عندما ترتعد الفرائص
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
عندما نقرأ التراث الاسلامي في مفاصل كثيرة ونستوعب فكريا طبيعة الاسلام في عقول حملته وتطبيقات يومياتهم مع ربهم سنجد ان هنلك مرتكزات تطبيقية في المجتمع الاسلامي القديم مبنية على (مخافة الله) حتى اننا نقرأ شيئا من مخافة الله عند كثير من الطغاة في ركن من اركان مظالمهم ... عندما ينتقل العقل الى جماهير المسلمين المعاصرين يجد ان انحسارا خطيرا في (مخافة الله) سرى بين المسلمين وتفاقم كثيرا بشكل طردي مع التقدم الحضاري فاصبحت (مخافة الله) مسربا فكريا ضامرا وكأن الخوف من الله يطفأ في صلاة في جامع او في صدقة مدفوعة او في صوم رمضاني .
من خلال متابعة وجدانية بين الناس نجد ان الناس يخافون كثيرا خصوصا في زمن الدولة الحديثة التي احكمت سيطرتها على كل شبر وعلى كل شخص في حدود الدولة والوطن ... المتابعة الوجدانية تلك تألقت في دولة حديثة اسمها العراق حيث كانت الرقابة بناظور مكبر يسمح ببناء مستقرات عقلية راسخة حيث اختفت وسيلة الدولة الحديثة لفترة زمنية طويلة نسبيا عند الاحتلال الامريكي للعراق فظهر الانسان على حقيقته عند انهيار جدار الخوف من السلطان المغيب من الساحة العراقية فظهر الغياب التام في مخافة الله من خلال القتل الشوارعي وانتشار قطاع الطرق وممارسة جماعية لاعمال النهب والسلب للمال العام والخاص على حد سواء . عندما ترتعد الفرائص من الشرطي والقاضي والسجن والسجان فترى الناس وديعين يسيرون في الطرقات ودودون متوادون ... حين توقفت الفرائص من الرعد ظهر ما ظهر من قتل واختطاف وسرقة وسلب ونهب ودم بارد يقتل الناس ويسلب الاحرار حريتهم ويقيم للحكم العشائري سلطانا مليء بالباطل المبني على غياب تام لمخافة الله فالفرائص عندما ترتعد ... يكون الانسان وديعا ... هادئا ... ودودا ... ولكن ... ذهب الانسان بعيدا عن قبره وكأنه لا يراه ... وفرائصه لا ترتعد منه ... تلك هي ضائعة في (رعشة الخوف) التي حملها ادراجنا في الرابط رعشة الخوف
والعجيب الغريب ان حملة القرءان لا ترتعد فرائصهم من نصوصه وكأنه تراث عقائدي يخص الفقهاء والناس عنه منشغلون ..!! وكثير منهم يتصورون ان الخوف من الله يذهب بمكاء صلاة او بصدقة من دراهم معدودة او باحتيال على الخالق الجبار ...
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً) (النساء:142)
من تلك الظاهرة المرئية في وسط تجريبي معاصر (العراق) يتضح ان وعاء الخوف في العقل حاوية لها حجم ان امتلأت بمخافة الحاكم فلن يبق لمخافة الله مكان فيكون الانسان مجردا من مخافة الله كما حصل لكثير كثير من اهل العراق في تجربة ميدان واضحة المعالم ... عندما يربط الانسان بين فعله وعقوبة الله الآتية بعد الفعل فلسوف ترتعد فرائصه .. ولكن الناس يتصورون ان (اليوم الآخر) هو بعيد .. بل بعيد جدا جدا ... فهو بعد الموت بالاف الاف السنين (يوم القيامة) وكأن الله لا يعاقب المجرم بعد فعله الاجرامي والقرءان يؤكد غير ذلك
(قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (النمل:69)
وفي لسان عربي مبين (عاقبة المجرمين = عقوبتهم) ولكن الناس يتصورون ان الله يطلب منهم ان يسيروا في الارض ليشاهدوا المدن الاثرية ويعتبرون منها بغياب اهلها وسقوط سطوتهم ..!! ولماذا والمجرمون بين ظهرانينا وهل من العقل الراشد ان ننظر الى مجرمين في التاريخ ولا ننظر الى مجرمين بيننا ونرى كيف عاقبهم الله ... هذا سرق .. هذا زنا .. هذا مرابي .. هذا فاسق .. هذا معتدي ... نرى عاقبتهم فنقرأ عقوبتهم فترتعد الفرائص .. ويوم ترتعد الفرائص من عقوبة جبار عظيم يكون الناس ودودون ... يسيرون في الطرقات لا يعتدون واكل الحرام لا يأكلون وعن المنكر والفسق والفجور يبتعدون ولكن ... قتل الانسان ما اكفره ... اللهم اجعل في قومي ءاية كبرى في زمن صعب ... اللهم عجل عقوبة اراذلهم ... لتكون للناس ءاية فيهم ... فقد وهن العقل ... وضمر الامل ... ولنا في مثل عيسى عليه السلام وقفة عقل ودعاء
(إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(المائدة:118)
وفي كليهما خلاص من يوم اسود يتكرر مع كل مشرق شمس .. اللهم عجل .. فان وعاء الصبر يضيق ... وحشرجة الصدر تصطرخ رب عزيز جبار ... وتلك تذكرة من عقل لعقل
لا ننسى ان مثل العراق تكرر في اقاليم اسلامية فلا الاسلام منع المعتدين عند الغياب المؤقت للسلطة ولا الشيمة العربية التي يجلونها جلالا كبيرا منعت الاعراب من نهش بعضهم عندما غابت السلطة وذهب الروع من السلطان ولم يظهر اي خوف من الله بين كثير من الناس ... ليس ذلك حكرا على العرب او المسلمين فالانكليز مصابين بنفس الداء (لا خوف الا من السلطان) وقد ظهرت هوية عقلية في احداث لندن من سلب ونهب وتدمير المال العام والخاص وذلك يعني ان هنلك وباء بشري يصيب العقل فيفقد الانسان انسانيته ويتحول الى مفترس بشري لا يأبه باي قيم سماوية او ارضية ... انه العقل البشري الذي اعتاد على (السياط) فلا اعتدال الا تحت سوط حكومي ..!! وكأن الحكومات هي التي خلقتهم ...!! ومن الحكومات (ترتعد الفرائص)
تلك تذكرة عسى ان تنفع المؤمنين
الحاج عبود الخالدي
تعليق