الحلال والحرام بين الصفة والموصوف ـ الخمر الميسر
من أجل بيان حدود التكاليف الدينية عندما تنتقل بين الاجيال
دأب المسلمون على التعامل مع موضوعية الحلال والحرام بمسميات خصت المحرمات حصريا باسمها دون ان يتعاملوا مع صفة المسمى بصفته كـ (عنوان للتحريم) او ان يكون اي مسمى حلال كـ (عنوان الحلال) واعتمدوا على فتوى شائعة في كل المذاهب الاسلامية ان اصل الاشياء هو الاباحة (حلال) الا ما حرم بنص وبالتالي فان موضوعية الحلال امتلكت عنوانا مفتوحا اما موضوعية الحرام فانحسرت في قاموس مسميات محرمة بتسميتها وهو نتيجة لـ (إلا ما حرم بنص) ومن تلك الفتوى الدينية يصبح المطلوب تحريمه ضمن نص حتمي اي ان الحرام حشر في مسمياته ليفقد عنوانه الموضوعي اما الموصوف بحليته (حلال) فهو مطلق غير مقيد بنص ومن خلال تلك الصفة الضالة استطاع رواد الممارسات الحضارية ان يغزوا لحمة النظم الاسلامية وتطبيقاته من خلال انشطة حضارية كلها (حلال) لانها لا تمتلك نص بالتحريم كالادوية الكيميائية والاجهزة التقنية وقد ادى ذلك الى ظاهرة تقليد المسلمين الاعمى للتطبيقات الحضارية المعاصرة لانها (حلال) ولا يحرمها نص شرعي وباتت تلك الممارسات واقع حال المجتمع الاسلامي دون اي جهد يتصدى له المسلمون لتعيير كل جديد حضاري لان اي جديد حضاري هو خارج قاموس مسميات الحرام بموجب (اصل الاشياء الاباحة الا ما حرم بنص) ولم نجد في الفقه المعاصر من يتعامل مع الحرام بصفته بل بقي التعامل مع المسميات المحرمة بنص رغم انها صفات مطلقة للحرام تمتلك بيانا مبينا وبلسان عربي مبين فنرى على سبيل المثال (الميتة .. الموقوذة .. النطيحة .. الازلام .. الميسر .. ) فهي من الفاظها تدل على انها صفات مطلقة وليست مسميات لمسمى محدد ويمكن ادراك بيانها ايضا من خلال علتها او من خلال موصوفة التسمية نفسها كالميتة فهو وعاء الموت او كالخمر من التخمير والربا من ربوبية رأس المال وغيرها كثير اما الحلال فهو لا يحمل مسمى موصوف بل هو مطلق الحلية لان اصل الاشياء مباحة اي انها (غير داخلة في قاموس التحريم)
المباحات الحضارية لا يجوز تحريمها الا بنص فالهاتف النقال (مثلا) حلال ونصب اجهزة التلفزيون في المنازل حلال وكل شيء حضاري باسمه الحضاري هو حلال ولا يمتلك احد من الناس الحق في تحريمه لان الحرمات تستوجب النص عليها وان كان ذلك ترشيد (حق) الا ان الضلالة انصرفت الى الموصوف الاسمي دون ان يكون للصفة المطلقه للحرام حضورا فحضور الصفة في موصوف كان له اسم تاريخي لا يشترط ان يكون له نفس الاسم في زمن معاصر مثل (الموقوذة) المحرمة في الاكل ففي زماننا لا يوجد من يضرب الشاة حتى تنفق فيأكلها كما كانت تفعل اعراب الجاهلية قبل الاسلام بل للموقوذة صفة موجوده في كل زمن وفي زمننا ايضا الا ان تلك الصفة التصقت بمسميات لا تتطابق مع التسمية التاريخية (التعذيب قبل الموت) الا انها تتحد معها بالصفة لان الناس (في زمنهم) سموها بشكل مختلف فضاعت مرابط المسميات الحديثة لصفة (الوقذ) عن نصوص التحريم واعتبروه حلالا لانه من المباحات التي لم يرد بها نص مثل عملية تعليق الذبيحة لذبحها فهو عذاب قبل الذبح او حبس الذبيحة لساعات طويلة تتعذب فيها الذبيحة (على القذى) فيضطرب جسدها بايولوجيا فتكون غير صالحة للذبح والاكل ومثله الربا الذي كان القرض الربوي هو الاكثر تداولا فاصبح في يومنا (مثلا) تداول الاسهم والسندات التي شاعت عنها فتوى الحلال لان قاموس الحرام لا يحمل نص تحريم المتاجرة بالاوراق المالية الا انه ربا في الاموال يقينا ..!! حين يكون رأس المال بمثابة الرب في ربو الاموال دون ان يقدم صاحب المال منفعة لمجتمعه (عمل او نتاج) فهو ربا وبلا ريب ..!! (ربوبية رأس المال)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة90
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النحل115
قالوا في الميتة انها الحيوان النافق الا ان الغريب فيما قالوا ان العرب لا يصفون الحيوان الهالك بـ (الميت) فالميتة (موتى) خاص بالبشر في ما اجازه الناس في مسمى الموت ومنها موت الارض فالارض الميتة (لا نبت فيها) هي في وعاء الموت اما الحيوانات الميتة فلا تسمى ميتة بل يطلقون عليها صفة (الهلاك) او صفة (النفوق) فيقال نفق الطير او هلك الجمل والغريب في القول ايضا ان الحيوان المذبوح هو ميت ايضا فهو لا حياة فيه اذا ما اردنا الذهاب مذهب الميتة في المسميات التي يروج لها الخطاب الديني وبالتالي فان (الميتة) صفة ولن تكون مسمى لاي مخلوق منزوع الحياة والقرءان يؤكد الصفة بنص حكيم
{وَءايَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ }يس33
فالارض ميتة قبل احيائها وما يؤخذ منها من مادة قبل احيائها فهو جزء من ميتة وما اكثر المضافات الميتة الى الغذاء (مطيبات .. محسنات .. مواد حافظة .. الوان) وهي من ارض ميتة قبل احيائها اي انها مواد غير عضوية وتلك راشدة يتذكرها كل حامل عقل من فطرة عقل ... حياة الارض في نباتها حصرا ويبدو ان المسلمين الاوائل (قبل ربيع الفقه) كانوا قد ادركوا مضمون الميتة بموصوفه الصحيح حيث تم تحريم أكل الطين ولو قليله لان الارض ميتة وتحيا بحياة نباتها حصرا وذلك الترشيد وان كان من فطرة عقل الا ان رسوخ الفطرة يؤتى بموجب نص شريف ايضا
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24
فاختلط ماء السماء بـ (نبات الارض) فكانت (الحياة الدنيا) وبالتالي فان اي مادة (غير عضوية المصدر) تتصف بصفة الميتة يقينا لا ريب فيه ومن تلك النتيجة يتضح ان الميتة صفة وليست اسما للحيوان النافق
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (10) الميتة
الخمر ... قالو فيه انه نقيع سكر الفواكه المتحلل (تخمير) بمعزل عن الاوكسجين (الكحول) فهو (خمر) من (تخمير) بموجب اللسان العربي المبين فهو مخلوق عضوي منخنق فتحضير الكحول يتم حين يخنق وعاء التخمير ويمنع عنه الاوكسجين ... التخمير (التفسخ) هو سنة خلق ثابتة تعيد المواد العضوية الى عناصرها من اجل ديمومة عطاء الارض في تدوير مكوناتها .... التخمير هو (ماسكة وسيلة بشرية) لانتاج حامض الخليك (الخل) الا ان الناس حين يحجبون الاوكسجين عن وعاء التخمير ينتج الخمر فكل مادة عضوية (رطبة غير جافه) سحب عنها الهواء فهي منخنقه ومشمولة بالخمر وليس الخمر كمسمى في قاموس الحرام بل هنلك في الاسواق اليوم مواد غذائية سائلة ورطبة لا حصر لها حجب عنها الاوكسجين لغرض الحصول على فرصة استثمارية في طول مدة تسويقها (لمنعها من التفسخ الى حين تسويقها)
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (2) .. المنخنقة
ومثلها لحم الخنزير ويتسائل العقل (هل عظم الخنزير او جلده حلال ..!!) لان التحريم يجب ان يكون بنص الا ان الفقه اتجه الى الموصوف (باسمه) دون البحث عن الصفة
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (4) لحم الخنزير
الدم ... مثله مثل بقية المسميات المحرمة وذهبت فيه مقاصد الناس الى الدم الذي يسري في عروق الحيوان حصرا ورغم ان الدم الذي يسري في العروق محرم فعلا الا ان صفة التحريم غير معروفة للسابقين بسبب عدم انتشار حقائق الخلق علميا بين الناس الا ان يومنا المعاصر كشف الكثير عن مرابط الخلق ومكنوناته فالدم يتكون في اكثره من بلازما غير حية (لا حياة فيها) فالبلازما الدموية ما هي الا وسط لكريات الدم الحمراء والبيضاء وبالتالي فان صفة التحريم لن تكون في اسم الدم مطلقا بل في صفة المادة الكيميائية
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (1) .. الدم
ما أهل لغير الله ...
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (9) ما أهل لغير الله (به)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة90
الميسر ... قالوا فيه القمار ... انه مسمى محرم الا ان الميسر لفظ عربي يحمل بيانه معه لان القرءان بلسان عربي (مبين) ولا بد ان يكون البيان بين ايدي حامل القرءان وليس من التاريخ كما هو ثابت عند حملة الدين فيقولون (هكذا كان ينطق الاباء) وكأن الله لم يخلقنا ناطقين فالاباء انطقونا ..!! .. من القرءان ندرك ان (الميسرة) هي وصف لما يزيد عن حاجة الانسان فيكون (ميسور الحال) اي (موجب) في الحاجات كما يصفه الناس في مجتمعه والمعسر هو المدين الذي لا يستطيع تلبية حاجاته فهو (سالب) في ملء حاجاته ونقرأ
{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }البقرة280
ومن عربية القرءان (بلسان عربي مبين) يتضح ان (الميسر) هو عبور سقف الحاجات الانسانية لمزيد (موجب) من الحاجة الشخصية لكل انسان ومنه لعب القمار فهو ليس حاجة بشرية ولن يكون ربح القمار ناتج من (مليء حاجة) بل هو (لعب) فهو محرم يقينا الا ان المسلمين تمسكوا بـ (موصوف التسمية) وهجروا الصفة نفسها في الميسر وقد ورد في القرءان الوصف الايجابي للميسر
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌوَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }البقرة219
فميسور الحال هو في منفعة مؤكدة (ما يزيد على حاجاته) الا ان تلك الصفة ان زادت فان الانسان سوف يتحول الى (خادم) يخدم رأس المال ولن يكون رأس المال خادما له لان حاجاته ممتلئة وذلك لا يعني ان المؤمنين يجب ان يكونوا فقراء بموجب تلك الراشدة الفكرية او هي دعوة للفقر بموجب تحريم الميسرة عند الناس بل هنلك نص قرءاني يبين لحملة القرءان صفة الرجاء (الطموح) في اغنياء المسلمين عندما يكتفي الانسان من مليء حاجاته دون ان يربط حاجاته بحاجات الناس ومطالبهم
{ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }التوبةمن الاية 34
{يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }التوبة35
ومن تدبر النصوص والتبصرة فيها تظهر صفة (الميسر) وتظهر حرمته سواء كان في لعبة قمار فهي ليست حاجة من حاجات الانسان بل الميسر خارج حاجات الانسان وتفعيل القمار فيه حرمة تكوينية لانه (ميسر) ومثله اكتناز الاموال غير المستثمرة فهي ايضا (خارج حاجات الفرد والناس) وعلى اغنياء المؤمنين ان يستثمروا اموالهم لسد حاجة الناس ليس بتوزيعها على الناس كالزكاة والصدقات بل تحويل رأس المال الى (نفق) يمر الناس من خلاله لقضاء حوائجهم في مزرعة مستثمرة او مصنع او اي نشاط بشري يعمل فيه الناس وينتفع منه الناس فيما ينتجه ذلك النشاط ويكون بذلك النشاط قد خرج المؤمن من حرمة الميسر وجعل ما يكتنزه من مال كالنفق الذي يسهل حاجات الناس ليملي لهم حاجاتهم
الميسر والميسرة والازلام والانصاب والخمر جميعها مسميات ادخلت في قاموس الحرام دون مناقشة صفاتها وبقيت المسميات في التاريخ منقولة الى زمن معاصر تسبب في تحجيم التكاليف الدينية واطلاق الاباحة بصفتها (اصل الاشياء) فكان ما كان من غزو حضاري غزى المسلمين في ادق دقائق انشطتهم اليومية بانشطة متحضرة لا ترتبط بموضوعية الحرام بقدر ما ترتبط باطلاق اباحتها لان النصوص لم تذكرها (الا ما حرم بنص) فاصبح المسلمون انما يتصورون ان القرءان يجب ان يحمل لهم مسميات الحرمات وكان يستوجب على الله ان يذكر لهم في القرءان ان المشروبات الغازية حرام ا وان الرسول عليه افضل الصلاة والسلام كان يجب عليهم تحريم المشروبات الغازية او التداول بالاسهم والاولاراق المالية ... رجرجة العقل في الحلال والحرام ليس لغرض التطفل على الدين او التطرف فيه بل هو حماية يبحث عنها الاسم لـ (سلامة كيان المؤمن) من الدنس والفسق والرجس ... الخمر حرام الا ان (خمار المرأة حلال) بل واجب لان القرءان ذكر (خمرهن) في حجاب المرأة وبقي خمار المرأة وخمرة السوء في قولبة الموصوف (اسم الحرمة) و (اسم الحلال) دون ان يكون لصفة الحرمة والحلية نشاطا فكريا يوسع دائرة التطبيقات الدينية من أجل ان يكون المسلم ناجيا في زمن حضاري يصيب المتحضرين بسوء يتراكم حتى يؤتى الناس وعد الكارثة
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الروم41
عندما يحمل الاسم ( اي اسم) صفة غالبة مثلما نقول (قلم) فتذهب مداركنا الى القلم الذي نكتب به السطور الا ان فطرة النطق لا تقف عند حد المسمى ووظيفته في الاستخدام فيقول الناس (قلامة ظفر) ويقولون (تقليم الاشجار) ويقولون (إقليم) و (أقلمه) و (اقاليم) وهي جميعا مسميات لصفة وليس لموصوف محدد الوظيفة كما هي عائمة في مداركنا فالقلم والتأقلم والاقليم ما هي الا صفة مطلقة لنا فيها استخدامات متعددة ومثلها مسميات الحرمات فهي وان كانت موصوفة باسمها في الماضي وقامت الحرمة في تلك الموصوفة الا ان الصفة تبقى مطلقة اينما حلت وتحت اي اسم يستخدمه الناس مستحدثا فيهم فعندما حرمت (النطيحة) فذلك لا يعني ان مناطحة الحيوان للحيوان توجب حرمته فقط وبشكل حصري بل يعني الاثر الذي يتركه تناطح الحيوانات في المنطوح فيكون (الاثر نتيجة لمؤثر) وهو عندما يتناطح الحيوان مع حيوان اخر فهو يترك اثرا بايولوجيا في جسد الحيوان المنطوح مما يسبب ضررا لطاعمه ومثله في زمننا حين يكون (لقاح الحيوان) لاغراض تحفيز مناعة الحيوان ضد الامراض فيكون اللقاح مؤثرا في جسد المخلوق ويظهر له اثرا واضحا في اضطراب بايولوجي (كما في الحيوان المنطوح) وذلك يوجب الامتناع عن مأكله لغاية زوال الاثر (الا ما ذكيتم) وكذلك حين يصعق الحيوان بصعقة كهربائية قبل ذبحه في المجازر الحديثة فهو انما نطيحة بموصوفها عند متابعة االاثر وربطه بالمؤثر فتظهر صفة التحريم رغم ان اسم الحيوان هنا (مصعوق) وليس (نطيحة) الا ان مسميات الناس وان اختلفت فان الصفة تبقى مبينة في (المؤثر واثره) ومثلها كثير من المسميات المحرمة كالزنا او الشرك او النفاق التي بقيت بموصوفات مسمياتها التاريخية دون ان يتبنى المسلمون حقيقة تلك الصفات وما يجري اليوم من نشاط مشمول بالتحريم الا ان اسم النشاط لا يظهر في قاموس مسميات التحريم بل اصبح بموجب الفتوى الشائعة (اصل الاشياء الاباحة) .. !!!
من تلك السطور نذكر من يتابع الذكرى معنا ان الموصوف في الحلال والحرام ومجمل التكاليف الدينية لا يعني حصرية الصفة في الموصوف بمسمى محدد الاستخدام بل الصفة تنطلق كقانون دستوري يشمل مجمل الانشطة البشرية وتحت اي اسم مسمى يكون اوفي اي زمن من الازمان يتكون فالحرمة والحلية لن تقوم بالموصوف اسما بل في الصفة المطلقة ويكون (الاسم في القرءان) هو مفتاح تدبر الصفة واركانها (وعلم ءادم الاسماء كلها) ...
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
تعليق