رؤية المناسك في المأكل والمشرب
من أجل يوم إسلامي بلا ضباب
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة128
القرءان يقول لحملته ان هنلك (رؤية مناسك) يمكن ان يراها المسلم (واجعلنا مسلمين) (ومن ذريتنا) (امة مسلمة لك) وارنا (مناسكنا) فما هو المنسك وكيف يرى ..؟
منسك .. لفظ قرءاني دارج في السنة الناس يراد منه الصوم والصلاة والحج والوضوء والذبح فهو (الفعل الديني) الذي يمتلك ممارسات فعلية مادية وهي افعال مرئية يراها الناس وقد نقلت الينا عبر اجيال المسلمين (فعلا مرئيا منقولا) وليس (قولا منقولا) فالمنسك اي (الفعل الديني) يتصف بصفة اسلامية (واجعلنا مسلمين) ومن ذلك الجعل يقوم المنسك بصفته فعلا مرئيا
منسك ... لفظ من جذر (نسك) في اللسان العربي ومنه في البناء .. نسك .. ينسك .. نسيك .. نسوك .. منسوك .. مناسك .. و .. و ... منسك .. هو مشغل النسك مثلما نقول (فعل .. مفعل) فحرف الميم دليل تشغيل الفعل في مفعل
{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ }الحج67
نسك ... لفظ في علم الحرف القرءاني يعني (ماسكة تبادلية الغلبة) فالصلاة فيها وصال فهي (ماسكة) ... الذبح فيه ضرورة فهو (ماسكة) .. الوضوء فيه ضوء فهو ماسكة .. مراسم الحج فيها (منافع لكم) فهي ماسكة ... المسلمون جميعا على اختلاف مذاهبهم لا يعلمون (علة) تلك الافعال المنسكية وبالتالي لا يعرفون انها ماسكة تمسك شيئا تكوينيا الا ان القرءان بين تلك الماسكات وحدد علتها
{لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ }الحج33
تلك هي مناسك الحج وفي منسك الصلاة هنالك ماسكة ايضا
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }العنكبوت45
ورغم ان تلك الماسكة غير معروفة وتحتاج الى فتح ملفات علمية عظمى لكل منسك بل لكل مفصل من مفاصل المنسك الا ان مهمتنا التذكيرية القائمة في هذا الادراج هي لترسيخ راشدة عقدية عقائدية في ان الصلاة والصوم وغيرها ليست المناسك الوحيدة في تكاليف الدين
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
في النص الشريف تفريق بين الصلاة والنسك فالصلاة منسك عام الا ان لكل شخص (منسكه) الخاص به كما سنرى كما ان لكل امة منسك هم ناسكوه لانه يخصهم هم وليس منسكا عاما كالصوم والصلاة
{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }البقرة196
فالصيام والصدقة من جنس والنسك من جنس ءاخر (او نسك) وبالتالي فان المناسك الخمسة عامة مطلقة لكل الناس بلا استثناء (وضوء .. صلاة .. صوم ... حج ... ذبح) وهنلك نسك ينسكه الانسان له خصوية مع كل مكلف يختص بمنسكه (ارنا مناسكنا) وما المنسك الا ممارسات نافعة للعبد وجوبا عليه وليس كما يصورها كثير من الخطاب الديني انها مجرد (اعلان خضوع) لله سبحانه بصفتها (عبادة تعبدية) مجهولة العلة وعلتها الوحيدة المعروفة بين الناس انها (خضوع للخالق) الا ان القرءان يبين انها للمخلوق وليست للخالق فهي (مناسكنا) وليس (مناسك لله) فماسكتها (لنا) وليس لله فالله غني حميد
جاء في النص الشريف (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ)
كيف نتدبر النص الشريف ان (اجعلنا مسلمين) والله يقول ان من اهتدى فلنفسه وان لو شاء الله لهدى الناس اجمعين ..!! كيف نتدبر النص ونرى ان من يبحث عن المناسك لا بد ان يكون مسلما قبل ان يبحث عن المناسك ليراها واذا افترضنا جدلا ان اسماعيل عليه السلام (مسلم) على دين ابيه ابراهيم عليه السلام فكيف نفهم سابقية الجعل الاسلامي على ممارسة المنسك ...!! وان كان المتقول هو اسماعيل كما جاء في التراث التفسيري .. الاية هي ءاية مستقلة وان ارتبطت بمثل اسماعيل عليه السلام فهي لا تفقد استقلاليتها لانها اية منفصلة (ءايات مفصلات)
نتيجة تلك الرجرجة الفكرية تقوم التذكرة في النص الشريف ان عملية الجعل في (مسلمين) تعني عملية تشغيل (سلمين) وهو (سلم + سلم) ... حين ترسخ لدينا ان الماسكة التي تتبادل الغلبة عند تشغيلها في (المنسك) انما ستكون عبر تبادل سلمين (سلم + سلم) ومن يفعلها يكون (سليمن) حيث (السلامة) لا بد ان تكون تبادلية الماسكة كما في الرشاد التالي :
الذي يتناول الدواء دائما يبحث عن السلامة من سوء المرض اي انه سوف (يمسك غلبة الدواء الشافي) الا ان هنلك (غلبة ماسكة) غاية في الاهمية وهي في ان يكون الدواء يمتلك تلك الماسكة الغالبة في الشفاء فاذا كان الدواء فاسدا او صرف خطئا فان عنصر السلام يتهدم ولن يشفى المريض بل سيزداد سوءا وسوف لن يرى المسلم السلامة في الدواء ولن يحصل (الجعل) في (مسلمين) اذ لا بد ان تكون السلامة تبادلية بين (الفعل) و (اداة الفعل) لبناء السلامة التبادلية فابتلاع الدواء الفاسد لا يقيم السلامة ... واذا تابعنا تلك الراشدة في فطرة معاصرة سنجد ان اسلاك الكهرباء تحمل عنصر السلامة في نظم تغليفها فلا يكفي الفرد ان يتوخى السلامة بفعله هو دون ان تكون اداة الفعل سليمة ايضا فلا سلامة مع اسلاك الكهرباء وهي منزوعة السلامة ... ننصح بمراجعة مجلس مناقشة حرمات المأكل
مجلس مناقشة محرمات المأكل
واذا اردنا ان نصرخ ان الماكل (السليم) هو دين في ذمة حامل العقل فان القرءان قد سجل تلك الصرخة قبل دهر طويل
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة3
وهنا معادلة قرءانية تدبرية مبينه (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ـ تساوي ـ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)
المأكل منسك .. ذلك حق مبين في بيان قرءاني عظيم وحامل القرءان يقرأ الطلب التكويني من ربه ان يريه مناسكه في مأكله ومشربه ومسكنه وملبسه وكل ما يحيط به يجب ان يكون سليما تبادليا يتبادل غلبة الماسكة مع مفعل السلم (المسلم) سواء كان الطالب هو اسماعيل النبي عليه السلام او كان قاريء القرءان اليوم لان القرءان ينذر من كان حيا فهل لنا ان نطلب من ربنا ان يرينا مناسكنا وننجو باجسادنا وذريتنا من سوء ما حولنا من حضارة تطبيقية عبثت بالطبيعة فافسدت المأكل والمشرب والمسكن والملبس .. ننصح بمراجعة مسلسل بعشر ادراجات عن (اليوم اكملت لكم دينكم) كما ننصح بمتابعة الروابط ادناه
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (1) .. الدم
فسق الطاعم يزيل النعم
الرجس في البطون مأكل ملعون
المشروبات الغازية فيها مس شيطاني
المسلمون يجعلون مناسكهم في موصوفات محددة الا ان بيان القرءان يوسع قاموس المناسك فالمأكل هو (تبادلي السليم) فلا سلامة ما لم يكن المأكل سليم
الاسلام نراه في السلامة (واجعلنا مسلمين)
الاسلام نراه في الاية 3 من سورة (المائدة) والتي تتحدث عن حرمات المأكل وفيها اليوم اكملت لكم دينكم ... ورضيت لكم الاسلام دينا
الناس قبل العلم ما كانوا يأكلون إلا كل شيء طبيعي المنشأ فلا يضعون في بطونهم اغذية معدلة وراثيا او اغذية مختلطة بمحسنات صناعية من الوان صناعية ونكهات صناعية ... الله جعل السلامة حصرا في (المادة العضوية) لتكون غذاءا سليما للمسلم وذلك يمثل (ماسكة تبادلية الغلبة) وهو (نسك المسلم) في (منسكه)
تلك تذكرة موجزة لا تحتاج الى فريق علمي او فتوى من سماحة امام بل هي ذكرى من عقل لعقل والقرءان هو المذكر
الريح والرياح في البيان القرءاني المبين
{وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ }المدثر56
الحاج عبود الخالدي
تعليق