نصاب التكوين في فاعلية الدين
من أجل بيان نظم التكوين في حيازة المكلفين
يكثر الخطاب الديني من موصوفات الثواب والعقاب في حق المكلفين حيث يكون الثواب والعقاب هو النتيجة الفعلية الحتمية لتفعيل المادة الدينية عند المكلف من العباد الا ان الخطاب الديني غالبا ما يمنح للثواب والعقاب صفة فعالة بعد الموت رغم ان خطباء الدين يصفون ثواب وعقاب الدنيا الا ان منهجية التوجيه الديني تضع لاهوال العقاب وجزيل الثواب حيزا زمنيا لما بعد الموت مما جعل حملة الفكر الديني انما يعملون باجر مؤجل الدفع الى يوم القيامة فخفتت الرغبة عند جمهور الناس في السعي الى التطبيقات الدينية لان (الاجر مؤجل الى زمن) وهو بعد الموت كما شجع ذلك الخطاب الديني كثير من جماهير الناس الى ارتكاب المخالفات ذلك لان (العقاب مؤجل) الى زمن بعيد ايضا وخلال ذلك الزمن الطويل يستطيع المخالف ان يتمتع ببطاقة التوبة والمغفرة لان الله تواب غفور رحيم .
القرءان يحدثنا حديثا مباشرا بما يختلف تماما عن حيثيات الخطاب الديني ويضع العاقل امام دستورية نصوص تثير فيه ذكرى تؤدي الى تقويم العقل في دحض ما يرسخه الخطاب الديني الذي يقوم الاعلام العقائدي بنقله من ماضي المسلمين الى حاضرهم بشكل يضيع الفرصة على حملة القرءان من ان يتمسكوا بقراءنهم في زمن تتكاثر فيه المخالفات بسبب التطبيقات الحضارية التي لم يتم تعييرها بموجب نظم الخلق التي فطرها الله ... ونسمع في القرءان ذكرى
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }يونس100
لماذا لايحق للنفس ان تؤمن الا من خلال اذن إلهي والله يدعو الى الايمان فمن يدعو العباد الى الايمان لا يشترط اذنه في من يؤمن فكيف يكون هنلك (منع) للنفس التي تريد ان تؤمن
{وَالله يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
نحن انما نمارس (عقل القرءان) فالاية الشريفة تصف حامل العقل وصفا قاسيا (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) ومن تفعيل العقل (نعقل) :
فالدعوة مفتوحة من قبل الله فلماذا الاذن بالايمان وكيف يكون ذلك الاذن فهل هو اذن عام ام انه اذن محدد مع كل مكلف .... ونعقل ... فنرى من يفتتح سوقا للتسوق (مثلا) فهو انما يدعو الناس للتبضع من بضائعه المعروضة في اسواقه (ايجاب عام) وبالتالي يكون بدعوته تلك قد اسقط عن نفسه حق الاذن لكل داخل الى اسواقه سواء كان الاذن لخصوصية المتبضع او لخصوصية اخرى فهو سبق وان دعا الناس لدخول اسواقه بايجاب عام يحتاج الى قبول من المتبضع ونرى (عقلا) ان الله قد دعا الى دار السلام ويهدي (من يشاء) وهنا تقوم في العقل ان الهدي لـ (من يشاء) خاصة بمشيئة المهتدي او خاص بمشيئة الله فصاحب الاسواق انما يدعو الناس للتبضع لـ (من يشاء) من الناس التبضع فهو لا يكره (من لا يشاء التبضع) على التبضع (ولن يكون مثلها) عند رصد المشيئة لمن يريد الهداية فالمشيئة تكون بيد الله (وما كان لنفس ان تؤمن) فالنفس اذن تريد الايمان الا ان مشيئة الله هي الحاكمة وان يكون الايمان باذنه هو سبحانه وليس للعبد وهنا (عقلانية نص) ونحن نربط عقولنا مع ما بين ايدينا من فاعلية للعقل في مثل صاحب الاسواق الذي يدعو قومه للتبضع من اسواقه في ايجاب مفتوح الا انه ليس ايجاب مفتوح بشكل مطلق فصاحب الاسواق يستطيع ان يمنع بعض الفئات من دخول اسواقه عندما يرى انهم يسرقون عند تبضعهم ويحدد صفاتهم بالسن او بالملبس او بلون البشرة ففي امريكا وغيرها مثلا كانت بعض الاسواق تمنع صغار السن من دخول السوق الا بمعية ذويهم اما لو اردنا ان نتدبر القرءان لوجدنا ان الله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء فان المشيئة هنا ظاهرة للعقل انها بيد الله وليس بيد العبد ذلك لان نصا قرءانيا ءاخر يبين منهجية تدبر القرءان فتظهر ذكرى تقول (وما كان لنفس ان تؤمن الا باذن الله) فتكون نتيجة جمع قرائتين لنصين شريفين ان (يهدي من يشاء) تعني ان المشيئة بيد الله في من يريد الهداية لان ما كان لنفس ان تؤمن الا باذن الله
من راشدة تثبت بنص قرءاني يعقلها عقل يريد ان يتطهر من الرجس وعقوبته كما جاء في اخر الاية 100 من سورة يونس التي تؤكد ان من يريد الهداية والايمان يجب ان يمر عبر مرشحة إلهية الادارة وبشكل مباشر في (اذن الله) فيكون لزاما على المكلف الساعي للهداية ان يبحث عن حيثيات ذلك الاذن ليعلم هل هو في (نصاب تكويني) من مكون الهي وذلك يعني (هل له نصيب في الهدي) ام انه خدع نفسه والله خادعه وهو لن يكون على دين قويم بل دينه وديدنه نفاق
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً }النساء142
وقد يترائى لقاريء القرءان ان الصفة التي وضعها الله لاولئك المنافقين انهم يقومون للصلاة (اذا قاموا) قاموا كسالى أي (متباطؤون) الا ان النص الشريف لا يعني قيامة الصلاة في شكلها المنسكي حصرا فالصلاة المنسكية هي صلة موصولة مع نظم التكوين ولن تكون الوصلة الوحيدة فكل رابط موصول بين العبد ونظم التكوين هي صلة وصلاة فمن يمتنع عن المحرمات انما (يصلي) ومن يعمل الصالحات انما يصلي فترى المنافقين في دينهم يخادعون الله وهو خادعهم فتراه يرابي امواله (مثلا) بقروض ربوية وهو يدعي انه من المتدينين ويقول ان الربا حرام الا انه حين يسعى لرزق ربه انما يسعى في مسالك محرمة مخادعا لله والله يخدعه لانه لا يمتلك (نصيب الهداية) ولن يأذن الله له ان يهتدي ونسمع ذكرى في قرءان
{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }فاطر8
هنا نقرأ نصاب تكويني يعلنه الله في خارطة الخلق (قرءان) وهو موصوف بصفة سلبية في اكبر عقوبة يمكن ان تحل في ساحة مخلوق بشري وهو عندما تؤصد امامه طرق النجاة والتي تبدأ بالهداية الى تأمين نفسه بمنظومة خلق الله النقية فهو في ازمة تكوينية عندما (يكون سوء عمله) تم (وزنه) في ميزان حسن (زين له سوء عمله فرءاه حسنا) فوجده في ميزان الحسنات الا ان الله كان خادعا له لانه اراد ان يخدع الله فكان جزاء سيئته سيئة مثلها وهو قانون الهي فمثلما يهدي الله العباد مثلما (يضل) عبادا ءاخرين استحقوا الضلالة بموجب نظم تكوينية عادلة وهنا نقرأ حكم الهي قائم في الدنيا وليس يوم القيامة والمكلف المشمول بتلك العقوبة قد صدر بحقه قرار نهائي من الله
{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِالله شَهِيدًا}النساء79
اصابة السيئة هي من نظم تكوينية فالسيئة بفاعليتها هي من شيء مخلوق الله خلقه كالمرض مثلا فالمرض هو نظام بايولوجي مخلوق (الله خلقه)... جرثومة الطاعون (مثلا) لم تأتي من العدم وليس هنلك خالق غير الله خلقها ومثلها السرطان وغيره فتلك (سيئات) تصيب النفس بما كسبت يد الانسان من سوء وإن تصورها العبد انها موزونة بالحسنات الا ان ظهور السيئات هو دليل الضلال وهو مؤشر (نصاب التكوين) الذي اعده الله في منظومة خلق حبكت حبكا بالغ الحكمة وتبارك الله فيما خلق
الخطاب الديني عند السابقين وما استخلفه المعاصرون من ذلك الخطاب لا يفرق بين من (اضله الله) ومن (خدعه الله) ومن (لا ياذن الله له بالايمان) ومن (لا يشاء الله ان يهديه) ومن (اذا ذكروا لا يذكرون) وهم في ورطة تكوينية قاسية وصعبة وكأنهم حطب النار وهم لا يزالون في الدنيا اعزة بين الناس وعند انفسهم وبين اهليهم الا انهم عن السمع معزولون واولئك الناس يختلفون عن من يحمل (الذنوب) فحمل الذنوب صفة تختلف عن الموصوفات السابقة والخطيرة فالذنوب مهما بلغت من كبر الا ان طريق اصلاحها قائم اما الذين حقت عليهم الضلالة فهم في (نصاب تكويني) لا رجعة فيه
{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }يونس33
{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ }يونس96
فاولئك الذين حقت عليهم كلمت ربنا موصوفون بوصف (اللارجعة) فهم لا يهتدون الا باذن الهي خاص وهم مخدوعون والله خادعهم فلا يستطيع احد اصلاحهم لان الله اضلهم فمن يضلله الله لا تنفع معه نظم الهداية او أي بلاغ رسالي لانهم وزنوا السيئات بمحاسن العمل (زين لهم سوء عملهم)
{الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً }الكهف104
حامل الذنب في موقف مختلف فهو قادر على ان يتخلص من ذنبه وقت صحوته والذنب متعلقا بالمذنب الى حين الاستبراء منه فمن كان مدينا بدين مستحق الاجل وهو لا يدفعه لمن اقرضه فانه يكون حمال ذنب ويبرأ حين يسدد دينه ومثله من حمل ذنبا استوجب الكفارة فان ادى العبد كفارة ذنبه فانه يكون قد تخلص من ذنبه حتى المجرم يكون قادرا على التخلص من ذنبه فمن قتل بالخطأ فعليه الدية ومن سرق عليه ارجاع ما سرق الا من زنى فهو في ذنب كبير ويعاقب بعذاب مشهود يشهده المؤمنون
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر
الذنوب هي في كتاب موقوت بوقت محدد فيها توبة ومغفرة الا ان النصاب التكويني الحاسم الذي يحسم موقف العبد وهو لا يزال حيا في دنيا النفاق فان قرار الحكم قد صدر عليه في الدنيا وليس في الاخرة
{إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء116
(الغفار لا يغفر) ...!! فيكون العبد قد وقع وقعة حكم صادر عليه وهو لا يزال يتنفس الاوكسجين وما اكثر الشرك في زمن الحضارة فالناس قد اشركوا مع منظومة الله منظومة المتحضرين واكبر سوء تم وزنه بالحسنات في زمننا هو (منظومة الوطن) التي وصلت الى الحدود القصوى في منظومة الخلق حيث منظومة الوطن تقوم بـ (سن الشرائع) لتكون السنة البديل عن (منظومة الله) وهو شرك مضاعف لا يغفر الله فيه فكان الوطنيون ويكونون في نصاب تكويني حاسم ومفروغ منه ولا صلاح او اصلاح الا باستبدال قوما غيرهم
{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }هود57
{هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }محمد38
وما كان كاتب السطور برسول مرسل بل كاتب السطور يستن بسنة رسول الله في التبليغ الرسالي فالتذكير بالقرءان سنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وهي سنة واجبة التطبيق في عنق كل من يدعي انه محمدي العقيدة ... وتلك تذكرة
الحاج عبود الخالدي
القرءان يحدثنا حديثا مباشرا بما يختلف تماما عن حيثيات الخطاب الديني ويضع العاقل امام دستورية نصوص تثير فيه ذكرى تؤدي الى تقويم العقل في دحض ما يرسخه الخطاب الديني الذي يقوم الاعلام العقائدي بنقله من ماضي المسلمين الى حاضرهم بشكل يضيع الفرصة على حملة القرءان من ان يتمسكوا بقراءنهم في زمن تتكاثر فيه المخالفات بسبب التطبيقات الحضارية التي لم يتم تعييرها بموجب نظم الخلق التي فطرها الله ... ونسمع في القرءان ذكرى
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }يونس100
لماذا لايحق للنفس ان تؤمن الا من خلال اذن إلهي والله يدعو الى الايمان فمن يدعو العباد الى الايمان لا يشترط اذنه في من يؤمن فكيف يكون هنلك (منع) للنفس التي تريد ان تؤمن
{وَالله يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
نحن انما نمارس (عقل القرءان) فالاية الشريفة تصف حامل العقل وصفا قاسيا (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) ومن تفعيل العقل (نعقل) :
فالدعوة مفتوحة من قبل الله فلماذا الاذن بالايمان وكيف يكون ذلك الاذن فهل هو اذن عام ام انه اذن محدد مع كل مكلف .... ونعقل ... فنرى من يفتتح سوقا للتسوق (مثلا) فهو انما يدعو الناس للتبضع من بضائعه المعروضة في اسواقه (ايجاب عام) وبالتالي يكون بدعوته تلك قد اسقط عن نفسه حق الاذن لكل داخل الى اسواقه سواء كان الاذن لخصوصية المتبضع او لخصوصية اخرى فهو سبق وان دعا الناس لدخول اسواقه بايجاب عام يحتاج الى قبول من المتبضع ونرى (عقلا) ان الله قد دعا الى دار السلام ويهدي (من يشاء) وهنا تقوم في العقل ان الهدي لـ (من يشاء) خاصة بمشيئة المهتدي او خاص بمشيئة الله فصاحب الاسواق انما يدعو الناس للتبضع لـ (من يشاء) من الناس التبضع فهو لا يكره (من لا يشاء التبضع) على التبضع (ولن يكون مثلها) عند رصد المشيئة لمن يريد الهداية فالمشيئة تكون بيد الله (وما كان لنفس ان تؤمن) فالنفس اذن تريد الايمان الا ان مشيئة الله هي الحاكمة وان يكون الايمان باذنه هو سبحانه وليس للعبد وهنا (عقلانية نص) ونحن نربط عقولنا مع ما بين ايدينا من فاعلية للعقل في مثل صاحب الاسواق الذي يدعو قومه للتبضع من اسواقه في ايجاب مفتوح الا انه ليس ايجاب مفتوح بشكل مطلق فصاحب الاسواق يستطيع ان يمنع بعض الفئات من دخول اسواقه عندما يرى انهم يسرقون عند تبضعهم ويحدد صفاتهم بالسن او بالملبس او بلون البشرة ففي امريكا وغيرها مثلا كانت بعض الاسواق تمنع صغار السن من دخول السوق الا بمعية ذويهم اما لو اردنا ان نتدبر القرءان لوجدنا ان الله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء فان المشيئة هنا ظاهرة للعقل انها بيد الله وليس بيد العبد ذلك لان نصا قرءانيا ءاخر يبين منهجية تدبر القرءان فتظهر ذكرى تقول (وما كان لنفس ان تؤمن الا باذن الله) فتكون نتيجة جمع قرائتين لنصين شريفين ان (يهدي من يشاء) تعني ان المشيئة بيد الله في من يريد الهداية لان ما كان لنفس ان تؤمن الا باذن الله
من راشدة تثبت بنص قرءاني يعقلها عقل يريد ان يتطهر من الرجس وعقوبته كما جاء في اخر الاية 100 من سورة يونس التي تؤكد ان من يريد الهداية والايمان يجب ان يمر عبر مرشحة إلهية الادارة وبشكل مباشر في (اذن الله) فيكون لزاما على المكلف الساعي للهداية ان يبحث عن حيثيات ذلك الاذن ليعلم هل هو في (نصاب تكويني) من مكون الهي وذلك يعني (هل له نصيب في الهدي) ام انه خدع نفسه والله خادعه وهو لن يكون على دين قويم بل دينه وديدنه نفاق
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً }النساء142
وقد يترائى لقاريء القرءان ان الصفة التي وضعها الله لاولئك المنافقين انهم يقومون للصلاة (اذا قاموا) قاموا كسالى أي (متباطؤون) الا ان النص الشريف لا يعني قيامة الصلاة في شكلها المنسكي حصرا فالصلاة المنسكية هي صلة موصولة مع نظم التكوين ولن تكون الوصلة الوحيدة فكل رابط موصول بين العبد ونظم التكوين هي صلة وصلاة فمن يمتنع عن المحرمات انما (يصلي) ومن يعمل الصالحات انما يصلي فترى المنافقين في دينهم يخادعون الله وهو خادعهم فتراه يرابي امواله (مثلا) بقروض ربوية وهو يدعي انه من المتدينين ويقول ان الربا حرام الا انه حين يسعى لرزق ربه انما يسعى في مسالك محرمة مخادعا لله والله يخدعه لانه لا يمتلك (نصيب الهداية) ولن يأذن الله له ان يهتدي ونسمع ذكرى في قرءان
{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }فاطر8
هنا نقرأ نصاب تكويني يعلنه الله في خارطة الخلق (قرءان) وهو موصوف بصفة سلبية في اكبر عقوبة يمكن ان تحل في ساحة مخلوق بشري وهو عندما تؤصد امامه طرق النجاة والتي تبدأ بالهداية الى تأمين نفسه بمنظومة خلق الله النقية فهو في ازمة تكوينية عندما (يكون سوء عمله) تم (وزنه) في ميزان حسن (زين له سوء عمله فرءاه حسنا) فوجده في ميزان الحسنات الا ان الله كان خادعا له لانه اراد ان يخدع الله فكان جزاء سيئته سيئة مثلها وهو قانون الهي فمثلما يهدي الله العباد مثلما (يضل) عبادا ءاخرين استحقوا الضلالة بموجب نظم تكوينية عادلة وهنا نقرأ حكم الهي قائم في الدنيا وليس يوم القيامة والمكلف المشمول بتلك العقوبة قد صدر بحقه قرار نهائي من الله
{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِالله شَهِيدًا}النساء79
اصابة السيئة هي من نظم تكوينية فالسيئة بفاعليتها هي من شيء مخلوق الله خلقه كالمرض مثلا فالمرض هو نظام بايولوجي مخلوق (الله خلقه)... جرثومة الطاعون (مثلا) لم تأتي من العدم وليس هنلك خالق غير الله خلقها ومثلها السرطان وغيره فتلك (سيئات) تصيب النفس بما كسبت يد الانسان من سوء وإن تصورها العبد انها موزونة بالحسنات الا ان ظهور السيئات هو دليل الضلال وهو مؤشر (نصاب التكوين) الذي اعده الله في منظومة خلق حبكت حبكا بالغ الحكمة وتبارك الله فيما خلق
الخطاب الديني عند السابقين وما استخلفه المعاصرون من ذلك الخطاب لا يفرق بين من (اضله الله) ومن (خدعه الله) ومن (لا ياذن الله له بالايمان) ومن (لا يشاء الله ان يهديه) ومن (اذا ذكروا لا يذكرون) وهم في ورطة تكوينية قاسية وصعبة وكأنهم حطب النار وهم لا يزالون في الدنيا اعزة بين الناس وعند انفسهم وبين اهليهم الا انهم عن السمع معزولون واولئك الناس يختلفون عن من يحمل (الذنوب) فحمل الذنوب صفة تختلف عن الموصوفات السابقة والخطيرة فالذنوب مهما بلغت من كبر الا ان طريق اصلاحها قائم اما الذين حقت عليهم الضلالة فهم في (نصاب تكويني) لا رجعة فيه
{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }يونس33
{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ }يونس96
فاولئك الذين حقت عليهم كلمت ربنا موصوفون بوصف (اللارجعة) فهم لا يهتدون الا باذن الهي خاص وهم مخدوعون والله خادعهم فلا يستطيع احد اصلاحهم لان الله اضلهم فمن يضلله الله لا تنفع معه نظم الهداية او أي بلاغ رسالي لانهم وزنوا السيئات بمحاسن العمل (زين لهم سوء عملهم)
{الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً }الكهف104
حامل الذنب في موقف مختلف فهو قادر على ان يتخلص من ذنبه وقت صحوته والذنب متعلقا بالمذنب الى حين الاستبراء منه فمن كان مدينا بدين مستحق الاجل وهو لا يدفعه لمن اقرضه فانه يكون حمال ذنب ويبرأ حين يسدد دينه ومثله من حمل ذنبا استوجب الكفارة فان ادى العبد كفارة ذنبه فانه يكون قد تخلص من ذنبه حتى المجرم يكون قادرا على التخلص من ذنبه فمن قتل بالخطأ فعليه الدية ومن سرق عليه ارجاع ما سرق الا من زنى فهو في ذنب كبير ويعاقب بعذاب مشهود يشهده المؤمنون
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر
الذنوب هي في كتاب موقوت بوقت محدد فيها توبة ومغفرة الا ان النصاب التكويني الحاسم الذي يحسم موقف العبد وهو لا يزال حيا في دنيا النفاق فان قرار الحكم قد صدر عليه في الدنيا وليس في الاخرة
{إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء116
(الغفار لا يغفر) ...!! فيكون العبد قد وقع وقعة حكم صادر عليه وهو لا يزال يتنفس الاوكسجين وما اكثر الشرك في زمن الحضارة فالناس قد اشركوا مع منظومة الله منظومة المتحضرين واكبر سوء تم وزنه بالحسنات في زمننا هو (منظومة الوطن) التي وصلت الى الحدود القصوى في منظومة الخلق حيث منظومة الوطن تقوم بـ (سن الشرائع) لتكون السنة البديل عن (منظومة الله) وهو شرك مضاعف لا يغفر الله فيه فكان الوطنيون ويكونون في نصاب تكويني حاسم ومفروغ منه ولا صلاح او اصلاح الا باستبدال قوما غيرهم
{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }هود57
{هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }محمد38
وما كان كاتب السطور برسول مرسل بل كاتب السطور يستن بسنة رسول الله في التبليغ الرسالي فالتذكير بالقرءان سنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وهي سنة واجبة التطبيق في عنق كل من يدعي انه محمدي العقيدة ... وتلك تذكرة
تعليق