إنما تنذر من إتبع الذكر
من أجل بيان سنن الذكرى القرءانية
المسلمون متفقون ان القرءان هو (الذكر الحكيم) وهو رسالة تذكيرية تذكر حملة القرءان بما ينشطون فيه من نشاط ومنها العبادة التي يعرفونها وجاء ايضا في القرءان ان الصفة التذكيرية في القرءان مأتية من خلال مسربين
الاول : الذكر الحكيم المرسل على شكل رسالة بين دفتي المصحف الشريف
{ص وَالْقُرءانِ ذِي الذِّكْرِ }ص1
ومن تلك الصفة التذكيرية في الذكر الحكيم فان قاريء القرءان هو الذي يتصدى للذكرى فتقوم الذكرى في عقله بشكل مباشر من القرءان الى عقل قارئه وتلك هي الفاعلية التذكيرية (الام) اي (اصل الذكرى) لان القرءان يخاطب العقل البشري عموما وان قامت في واحد من البشر انتشرت في كل البشر مثل ما تذكره نيوتن من سنن الخلق في فاعلية الجاذبية فكان المتذكر بشر واحد الا ان الذكرى سرت في العقل البشري جميعا وهنا تقوم البشر في تالق فكري تذكيري موحد وليس كل البشر مسلمون يحملون القرءان وحتى ان كانوا مسلمين فليس كلهم جميعا يتعاملون مع مادة الخطاب القرءاني (لسان عربي مبين) فكثير من الناس يتعاملون مع السنتهم سواء كانوا في لسان غير عربي او في لسان عربي محلي (شعبي) وتلك الالسنة سواء كانت عربية او غير عربية لا تتوائم مع لسان القرءان العربي المبين فكيف تقوم الذكرى
في تلك الاثارة تقوم قائمة عقل مركزية مع نظم الدين التي ترفض ترجمة القرءان او تغيير حروفه ولا يحق لقاريء القرءان ان يقرأ القرءان بغير متنه الذي نزل به حصرا دون تغيير ومن تلك الضابطة الدينية كانت وتكون الصلاة المنسكية تقام باللسان العربي حتى وان كان المصلي لا يفقه ما يقول ..!! سواء كان عربيا لا يعرف الا لغة قريته او كان غير عربيا فكيف تقوم الذكرى وقاري ءالقرءان لا يفقه القرءان ...!!
في تلك القائمة الفكرية الحرجة يأتي دور (المذكر) الذي يذكر بالقرءان وهي ممارسة لسنة رسالية مسطورة في القرءان
{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرءانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }ق45
ففي اعراف البشرية (معروف) يكفي شخص واحد يذكر قومه بل يذكر البشر جميعا وهي هي سنة المصطفى المذكر بالقرءان فهو شخص واحد الا ان تذكرته سرت بين الامم وكذلك اي ممارس لتطبيقات تلك السنة الرسالية الشريفة فان قيام مذكر واحد قد يكفي لاقامة الذكرى القرءانية عند كل البشر او عند عموم حملة القرءان وهنا تبرز اهمية حامل القرءان وقارئه حيث يقوم التكليف المزدوج عليه فهو يقرأ ويذكر بما قرأ (اذا قامت عنده الذكرى) وتلك هي مهمة تكليفية تقع في باب تذكيري ثاني
ثانيا : التذكير
{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ }الغاشية21
وتلك هي سنة رسالية كبرى وهي اهم سنة اقامها رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام فهي ممارسته الشريفة (العظمى) بصفتها التي اضطلع بها الرسول ومنها تقوم سنة رسالية واجبة التكليف ومن هنا تقوم في عقل قاريء القرءان قائمة عقل تطالبه بتطبيق سنة رسالية ان (اذكر) ومن ثم (ذكر) وتلك هي فطرة خلق فطر عليها الانسان ونجدها في يومياتنا بكثرة حضارية حين نجد علامات التحذير لتذكر المستخدم باي سوء محتمل واشهرها علامات المرور التحذيرية وكثير من علامات التحذير تصاحب الاجهزة الكهربائية والميكانيكية والسلع الاخرى واكثر النظم التذكيرية شهرة هي التحذيرات المتكاثرة لمسار التيار الكهربائي ... من يذكر .. وجب عليه ان يذكر ... وبما ان القرءان هو وعاء تذكيري (ذي ذكر) فان من يتذكر في القرءان عليه ان يكون مستنا بسنة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام فيكون (مذكرا) لما تذكره هو ولا يحق له كتمان ما استذكره من القرءان والا يكون في لعنة مزدوجة
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159
فهي لعنة من الله على من يتذكر ولا يقوم بتذكير من تهمهم التذكرة ... وهنلك لعنة (اخرى) من الذين يحتاجون الى التذكرة ولا يذكرهم من تذكر لانهم في منأى عنها الا ان القرءان كان مجيدا في ذلك التكليف فحسر تكليف التذكير بمن يتبع الذكر وبذلك تسقط اللعنة من الذين لا يتبعون الذكر فينجو المتذكر من لعنة الله ايضا حين يمارس سنة التذكير
{إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ }يس11
فمن لا يتبع الذكر لن يقيم اللعنة على المتذكر لان التذكير لا جبر فيه (وما انت عليه بجبار فذكر بالقرءان من يخاف وعيد) فالخائف من الوعيد هو الذي يتبع الذكر
اكبر مهمة تذكيرية مورست في هذا المعهد (الذي يقيم الذكرى في زمن معاصر) وهو زمن الحاجة الى الذكرى القرءانية كان في (محرمات المأكل) بموصوفاتها المعاصرة وليست بموصوفاتها القديمة فالميتة والدم ولحم الخنزير والموقوذة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع وما ذبح على النصب هي صفات التصقت بموصوفات قديمة الا ان تلك الصفات حين تلتصق بموصوفات معاصرة فان الناس في منأى عنها حين تمسكوا بموصوفات قديمة ليس لها وجود في يومنا المعاصر مثل (الموقوذة) الا ان الصفات التي حرمت لها موصوفات (غير ثابتة) كما في عصرنا والتي مرت على الناس دون تمييزها وتعييرها .... هنا ندعو الى مراجعة مسلسل من 10 ادراجات تذكيرية تحت عنوان (اليوم اكملت لكم دينكم ـ 1 ـ 10) في مجلس مناقشة محرمات المأكل
مجلس مناقشة محرمات المأكل
الحلال والحرام بين الصفة والموصوف ـ الخمر الميسر
من تلك الاثارات التذكيرية تقوم ذكرى رفيعة المقام في العقل تؤكد ان التراث الاسلامي كله تراث تذكيري بدءا من تعاليم المنسك في الوضوء والصلاة والصوم والحج وبقية تعاليم الدين وقد تصدى للتذكير جهابذة فكر تذكيري ملئت بها ساحات التراث الاسلامي وما كاد يمر جيل من الاجيال الا وحمل في رحمه جملة من الفقهاء يذكرون الناس بدينهم ولا يزال المسلمون يمارسون تلك المهمة التذكيرية
رغم رسوخ ذلك المقام الرفيع في العقل الا ان الازمة هي في (الفارق الحضاري) الكبير جدا والخاص بالذكرى حيث اتخذ المسلمون منهج تذكيري مبني على الصاق الصفة بموصوفها التاريخي فالذكرى تقوم في موصوف تم بنائه في وعاء حضاري غير الوعاء التطبيقي القائم والذي نحيا فيه وننشط فيه فهل تصلح التذكرة للموصوف مع هجر الصفة ..!! ونسوق مثلا نكرر التذكير به لشهرته فاذا كانت (الموقوذة) مثلا هي الحيوان المعذب حتى الموت وهي (صفة) عرفها الاولون فهل الحيوان الذي يتم صعقه في مجازر حديثة (غير معذب) حتى الموت (وان ذبح) قبل موته فالنطيحة قد تذبح قبل موتها الا ان الحيوان موصوف بانه (خائر القوى) نتيجة المناطحة فلا يجوز حتى ذبحه ومثله المتردية فهي حيوان لا يزال حيا الا ان ذبحه واكله محرم فالحيوانات التي خارت قواها نتيجة الصعق الكهربائي في مجازر حضارية حديثة يأكلها المسلمون بصفتها (حلال) ذلك لانهم تركوا الصفة وتمسكوا بالموصوف التاريخي فالتذكرة التحذيرية (الانذارية) لا تقوم الا في الاحياء فلا تنفع تذكرة القدماء لانهم تذكروا بما يحذرونه في يومهم اما اليوم فعلينا ان نتذكر محاذيرنا في يومنا
{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْءانٌ مُّبِينٌ }يس69
{لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ }يس70
فهو قرءان وليس مشاعر (شعر) بل هو (ذكر) مخصص لمن يكون حيا لان حامل القرءان يتعامل في يومه مع مستجدات تم تصريفها في القرءان ولا يشترط ان كان للسابقين مثيلها فـ (الحقنة الطبية) او (المشروبات الغازية) مثلا ما كان لها حضور في السابقين فهم ما كانوا يمتلكون الذكرى في الحقن الطبية والمشروبات الغازية لانها مستجدات مستحدثات في يومنا نحن لها ذكرى من قرءان ينذر من كان حيا في يوم قرائته فهي في صفة فعالة موجودة في تطبيقاتنا المعاصرة وتحمل من السوء ما تحمل وفي القرءان نظم لتعييرها وفرز حلالها من حرامها ومن ثم معرفة محاذيرها والذكرى يجب ان تقوم في يوم قرءاة القرءان ولا تنفع الذكرى الواردة من التاريخ الا في مضامين محددة ولن تمتلك ذكرى السابقين شمولية الدين خصوصا الصفات الانذارية والتحذيرية في التطبيقات العامة التي يمارسها الانسان
انذار من لا يتبع الذكر لن يجدي بشيء مثلها مثل اي اشارة تحذيرية لا يحترمها من يراها فيقع في سوء ما اختار حتى وان كانت اشارة خطر (جمجمة وعظمتان) مثلا كما هو منتشر من محاذير الخطر فمن لا يحترم الاشارة فعليه وبال امره وتلك هي في صفة قرءانية (وما انت عليهم بجبار) فمن شاء ذكر ومن شاء فلا اجبار في تذكيره وتلك الراشدة الفكرية ترتبط بسنة الهية ادارية مسطورة في القرءان
{وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ }المدثر56
حيث ميشئة الله تفعل فعلها الاداري من قبل الخالق العظيم (بيده ملكوت كل شيء) حتى تشمل عمق اعماق العقل وهي فاعلية الذكرى فلن تقوم الا بمشيئة الله
الناس يحترمون التحذيرات الحضارية البراقة ويجلونها على مبدأ (السلامة) ويتدبرون تلك التحذيرات ويناقشونها مليا الا ان التحذيرات القرءانية مهملة مهجورة وهي صفة مبينة في متأسلمي زمننا وهم كثيرون وتلك راشدة فكر تقرأ من خلال تذكرة قرءانية ايضا
{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرءانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً }الإسراء46
حين يقول المتحضرون ان اقراص الاسبرين تقلل احتمالات الجلطة فان الناس يتخذونها صفة تحذيرية بشكل مهيب خوفا من الاصابة بخثرة الدم ويبتلعون من تلك الاقراص يوميا ما يتصورونه حماية لهم وحين يأتي متذكر في القرءان ويقول ان تلك الادوية مشمولة بصفة (الميتة) لانها من مصدر غير حياتي (غير عضوي) فانهم يولون على ما تدبروه (ادبارهم نفورا) نافرين من ذكر (الرب الشافي) في (القرءان وحده) لان القرءان قديس مهجور ليس اكثر فهو متخذ في صفته القدسية اما موضوعيته التذكيرية فهي مهجورة
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرءانَ مَهْجُوراً }الفرقان30
فهو قرءان (متخذ) بصفة غير صفته الموضوعية في التذكير من اجل (سلامة المسلم) والناس يسعون الى (السلام) من خلال تعاليم علمية وردت من فئوية لا ترتبط بالخالق (المصمم والمنفذ) لعجينة الكون فاصبح (دين المسلمين) الحقيقي على هدي علمي تصدره المؤسسات الصحية او العلمية او حتى الصناعية الاستثمارية وكأن تلك الفئة تمتلك وكالة من الخالق وهم الاعلم بما صممه الخالق ولعل خروقاتهم لنظم الخلق واضحو مبينة فشرب المسلمون رحيق غير طاهر وعلى سبيل المثال نعلم بالعلم ان الله قد جعل سنة ذوبان الغازات في السوائل سنة متعادلة فالغازات المذابة بالسوائل ثابتة بثبات نسبتها في الهواء الجوي الا ان المستثمرين الصناعيين قاموا بحقن المزيد من غاز ثاني اوكسيد الكربون في المشروبات الغازية وقالوا انها (نافعة) فصدقها المسلمون وشربوا كثيرا منها وعلى مساحة عدة اجيال لان المشروبات الغازية موصوفات ما كان وجود في زمن ربيع الفقه الاسلامي فاصبحت ضمن مطلق الحلال (اصل الاشياء الاباحة الا ما حرم بنص) وهي فتوى احتظنها المسلمون في كافة مذاهبهم فكانت وقعتهم لان القرءان لم يكن مذكرا لهم بل كان مذكرا لاجدادهم ففقدوا رابطهم التذكيري مع القرءان فاصبح القرءان مهجورا
المشروبات الغازية فيها مس شيطاني
مهمة هذا المعهد وما احتواه مشروعنا الفكري هي مهمة تذكيرية لا جبر فيها ولا الزام بل هي ذكرى من عقل لعقل والقرءان هو المذكر
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55
الحاج عبود الخالدي
تعليق