ولاية الفقيه بين السياسة
والتطبيق
والتطبيق
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
يطفو مصطلح (ولاية الفقيه) مقرونا بمنظومة الدولة الحديثة مقترنا بالمسالك والمسارب السياسية العائمة في الحدث بين يدي البشر ... فما هي ولاية الفقيه بعد ان حاولنا معرفة السياسة في ادراج سابق :
الفقيه هو ذلك المتخصص بشؤون الدين (عالم ديني) وبما ان الدين قد اكتمل بموجب نص قرءاني (اليوم أكملت لكم دينكم) فان مهمة الفقيه لا ترقى الى منصب الرسول عليه افضل الصلاة والسلام في اقامة سنة او استحداث منسك او خلق حكم شرعي جديد بل تنحسر مهمة الفقيه بمهنية فكرية محددة فالفقيه هو الذي :
(يكيف واقعة من يومه ليربطها بمصادر التشريع الكاملة)
مهمته مهنية فكرية في التكييف للواقعة القائمة عند احد المكلفين او الناس ومن ثم يرى رابطا يربطها باحد العناوين الشرعية واحكامه ... ولا يتعدى تلك الحدود ... فلو جاء للفقيه شخص يقول لقد عثرت على بضع دنانير فماذا افعل بها ..؟؟ يبدأ دور الفقيه بجمع المعلومات التي تثيرها موارد الشريعة نفسها في مثل تلك الواقعة فيسأل هل مع الدنانير علامة تفرزها عن بقية الدنانير بين الناس ..؟ هل وجدت الدنانير في ارض مملوكة او في شارع عام ..؟ هل سمعت من ينادي بفقدان نقود ..؟ هل وجدت الدنانير في سوق او ارض او عائمة في الهواء ..؟؟ وهل ..؟؟ وهل ...؟ حتى يستوفي الفقيه كل بيان يتعلق بالواقعة ويبدأ باعمال مهنية الفكر في ربط تلك الواقعة بعناوين شرعية تترابط مع تلك الواقعة في (احكام مجهول المالك) او (احكام اللقطة) او (احكام المال العام) او (احكام الفضولي حسن النية) او (احكام الفضولي سيء النية) او ... او .. حتى يستنفذ الفقيه كل تلك المرابط ومن ثم يعزلها جميعا الا مربطا واحدا يرتبط بالواقعة ويضع لها الاحكام ... تلك هي المهمة الفقهية في وصف عام غير متخصص وهي تقع في باب الانذار بالامر ففي مثلنا الافتراضي فان حيازة النقود بطريقة اللقط فيها محاذير شرعية توجب الانذار اليها اذا رجع المكلف الى الفقيه وان ابتلع المكلف الدنانير التي عثر عليها فليس للفقيه سلطان عليه وبموجب نص قرءان :
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة:122)
تبعية المكلف للفقيه تبعية فطرية غير ملزمة ... وهي ليست وحدها في ميدان تطبيقات الفطرة بل شاملة عامة في (تبعية الجاهل للعالم) في كل شيء في الطب والهندسة وخياطة ثوب او نجارة باب او صناعة شباك فقد خلق الله الناس اطوارا ولكل طور معلومياته (علم) وفي غيره جهل ففطر الله الناس على تبادل (غلة الاطوار) بينهم كلما قامت الحاجة اليها فالنساج يحمل طور النسج والحياكة وهو يتبادل (المعرفة) فيعطي للناس ما ينسج ويأخذ منهم غلة الفلاح والنجار والحداد والطبيب والمعمار والغلة هي (نتاج الطور) في كل واحد منهم ...
تلك هي ولاية الفقيه غير الزامية لان الدين لا اكراه فيه اما ان تكون ولاية الفقيه (سايس) يسوس الناس فهو امر جلل في الاسلام وخطورته ترقى الى حيود كبير تجهض الحكم الالهي عندما يمنح الفقيه ما لم يمنحه الله لسيد الخلق اجمعين
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (الغاشية:22)
فما لا يحق لرسول الله عليه افضل الصلاة والسلام يمنح لفقيه في الدين ..
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرءانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)
الحاج عبود الخالدي
تعليق