المنكر .. !! بين الظنون وعلوم القرءان
من أجل بيان نظم الدين من قرءان مبين
يكثر بين الناس وصف (الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) بصفته تكليف ديني فائق حتى ان ذلك الرشاد الديني تحول في بعض اقاليم الاسلام الى لجان سلطوية تستلم رواتب (أجر) من الدولة الحديثة فاجرهم على اله الوطن فاصبحت تلك اللجان وكأنها (شرطة دينية) ...!! .. كل مسلم حين تسأله ما هو المنكر فيرد عليك بانه العمل غير الصالح كشرب الخمر والزنا والسرقة وغيرها وحين تسأله ما هو المعروف يقول هو الصوم والصلاة والزكاة والعمل الصالح عموما وما تلك الا ظنون توارثها الناس وهي تخالف اللسان العربي في بيانه والذي حمله القرءان كدستور ثابت لا يتغير بغير الزمن لان الله انزل الذكر وكان حافظا له وسبحان الله فيما حفظ من ذكرى
(وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) (يوسف:58)
في النص الشريف لا يظهر اي عمل غير صالح عند دخول اخوة يوسف وهم موصوفين بصفة (وهم له منكرون) فلم يحمل النص أي اساءة منهم ليوسف ... تدبر النصوص الشريفة امر ملزم في ذمة حامل القرءان ليقوم المكلف بدحض الظن بيقين قرءاني ووسيلة حامل القرءان في دحض الشك باليقين جاء بيانها من الله في قرءانه
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)
من التبصرة في المثل الشريف بعد تدبر النص يتضح انهم لم يكونوا (يعرفوا) ان يوسف هو (اخوهم) وذلك يعني ان انهم (منكرين) لرابط الاخاء التكويني بينهم لانهم متصورين ان يوسف قد مات في الجب او استعبد من قبل قوم اخرين اما ان يكون ملكا فذلك ما كونوا (لا يعرفونه) ... سقوط رابط الاخاء مع يوسف هو الذي جعلهم (له منكرون) فالمنكر هو :
كل نشاط غير معروف الروابط مع مصدره التكويني اما (المعروف) فهو في (معرفة) الرابط التكويني الذي يتفعل فيه الناشط
كل نشاط غير معروف الروابط مع مصدره التكويني اما (المعروف) فهو في (معرفة) الرابط التكويني الذي يتفعل فيه الناشط
(فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ) (هود:70)
لفظ (نكرهم) جاء في بيان مبين في لسان عربي مبين ان ابراهيم لم يكن (يعرف) رابطهم التكويني فـ (نكرهم) الا انهم حين (عرفوه) برابطهم التكويني (انا ارسلنا الى قوم لوط) فذهب عنه الروع واختفت صفة (المنكر) لاولئك الرسل
(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) (هود:74)
وحين يتدبر حامل القرءان قرءانه فانه يكون بحق حاملا للقرءان ونرى ونسمع ءايات الله
(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان:19)
والتساؤل الكبير الذي يطرحه المتدبر في النص الشريف (هل الله يخلق ما هو منكر ...؟ !!!) فيكون الله قد خلق صوت الحمير (منكر) فيكون الله قد فعل المنكر ...!!!!! الا ان الاية الشريفة تذكرنا ان في الحمير ءاية الهية تفوق العلم كثيرا كثيرا وان صفة (انكر الاصوات) عند الحمير تعني ان صوته يمتلك رابطا تكوينيا مهما و (خفيا) على (معارف البشر)
وزينة الحمير ويخلق ما لا تعلمونالحمار في العلم القرءاني
ورغم اننا لم نعالج (صوت الحمير) بصفته (أنكر الاصوات) لشدة خفاء مرابطه مع سنن التكوين الا ان هنلك اشارات حملها التراث الديني تؤكد ان صوت الحمير له رابط مع سنن التكوين في كبح شيء من الصفة الشيطانية
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)
وفي هذا التكليف الالهي خرج المسلمون على موضوعية التكليف الى الظنون فاجتمعوا على الظن في ان المنكر هو الفعل القبيح في حين يكون الفعل القبيح معروفا بمرابطه مع سنن الخلق كشرب الخمر والسرقة وبالتالي فالامر بالمعروف يعني (محاربة فعل السرقة) لان مرابط فعل السرقة (معروفة) مع مرابط الخلق حيث يكون (الامر) بما هو (معروف) من انشطة لها مرابط مع سنن التكوين و(النهي) عن الانشطة التي (ينكر) الناس رابطها التكويني فيكون (غير معروف) وما اكثرها في زمننا النشيط جدا بما جديد مستحدث ... بين المعرفة واللامعرفة يظهر المنكر بصفته الرابطة مع سنن الخلق ونسمع القرءان وننصت له
(يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ) (النحل:83)
واكثر الامثلة وضوحا في معالجتنا التذكيرية هذه هو في ما (يعرفه) المسلمون عن مرابط القرءان في سنن الخلق (رسالة الهية) الا انهم (ينكرون) تلك الرابطة ويقيمون مرابطهم مع الرسائل المذهبية وكأن الله سبحانه قد جعل للدين كهنة مذاهب .. !!! ومثلها ... يعرف الناس جميعا ان الادوية والاغذية الكيميائية لم تكن مرتبطة مع مرابط الخلق ولم ينزل بها الله حكما باجازتها فالشريعة تحرم اكل الطين وتحرم اكل اي شيء متفحم محروق الا ان الناس (ينكرون) تلك المرابط ويقيمون مرابطهم مع ما انتجته مختبرات العلم الذي لا يعترف باي راشدة دينية بل ويركل كل راشدة دينية من اروقة المختبرات
النهي عن المنكر (كل شيء غير معروف المرابط مع سنن التكوين) هو الاخطر في زماننا بعكس ما كان الاخطر في الزمن السابق في (الامر بالمعروف) والسبب يكمن في وسعة الانشطة الحياتية المستحدثة على بساط حضاري براق لا يقيم أي رابطة مع تكاليف الانسان في دينه
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90)
المسلمون (يعرفون) ان داعي الايمان يستوجب (قطع الشك باليقين) فكل حمالة شك توجب الترك لقطع الشك بيقين مطلق يمكن ان يستخدمه الناس كمعيار فاصل يفصل بين ما (يعرفون) وما (ينكرون) فكل (مجهول متروك) حتى يقوم (اليقين) في صلاحه والعجيب ان المدرسة المادية التقليدية تعتمد ذلك الاسلوب فيما يطلق عليه اسم (المواصفة القياسية) فلو اراد احد من الناس ان ينتج ثيابا او احذية او مسامير لتسويقها على الناس فان ترخيص ذلك النشاط (اجازته) يجب ان تخضع الى (معرفة) مرابط ذلك المنتج مع ثوابت العلم وقراءات تجاربه وحين تعجز الجهة القطاعية عن تعيير ذلك المنتج فتسعى لـ (ترك) المنتج وعدم ترخيصه لان مرابطه مع نتائج العلم النافذة تكون (منكرة) فكل منكر المرابط في النشاط الحديث يحارب ويهجر حتى وان كان بشرا سويا يمكن ان يكون (نكرة) عندما لا يحمل هوية مدنية تعلن عن مرابطه مع الوطن فيحتجز ويساء التعامل معه حتى يثبت عائديته الادارية مع مفاصل الدولة الحديثة ... الناس تركوا المنكر في مرابط سنن الخلق وابتلعوا الاسبرين وزرقوا اجسادهم حقن طبية وهم منكرون لمرابطها مع سنن التكوين ويكتفون ويأمنون حين تعلن المؤسسة الصحية صحة مرابط تلك الممارسات مع المنظومة العلمية وتلك هي حصرا (عبادة غير الله) حيث طاعة الله مشطوبة وطاعة كهنة العلم الحديث سارية بين الناس
انتشرت في اقاليم الاسلام تجارة الاسهم المالية وهو فعل (معروف) يعرفه الناس جميعا وهم يعلمون انهم يربحون دون ان يقدموا لامتهم جهدا يذكر سوى رغبة المضاربة المالية كما يفعل المقامرون فهم لا يعرفون متى يرتفع السهم ومتى يتدنى سعره والدليل هو بيان مبين فلو ان الناس ضمنوا الربح في تجارة الاسهم لما خسروا يوما وربحوا يوما اخر فمرابط سقف السعر للسهم هو (منكر) المرابط مع كارتلات الاقتصاد ... هم يعرفون انه ربا في الاموال حين تربو بين الناس الا انهم ينكرونها بمرابط يحيك خيوطها المأجورين من وعاظ السلاطين حين يفتون بجواز البيع والشراء بالاسهم المالية كما يفعل غير المسلمين ...!! ومثلها القروض الربوية التي تمارسها المؤسسات المصرفية التي ترفع عناوين اسلامين كصفة موصوفة في انشطتها وهم (يعرفون) ان القروض الربوية (القرض بربح) انما هو ربا محرم على المسلمين الا ان كثير من المسلمين (ينكرون المعروف) وهم يعلمون انهم ضالون الا ان فعلهم يأتي استكبارا على ءايات الله والتي بها يجحدون
تلك تذكرة وما ابريء نفسي من نكران المعروف عسى ان تنفع الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق