خيوط الحبك السياسي
يعلم جميع الناس ان مؤسسات الدولة تختفي تماما في الصحارى الشاسعة وفي البحار والمحيطات فلا صحيفة يومية ولا مركز للشرطة ولا دائرة حكومية ولا رقيب مرور ..!!! انها عين عقل تتفتح في ملح السياسة لترى الحقيقة التي اعلنتها نظرية نشوء الدولة الحديثة فقيامها يقوم في (ارض وشعب وحكومة) وان فقدت تلك السلة عنصرا من عناصرها فلن تقوم الدولة الحديثة باركانها الا مجتمعة ...
عندما نرى ان الارض في الصحارى والبحار حيث لا انسان فتكون لا حكومة فيها فيكون للعقل ميزان يتم فيه تعيير الحقيقة ان الدولة الحديثة تستهدف الانسان اينما يكون له موطيء او ظل وبالتالي فان الحكومة هي التي تتولى هيمنة الدولة على الانسان وفق منهجية رسخت على مدى عمر الدولة الحديثة التي امسكت بالانسان مسكا يفوق ماسكة الارض .
عندما تكون رجرجة العقول في ضرورة الدولة كمؤسسة تنظيمية وان وجود التنظيم يرتبط بتواجد بشري فتكون النتيجة ان الانسان غاية تنظيمية ولن يكون هدفا مستهدفا الا ان بناء الدولة الحديثة خرج من الغاية الى الهدف فاصبح الانسان جزء من وسيلة الدولة الحديثة وليس غايتها ونرى ذلك بعين واضحة
لو وضعنا قاموسا للمنوعات في كل دول العالم وبحثنا عن كيفية ولادة الممنوع لوجدنا ان الممنوع هو نتيجة لخرق تنظيمي قام به فرد او مجموعة افراد ادى الى صدور تعليمات المنع ونرى ان الخروقات التي قام بها مجرد افراد او مجرد مجاميع لا تمتلك صفة التجمهر الكبير الواسع ادت الى تسلطية على مجمل الناس وليس الخارجين على النظم حصرا .. ونورد مثلا في حالات نادرة في حوادث السير كان مبنيا على فرض محتمل عند توقف السيارة المفاجيء بسبب التصادم او انقلاب المركبة يحتمل ارتطام جسم السائق بمقود السيارة فيتسبب في خطورة على حياة السائق وعولجت تلك الخاصية بربط السائق بحزام الامان واحتمالية الخطورة قد تشمل واحد فقط من عشرات آلاف الاشخاص الذين يستخدمون السيارات الا ان الحكومات تصدر امرا بوجوب لبس حزام الامان لكل سائق سيارة حتى وان كان في زحمة المدن وبسرعة بطيئة لا تجعل للمخاطر أي احتمال الا ان المواطن هو وسيلة الدولة وهدف من اهدافها ولن يكون غاية لتنظيمه فاحتمالية ضعيفة تقيم المنع وتجعل من الدولة تكوي ملايين الناس بالغرامات والتسلط لان فردا ما قد خرق النظم فيقع الناس المنظبطين في سلوكهم وقعة المخالفين فيتعرضون الى السوء الحكومي تحت حجج باتت واهية لا تغني نظرية الدولة حقيقتها بل تكشف حقائق خفية تبنتها الدولة المعاصرة في تسلطية واضحة على مواطنيها تحت ذرائع لا تعد ولا تحصى شعارها الاصلاح وحقيقتها سوق الجماهير سوق الماشية في كل بقاع الارض رغم اختلاف حجم الفارق السيء بين دولة واخرى الا ان الوصف شمولي في دولة العصر القائمة على كافة مساحة الارض
عودة الدولة الحديثة الى تطبيق شعاراتها التي اقيمت من أجلها بصدق في (العدل والمساواة والحرية) وعدم تحميل جمهور باكمله ما يكاد يحتمل في نفر من الناس ... ذلك يغني الانسان المعاصر مطلب التغيير والهدم واقالة الحكومات وقيام الثورات لشطب مراكز تنظيمية الى مبدأ التصحيح واجبار الحكومات على بطلان خفاء الحقيقة والاستمرار في اعلان الشعارات الزائفة والا فان الانسانية لن تكون مطية الحكومات الى ابد الدهر بل ان يوما سيكون الاصعب على الحكومات في كل مكان لان الصحوة الفكرية هي شرارة ان قامت فلن تطفأ
الحاج عبود الخالدي
تعليق