الحظ العظيم
من أجل فرز الحقيقة في ممارسات فكرية مجتمعية فاسدة
احاديث الناس تتناول كثيرا واصفة (الحظ) حين تصفه وصفا حسنا وجميلا كعنوان يصاحب من يحالفه النجاح في نشاطه الدنيوي وقد جاء مثل تلك الممارسة الفكرية في قرءان غطى مجمل نشاط الانسان الفكري والعملي فقد صرف فيه ربنا من كل مثل فابى اكثر الناس الا كفورا
{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }القصص79
والاية الشريفة تقع في مثل (قارون) الذي بغى في الارض
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }القصص76
فالله هو الذي ءاتاه من الكنوز بموجب النص القرءاني الذي يصف عاقبة ذلك الموصوف بـ (ذو الحظ العظيم)
{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ }القصص81
كما يصف القرءان اولئك الناس الذين وصفوه بصاحب الحظ العظيم
{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }القصص82
وفي نص الاية يظهر الفساد المجتمعي الذي وصف نجاحات قارون الدنيوية بالحظ العظيم وهو باغي ... والقرءان يتمم لحملته التذكرة (الحق)
{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }فصلت34
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }فصلت35
اذن هي تذكرة تبشيرية انذارية مجتمعية تنعكس على المؤمن فحين يكون المؤمن من الناس وسط زحمة سوء وصراع مجتمعي فان النص القرءاني الدستوري يضع الحل العظيم لذي الحظ العظيم
من كان بينك وبينه عداوة ... ادفعها بالتي هي احسن فتكون خيرا من قارون ذو الحظ الدنيوي والله يصف الحظ الذي يمنحه الله للمؤمن الصابر على اذى الناس وسوء فعالهم (ولا يلقاها الا الذين صبروا) على الاذى حتى الفوز بالحظ العظيم ونجد تلك الصفة في سنة نبوية شريفة مسطورة في القرءان الا ان الناس يهجرون القرءان فهجروا تلك السنة
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }ءال عمران159
فهي اذن رحمة الهية ليكون اللين بين المسلمين الا ان يومنا المعاصر يشهد غير ذلك فقد نجحت الفئة الباغية (قارون زماننا) والتي تمتلك مفاتح كنوز كل شيء (بغيا) ونجحت ايضا في تغويم مجتمعات الاسلام وصبغتهم بصبغات ديمقراطية او مسميات دينية او قومية عرقية او غيرها الا انها في حقيقتها يجب ان تكون (رحمة من الله لنت لهم) وهي ملقاة من الله للذين صبروا ولا يلقاها الا ذو حظ عظيم
{صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ }البقرة138
الا ان صبغة الله اندثرت وحلت محلها صبغة مذهبية او صبغة وطنية او صبغة قومية
{وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }آل عمران176
يسارعون في الكفر
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْءانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً }الإسراء89
فالمسلم الذي لا يلين لغيره ويكون فظ القلب يكون (كفورا) بما اعرض عن امثال القرءان
فاصحاب الحظوظ الدنيوية هم في ءاخر امرهم لا حظ لهم لانهم حرموا من الحظ في ما تأخر من نشاطهم الذين كانوا به فرحين والله لا يحب الفرحين
تلك تذكرة تبشر وتنذر من قرءان ذي ذكر (مبشر ومنذر) صرف الله فيه من كل مثل
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55
الحاج عبود الخالدي
تعليق