مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ..!
من أجل بيان نظم الدين من مصدرية قرءانية
{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }هود46
المسلمون يمتلكون ثقافة دعاء واسعة جدا يدعون بها الله منيبين اليه امرهم فيما يطلبون من الله وهم انما يوكلون امرهم الى الله وكثير منهم لا يعلم انه انما يدعو الله في (ما ليس له به علم) كما جاء في نص مثل نوح الذي شرف بداية اسطرنا هذه
اكثر الناس يتعاملون مع لفظ (علم) بصفته فاعلية (معرفية) فمن يحمل العلم يعني عند الناس انه يحمل (المعرفة) وان كان العلم والمعرفة رديفان في مقاصد الناس وهو حق الا ان القرءان يحمل مقاصد الله سبحانه وهي لا بد ان تكون (مفصلية) اي (أولية) لا تتحول الى مقاصد اخرى ولا تتبدل لانها سنن الله في الخلق التي لا تتبدل ولا تتحول بموجب نص قرءاني فالنصوص القرءانية تتفعل في مقاصد العقل البشري الاولية (لبنة المقاصد) وتلك الصفة هي التي جعلت من القرءان مستمر (مجيد) ذلك لان خامته الخطابية مبنية من خامة بناء لبنة النطق المرتبطة تكوينيا مع العقل وفاعليته التي (يعرفها الناس) الا انهم لا (يعلمون) كينونتها (مشغل علتها) فالعقل هو خلق الهي غير معروف للناس ففيه تفتقد (العلة والمعلول) ... ومن هذه الاثارة المقصودة نستطيع ان نفرز المعرفة عن العلم فالعلم هو (مشغل العلة) كما روجنا له في بحوث سابقة ولعل معالجة لفظ (علم) بوسيلة علم الحرف القرءاني تمنحنا استقرارا فكريا راشدا ان كتب لنا ربنا رشاد الذكرى
علم ... لفظ يعني في علم الحرف القرءاني ( مشغل نتاج فاعليه منقول)
عرف ... لفظ يعني في علم الحرف القرءاني (تبادلية نتاج فعل وسيله) فتكون الـ (معرفة) هي (حاوية مشغل لـ فعل يتبادل نتاج الوسيله) فالمعرفة (وسيلة مبنية على النتاج المتعارف عليه) سواء كان علميا او غير علمي والعلم (مشغل مبني على نتاج العلة)
لو عطفنا مراصدنا على لفظ عـَلـَمْ بقصد (الراية) كما هو العلم الوطني او علم قبيلة او علم سرية قتال او علم منظمة دولية فاننا سوف نقترب من اوليات مقاصد العقل الناطق فالراية هي (مشغل لمنتج فاعليه منقولة) وتلك الصفة موجودة في علم الوطن مثلا فقيام الوطن هو المشغل الذي انتج لون الراية ورمزها الوطني وهو يجب ان يكون ذا صفة منقولة البيان ليكون ذلك العلم (معروفا) في انتسابه الذي انتجه الوطن ... مثل نفس الرشاد يتحصل من علم القبيلة او علم السرية او علم منظمة الامم المتحدة او منظمة الاغذية وهكذا نجد ان العلم هو (مشغل) يشغل المعرفة بالشيء ومثله (الاسم العلم) الذي يأتي (نتيجة) لتسمية الابوين او اسم مدينة فهو نتاج لمخاض الانجاب من ابوين او نتاج لعلة اعتلها من اطلق الاسم على المدينة او اسم شارع او اسم سفينة وفلان هو (علم بين الناس) فهو قد امتلك (مشغل نتيجة منقولة) من معرفة علم او عنوان سياسي او كرم او غيرها من الصفات التشغيلية التي تنتج فاعلية منقولة بين الناس فيكون مشغلا علما ... اذا كان العلم لا يمتلك صفة النقل من عقل لعقل بين الناس فهو لن يكون ذا معرفة بين الناس فكثير من الاشياء تبقى سرا عند حاملها فلن تكون نتاجا منقولا ولا تقيم العلم ولا تقيم المعرفة ايضا لان المعرفة هي وسيلة تبادل العلم بين الناس ... مراشدنا تتضح عند التعامل مع لفظ (العلامة) فاي علامة يقوم الشخص بوضعها انما وضعها لنتاج علة هو ادركها فوضع لها علامة يدركها هو او يدركها الناس عندما تكون علامة تجارية ولا ننسى ان لفظ (العلامة) هو من جذر لفظ (علم)
الله سبحانه يعظ نوح وهو نبي رسول ان (لا) يكون من الجاهلين لانه طلب من الله (ما ليس له به علم) وتلك اثارة فكرية كبيرة عند تدبر النص الشريف والتبصرة فيه ذلك لان مستوى الرسل والانبياء مستوى ايماني رفيع فكيف كان نوح جاهلا وسأل الله بما ليس له به علم حين اراد ان يضم ابنه الى مركب سفينة النجاة ... قال له الله (انه ليس من اهلك) فابن نوح لم يؤهله نوح الى سبل النجاة ليستطيع ان ينال وسيلة النجاة في سفينة اباه (نوح) فكان نوح لا يمتلك (مشغل نتاج فاعلية النقل) لابنه بحيث يستطيع ان يؤهله لاستحقاقات النجاة وتلك صفة كبيرة في نظم البلاغ الرسالي ولها مضامين قرءانية واسعة البيان (انك لا تهدي من احببت) كذلك حمل مثل لوط نبأ امرأته التي شملها العقاب ولم يستطع لوط ان يؤهلها لاستحقاق النجاة ...اذن العلم بالاستحقاق الالهي لا يمكن تحصيله عند الناس حتى وان كانوا اقرب الاقربين والقرءان يبين تلك الضابطة التكوينية
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }النساء49
فمن يدعو الله انما يكون قد زكى نفسه وجعلها مستحقة للاستجابة كما فعل نوح في المثل الشريف وبالتالي فان بيان الله في قرءانه مشطوب عند الداعين ربهم ليلا ونهارا فعندما كان نوح جاهلا في دعواه لله فان عدم الاستجابة الالهية ظهرت في جهل نوح بمرابط التكوين الخاصة بموضوعية الدعاء فكيف بنا نرى من يدعو الله ليفوز في لعبة يانصيب او يدعو الله ليفوز منتخبه الوطني او ان يدعو الله لترتفع قيمة الاسهم التي اشتراها ... !!! انها مأساة دين بل هي مأساة انسان لا يقرأ نظم الخلق ولا (يعلم مرابطها) بل (يعرف) ما تعارف عليه الناس من حوله (نتاج منقول) يكون (وسيلة) العارف ويتصور ان الدعاء هو (عبادة) دون ان (يعلم) مستحقات الدعاء
مستحقات الدعاء شأن فطري يمكن ان يدركه كل مكلف فلن تكون للدعاء موضوعية تذكر اذا دعى ذو اليد المبتورة ان يعيد اليه الله يدا جديدة لانه قطعت يداه من سوء فعله هو فكيف يطلب من الله اعادتها
{مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً }النساء79
او ان يدعو الداع ربه الى ان يشفى من مرضه وهو قد أمرض نفسه بسوء فعله فهو لم يكن قادرا على (تأهيل جسده) الذي جعله الله امانة بين يديه فخرج من (مأكل الصح) فاصابته خطيئة (المأكل الخاطيء) فمرض جسده وهو يدعو الله بالشفاء وهو قد أمن جسده في المؤسسة الطبية المعاصرة قولا وفعلا تنفيذيا ... !!!
نقرأ في القرءان دعوة زكريا وهو شيخ كبير وامرأته عاقرا وهو يطلب من ربه ولدا يرثه وفي هذا المفصل التكويني يبين الله لنا كيف كانت صفة الاستحقاق عند زكريا ليطلب من ربه طلبا يمتلك موضوعية (معروفة الاستحالة) الا ان ان زكريا تمسك بدعاء ربه
{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً }مريم3
{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً }مريم4
امرأته كانت عاقرا وهو شيخ كبير ومثل تلك الصفة يمكن ترجمتها في زمننا المعاصر ان زكريا لم يكن يمتلك حيامن وامرأته لا تمتلك بويضات لكي يكون لهما ولد وفي دعاء زكريا استحالة تنفيذية الا انه امتلك ناصية ايمانية كبيرة عرف من خلالها استحقاقه للانجاب فاصبحت نظم الله مسخرة له (وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً) فهو لم يكن في معصية كما كان نوح عليه السلام حين دعا ابنه للسفينة
مثلما كانت ولادة المسيح خارج ما (تعارف عليه الناس) الا ان مشغل علة الولادة اليسوعية كان بيد الله حتما كما كانت ولادة يحيى بن زكريا لها مشغل علة تكويني سخره الله للبشر الصالحين منهم حصرا ..!!... نحن في زمن العلم (مشغل العلة) ومن المؤكد ان الله يرينا ءاياته في الافاق وفي انفسنا بشكل مختلف عن السابقين وانجاب يحيى وولادة اليسوع هي ءايات الهية بيقين لا ريب فيه ونرى فيما يرى جيلنا في زمن العلم
{سَنُرِيهِمْ ءايَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53
في اواخر القرن الماضي هز الاعلام المرئي حادثة لامرأة طاعنة في السن تعيش في منطقة ثلجية نائية في اوربا وقد عثرت تلك المرأة على شاب فاقد الوعي في الثلوج يحمل عدة متسلقي الجبال فاستطاعت سحبه الى كوخها واستطاعت تدفئته واعادة صحوته اليه وكانت الطرق مقطوعة بسبب شدة تراكم الثلوج فقضى ذلك الشخص فصل الشتاء عند تلك العجوز فانجب منها طفلا وسط ذهول المؤسسة العلمية قاطبة خصوصا المؤسسة الطبية وتم اغلاق الملف دون القدرة على الوصول الى (العلة) التي جعلت في تلك العجوز بيضة مستعدة للاخصاب رغم كبر سنها ..!!
في سبعينات القرن الماضي اعلن الاعلام المرئي ايضا عن حالة طفلة حديثة الولادة ظهر انتفاخ في حوض البطن عندها وبدأ يتزايد تحت رقابة سريرية ولم يحصلوا على اي مؤشر لوجد حالة التهاب نسيجي او وجود ورم سرطاني فاضطر فريق الاطباء الى اجراء مداخلة جراحية لمعرفة سبب ذلك الانتفاخ فظهر ان احدى بويضات تلك الطفلة الحديثة الولادة مخصبة وهي في طور نمو جنيني مما اضطرهم الى ازالة الجنين من رحمها الصغير ..!!! انها ءايات تقيم بين ايدينا (ذكرى) تذكرنا بنظم الخلق وعندما ارسل الله الينا قرءانا يحمل امثلتها فانها لا بد ان تكون في سنن الخلق وتمتلك (مشغل علة) ولا بد ان تكون ذات نتاج (منقول) يمكن استثماره في زمن العلم وتلك مجرد ذكرى وليست علما نطرحه على هذه السطور المتواضعة فللعم دوحة تخصصية لها استحقاق بشري خاص ..!
عدم سؤال الله بما لا يمتلك (مشغل نتاج منقول) يعني ان الانسان لا يضع لله وقارا في دعواه ومثل تلك الصفة ندركها بفطرة عقل بسيطة جدا فلو توجه احد الناس طالبا من الصيدلي ان يعطيه دواءا يطيل العمر لسمع من الصيدلي ما لا يرضيه ولو ان احد الناس سأل البقال ان يعطيه موزا أحمر اللون لسمع منه ما لا يرضيه فكيف نسأل الله ما لا نملك علمه وان تصورنا ان ما عرفنا عنه هو علم الا انه ليس بعلم بل هو ما تعارف عليه الناس كمن يقول ربي (احمي العراق واهله) واذا بالعراق وثن معبود بديلا عن الله ومثله من يدعو لفوز فريقه (الوطني ..!!) وتلك لعبة ما انزل الله بها من سلطان يؤثر بل هي جاهلية مأثورة ..!!
الجهل الجهل عندما يسأل الله ما ليس لنا به علم كالذين يدعون الله ليهدي حبيبا لهم والله يقول ان الهداية لها مشغل علة بيده حصرا
{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }البقرة272
فمن يدعو الله ليهدي ابنه او احد احبته او قومه انما يعترض على حكم الله وكأنه يقول لله (لماذا لا تهديهم .. !!) فان نسيت فاذكرك ..!! وان الله يعظنا ان نكون من الجاهلين في مثل شريف توج هذه السطور
الحاج عبود الخالدي
اكثر الناس يتعاملون مع لفظ (علم) بصفته فاعلية (معرفية) فمن يحمل العلم يعني عند الناس انه يحمل (المعرفة) وان كان العلم والمعرفة رديفان في مقاصد الناس وهو حق الا ان القرءان يحمل مقاصد الله سبحانه وهي لا بد ان تكون (مفصلية) اي (أولية) لا تتحول الى مقاصد اخرى ولا تتبدل لانها سنن الله في الخلق التي لا تتبدل ولا تتحول بموجب نص قرءاني فالنصوص القرءانية تتفعل في مقاصد العقل البشري الاولية (لبنة المقاصد) وتلك الصفة هي التي جعلت من القرءان مستمر (مجيد) ذلك لان خامته الخطابية مبنية من خامة بناء لبنة النطق المرتبطة تكوينيا مع العقل وفاعليته التي (يعرفها الناس) الا انهم لا (يعلمون) كينونتها (مشغل علتها) فالعقل هو خلق الهي غير معروف للناس ففيه تفتقد (العلة والمعلول) ... ومن هذه الاثارة المقصودة نستطيع ان نفرز المعرفة عن العلم فالعلم هو (مشغل العلة) كما روجنا له في بحوث سابقة ولعل معالجة لفظ (علم) بوسيلة علم الحرف القرءاني تمنحنا استقرارا فكريا راشدا ان كتب لنا ربنا رشاد الذكرى
علم ... لفظ يعني في علم الحرف القرءاني ( مشغل نتاج فاعليه منقول)
عرف ... لفظ يعني في علم الحرف القرءاني (تبادلية نتاج فعل وسيله) فتكون الـ (معرفة) هي (حاوية مشغل لـ فعل يتبادل نتاج الوسيله) فالمعرفة (وسيلة مبنية على النتاج المتعارف عليه) سواء كان علميا او غير علمي والعلم (مشغل مبني على نتاج العلة)
لو عطفنا مراصدنا على لفظ عـَلـَمْ بقصد (الراية) كما هو العلم الوطني او علم قبيلة او علم سرية قتال او علم منظمة دولية فاننا سوف نقترب من اوليات مقاصد العقل الناطق فالراية هي (مشغل لمنتج فاعليه منقولة) وتلك الصفة موجودة في علم الوطن مثلا فقيام الوطن هو المشغل الذي انتج لون الراية ورمزها الوطني وهو يجب ان يكون ذا صفة منقولة البيان ليكون ذلك العلم (معروفا) في انتسابه الذي انتجه الوطن ... مثل نفس الرشاد يتحصل من علم القبيلة او علم السرية او علم منظمة الامم المتحدة او منظمة الاغذية وهكذا نجد ان العلم هو (مشغل) يشغل المعرفة بالشيء ومثله (الاسم العلم) الذي يأتي (نتيجة) لتسمية الابوين او اسم مدينة فهو نتاج لمخاض الانجاب من ابوين او نتاج لعلة اعتلها من اطلق الاسم على المدينة او اسم شارع او اسم سفينة وفلان هو (علم بين الناس) فهو قد امتلك (مشغل نتيجة منقولة) من معرفة علم او عنوان سياسي او كرم او غيرها من الصفات التشغيلية التي تنتج فاعلية منقولة بين الناس فيكون مشغلا علما ... اذا كان العلم لا يمتلك صفة النقل من عقل لعقل بين الناس فهو لن يكون ذا معرفة بين الناس فكثير من الاشياء تبقى سرا عند حاملها فلن تكون نتاجا منقولا ولا تقيم العلم ولا تقيم المعرفة ايضا لان المعرفة هي وسيلة تبادل العلم بين الناس ... مراشدنا تتضح عند التعامل مع لفظ (العلامة) فاي علامة يقوم الشخص بوضعها انما وضعها لنتاج علة هو ادركها فوضع لها علامة يدركها هو او يدركها الناس عندما تكون علامة تجارية ولا ننسى ان لفظ (العلامة) هو من جذر لفظ (علم)
الله سبحانه يعظ نوح وهو نبي رسول ان (لا) يكون من الجاهلين لانه طلب من الله (ما ليس له به علم) وتلك اثارة فكرية كبيرة عند تدبر النص الشريف والتبصرة فيه ذلك لان مستوى الرسل والانبياء مستوى ايماني رفيع فكيف كان نوح جاهلا وسأل الله بما ليس له به علم حين اراد ان يضم ابنه الى مركب سفينة النجاة ... قال له الله (انه ليس من اهلك) فابن نوح لم يؤهله نوح الى سبل النجاة ليستطيع ان ينال وسيلة النجاة في سفينة اباه (نوح) فكان نوح لا يمتلك (مشغل نتاج فاعلية النقل) لابنه بحيث يستطيع ان يؤهله لاستحقاقات النجاة وتلك صفة كبيرة في نظم البلاغ الرسالي ولها مضامين قرءانية واسعة البيان (انك لا تهدي من احببت) كذلك حمل مثل لوط نبأ امرأته التي شملها العقاب ولم يستطع لوط ان يؤهلها لاستحقاق النجاة ...اذن العلم بالاستحقاق الالهي لا يمكن تحصيله عند الناس حتى وان كانوا اقرب الاقربين والقرءان يبين تلك الضابطة التكوينية
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }النساء49
فمن يدعو الله انما يكون قد زكى نفسه وجعلها مستحقة للاستجابة كما فعل نوح في المثل الشريف وبالتالي فان بيان الله في قرءانه مشطوب عند الداعين ربهم ليلا ونهارا فعندما كان نوح جاهلا في دعواه لله فان عدم الاستجابة الالهية ظهرت في جهل نوح بمرابط التكوين الخاصة بموضوعية الدعاء فكيف بنا نرى من يدعو الله ليفوز في لعبة يانصيب او يدعو الله ليفوز منتخبه الوطني او ان يدعو الله لترتفع قيمة الاسهم التي اشتراها ... !!! انها مأساة دين بل هي مأساة انسان لا يقرأ نظم الخلق ولا (يعلم مرابطها) بل (يعرف) ما تعارف عليه الناس من حوله (نتاج منقول) يكون (وسيلة) العارف ويتصور ان الدعاء هو (عبادة) دون ان (يعلم) مستحقات الدعاء
مستحقات الدعاء شأن فطري يمكن ان يدركه كل مكلف فلن تكون للدعاء موضوعية تذكر اذا دعى ذو اليد المبتورة ان يعيد اليه الله يدا جديدة لانه قطعت يداه من سوء فعله هو فكيف يطلب من الله اعادتها
{مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً }النساء79
او ان يدعو الداع ربه الى ان يشفى من مرضه وهو قد أمرض نفسه بسوء فعله فهو لم يكن قادرا على (تأهيل جسده) الذي جعله الله امانة بين يديه فخرج من (مأكل الصح) فاصابته خطيئة (المأكل الخاطيء) فمرض جسده وهو يدعو الله بالشفاء وهو قد أمن جسده في المؤسسة الطبية المعاصرة قولا وفعلا تنفيذيا ... !!!
نقرأ في القرءان دعوة زكريا وهو شيخ كبير وامرأته عاقرا وهو يطلب من ربه ولدا يرثه وفي هذا المفصل التكويني يبين الله لنا كيف كانت صفة الاستحقاق عند زكريا ليطلب من ربه طلبا يمتلك موضوعية (معروفة الاستحالة) الا ان ان زكريا تمسك بدعاء ربه
{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً }مريم3
{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً }مريم4
امرأته كانت عاقرا وهو شيخ كبير ومثل تلك الصفة يمكن ترجمتها في زمننا المعاصر ان زكريا لم يكن يمتلك حيامن وامرأته لا تمتلك بويضات لكي يكون لهما ولد وفي دعاء زكريا استحالة تنفيذية الا انه امتلك ناصية ايمانية كبيرة عرف من خلالها استحقاقه للانجاب فاصبحت نظم الله مسخرة له (وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً) فهو لم يكن في معصية كما كان نوح عليه السلام حين دعا ابنه للسفينة
مثلما كانت ولادة المسيح خارج ما (تعارف عليه الناس) الا ان مشغل علة الولادة اليسوعية كان بيد الله حتما كما كانت ولادة يحيى بن زكريا لها مشغل علة تكويني سخره الله للبشر الصالحين منهم حصرا ..!!... نحن في زمن العلم (مشغل العلة) ومن المؤكد ان الله يرينا ءاياته في الافاق وفي انفسنا بشكل مختلف عن السابقين وانجاب يحيى وولادة اليسوع هي ءايات الهية بيقين لا ريب فيه ونرى فيما يرى جيلنا في زمن العلم
{سَنُرِيهِمْ ءايَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53
في اواخر القرن الماضي هز الاعلام المرئي حادثة لامرأة طاعنة في السن تعيش في منطقة ثلجية نائية في اوربا وقد عثرت تلك المرأة على شاب فاقد الوعي في الثلوج يحمل عدة متسلقي الجبال فاستطاعت سحبه الى كوخها واستطاعت تدفئته واعادة صحوته اليه وكانت الطرق مقطوعة بسبب شدة تراكم الثلوج فقضى ذلك الشخص فصل الشتاء عند تلك العجوز فانجب منها طفلا وسط ذهول المؤسسة العلمية قاطبة خصوصا المؤسسة الطبية وتم اغلاق الملف دون القدرة على الوصول الى (العلة) التي جعلت في تلك العجوز بيضة مستعدة للاخصاب رغم كبر سنها ..!!
في سبعينات القرن الماضي اعلن الاعلام المرئي ايضا عن حالة طفلة حديثة الولادة ظهر انتفاخ في حوض البطن عندها وبدأ يتزايد تحت رقابة سريرية ولم يحصلوا على اي مؤشر لوجد حالة التهاب نسيجي او وجود ورم سرطاني فاضطر فريق الاطباء الى اجراء مداخلة جراحية لمعرفة سبب ذلك الانتفاخ فظهر ان احدى بويضات تلك الطفلة الحديثة الولادة مخصبة وهي في طور نمو جنيني مما اضطرهم الى ازالة الجنين من رحمها الصغير ..!!! انها ءايات تقيم بين ايدينا (ذكرى) تذكرنا بنظم الخلق وعندما ارسل الله الينا قرءانا يحمل امثلتها فانها لا بد ان تكون في سنن الخلق وتمتلك (مشغل علة) ولا بد ان تكون ذات نتاج (منقول) يمكن استثماره في زمن العلم وتلك مجرد ذكرى وليست علما نطرحه على هذه السطور المتواضعة فللعم دوحة تخصصية لها استحقاق بشري خاص ..!
عدم سؤال الله بما لا يمتلك (مشغل نتاج منقول) يعني ان الانسان لا يضع لله وقارا في دعواه ومثل تلك الصفة ندركها بفطرة عقل بسيطة جدا فلو توجه احد الناس طالبا من الصيدلي ان يعطيه دواءا يطيل العمر لسمع من الصيدلي ما لا يرضيه ولو ان احد الناس سأل البقال ان يعطيه موزا أحمر اللون لسمع منه ما لا يرضيه فكيف نسأل الله ما لا نملك علمه وان تصورنا ان ما عرفنا عنه هو علم الا انه ليس بعلم بل هو ما تعارف عليه الناس كمن يقول ربي (احمي العراق واهله) واذا بالعراق وثن معبود بديلا عن الله ومثله من يدعو لفوز فريقه (الوطني ..!!) وتلك لعبة ما انزل الله بها من سلطان يؤثر بل هي جاهلية مأثورة ..!!
الجهل الجهل عندما يسأل الله ما ليس لنا به علم كالذين يدعون الله ليهدي حبيبا لهم والله يقول ان الهداية لها مشغل علة بيده حصرا
{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }البقرة272
فمن يدعو الله ليهدي ابنه او احد احبته او قومه انما يعترض على حكم الله وكأنه يقول لله (لماذا لا تهديهم .. !!) فان نسيت فاذكرك ..!! وان الله يعظنا ان نكون من الجاهلين في مثل شريف توج هذه السطور
تعليق