نافذة على الحروف المقطعة في القرءان
من اجل نهضة إسلامية معاصرة
لا يخفى على كل مسلم ان الحروف المقطعة في القرءان نقطة ظلام دامس في فكر حملة القرءان ومسلم اليوم ورث الفكر التفسيري دون ان تكون للحروف المقطعة في القرءان وسيلة فهم ويبقى القاسم المشترك لكل معالجات الحروف المقطعة التفسيرية هو أن (علمها عند الله) وان وجدت بعض التفسيرات فهي تفسيرات ظنية لا ترقى الى وسيلة الفهم بل تدور في خلد ظني لا يجزي العقل حاجته .
العقل ان اراد الثورة في الحرف القرءاني المنقطع تقوم فيه تساؤلات تثويرية قد تفتح في العقل المسلم ملفا قرءانيا معاصرا يمنح المسلمين فرصة فتح نافذة عقل قرءانية في زمن معاصر بعد ان ثبت ان الاجداد عجزوا عن فهم الحروف المقطعة ..
1 ـ لماذا لم يفسرها الرسول عليه افضل الصلاة والسلام
2 ـ لماذا لم يعرفها عرب الرعيل الاول وهم يقولون ان القرءان نزل على لسانهم فكيف كانت الحروف المقطعة فيهم وهل القرءان حقيقة نزل بلسانهم .
3 ـ وجود بعض السور تحتوي على حروف مقطعة فقط مثل (ألم) في سورة البقرة وايات القرءان موصوفة بانها ايات بينات مفصلات ... اين بيانها على بعد زمني يزيد عن 14 قرن ..!! بصفتها آيات وليس بصفتها حروف مقطعة
4 ـ هل يمكن ان نقبل ان الله بحكمته المطلقة ينزل الينا كلاما غير مفهوم على وجه الاطلاق ...
5 ـ هل حملة القرءان المعاصرين يستسلمون للعجز التاريخي في فهم الحروف المقطعة ...
6 ـ اين مكمن الازمة ... في الحروف المقطعة او في وسيلة ربط عقولنا بالقرءان .
مسلم اليوم يتعامل مع القرءان بواسطة المفسرين وقليل من حملة القرءان يضعون عقولهم في قلب القرءان لفهمه بفكر مستقل عن السابقين خصوصا وان مدرسة التفسير تحذر المسلم من تفسير القرءان فرادى دون الرجوع الى فقهاء التفسير وائمة التفسير وهنلك من يحمـّل المسلم المتفكر بالقرءان فرادى اثما عظيما وان الله يكبه في النار على وجهه .. !! اليست تلك كهنوتية يرفضها الاسلام والفقهاء انفسهم يحاربون حكر المادة الدينية بيد الرهابنة والكهنة بل يصفها بعضهم بصفات قاسية واذا نحن فيها والمسلم غافل عن شروط الفقيه في التفقه في الدين ومراتب ومنازل الفقهاء شهادات قدس لا يمكن ان تثلم حتى في الحروف المقطعة التي عجز عنها الفقهاء جميعا .
(ص وَالْقُرءانِ ذِي الذِّكْرِ) (صّ:1)
(نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) (القلم:1)
(ق وَالْقُرءانِ الْمَجِيدِ) (قّ:1)
لماذا ص ترتبط بالقرءان بصفته ذكر
لماذا ن ترتبط بالقلم وما يسطر البشر
لماذا ق ترتبط بصفة المجيد القرءانية
من المؤكد .. بل من بداهة العقل ان القصد الشريف لن يظهر ما لم نعرف المقاصد الشريفة في الحروف (ص ’ ق ’ ن) ... تلك ذكرى يذكرنا بها القرءان والقرءان صفته تذكيرية فهو (ذي الذكر) .. ونحن نرى الزام عقلاني ان لا بد ان يكون للحرف قصد .. فما هي الذكرى والذكر ..
كل منا يعرف ويختزن كثيرا من البيانات وبشكل غير محدود وهي مودعة في خزانة عقل يعرفها الناس (الذاكرة) وتلك الخزانة خفية على المعرفة البشرية جميعا وعلى العلم خصوصا وقد بذل البشر جهدا كبيرا لمعرفة تلك الخزانة دون التمكن من مسك بياناتها ... نستطيع ان نمسك برابط يربط عقولنا مع تلك الخزانة ... كل واحد منا يحمل عقلا بشريا ... ذلك العقل لا يستذكر كل شيء بشكل مستمر بل تقوم الذكرى عندما يقوم (سبب) في العقل يستحضر المادة المعرفية المخزونة في العقل حتى اسم الشخص نفسه لا يستحضر الا عندما يقوم السبب في حضوره من الذاكرة .. ذلك السبب يعمل عمل (المذكر) الذي يعيد ربط الوعي بالذاكرة ... لو ان شخصا يسير في شارع مدينته وسمع احدهم ينادي صاحبه باسم ما ... ذلك الاسم يكون سببا في قيام ذكرى في وعي السامع عن صديق يحمل نفس الاسم او ان تكون نغمة صوت النداء تشبه صوت شخص تحفظه خزانة الذاكرة فتقوم الذكرى بسبب يتسبب بقيام رابط تذكيري بين العقل وخزانة الذاكرة ... نفس الظاهرة كانت سببا مباشرا لقيام علم كبير عند كثير من العلماء واشهرهم نيوتن عندما كان تحت شجرة تفاح وحين سقطت تفاحة على رأسه كانت سببا في قيام رابط عقلاني مع ذاكرته فقام علم الجاذبية في عقله ...
القرءان مذكر يذكرنا واهم صفة منحت للرسول عليه افضل الصلاة والسلام هي صفة التذكير
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ) (الغاشية:21)
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرءانِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) (قّ:45)
(ص وَالْقُرءانِ ذِي الذِّكْرِ) (صّ:1)
ونتسائل ... ما هي الذكرى العقلانية التي يكون القرءان سببا في قيامها في هذا النص التذكيري ... انها (ص) فلا بد ان يكون لـ (ص) قصد الهي بحيث ترتبط (ص) بصفة (ذي الذكر) وهل يعجز العقل عن معرفة مقاصد الله في حرف الصاد ..؟؟
الله يقول في قرءانه ان القرءان جمع وانزل بلسان عربي مبين
(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (الشعراء:195)
وهل نمتلك تعريف للسان العربي المبين ... السابقون يقولون انه بلسان عرب الرسالة ... الحقيقة التي بين ايدينا لا تؤكد ذلك والدليل لا يحتاج الى مصادقة فقهية بل يقوم في العقل بداهة فلو كان عرب الرسالة يتكلمون بلسان عربي مبين مطلق لتطابق لسانهم مع نص القرءان في الحروف المقطعة ..!! ولكن تاريخهم المتواتر يؤكد ان الحروف المقطعة لم تكن من سننهم الكلامية والقرءان في لسانه العربي المبين فيه حروف مقطعة ... اذن القرءان ما كان بلسان العرب وان اللسان العربي المبين له صفة تكوينية اخرى يستوجب البحث فيها والقرءان يذكرنا ... ذلك تخريج عقل يأبى ان يكون العقل اسيرا في مدرسة الفقه ..
ما هو اللسان .. هل القصد الالهي في ذلك النتوء الملتصق بالبلعوم والمتكون من مجموعة عضلات تتحرك لتخرج نغمة الصوت ..!! من المؤكد فطريا انه لن يكون اللسان العضلي لان الحيوانات تمتلك مثله وهي غير ناطقة ..!!
لو ان شخصا قطع لسانه بحادث ما .. هل سيتوقف عن الكتابة ..!! ما يكتبه كيف يكون ..؟ هل بلسان عضلي .. ؟؟ بالتأكيد سيكون قادرا على اعلان مقاصده من خلال ربط الحروف على سطور مسطورة ... بل القرءان ... لا يمتلك لسان وهو بلسان عربي مبين ... وبنص قرءاني ..
اللسان ... هو رابط الحروف ببعضها ... سنرى ذلك بعين واسعة في يوم نعيشه وعقل حي ... لو قام الحاسب الالكتروني الان بتفكيك روابط الحروف في هذا الادراج وتحول الادراج الى مجرد حروف غير مترابطة فان تكوينة الكلام سوف تفقد صورتها ويفتقد التكوين الرابط للحروف فيضيع القصد وهو يعني فقدان اللسان ... ولو عاد منشيء الادراج الى اعادة ربط الحروف لكان بلسان مقروء ويمكن ان يقرأه القاريء بلسانه أي بمرابط حروفه فلو كان القاريء تركيا او فارسيا فانه سيفقد ترابطه مع هذا الادراج لان توافقية اللسان بين الادراج والقاريء ستكون مفقودة ..
اذا رسخ في العقل ان (اللسان) يعني ربط الحروف فذلك يعني ان (بلسان) تساوي (برابط الحروف) وصفتها (عربي) و (مبين) ... فما هو العربي ... وكيف يكون (ربط الحروف) عربي الصفة ... في هذا الموقع في العقل نحتاج فطرة اللسان العربي .. وهو موجود فينا .. بموجب نص قرءاني
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم:30)
الفطرة هي بناء رباني في الناس وهي الهوية الآدمية وتنحسر في عقلانية الانسان المختلفة عن بقية المخلوقات وفي النقطة التي نحن فيها يقوم نص قرءاني يذكر العقل براسخة يمكن ان ترسخ في العقل
(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (فصلت:21)
النص القرءاني يؤكد ان الله أنطق كل شيء وان النطق فينا فطرة خلق فطرها الله في الناس ولا تبديل لخلق الله بين عرب الرسالة وعرب اليوم وبين يدينا لفظ (عربة) ومنها (عرب) ومنها (عربي) .. فما هي العربة ..
العربة هي (متحرك) لها (محرك) لها (عجلات) تحمل (متاع) ... يقودها قائد ... تلك هي العربية في مقاصدنا ولا يزال اللسان الفطري يستخدم لفظ (عربية) في سيارات زماننا ولا زلنا نستخدم لفظ (عربة) ونحن في فطرة خلق نستدرج عقولنا للذكر لان الذكر محفوظ بأمر الهي .
العربية .. عربة ... تحمل متاع وهو (المقاصد) .. لها عجل وهو (اللفظ) ... لها محرك وهو (اللسان) ولها قائد وهو الفكر .. فيكون عربي ... اللسان يحرك العربة بموجب نص قرءاني
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (القيامة:16)
ذلك دستور ليس برأي مسطور ... لا تحرك به لسانك ... لتعجل به ... تجعله لفظ (عجل) ولا بد للعقل ان يركع للقرءان (تحرك لسانك ... تعجل به) فالعجل هو وسيلة الحركة (لا تحرك ... تعجل) فالعجل هو لفظ وهو عجلة عربة العربية والفطرة العقلية تستعمل لفظ (عجلة) لتعني في القصد مركبة او سيارة .. فعبــّاد العجل هم عبـّاد الالفاظ .... وعلينا أن نحرك لساننا بلسان القرءان العربي المبين وهو ربط الحروف فنعود الى بداية الاثارة ( ص والقرءان)
عرفنا القرءان فهو كتاب الله المحفوظ بين دفتيه فهل للعقل المتفكر بالقرءان قدرة الامساك عقلا بـ (ص) ... نعود للقرءان فيذكرنا
عندما يكون حرف (ص) يمنح صفة (ذي الذكر) فذلك يعني في العقل ان ص تعني في القصد انها تقيم فاعلية الذكر مثلها في فطرة العقل عندما نقول (الدنانير وشراء السيارة) فالدنانير تكون (فعالة) في شراء السيارة ومثلها (السفينة وسفرة البحر) فتكون السفينة فعالة في سفرة البحر ... و (ص والقرءان ذي الذكر) فتكون (ص) فاعلية القرءان في الذكر ...
الذكر ... الذاكرة خزانة متنحية عن الوعي ... لا تستحضر الا عندما يقوم سبب الاستدعاء (التذكر) ... القرءان وعاء الذكر ... اذن (ص) فاعلية التذكير ... فهي في القصد (العربي) تفيد (فاعلية متنحية) وهي الذاكرة والقرءان رابطها (المربط) الذي يربط الفاعلية العقلانية بالذاكرة ...
عندما تكون (ص) في القصد العربي الذي فطره الله في عقل الانسان هو (فاعلية متنحية) فهي تؤتى لانها متنحية وليست في حيازة القاصد ... نراقب هذا الحرف (ص) في اللسان العربي ونبحث عن مصداقية القصد في العقل وعقولنا بين ايدينا (نتفكر) والقرءان يذكرنا .
صبر ... الصبر فاعلية متنحية نأتي به في عقولنا فنصبر
صورة ... انها حدث مضى ... متنحي عن حاضرنا ... اصبح صورة .. فظهرت الصاد في اللسان العربي
صلح ... هو اعادة المياه الى مجاريها بعد ان تنحت عن المتصالحين والصلح أتى ليستحضر العلاقة المتنحية ...
صلة ... هي التقاء منفصلين عن بعضهم (فاعلية متنحية) فتم وصلها (منقطعة) بـ (ص) دلالة (فاعلية متنحية) التقت ...
صرّح ... قال شيئا متنحيا لم يكن موجودا قبل التصريح به
صرْح .... متنحي اصبح موجودا فهو قبل صرح كان لا شيء
صدق ... فعل متنحي استحضر بحقيقته فاصبح صدقا لان الصدق هو وصف لحالة تنحت سابقا
صدر ... وعاء يصد أي فعل هو متنحي عن الصدر ... صدر الاسلام هي الحقبة المتنحية عن حقبة الاسلام فيكون المتنحي الذي فصل زمن الجاهلية عن زمن الاسلام
صالح ... هو المتنحي عن الضار والمخالف فمن تنحى عن الموبقات والاعمال السيئة اصبح صالحا
صمد ... هو المتنحي عن الصد فلا يصطدم به شيء ولا صدود له ومصدات ..
صبح ... هو بداية نور الشمس الذي كان متنحيا وعندما جاء صار صبحا
صرْ ... هو الذي تنحى عن القبول فاصر اصرارا
صرَّ ... هو الذي نحى الاشياء عن مكانها وصرها في صرة ...
ذلك هو (ص) في مقاصد العقل (فاعلية متنحية) وهو وصف مطلق يعيد الحرف الى اولياته فأولياته تكون بالعودة الى المقاصد في العقل ويحرك عربة المقاصد هو اللسان العربي المبين لان الوصول الى المقاصد يعني معرفة البيان ..!! وهو تأويل القرءان ... اعادته الى أولياته .. وأولياته مقاصده .. ومقاصده هي مقاصد الله ..!!
نضع هنا في هذه الاثارة منهجية اللسان العربي المبين مدعومة بمثل واحد من 28 حرف من حروف العربية التي فطرها الله في العقل نطقا ومقصدا وهي هي مفطورة في كل لغات البشر وجميع البشر يستخدم (ص) للفاعلية المتنحية ومثلها بقية حروف النطق فيكون القرءان للناس كافة وهم لا يعلمون في اخطر ما يبثق من بيان معاصر يحتاج الى مدرسة مؤمنين بالقرءان مستقلين بعقولهم من أي علقة تبعد المؤمن عن عقله وعن فطرته فالعقل وقرءان الله والفطرة والنطق خلق الله ولا تبديل لخلق الله بين الاعجمي والعربي ولكن اكثر الناس لا يعلمون .
هذه اثارة عقل في قرءان ... لا تحمل منهجية اقناع الاخر ... بل تحمل صفة تذكير الاخر ... عسى ان تنفع الذكرى ... فمن شاء ذكر ومن شاء هجر ..
سلام عليكم
الحاج عبود الخالدي
تعليق