قائمة في العقل البشري فالعالم (نيوتن) لم يصنع الجاذبية بل (تذكرها) من خلال سقوط تفاحة على رأسه وكان معه عقله المفطور من قبل خالق عظيم ... وهنا ذكرى تفتح بوابة العقل في ذكرى لمن يخشى عذاب السعير
الحاج عبود الخالدي
تعليق