الفرق بين الأكل والطعام في القرءان
من أجل بيان الدين في ممارسات المتدينين
من أجل بيان الدين في ممارسات المتدينين
لا يخفى على كل حامل عقل ان أي رساله لا بد ان تكون قابلة للادراك عند المتلقي (المرسل اليه) وتلك الصفة هي من مسؤولية (المرسل) الذي يوجه رسالته الى (مرسل اليه) محدد او مجموعة فئوية محددة فيكون وجوبا عليه ان تكون رسالته مفهومة لدى المرسل اليه وعندما يدرك حامل القرءان ان القرءان رسالة مستمرة فيقوم في عقل حامل القرءان مدرك عقلاني يقيني مؤكد ان رسالة الله القرءانية ذات منهج خطابي يجب ان يكون مبين في عقل المرسل اليه بموجب فاعلية عقلانية محددة المنهج لكي يستطيع متلقي الرسالة القرءانية ان يفهم مقاصد الله (المرسل) وتلك راشدة عقل ملزمة للعاقل والا كيف يتصف الله بالحكمة وهو يرسل رسالة لا يفهمها انسان اليوم ويقال ان انسان الامس قد فهمها الا ان واقع الحال الذي وصل الى انسان اليوم على مركب التاريخ يعرض الفهم الفكري المختلف وهو فكر متصارع في اختلافه وبما ان القرءان ثابت البيان ولا اختلاف او عوج فيه فذلك يعني ان انسان الامس لم يدرك المنهج القرءاني المرسل من الله رغم ان متن القرءان اعلن ذلك المنهج وهو (بلسان عربين مبين) فيكون لزاما على حامل القرءان (الاحياء من حملة القرءان) ان يبحثوا عن حيثيات اللسان العربي المبين لغرض ادراك البيان المبين من لسان القرءان نفسه وتلك هي سنة من سنن (المرسل والمرسل اليه) تدركها فطرة الانسان قديما وحديثا ونرى في زمننا مثل تلك الفطرة تطفو على حدث تقني معاصر حيث ظهرت بوضوح كبير في سنن تقنيات البرامج الالكترونية ثقافة (لغة البرنامج الالكتروني) حيث يستوجب على أي صاحب حاجة في برنامج الكتروني محدد ان يعرّف حاسبته على لغة ذلك البرنامج لكي يستطيع ان يقرأ محتويات الرسالة الالكترونية حيث تعتبر لغة البرنامج عنصر اساس في اظهار بيان أي برنامج الكتروني ومن مثل ذلك المثل الفطري ندرك ان منهج القرءان الخطابي المعرّف (بلسان عربي مبين) هو المفتاح الاوحد الذي يمنح حامل العقل فرصة تدبر القرءان من خلال ادراك بيانه .
سطور هذه المحاولة الحرجة في مضامينها على الناس تصب في رافد فكري يروج الى منهجية اللسان العربي المبين لمن يعشق القرءان عشقا لبيانه من اجل تطبيق القرءان وليس لعشاق القرءان وجدانيا والذين لا يملكون منهجا تطبيقيا قرءانيا بل يمتلكون رغبة التغني به .... الحاجة الفكرية الى التفريق بين (الطعام والاكل) لا تحمل ضرورة فكرية ظاهرة او حاجة بيان عند عموم الناس الا اولئك المتدينين الذين يرغبون بممارسة دينية تكفي لتأمين يومياتهم بما اراد الله وابلغ به العباد عبر رسالته الشريفة (قرءان) ... الضرورة عندما تقوم في ادراك منهجية اللسان العربي المبين ليقوم العلم القرءاني فان معالجة الفارق بين (الاكل والطعام) تمنح حامل القرءان فرصة عقلانية لادراك منهج اللسان العربي المبين عموما من اجل تدبر النصوص الشريفة ويتم ذلك من خلال نظرة لعلم الكيفية عندما يتعامل العقل مع كيفية تكوينة الفارق اللفظي الذي يقيم دليل المقاصد الالهية المحمولة في القرءان المرسل الى البشرية في رسالة معلنة البيان وعندما تظهر علوم القرءان فان الضرورة لفارقة (الطعام والاكل) تظهر تحت صفة الانذار والتبشير ومنها يستطيع (العاقل الحي) ان يجعل القرءان دستورا في استخدام صلاحياته التي سخرها الله له على هذه الارض وهو (حي يرزق) من اجل الممارسة الدينية الحق والتي تحيا مع حياة المكلف دون ان تسبقه تلك الممارسة تاريخيا او تتقدم على زمنه لتكون مجهول في زمن ءاتي ..
دأب الناس في لسانهم على تسمية كل طعام مأكل وكل مأكل طعام وبالتالي لا فرق عند الناس بين الاكل والطعام وكليهما سيان في مقاصد الناس الا ان القرءان يبين لنا ان بينهما فرق تكويني يمنح قاريء القرءان بيانا الهيا له ضرورة دستورية في الانذار والتبشير كما اشرنا وكما سنرى في سطور لاحقة ورغم ان عدم التفريق بين الاكل والطعام سوف لن يغير شيئا في ما اعتاد الناس عليه الا ان التفريق البياني القرءاني (قرءان مبين) سوف يفرق في احكام شرعية بين الاكل والطعام ففي الكفارات (اطعام مساكين) وليس (أكل مساكين) وخصوصا فدية الصيام لغير القادرين على الصيام حيث تكون الفدية باطعام وليس بـ أكل وذلك يعني ان هنلك مراشد تكليفية يحتاجها حامل القرءان وكان الناس يعرفونها الا انها اندثرت عبر اجيال متعاقبة ولكن القرءان لا يندثر ويبقى قائما الى اخر انسان يبقى حيا على هذه الارض ... الفارقة بين الاكل والطعام يعني قيام متغيرات في انشطة الانسان في المأكل والمطعم والذي يعتبر (وقود الجسد) ولا بد ان يكون للمأكل والطعام دستورا دقيقا يبينه الخالق لمخلوقاته وبالتالي فان حاجة حامل القرءان الى قرءانه سوف تظهر بوضوح بالغ الحاجة في زمن تتزاحم فيه مسارب السوء في المأكل والمطعم والمشرب بعد ان تسارعت معدلات نسبة الامراض العصرية مما يوجب على حملة القرءان ان يتدبروا قرءانهم وان كان التدبر متخصصا في حرف واحد من حروف القرءان كما في (ص والقرءان ذي الذكر) فيكون لزاما على حامل القرءان ان يفهم (ص) وان كان حرفا واحدا لا غير من حروف النطق التي ينطقها مخلوق متفرد بنطق الحروف الا وهو الانسان ومن المؤكد ان اهمال رسالة الله وعدم تدبر نصوصها يجعل حامل القرءان في جفاء مع الله والجفاء يقع في دستورية منظومته في بناء الخلق وتلك صفة غير حميدة ذلك لان انسان اليوم قد تعود على ان يقرأ تعليمات المنتج لاي سلعة يقتنيها ويلتزم بها فكيف يهجر تعليمات الخالق العظيم وهي انما تعليمات رحيمة لتتفعل الرحمة في كنف المخلوق اما الخالق فهو غني حميد .
(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ )(يونس: من الآية24)
في النص الشريف يظهر القصد الالهي ان الاكل يشمل الانسان والحيوان من مصدرية نبات الارض ونرى في نص اخر ان الفاكهة هي مأكل للناس
(فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) (المؤمنون:19)
كما جاء في نصوص القرءان ايضا ان هنلك سقيا ومأكل من الانعام
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) (المؤمنون:21)
الا ان صفة الاكل في النصوص القرءانية جيء بها من غير ما هو معروف من بروتينات نباتية او حيوانية بل هنلك مأكل من نوع اخر يخص الاموال ويخص مأكل موصوف بالنار
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة:174)
(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (النساء:10)
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:188)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) (النساء:29)
فمن يأخذ من غيره اموالا بالباطل او بالظلم لا يشترط ان يشتري بها طعاما فيأكله فقد يشتري بالاموال الباطلة متاع لا يؤكل او قد يدلي به الى الحكام كما جاء في نص الاية 188 من سورة البقرة الا ان اكل الاموال بالباطل سمي بـ (أكل) وجيء بلفظ البطون وقد يفهمها قاريء القرءان بانها المعدة التي تهضم الطعام في جوف الانسان ورغم ان المعدة في البطن هي بطن في نطق حق الا ان اللسان العربين المبين يبين لنا ان للفظ البطن وظائف اخرى مرتبطة بنفس المقاصد فلفظ البطن هو من بناء عربي (بطن .. بطانة .. بطون .. بطائن ... بطين) فالبطانة كما يسميها العقل الناطق هي ذلك النسيج غير الظاهر من الملبس وبطانة خزان الماء من البلاستيك (مثلا) تعني ان الخزان مغلف (من الداخل) بمادة بلاستيكية فتلك البطائن تعني ان حيازة موصوفاتها تكون في (البطون) ومنها جمع (باطن) غير ظاهر وتصيبها نارا تهشمها فالذين يأكلون اموال اليتامى بما يسميه الناس بـ (حيلة شرعية) كمن يشتري متاع اليتيم لنفسه بثمن بخس انما قام بتبطين فعله وفق ظاهر شرعي الا انه في حقيقته (باطن ظالم)
(وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ )(المائدة: من الآية3)
مأكل السبع هو ما يأكله الحيوان المفترس والذي يتصف بصفة انه مأكل (من غير ذبح) فهو مأكل غير مذكى وان ذكي فيكون (طعام طاهر) والتذكية بالذبح لغرض تجريد البروتينات الحية من عقلانيتها الحيوانية التي تسبب اضطرابا بايولوجيا عند الانسان ان لم تكن مذكاة بالذبح
كينونة الذبح في علوم العقل
من صفة موصوفه قرءانيا مسماة بـ (مأكل السبع) تقوم تذكرة من قرءان يتصف بصفة (مذكر) حيث يتضح ان كل ما يؤكل دون ان يمر بمرحلة تحضيرية يكون موصوف بصفة (مأكل) وحين يتم تحضير المأكل بوسيلة الذبح او بوسيلة الاعداد المسبق يكون طعاما ومن تلك التذكرة نستطيع ان نستدرج فطرتنا العقلية الناطقة عندما ندرك ان اللحوم لا تؤكل الا بعد طهيها وتحضيرها وكثيرة هي المأكولات التي يمكن ان تؤكل بدون معالجة او بدون تحضير كالثمار وكثير من الحبوب والبذور النباتية
حين يتصف الاكل بصفات لا تدخل افواه الناس كما في اكل مال اليتيم او اكل السحت فذلك يعني ان الاكل يمتلك وظيفة مقاصد بشرية اوسع من مقاصد ما يدخل في افواه البشر ويمكن ان نمسك بشمولية لفظ (أكل) من خلال عربة اللفظ العربية ونرى بناء لفظ (أكل) الذي يبتنيه اللسان العربي من لفظ (كل) في بنية لفظية مبينة (كل ... أكل .. كل َّ ... كلل .. كليل ... كيل .. يكيل ... يكال .. مكيال .. ميكال .. أكيل .. أكال ... يأكل ... مأكل ... أكول .. مأكول ... و .. و ..)
لفظ (كل) هو لفظ كثير التداول في ألسنة الناس ويراد منه (جمع الصفات) فيقال (كل التلاميذ) لغرض بيان (جمع صفات محددة عند التلاميذ) وحين يقال (كل الايام) فهو قول يراد به جمع صفات الايام لان الايام (الزمنية) لا تجتمع الا ان صفاتها يمكن ان تجتمع لربطها بصفة محددة يريدها العقل الناطق فحين يقول القائل (كل أيام رمضان مباركة) فالصفة الجامعة لايام رمضان هي صفة الصيام فـلفظ (كل) يقيم بيان مقاصد العقل في مناقلة الصفات لتكون في ماسكة صفة موحده فحين يقال (كل التلاميذ نجحوا) فذلك يعني ان صفة النجاح قد نقلت الى صفة التلمذة فجمعت صفتهم في النجاح
من تلك الراشدة العقلانية التدبرية للفظ (كل) يستطيع العقل ان يدرك لفظ (أكل) كما يدرك العقل الناطق لفظ (دق .. أدق ... مر ... أمر ... سر .. أسر .. شد .. أشد ..) حيث يقيم حرف الهمزة (الزامية الصفة) ونجد ان لغويي العرب ادركوا جانبا من تلك الالزامية فقالوا بـ (أسم تفضيل) فعندما يقال (كرم .. أكرم .. شد .. أشد) فيكون اسم (أكرم) هو اسم تفضيل لصفة الكرم ومثله لفظ أرحم ولفظ اجمل الا ان عمومية دخول حرف الهمزة يقيم في العقل قصد الزامية الصفة (كينونة الصفة) كما في لفظ (مر .. امر) حيث صفة المرور تعني الحراك أي (النشاط) فيكون لفظ (أمر) يعني (الزامية النشاط) لغرض انجاز صفة محددة يحددها موضوع الامر ومن ذلك الحبو على اوليات المقاصد العقلية (تأويل النطق) وربطه بفطرة العقل الناطق يتضح ان لفظ (أكل) يعني (الزامية جمع الصفات) وتلك الراشدة مستقرة في فطرة العقل فالمأكل هو الذي يقيم جامعية صفة الحياة وهو (ملزم) لان المأكل هو (وقود الحياة)
لفظ (أكل) في برامجية علم الحرف القرءاني يدل على مقاصد العقل على (ناقل تكويني المسك) وذلك الوصف هو مدرك عقلي مبين حيث لابد للمأكل ان يكون من مادة منقولة فالجبل والشجرة لا يمكن نقلها وتلك المادة المنقولة لها صفة تكوينية في عملية المسك فالرمال لا يمكن ان تكون طعاما لانها لا تمتلك رابط تكويني غذائي لذلك جاء في القرءان (أكل الاموال بالباطل) ذلك لان الحيازة أي (مسك الشيء) هي صفة تكوينية في الانسان (شجرة الخلد وملك لا يفنى) وهي تبدأ في الانسان منذ الصغر ويسميها علماء معاصرين (المرحلة الفموية) حين يسعى الصغير لحيازة الاشياء ليضعها في فمه وبعدها يبدأ الادمي (عقلا) بحب الحيازة ويسعى اليها تكوينيا فيكون وصف (أكل) لاموال اليتامى وأكل السحت وأكل الاموال بالباطل انما هي ممارسة تكوينية (فطرة فطر عليها الانسان) كما هو المأكل النباتي وغيره حيث تتحد المقاصد العقلية الناطقة في لفظ (أكل) بين أكل الطعام وأكل الاموال ولعل مراقبة امتياز الانسان على بقية المخلوقات تظهر في تكوينة الحيازة (الزامية جمع الصفات) فالحيوان لا يمتلك نفس الصفة فطرة الخلق التي فطر الحيوان عليها
ءأدم في رحم أمه
(وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) (الانبياء:8 ـ 7)
(وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) (الفرقان:7)
(وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً) (الفرقان:20)
في الايات الكريمات وضوح بالغ في ارتباط (أكل الطعام) مع الصفة الرسالية وقد يطفو على مراشد العقل عدم اهمية تلك الرابطة بين الوظيفة الرسالية ومأكل الطعام من قبل الرسول الا ان ملف علوم الله المثلى يمنح العقل البشري اوليات المقاصد فيكون لذلك الرابط بين اكل الطعام والمهمة الرسالية اهمية كبيرة سيكون لها موضوع متفرد ذا وسعة كبيرة الا ان انعطافة مؤقتة على الرابط ادناه قد تفي بعض الطموحات الفكرية المتواضعة
مال هذا الرسول يمشي في الأسواق
ومن تلك الصفة (يمشي في الاسواق ويأكل الطعام) لا يمكن ان يكون الرسول (ماكنة) او ما يسمى في زمننا (ريبوت) يقوم بتبليغ الرسالات ولعل تقنيات النت في زمننا المعاصر تتعامل مع أي رابط ءالي تعاملا حذرا لان الالة لا تمتلك عقل فلا تصلح للتبليغ بل لا تصلح للترابط العقلاني البشري فاصبح كثير من المواقع ان لم يكن كل مواقع النت تضع عقبات لاي ربوت الكتروني ولا تسمح له بدخول مواقعها ...
من تلك الايجازات الحادة في ايجازها نستطيع ان نستحلب من القرءان الكريم بالبيان بيانا خطيرا ان البلاغ الرسالي يجب ان يكون (بشري الصفة) وذلك من نص (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام) وما يؤكد ذلك
(وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (الانبياء:73)
والله غير عاجز عن هدي الناس ليرسل الرسل ويجعل الائمة ولو شاء الله لهدى الناس جميعا الا ان عملية الجعل الرسالية تمر من خلال عقل بشري (بشر مثلكم) وقد وضع ربنا معيار تلك الصفة في انهم (رجالا) ومعيارهم ان (يأكلون الطعام) وبما ان الناس جميعا يأكلون الطعام فان القصد الالهي يؤكد عدم فاعلية البلاغ الرسالي الا حين يمر عبر عقل بشري له جسد يأكل الطعام (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) فما هو (أكل الطعام) وما الفارق بين (الاكل) و (الطعام) ..؟ ... جاء في القرءان نصا شريفا يوجب التدبر والتمحيص ولا بد لحامل القرءان ان يقرأ رسالة ربه الموجهة اليه
(فَلْيَنْظُرِ الأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ) (عبس:24)
(فَلْيَنْظُرِ الأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ) (عبس:24)
ومن بيان واضح مبين ندرك ان الانسان يتميز بميزة (اعداد المأكل) ولا يمتلك تلك الصفة غير مخلوق (النحل) والذي يتصف بان ذلك المخلوق يوحى له
(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (النحل:68)
اما الانسان فهو (يأكل) (الطعام) وبالتالي يمتاز على بقية المخلوقات فيما يدخل الى جوفه من مأكل يتم اعداده بمختلف المذاقات (طعم) ويستخدم الانسان طرق شتى في اعداد الطعام منها تعريض الاطعمة الى الحرارة بالطهي او القلي بالزيت او الشوي بالفرن كما يستخدم طريقة خلط الاطعمه للحصول على الطعم المراد ومن فطرة العقل ندرك ان وظيفة الطعام هي في (اختيار الطعم) من خلال خلط الطعم المختلف للحصول على طعم مستساغ عقليا وليونة مأكل يستسيغها الطاعم كما يجري في طهي اللحوم وفي انتاج الخبز لغرض تهشيم قساوة القمح ومنحه ليونة مأكل وسهولة مضغ وطعم محدد المساغ عند اهله ...
طعام لفظ يعني في مقاصد العقل على (مشغل نافذ الفعالية المنتجة) فالطعام هو (منتج) من المأكولات ولا يمكن انتاج الطعام من غير المأكولات ذلك لان (المأكل) فيه الزامية جمع الصفات ولا يمكن التلاعب بتلك الالزامية من خلال اضافات مواد صناعية من غير المأكولات التكوينية الحصرية التي خلقها الله وهي وجوبا (بروتينات) وبالتالي فان المواد الكيميائية كالادوية والمطيبات والنكهات والمواد الحافظة لا يمكن ان تدخل ضمن الطعام وننصح بمراجعة (مجلس مناقشة محرمات المأكل)
الطعام هو نتيجة مأكولات يتم اعدادها وهي صفة بشرية محض ولا يشارك البشر أي مخلوق اخر في تلك الصفة المتميزة وبالتالي فان (النظر الى الطعام) يمتلك خصوصية عقلية وهي صفة معروفة في فطرة الانسان ومشهورة جدا بين الناس فالانسان يزوق مطعمه واحيانا يزوقه بشكل مفرط كما هي مطاعم العصر الا ان التزويق الحقيقي يكمن في (طعم الطعام) وليس في شكله حصرا ولعل اغلفة الاطعمة المعاصرة منحت شكل الاطعمة في اغلفتها بريقا عاليا الا انها ضيعت الكثير من مساغ طعمها بشكل غير حميد وذلك ظاهر البيان بين الاطعمة الطازجة والاطعمة المغلفة المحفوظة والناس جميعا يدركون ذلك .. نظر الانسان الى طعامه سنة خلق عظيمة وهي مفتاح من مفاتيح العقل الا ان العقل البشري لا يزال مقفل ازاء علوم العقل ...
(لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الاَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة:89)
تلك الاحكام الشريفة تؤكد على (علاجات) يمارسها (الخاطيء) ليمحو خطيئته وهي انما تدل دلالات عظيمة على مرابط خلق وفيها ممارسة (مأكل) سواء باطعام عشرة مساكين او بصيام ثلاثة ايام وكلا الامران هما في معالجة (مأكل) الا انه من (طعام)
(أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) (البلد:14)
ففي يوم المسغبة يتألق الاطعام وليس الاكل وذلك يعني ان اعداد الطعام يمتلك مرابط تكوينية (عقلانية) وذلك شأن معروف في فطرة العقل فـ (طعم الاكل) الذي يمتلك مرابط عقلية وهو يختلف من فرد لفرد حسب ذوق كل انسان واختياره للمذاق المستساغ عنده وجاء في تلك الصفة رابط تكويني يمنح العقل صفة تفعيلية يحتاجها الانسان في مسار حياته
(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (آل عمران:92)
فكل شيء يحبه الانسان يمكن ان يكون (نفق) يوصل الانسان الى مراده بشكل اكثر يسرا كما هي الانفاق التي يحفرها انسان اليوم في الجبال ليصل الى مبتغاه باقصر الطرق ...
( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ )(البقرة: من الآية184)
وهنا رابط مضاف على خطيئة الحلف الكاذب وكفارته اطعام عشرة مساكين اما غير القادر على الصيام (قصور مقدرة) فكفارته ان يفتدي صيامه باطعام مسكين
نظرة في كتاب الصيام مع علوم الله المثلى
كثير من الناس يقدمون فدية عدم الصيام على شكل مأكولات من بقوليات وفواكه وغيرها وتلك الصفة ليست مقدوحة الا ان استكمال مرابط الخلق توجب تنفيذ التعليمات الالهية كما فصلها الله في ءايات مفصلات مبينات وبذلك يكون واجب الكفارات من طعام يتم اعداده بطعمه المستساغ في اقليم الساكنين مع دافع الكفارات (مساكين) وليس من مأكل تكويني لا يحتاج الى الى عملية اعداد والسبب يكمن في (رابط عقلاني) بين صاحب الحاجة للكفارة والطاعم من خلال (طعم المأكل) حيث يرتبط عقل الطاعم مع عقل المطعوم فيتفعل رحم العقل لينتج نتاجه في رحم مادي ... نرى وضوح الحقيقة من وضوح البيان القرءاني حيث يدرك قاريء القرءان بسهولة فائقة ان كل الكفارات من (طعام) وليس من (أكل)
( فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ )(المائدة: من الآية95)
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (الانسان:8)
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المجادلة:4)
وعندما يقوم المكلف بتوزيع (المأكولات) وليس (الاطعمة) فلا كفران لسعيه الا انه لا يستفيد من الرابط التكويني الذي يتفعل من خلال انفاق الاطعمة فالذي ينفق المأكل يستفيد فوائد اخرى الا انها لا تجزي ازمته التي تأزمت في يمين خاطيء او عدم القدرة على الصيام وغيرها من الخطايا وذلك من نص شريف
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ) (الانبياء:94)
فالانفاق من النعم غير المعدة اعدادا وهي الـ (مأكل) انما تمتلك مرابط مختلفة عن انفاق الطعام المسبق الاعداد ولها نتاجات الا انها لا تغني حاجة صاحب الخطيئة ...
(وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (البقرة:57)
(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (البقرة:61)
في المثل الشريف يؤكد الله ان (المن والسلوى) كان طعاما معدا لبني اسرائيل وهو من (طيبات) اعدها لهم الله الا ان (طعمها واحد) فارادوا استبداله بمأكل اخر والمثل الشريف يصف ان الاكل هو (ادنى) من (الطعام) ولفظ ادنى لا يعني الاقل درجة بل يعني (الدنو) أي (الاسهل) فاعداد الطعام هو الابعد من الحيازة فلو يأكل الانسان القمح دون اعداد الخبز يكون القمح هو الادنى من الخبز
لا تزال طروحاتنا التي تروج لعلوم الله المثلى تتصف بالايجاز ذلك لان الوسعة تحتاج الى جهد كبير يجند فيه الانسان عقله من أجل فهم رسالة الله اليه:
المن والسلوى
ما حرم اسرائيل على نفسه
طعام الذين اوتوا الكتاب
طَعَامُ الأَثِيمِ
طَعَامٌ مِنْ غِسْلِينٍ
طَعَامٌ مِنْ ضَرِيعٍ
َطَعَام ذَا غُصَّةٍ
طعام في يوم المسغبة
تلك عناوين لعلوم إلهية البيان وتحتاج الى ملفات منفصلة وان اذن الله ستكون على صفحات هذا المعهد في تذكرة من قرءان
تلك كانت ذكرى في قرءان ذكرنا فيها ربنا (في القرءان وحده) ولن نأتي باي مادة معرفية مكتسبة من كتاب او رأي لبشر ونحن ومن مثلنا موعودون ان يكون الناس بعيدين عن التدبر في ذكر الرب عندما يكون الذكر (في القرءان وحده) فالناس سينفرون الى ما تدبروا لان القرءان مهجور
(وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرءانِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً) (الاسراء:46)
ادبارهم هي فيما تدبروه من القرءان وهنا نعود الى سطور هذا الادراج الاولى والتي اكدت الالزامية العقلانية التي توجب ان تكون الرسالة الالهية قد اعدها (المرسل) وهو (الله) لكي يفهمها المرسل اليه الا ان المرسل اليه حين يكفر بما ارسل له ويتبع رسالة من رأي بشري فان الذكرى لن تقوم في قرءان مهجور
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءانَ مَهْجُوراً) (الفرقان:30)
وحين يهجر الناس قرءانهم يجعل الله على قلوبهم اكنة ان يفقهوه وفي ءاذانهم وقرا فهم على ما تدبروا من القرءان سائرين (ادبارهم) وما يؤكد تلك الراشدة هو نص شريف
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
فمن تطهر من أي رأي قال به بشر انما وجه وجهه لله بشكل مباشر ويحصل الوفاق الفكري في قرءان الله (مساس بيانه)
(إِنَّهُ لَقُرءانٌ كَرِيمٌ) (الواقعة:77)
(فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) (الواقعة:78)
(لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79)
ذلك هو الرب الذي ارسل رسالته الى البشر فمن زاغ عن رسالة الله الى رسالة كاهن فالله لم يجعل له وكيل على الارض
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (يونس:108)
فالحق قد جاء الناس من ربهم وليس من بشر فان اعتمد الناس على الحق المأتي من بشر انما كتبوا لانفسهم الضلال
الحاج عبود الخالدي
تعليق