محيط الخطيئة ... كيف يكون ..!!
من أجل معرفة السبيل لـلوقاية من الخطايا
{بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة81
النص الشريف يؤكد ان هنلك لبنة بناء يتم بها بناء (حائط الخطيئة) وتلك اللبنة حملت صفة تسمية قرءانية (كسب سيئة) فهي موصوفة بالكسب والكسب دائما هو (هدف) الناس وديدنهم الا ان ذلك الكسب جاء في موصوف قرءاني بانه ( كسب سيء) ولو علم العاقل انه في (مكسب سيء) لما كسبه الا ان كسب السوء جاء نتيجة (فكر خاطيء) مما ادى الى بناء حائط الخطيئة ومحيطها (احاطت به خطيئته)
بلى ... لفظ يراد منه حسب معارفنا اعلان الايجاب كرديف للفظ (نعم) الا ان اللسان العربي المبين يظهر بيانا اكثر تخصصا للفظ (بلى) ونقرأ البناء العربي (بل .. بلا ... بلى ... بلاء .. بلة ... بلوة ... بلية ... بلل .. بلبل .. بول ... و ... و )
بل .... لفظ في علم الحرف القرءاني يعني (نقل قابض) فعندما نقول (لا تلتهم الاكل ـ بل ـ امضغه جيدا ) فذلك يعني ان لفظ (بل) يفيد (نقل قابضة الاكل) من الالتهام الى المضغ ... بلى ... تعني (فاعلية قبض منقولة) وهو تأكيد لفظي ان (الكلام) او (الشيء) قد تم قبض فاعليته في العقل او الفعل فيقول القائل (بلى) اي (نعم) لانه (قبض الفعل المنقول) سواء كان فعلا كلاميا او كان فعلا ماديا فيقال (هل سافرت ..؟ قال بلى) ... بلا ... هي في مقاصد النطاقين تفيد (النفي او الاستثناء) فيقول القائل (جاء الجند بلا سلاح) او يقال (ادركت الموضوع بلا ريب) فهي (فاعلية قابضة منقولة) اي انها منفية فالجند جاءوا (بلا) سلاح اي ان (قابضة السلاح عندهم منقولة) فهي منفية (استثناء) ومدركات الموضوع جائت (منفيا عنها) الريب (بلا ريب) ومثلها (لا النافية) فهي (فاعلية منقولة) اي (لا) وجود لها لانها نقلت من وعاء الوصف .. لا أعلم ... لا ارى .. لا يكتب ... فهي فاعلية منقولة (منفية)
كسب سيئة ... الكسب دائما يقوم برضا من يكسب والا فان اي حيازة يحوزها الناشط مثل الارث او الهدية او المنحة لا تسمى (كسب) الا حين يقبلها (الناشط) وحتى اللقطة التي يلتقطها الشخص من طريق عام فهي ليست مكسب الا انه حين يقبل حيازتها تكون (مكسب سوء) قد كسبه لان تكليفه الشرعي يوجب عليه ان يبحث عن مالك الشيء ولا يحق لاحد حيازة اللقطة وادخاله في ماله لانها ليست ماله ..
الخطأ ومنه (الخطيئة) فعل يفعله الناشط وهو لا يعترف بانه خطأ حتى اكبر الخطائين كما في لعبة قمار او في زنا او في سرقة فهو انما يبرمج عقله على انه يفعل (الصح) وليس (الخطأ) فلو اعترف (عقلا) بان فعله خاطيء فلن يفعله وتلك فطرة عقل ... قد يعترف الخاطيء انه يفعل الخطأ الا ان معيار الخطأ عنده (خاطيء) فيكون معياره ان قومه لا يرضون على فعله فيعالج ذلك المعيار بان يفعل فعله بعيدا عن انظار مجتمعه وهو يفلسف عقله في ان ما يفعله هو (حق) يمارسه حتى وان كان زانيا او معتديا حيث تتملكه نتاجات عقلانية داخلية تجيز له فعل الخطيئة تحت فلسفة لا يعلنها بل يحتفظ بها لنفسه لان معيار الخطأ عنده ان قومه لا يرضون على فعله وهو يخطيء قومه ولا يتهم نفسه بالخطأ وتلك الصفة هي (محيط الخطيئة) حيث تمتلك الخطيئة عند فاعلها حائط فكري يحيط بعقله يجعله يفكر بمعزل عن (معروف الناس) فيكون ما يفعله من خطيئة هو (منكر) عند الناس الا عنده فهو (معروف) له محيط يحيط بعقله هو الذي أحاطت به خطيئته ....
أحاطت لفظ من جذر (حط) ومنه في البناء (الحيطة ... الانحطاط ... الحائط .. المحيط ...و .. و ..) وهو لسان عربي مبين يبين ان من (احاطت به خطيئته) انه (محيط فكري) لان معيار الخطيئة هو معيار فكري يقع في عقل العاقل وذلك المعيار ينقلب في عقل الخاطيء فتكون عند (الخطيئة) ما هي الا (محاسن الصنع) وذلك (مكسب سيء) يتحصل في العقل عندما يكون (فاعلية ـ العقل ـ القابضة) منقولة اي منفية من العقل (لا رشاد عنده) فيكون للخطيئة في عقل العاقل غير الرشيد محيط يحيط بفاعلية التفكير العقلي فيكون الرشاد (منفيا من عقله)
من تلك الرجرجة الفكرية في القرءان (يتفكرون) يتضح ان للخطيئة محيط يستقطب (كسب السوء) وان الوعد الالهي الانذاري لمثل ذلك الصنف من البشر (فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ... صحبة النار تعني صحبة مفرقة الصفات فالنار التي نعرفها تقوم بتفكيك مرابط كل شيء مرتبط ثم لتعيده في مرابط اخرى وتلك هي وظيفة النار ومن يصاحبها انما تتفرق صفاته التي ربطها هو في محيط خطيئته مع مرابط اخرى لا سلطان له عليها فيكون (كسب السوء) منقلبا على كاسبه ... الخطيئة تمتلك فعلا ارتداديا (صحبة النار) اي (صحبة مفرقة الصفات) فهي تحمل عقوبة تلقائية لا تحتاج الى سجن وسجان او شرطي بل الخطيئة هي بحد ذاتها (اداة) لعقوبة المخطيء وتلك هي سنن الخلق التي فطرها الله في خلقه
تلك تذكرة من بيان قرءاني في لسان عربي مبين
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55
الحاج عبود الخالدي
تعليق