يشهد جلينا المعاصر أزمة حادة في تطبيقات النظم الإسلامية في زمن يتعرض فيه المسلمون إلى ضغوط حضارية وضغوط عدوانية من جهات غير إسلامية تتصدر قيادة البشرية في مختلف الأنشطة البشرية بما فيها قيادة الأنشطة العقائدية لأغراض هادفة تسعى إلى تمزيق بقايا الدين وهيكلة أركانه الفعالة ومن تلك الإختناقات القاسية انطلق (المعهد الإسلامي للدراسات الاستراتيجية المعاصرة) على أمل كبير من مؤسسيه أن يكون المعهد فرصة تجديد ماسكات النصر الذاتي في ممارسة إسلامية تستثمر الإسلام نفسه من أجل النصر ويتعهد المؤسسون ان يكون مسمى المعهد صادقا في نشاط المؤسسين وإدارة المعهد وأعضاء المعهد وأن يتوائم النشاط الفكري مع الهدف بشكل دائم وأن لا يحيد عن العنوان في مصداقية عهد مع الله
صفة المسمى (الإسلامي) في عنوان المعهد لن تكون لغرض تمجيد ماضي المسلمين ذلك لان حاجة الأمة الإسلامية هي حاجة قائمة اليوم في طغيان حضاري علمي وتقني مع حضارة الإسلام كمنظومة نشاط بشري واهنة لغاية قصوى وبالتالي فان المجد القديم سوف لن يقيم وسيلة فعالة في درء الهجوم القاسي على المنظومة الإسلامية أو على الإسلام
صفة الدراسات الاستراتيجية في عنوان المعهد تتطلب ان تكون الدراسات والمعالجات متصفة بصفة هدف استراتيجي من اجل يوم إسلامي أفضل ... الأهداف الرصينة التي تسعى لرسم خارطة الحلول لا تمتلك مساحات فكرية لاجترار الكلام من عصور ذهبت مع أهلها ولا تقبل تقليب الأفكار غير المجزية في فاعلية الحلول حيث ينطلق المعهد في البحث عن حل معاصر ولن ينشط المعهد في رسم حلول مستوردة من عهود سابقة أو أقوام آخرين بسبب الاختلاف الجوهري بين الإسلام وغيره وبين الأمس واليوم ..
المشروع الفكري الذي يتبناه المعهد لا يحمل إلزامية فكرية على الناس وفي نفس الوقت لا يقبل الإلزامية حين تؤتى من المتطرفين الذين لا يحق لهم أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على الفكر الإسلامي ومهاجمة المحاولة على أساس منهجي مذهبي أو فكري متعصب فالمعهد يحتظن الفكر المستقل حصرا ولا يخضع لأي روابط مذهبية صدرت فيها قرارات عقائدية من السلف الصالح الذي أصلح يومه وهو غير مسئول عن فساد يومنا ولم يكن السلف الصالح عالما بالغيب ليضع لنا حلولا معاصرة فأصبح لزاما على جيلنا الصابر أن يبحث عن وسيلة معاصرة تولد من موضوعية حضارية تمزق إسلامنا وتعادي عقيدتنا فكان هدف المعهد هو عصرنة المماسك الفعـّالة لإنقاذ المسلمين المعاصرين الذين يبحثون عن حلول تصلح ليومنا المليء بالعدوان وفق موصوفات وليدة في يومنا ولا شأن لنشاط المعهد بمشاكل المسلمين ومعالجاتهم في زمن مضى كما يهدف المعهد إلى مخاطبة الباحثين عن حلول معاصرة ولا يمتلك أهدافا للهيمنة الفكرية على المسلمين الراغبين في التمسك بمنهجيتهم الإسلامية الراهنة فلن ينام أحد في قبر أحد ولا تزر وازرة وزر أخرى
مشروع المعهد الفكري مشروع تذكيري يذكر الناس بما يستذكر كتـّاب المعهد من إثارات ومرابط تلزمهم بعدم كتمانها وتذكير الناس بها كما ورد في نص تكليفي قرءاني
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ) البقرة:159
فمن تقوم عنده التذكرة في قرءان الله وفي منظومة خلق الله وجب عليه التذكير بها والقائم بالتذكير لا يشترط ولا يجزم ان تقوم الذكرى عند كل من يمر على موضوعات المعهد وإثاراته ومعالجاته ذلك لان مفتاح الذكرى ليس بيد المذكر بل هو حصرا بيد الله
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) المدثر:56
يؤكد المؤسسون إن تلك المعالجة هي مادة دستورية يتم تنشيط الفكر بموجبها وحين يكون عدم الإلزام الفكري على الآخرين فيما يطرح في المعهد من ذكرى يكون أيضا لزاما على من يريد أن يكون عضوا في هذا المعهد أن لا يشترط فيما لا يصلح للشرط في تذكير الآخر أو مصادقة الآخر على ما ينشر هنا بل تسري فعاليات المعهد التذكيرية تحت عنوان (فمن شاء ذكر ومن شاء هجر) ولا كراهية في طروحات فكرية ومن يسمع القول فيتبع أحسنه فهو مهدي من قبل الله وليس من نشاط المعهد
(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ) الزمر:18
نبتة الكراهية لا تنفع المسلمين وما نفعتهم في ماضيهم وحاضرهم وتبقى الكلمة الودودة رسول العقل فان شاء المرسل إليه قبول الرسالة فهو خير مرتجى وان لم يقبل الرسالة فهو حر متحرر من أي قيد فكري لأن المعهد لا يمتلك أي صفة إلزامية على الناس
نأمل أن تكون ديباجة المعهد وثيقة قبول بين رواده وعشاق الحقيقة الباحثين عن وسيلة خلاص معاصرة تنفع يومنا الذي نعيشه حصرا لفك الحصار الفكري التاريخي والحصار الفكري الذي صنعته الحضارة المعاصرة والتي أفقدت المسلمين سلطانهم في منظومتهم الإسلامية
المؤسسون
تعليق