الطبيعة ..! وطبائع الناس ..!!
من أجل ثورة اسلامية على نفوس معاصرة
يكثر استخدام لفظ (الطبيعة) بين الناس خصوصا في زمن النشر الحديث الذي يتميز في انتشار (حيازة علم القلم) عند نسبة عالية من الناس بما يختلف عن زمن ما قبل الحضارة حيث كانت نسبة الذين يقرأون ويكتبون لا تزيد على 3 ـ 5 % واليوم نرى تلك النسبة منقلبة في كثير من مجتمعات العصر الحديث باتجاه الذين لا يقرأون ولا يكتبون فهم القلة القليلة فاصبح (القلم) في العصر الحديث متحدثا عن اللسان البشري وهو مؤشر بياني يعلن (فطرة النطق) التي فطرها الله في الناس في (علم القلم) الذي له مصدرية علم من الله ايضا
{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ }العلق4
ومن تلك الراشدة القائمة من تذكرة قرءانية نمسك بفطرة ناطقة تنطق بلفظ (الطبيعة) قولا وكتابة بشكل منتشر حتى ان الملحدين اوكلوا الخلق الى ما اسموه بـ (الطبيعة) وادعوا ان الطبيعة المادية هي التي منحت الخلية الاولى رحيق الحياة لتتطور (طبيعيا) في مسلسل وضعه سيئ الذكر (داروين) ونظريته التي فرضت على الناس فرضا تحت اسم (اصل الانواع) ... نحن هنا في مشروعنا الفكري لا نخرج من القرءان الا لنعود اليه فهو مصدر (الذكرى الحق) لنعرف لفظ (الطبيعة) وما يذكرنا القرءان فيما حملت (طبائعنا) من الفاظ متداولة
الطبيعة لفظ من جذر (طبع) وذلك الترشيد من فطرة عقل ناطق يمكن الامساك بها بسهولة ومن نفس الفطرة نرى البناء العربي لجذر لفظ طبع فيكون (طبع .. يطبع ... طابع ... طبعا ً ... طبيع .. طبيعي .. طبوع ... طباع ... ... طوابع .... طبائع ... مطبع ... مطبعي ... مطبوع ... مطبعة ... ... و ... و .. )
طبع ... لفظ في علم الحرف القرءاني يعني (نتاج نافذ القبض) ولغرض تثبيت تلك الراشدة المستحلبة من علم الحرف القرءاني (وهو علم لا يزال غير منشور في مشروعنا العلمي ونحن اننا نمهد لتطبيع من يتابعنا لغرض نشره في مستقبل قريب) وعند تطبيق تلك الراشدة على وظائف لفظ (طبع) القائمة في يومياتنا كما تدركه التذكرة العقلية (من عقل لعقل) بالشكل التالي :
طبع ... عندما يراد من اللفظ عملية الطباعة على الورق فالطباعة (نتاج) فكري او فني أي (رسم او خطوط) وذلك النتاج متصف بصفة (نافذ) أي انه وصل الى درجة النفاذ فالمسودات الكتابية لا تطبع الا بعد نفاذها كما يتم طبع الكتاب الرسمي بعد استحصال الموافقات الرسمية على المسودة فيكون (نافذا) وتلك النفاذية تكون (مقبوضة) فلا فائدة من كتاب مطبوع ليس له وسيلة قبض نافذة موضوعيا كأن يكون قد صدر من جهة غير مخولة ... ومثله طباعة الكتاب (مؤلف) فهو (نتاج فكري) يتحول الى صفة (نافذة) بعد تنقيح مسودته وطباعته فيكون جاهزا (نافذا) ليقبض موضوعه أي (محتواه الفكري) قاريء الكتاب ومثله طبع الخارطة او طبع رساله فالطباعة هي في عملية (طبع) تتصف بصفة انها (نتاج نافذ القبض)
طبع ... عندما يراد من اللفط طبائع شخص ما في حب او كره او أي صفة طبائعية فهي (نتاج) لنشاط انساني ففلان من الناس (مثلا) من طبعه ان ينام مبكرا وذلك يعني ان من حيث النتيجة الطبائعية ينام مبكرا وفعل نومه نافذ القبض فلو ذهب للفراش ولم ينم فلن يكون الفعل طبائعيا بل يخضع لصفة اخرى ومثله من كان طبعه الضحك بكهكهة مميزة (مثلا) فان ضحكته هي نتيجة لشيء مضحك وله نافذية في الضاحك فان لم تنفذ مسببات الضحك فيه فهو لن يضحك ولن تظهر طبيعته في الضحك وبالتالي فان نفاذية القبض تكون في الضاحك فتظهر طبيعته المميزة في كهكهة متميزة من طبعه ..
طابع ... وهو لفظ يستخدم لوصف وثيقة رسمية صغيرة تلصق على المعاملات الرسمية وتحمل رمزا وطنيا وهو نوع من انواع الرسوم الحكومية المسبقة الدفع .. الطابع يمتلك صفة لـ (نتاج) ناتج عن ممارسة يقوم بها المواطن عند تقديم طلب رسمي او لمتابعة رسمية فمن لا يمتلك تلك الصفة لا يستخدم الطابع والطابع يمتلك (نفاذية قبض) حكومية المنشأ فان وضع المواطن طابعا على طلبه فان (الصفة الرسمية) ستقوم في ذلك الطلب ويستوجب على الموظف الحكومي قبول الطلب (حتما) حتى وان كان الطلب غير معقول حيث يتم معالجة اللامعقول بعد قبول الطلب لان الطابع جعله نافذ رسميا فالطابع الحكومي على الطلب يمنح الطلب (نافذية قبض) عند الموظف الحكومي
طبعا ً ... يستخدم لفظ طبعا لتأكيد وصف محدد او كلام محدد وهو لفظ متداول كثيرا بين الناس في زمننا المعاصر ولم يكن له تداول في احاديث الاولين المكتوبة والمنقولة الينا عبر تراث السابقين ... طبعا ... تعني ان الطبع هو (نتاج نافذ) فلو قال شخص (الا ترى ما أراه) فاقول (طبعا) وذلك يعني تطابق طبائعي فيما يراه الاثنان ... وحين نقول (من الطبيعي ان نسعى لارزاقنا) فذلك يعني اننا نشير الى طبيعة بشرية في السعي الى طلب الرزق
طيبعة ... وهو لفظ يستخدم بكثرة في الزمن المعاصر ويستخدم مع كل شيء لا يعبث به الانسان صناعيا او غيره فنقول مثلا (عصير طبيعي 100%) يعني انه خالي من النكهات والالوان والمركزات الصناعية وحين نقول (الطبيعة الخضراء) فذلك يعني ان نظم الزرع واضحة البيان وحين نقول (طبيعة الصحراء) فهو يعني ما فطرت عليه خلق الصحارى ... فالعصير الطبيعي ما هو الا (نتاج) من عملية (عصر) يكون (نافذ القبض) بنسبته المحددة فمن يشرب عصير طبيعي بنسبة 16% مثلا فهو لن يصيب نفاذية قبضه الا بنسبة 16% من طبيعة العصير اما الباقي (غير الطبيعي) فلا يمتلك نفاذية مطعم سليم والناس يدركون ان الغذاء الطبيعي هو الغذاء النافذ في (سلامة اجسادهم) وهنلك استخدام واسع للفظ طبيعي فنقول (قطن طبيعي) او (صوف طبيعي) او (سماد طبيعي) فان مدارك الانسان ترصد (نتاج) محدد في صوف او قطن نافذ القبض وفق موصوفه في الخلق (طبيعي) لانه (نتاج نافذ القبض) من خلق مخلوق وليس من صنع تركيبي فلو لم يخلق الله لنا الصوف فلن يكون نافذ القبض عندنا ولم لم يخلق الله لنا القطن فلن يكون لنا فيه نفاذية قبض ومثله (كل شيء طبيعي) ...!!
من تلك الرحلة التجريبية لنتاج من علم الحرف القرءاني مع تطبيقات فطرية على استخدامات ذلك اللفظ نعود للقرءان لنرى ان (الطبع) هو فعل الهي حصري في النصوص القرءانية حيث ورد لفظ طبع في القرءان 11 مره ندرجها جميعها ونراقب (فعل الطبع) على (المطبوع) كيف يكون (من الله حصرا)
1 ـ {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء155
2 ـ {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ }الأعراف100
3 ـ {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُعَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ }الأعراف101
4 ـ {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }التوبة87
5 ـ {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ }يونس74
6 ـ {أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }النحل108
7 ـ {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُعَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }الروم59
8 ـ {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي ءايَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ ءامَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }غافر35
9 ـ {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ ءانِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ }محمد16
10 ـ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ءامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ }المنافقون3
11 ـ {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }التوبة93
من نصوص دستورية نتعرف على عملية (الطبع) فهي تقوم بفعل الهي والناس جميعا يدركون بما فيهم الملحدون ان الطبيعة هي من صنع خالق هو اكبر من الطبيعة نفسها الا ان طبائع الناس (سلوكياتهم) فيها وجهات نظر متعددة فمنهم من يقول ان طبائع الفرد هي من نتيجة تربوية بيتية ومنهم من يقول انها من نتيجة تربوية مجتمعية ومنهم من يعزيها الى مؤثرات وراثية واخرون ربطوها ربطا قذرا في رغبات جنسية ابوية وامومية كما فصلها عالم النفس سيء الذكر (فرويد) ومنهم من ربطها برأس المال كما في الفكر الشيوعي الا ان القرءان يذكرنا ان طبائع الناس هي من فعل الهي ونرى الاخبار الالهي في نقاط موصوفة بموصوفاتها القرءانية
قبل ان ندرج الصفات الطبائعية التي قال بها القرءان بصفتها من فعل الهي علينا ان نتدبر لفظ (القلب) و (القلوب) في المقاصد الشريفة في القرءان فهي لا تعني القلوب النابضة بالدم بل تعني (الانقلاب) من الفاعلية العقلية الى الفاعلية المادية النشطة أي الانقلاب من (النية) العقلية الى (الفعل المادي) .. تلك هي مقاصد الله في لفظ (القلب) بوصف موجز والان ندرج الصفات الطبائعية عند الانتقال من العقل الى التنفيذ
1 ـ نقض الميثاق ... يكون طبع الكفر وهو من الاية 155 النساء وتلك الراشدة التذكيرية مؤكدة في القرءان في نص ءاخر في وصف المؤمنين
{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ }المؤمنون8
2 ـ حملة الذنوب .. طبع عليهم انهم لا يسمعون النصيحة وهو من الاية 100 الاعراف
3 ـ تكذيب البلاغ الرسالي .. طبع على قلوبهم الكفر وهو من الاية 101 الاعراف
4 ـ الذين يوكلون الجهاد الى غيرهم (الخوالف) .. طبع على قلوبهم عدم الفقه وهو من الاية 87 التوبة
5 ـ الاعتداء على البلاغ الرسالي ... طبع على قلوبهم الكفر وهو من الاية 74 يونس
6 ـ الغافلون ... طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وهو من الاية 108 النحل
7 ـ الذين لا يبحثون عن العلة (لا يعلمون) ... وهو من يريد ان يكون لا يدري عمدا فيطبع الله على قلوبهم باللاعلم وهو من الاية 59 الروم
8 ـ الذين يجادلون في ءايات الله بلا سلطان ... يطبع الله على قلوبهم التجبر والاستكبار فيركسون في الاثم ويستقطبون مزيدا من الاعداء حولهم وهو من الاية 35 غافر
9 ـ الذين يسمعون البلاغ الرسالي وينكرون انهم سمعوه ... يطبع الله على قلوبهم اتباع مصالحهم (اهوائهم) فيضطرب دينهم ويفقدون السلام الاسلامي وهو من الاية 16 محمد
10 ـ الكفر بعد الايمان ... يطبع الله على قلوبهم اللافقه فيكونون الاقرب الى الغباء منه الى الذكاء في مجمل انشطتهم وهو من الاية 3 المنافقون
11 ـ الاغنياء المتقاعسين عن الجهاد ... يطبع الله على قلوبهم اللاعلم فيكونون خداما لاموالهم ولا يتمتعون بسعادة الغنى وهو من الاية 93 التوبة
انحسار لفظ (طبع) الوارد في القرءان مقترنا باثره في (القلوب) ذلك لان ادراك القصد الشريف للفظ القلوب يقع في الانقلاب الفكري من النوايا الى التطبيق التنفيذي فهي الميزة التي يتميز بها العقل البشري حصرا فالمخلوقات جميعا لا تمتلك منقلبا فكريا بل تمتلك (طبائع غرائزية) فالغريزة لا تتطلب منقلبا فكريا بل تمتلك نفاذية تكوينية لا تحتاج الى (قرار) الا الانسان الذي يمتلك (قرار) غير غرائزي وكل تصرف لاي مخلوق غير الانسان لا يمتلك قرارا بل يمتلك (نفاذ غرائزي) وهو باصله منبت (طبيعي) لا يخضع الى (متغيرات الطبائع)
الموصوفات الاحد عشر جميعها تضع (العقل البشري) في طبيعته الفطرية في (احسن تقويم) والاشارة الشريفة تؤكد الارتداد الفطري ونتيجته في الخلق ايضا الا انها لا تتصف بصفة (احسن تقويم) وهي الوجهة الاخرى من نظم الخلق والتي يركس المخلوق نفسه فيها (ظالم لنفسه)
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }التين4
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }التين5
الموصوفات الاحد عشر الواردة في القرءان في عملية (الطبع) السالب في الارتداد نحو اسفل سافلين بقانون الهي (يطبع الله على قلوبهم) تتعلق جميعا في رابط الانسان بالدين ذلك لان الارتباط بالدين هو المرشد الراشد لكل تصرف يقوم به الانسان وفي غيره ضلال
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85
ذلك لان النظم الرسالية الاسلامية غير محدودة الحاجة بل تغطي حاجة الانسان مهما فاق في تحضره او مهما كان بدائيا وما بينهما فمن ينجو من القانون الارتدادي للطبائع فيكون قلبه (سليم) غير خاضع الى طابع القلوب السلبي في النظم الالهية ضمن الموصوفات الاحد عشر المسطورة في القرءان فينجو ويكون قادرا على اقامة الدين فطرة لانه مخلوق على احسن تقويم (طبيعي 100%)
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم30
الدِّينُ الْقَيِّمُ .... انه دين قائم في الفطرة ونستطيع ان ندركه بسهولة ان لم يكن الله قد طبع على قلوبنا (الكفر .. عدم سماع البلاغ الرسالي ... عدم العلم ... عدم البصيرة ... اتباع الاهواء ... لا يفقه ) ... ونرى بعقل فطري محض فلو ابتلع الانسان عشرة اقراص اسبرين دفعة واحدة ينقل الى المستشفى في حالة حرجة وقد ينجو وقد يموت اما لو ابتلع 100 حبة او حتى 1000 حبة من العنب او القمح او أي بذرة اخرى فانه سيكون (سليم) أي (مسلم) لانه انما ادخل في جوفه مواد عضوية (عنب او قمح او غيرها) وهي مواد (طبيعية) (طبع الله مقالبها ـ قلوبها ـ للناس) اما قرص الاسبرين فهو مواد كيميائية غير عضوية (غير طبيعية) فقليلها (ضار) وكثيرها (مهلك) وتلك صفة كل الادوية الكيميائية (غير العضوية) ونسمع القرءان
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِمِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24
ومن يريد التفكر بايات الله ننصحه بمراجعة مسلسل محرمات المأكل في رصد معاصر يحدد الحلال والحرام بصفته (صفة لموصوف) ولن يكون الحلال والحرام اسم لمسمى تاريخي كالميتة والدم ولحم الخنزير والموقوذة والنطيحة وغيرها ...
مجلس مناقشة محرمات المأكل
طبائع الناس خلقها الله جميعا في احسن تقويم او في ردة اسفل سافلين وعندما منح الله عقل الانسان حرية الاختيار (اما شاكرا واما كفورا) فانه لن يكون في اختيار مطلق بل هو الانتقال من سنة الخلق الاساس (احسن تقويم) الى سنة الخلق المرتده (اسفل سافلين)
تلك تذكرة فمن شاء ذكر ومن شاء هجر حيث الناس فطروا على طبائع تخضع لادارة الهية مباشرة ولا يستطيع بشر ان يهدي بشر ولا سلطان لعقل بشري على عقل بشري ءاخر
{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ }العلق4
ومن تلك الراشدة القائمة من تذكرة قرءانية نمسك بفطرة ناطقة تنطق بلفظ (الطبيعة) قولا وكتابة بشكل منتشر حتى ان الملحدين اوكلوا الخلق الى ما اسموه بـ (الطبيعة) وادعوا ان الطبيعة المادية هي التي منحت الخلية الاولى رحيق الحياة لتتطور (طبيعيا) في مسلسل وضعه سيئ الذكر (داروين) ونظريته التي فرضت على الناس فرضا تحت اسم (اصل الانواع) ... نحن هنا في مشروعنا الفكري لا نخرج من القرءان الا لنعود اليه فهو مصدر (الذكرى الحق) لنعرف لفظ (الطبيعة) وما يذكرنا القرءان فيما حملت (طبائعنا) من الفاظ متداولة
الطبيعة لفظ من جذر (طبع) وذلك الترشيد من فطرة عقل ناطق يمكن الامساك بها بسهولة ومن نفس الفطرة نرى البناء العربي لجذر لفظ طبع فيكون (طبع .. يطبع ... طابع ... طبعا ً ... طبيع .. طبيعي .. طبوع ... طباع ... ... طوابع .... طبائع ... مطبع ... مطبعي ... مطبوع ... مطبعة ... ... و ... و .. )
طبع ... لفظ في علم الحرف القرءاني يعني (نتاج نافذ القبض) ولغرض تثبيت تلك الراشدة المستحلبة من علم الحرف القرءاني (وهو علم لا يزال غير منشور في مشروعنا العلمي ونحن اننا نمهد لتطبيع من يتابعنا لغرض نشره في مستقبل قريب) وعند تطبيق تلك الراشدة على وظائف لفظ (طبع) القائمة في يومياتنا كما تدركه التذكرة العقلية (من عقل لعقل) بالشكل التالي :
طبع ... عندما يراد من اللفظ عملية الطباعة على الورق فالطباعة (نتاج) فكري او فني أي (رسم او خطوط) وذلك النتاج متصف بصفة (نافذ) أي انه وصل الى درجة النفاذ فالمسودات الكتابية لا تطبع الا بعد نفاذها كما يتم طبع الكتاب الرسمي بعد استحصال الموافقات الرسمية على المسودة فيكون (نافذا) وتلك النفاذية تكون (مقبوضة) فلا فائدة من كتاب مطبوع ليس له وسيلة قبض نافذة موضوعيا كأن يكون قد صدر من جهة غير مخولة ... ومثله طباعة الكتاب (مؤلف) فهو (نتاج فكري) يتحول الى صفة (نافذة) بعد تنقيح مسودته وطباعته فيكون جاهزا (نافذا) ليقبض موضوعه أي (محتواه الفكري) قاريء الكتاب ومثله طبع الخارطة او طبع رساله فالطباعة هي في عملية (طبع) تتصف بصفة انها (نتاج نافذ القبض)
طبع ... عندما يراد من اللفط طبائع شخص ما في حب او كره او أي صفة طبائعية فهي (نتاج) لنشاط انساني ففلان من الناس (مثلا) من طبعه ان ينام مبكرا وذلك يعني ان من حيث النتيجة الطبائعية ينام مبكرا وفعل نومه نافذ القبض فلو ذهب للفراش ولم ينم فلن يكون الفعل طبائعيا بل يخضع لصفة اخرى ومثله من كان طبعه الضحك بكهكهة مميزة (مثلا) فان ضحكته هي نتيجة لشيء مضحك وله نافذية في الضاحك فان لم تنفذ مسببات الضحك فيه فهو لن يضحك ولن تظهر طبيعته في الضحك وبالتالي فان نفاذية القبض تكون في الضاحك فتظهر طبيعته المميزة في كهكهة متميزة من طبعه ..
طابع ... وهو لفظ يستخدم لوصف وثيقة رسمية صغيرة تلصق على المعاملات الرسمية وتحمل رمزا وطنيا وهو نوع من انواع الرسوم الحكومية المسبقة الدفع .. الطابع يمتلك صفة لـ (نتاج) ناتج عن ممارسة يقوم بها المواطن عند تقديم طلب رسمي او لمتابعة رسمية فمن لا يمتلك تلك الصفة لا يستخدم الطابع والطابع يمتلك (نفاذية قبض) حكومية المنشأ فان وضع المواطن طابعا على طلبه فان (الصفة الرسمية) ستقوم في ذلك الطلب ويستوجب على الموظف الحكومي قبول الطلب (حتما) حتى وان كان الطلب غير معقول حيث يتم معالجة اللامعقول بعد قبول الطلب لان الطابع جعله نافذ رسميا فالطابع الحكومي على الطلب يمنح الطلب (نافذية قبض) عند الموظف الحكومي
طبعا ً ... يستخدم لفظ طبعا لتأكيد وصف محدد او كلام محدد وهو لفظ متداول كثيرا بين الناس في زمننا المعاصر ولم يكن له تداول في احاديث الاولين المكتوبة والمنقولة الينا عبر تراث السابقين ... طبعا ... تعني ان الطبع هو (نتاج نافذ) فلو قال شخص (الا ترى ما أراه) فاقول (طبعا) وذلك يعني تطابق طبائعي فيما يراه الاثنان ... وحين نقول (من الطبيعي ان نسعى لارزاقنا) فذلك يعني اننا نشير الى طبيعة بشرية في السعي الى طلب الرزق
طيبعة ... وهو لفظ يستخدم بكثرة في الزمن المعاصر ويستخدم مع كل شيء لا يعبث به الانسان صناعيا او غيره فنقول مثلا (عصير طبيعي 100%) يعني انه خالي من النكهات والالوان والمركزات الصناعية وحين نقول (الطبيعة الخضراء) فذلك يعني ان نظم الزرع واضحة البيان وحين نقول (طبيعة الصحراء) فهو يعني ما فطرت عليه خلق الصحارى ... فالعصير الطبيعي ما هو الا (نتاج) من عملية (عصر) يكون (نافذ القبض) بنسبته المحددة فمن يشرب عصير طبيعي بنسبة 16% مثلا فهو لن يصيب نفاذية قبضه الا بنسبة 16% من طبيعة العصير اما الباقي (غير الطبيعي) فلا يمتلك نفاذية مطعم سليم والناس يدركون ان الغذاء الطبيعي هو الغذاء النافذ في (سلامة اجسادهم) وهنلك استخدام واسع للفظ طبيعي فنقول (قطن طبيعي) او (صوف طبيعي) او (سماد طبيعي) فان مدارك الانسان ترصد (نتاج) محدد في صوف او قطن نافذ القبض وفق موصوفه في الخلق (طبيعي) لانه (نتاج نافذ القبض) من خلق مخلوق وليس من صنع تركيبي فلو لم يخلق الله لنا الصوف فلن يكون نافذ القبض عندنا ولم لم يخلق الله لنا القطن فلن يكون لنا فيه نفاذية قبض ومثله (كل شيء طبيعي) ...!!
من تلك الرحلة التجريبية لنتاج من علم الحرف القرءاني مع تطبيقات فطرية على استخدامات ذلك اللفظ نعود للقرءان لنرى ان (الطبع) هو فعل الهي حصري في النصوص القرءانية حيث ورد لفظ طبع في القرءان 11 مره ندرجها جميعها ونراقب (فعل الطبع) على (المطبوع) كيف يكون (من الله حصرا)
1 ـ {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء155
2 ـ {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ }الأعراف100
3 ـ {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُعَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ }الأعراف101
4 ـ {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }التوبة87
5 ـ {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ }يونس74
6 ـ {أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }النحل108
7 ـ {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُعَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }الروم59
8 ـ {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي ءايَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ ءامَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }غافر35
9 ـ {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ ءانِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ }محمد16
10 ـ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ءامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ }المنافقون3
11 ـ {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }التوبة93
من نصوص دستورية نتعرف على عملية (الطبع) فهي تقوم بفعل الهي والناس جميعا يدركون بما فيهم الملحدون ان الطبيعة هي من صنع خالق هو اكبر من الطبيعة نفسها الا ان طبائع الناس (سلوكياتهم) فيها وجهات نظر متعددة فمنهم من يقول ان طبائع الفرد هي من نتيجة تربوية بيتية ومنهم من يقول انها من نتيجة تربوية مجتمعية ومنهم من يعزيها الى مؤثرات وراثية واخرون ربطوها ربطا قذرا في رغبات جنسية ابوية وامومية كما فصلها عالم النفس سيء الذكر (فرويد) ومنهم من ربطها برأس المال كما في الفكر الشيوعي الا ان القرءان يذكرنا ان طبائع الناس هي من فعل الهي ونرى الاخبار الالهي في نقاط موصوفة بموصوفاتها القرءانية
قبل ان ندرج الصفات الطبائعية التي قال بها القرءان بصفتها من فعل الهي علينا ان نتدبر لفظ (القلب) و (القلوب) في المقاصد الشريفة في القرءان فهي لا تعني القلوب النابضة بالدم بل تعني (الانقلاب) من الفاعلية العقلية الى الفاعلية المادية النشطة أي الانقلاب من (النية) العقلية الى (الفعل المادي) .. تلك هي مقاصد الله في لفظ (القلب) بوصف موجز والان ندرج الصفات الطبائعية عند الانتقال من العقل الى التنفيذ
1 ـ نقض الميثاق ... يكون طبع الكفر وهو من الاية 155 النساء وتلك الراشدة التذكيرية مؤكدة في القرءان في نص ءاخر في وصف المؤمنين
{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ }المؤمنون8
2 ـ حملة الذنوب .. طبع عليهم انهم لا يسمعون النصيحة وهو من الاية 100 الاعراف
3 ـ تكذيب البلاغ الرسالي .. طبع على قلوبهم الكفر وهو من الاية 101 الاعراف
4 ـ الذين يوكلون الجهاد الى غيرهم (الخوالف) .. طبع على قلوبهم عدم الفقه وهو من الاية 87 التوبة
5 ـ الاعتداء على البلاغ الرسالي ... طبع على قلوبهم الكفر وهو من الاية 74 يونس
6 ـ الغافلون ... طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وهو من الاية 108 النحل
7 ـ الذين لا يبحثون عن العلة (لا يعلمون) ... وهو من يريد ان يكون لا يدري عمدا فيطبع الله على قلوبهم باللاعلم وهو من الاية 59 الروم
8 ـ الذين يجادلون في ءايات الله بلا سلطان ... يطبع الله على قلوبهم التجبر والاستكبار فيركسون في الاثم ويستقطبون مزيدا من الاعداء حولهم وهو من الاية 35 غافر
9 ـ الذين يسمعون البلاغ الرسالي وينكرون انهم سمعوه ... يطبع الله على قلوبهم اتباع مصالحهم (اهوائهم) فيضطرب دينهم ويفقدون السلام الاسلامي وهو من الاية 16 محمد
10 ـ الكفر بعد الايمان ... يطبع الله على قلوبهم اللافقه فيكونون الاقرب الى الغباء منه الى الذكاء في مجمل انشطتهم وهو من الاية 3 المنافقون
11 ـ الاغنياء المتقاعسين عن الجهاد ... يطبع الله على قلوبهم اللاعلم فيكونون خداما لاموالهم ولا يتمتعون بسعادة الغنى وهو من الاية 93 التوبة
انحسار لفظ (طبع) الوارد في القرءان مقترنا باثره في (القلوب) ذلك لان ادراك القصد الشريف للفظ القلوب يقع في الانقلاب الفكري من النوايا الى التطبيق التنفيذي فهي الميزة التي يتميز بها العقل البشري حصرا فالمخلوقات جميعا لا تمتلك منقلبا فكريا بل تمتلك (طبائع غرائزية) فالغريزة لا تتطلب منقلبا فكريا بل تمتلك نفاذية تكوينية لا تحتاج الى (قرار) الا الانسان الذي يمتلك (قرار) غير غرائزي وكل تصرف لاي مخلوق غير الانسان لا يمتلك قرارا بل يمتلك (نفاذ غرائزي) وهو باصله منبت (طبيعي) لا يخضع الى (متغيرات الطبائع)
الموصوفات الاحد عشر جميعها تضع (العقل البشري) في طبيعته الفطرية في (احسن تقويم) والاشارة الشريفة تؤكد الارتداد الفطري ونتيجته في الخلق ايضا الا انها لا تتصف بصفة (احسن تقويم) وهي الوجهة الاخرى من نظم الخلق والتي يركس المخلوق نفسه فيها (ظالم لنفسه)
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }التين4
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }التين5
الموصوفات الاحد عشر الواردة في القرءان في عملية (الطبع) السالب في الارتداد نحو اسفل سافلين بقانون الهي (يطبع الله على قلوبهم) تتعلق جميعا في رابط الانسان بالدين ذلك لان الارتباط بالدين هو المرشد الراشد لكل تصرف يقوم به الانسان وفي غيره ضلال
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85
ذلك لان النظم الرسالية الاسلامية غير محدودة الحاجة بل تغطي حاجة الانسان مهما فاق في تحضره او مهما كان بدائيا وما بينهما فمن ينجو من القانون الارتدادي للطبائع فيكون قلبه (سليم) غير خاضع الى طابع القلوب السلبي في النظم الالهية ضمن الموصوفات الاحد عشر المسطورة في القرءان فينجو ويكون قادرا على اقامة الدين فطرة لانه مخلوق على احسن تقويم (طبيعي 100%)
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم30
الدِّينُ الْقَيِّمُ .... انه دين قائم في الفطرة ونستطيع ان ندركه بسهولة ان لم يكن الله قد طبع على قلوبنا (الكفر .. عدم سماع البلاغ الرسالي ... عدم العلم ... عدم البصيرة ... اتباع الاهواء ... لا يفقه ) ... ونرى بعقل فطري محض فلو ابتلع الانسان عشرة اقراص اسبرين دفعة واحدة ينقل الى المستشفى في حالة حرجة وقد ينجو وقد يموت اما لو ابتلع 100 حبة او حتى 1000 حبة من العنب او القمح او أي بذرة اخرى فانه سيكون (سليم) أي (مسلم) لانه انما ادخل في جوفه مواد عضوية (عنب او قمح او غيرها) وهي مواد (طبيعية) (طبع الله مقالبها ـ قلوبها ـ للناس) اما قرص الاسبرين فهو مواد كيميائية غير عضوية (غير طبيعية) فقليلها (ضار) وكثيرها (مهلك) وتلك صفة كل الادوية الكيميائية (غير العضوية) ونسمع القرءان
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِمِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24
ومن يريد التفكر بايات الله ننصحه بمراجعة مسلسل محرمات المأكل في رصد معاصر يحدد الحلال والحرام بصفته (صفة لموصوف) ولن يكون الحلال والحرام اسم لمسمى تاريخي كالميتة والدم ولحم الخنزير والموقوذة والنطيحة وغيرها ...
مجلس مناقشة محرمات المأكل
طبائع الناس خلقها الله جميعا في احسن تقويم او في ردة اسفل سافلين وعندما منح الله عقل الانسان حرية الاختيار (اما شاكرا واما كفورا) فانه لن يكون في اختيار مطلق بل هو الانتقال من سنة الخلق الاساس (احسن تقويم) الى سنة الخلق المرتده (اسفل سافلين)
تلك تذكرة فمن شاء ذكر ومن شاء هجر حيث الناس فطروا على طبائع تخضع لادارة الهية مباشرة ولا يستطيع بشر ان يهدي بشر ولا سلطان لعقل بشري على عقل بشري ءاخر
الحاج عبود الخالدي
تعليق