في تسعينات القرن الماضي اشتد اثر الحصار على العراق وادى تضخم العملة العراقية الى ظهور طبقات فقيرة لم تكن فقيرة بالامس القريب ولكن تدهور الدخل في المجتمع العراقي وصل الى الاوج مما أدى الى دفع كثير من الناس الى فتح يد العطاء الى من تطال ايديهم بشكل خاص وكثير منهم فتحوا يد العطاء بشكل عام (إطعام في يوم ذي مسغبة)
قرر عقلي ان يكون يكون رباً في الرزق لإطعام الفقراء فتركز الانفاق على الإطعام بسبب شحة الطعام خصوصا الاصناف الغالية كاللحوم والفاكهة وغيرها ... عندما كان عقلي في مقعد الرب شاهدت المربوب على حقيقة مأساوية فعرفت لماذا نحن هكذا ولماذا لم نرى نصر الله ..!!
السواد الاعظم من اللذين يسعون للحصول على الطعام المنذور لله المعد لمحتاجيه كانوا يتصارعون عليه بشكل قاسي جدا جدا ... ليس لغرض الحصول على وجبة طعام ... بل للاستحواذ على اكبر كمية منه وحيازتها وحرمان الاخرين ..!!
عندها عرفت (لماذا كل هذا .. !!) وانى ارى المرزوقين أمامي من مقعد (الرزاق) ولكن عندي قلبي يتقطع ليس لانني ارى معارك على الطعام بل لاني ارى من يريد ان ياخذ استحقاق من هو مثله ويقينا لا يمكن ان يعرف معاناة اولئك الناس اكثر مما يعرفونها هم انفسهم لانهم محرومين من طيب العام ويعرفون حقيقة حاجة من هو يتدافع معهم واذا بهم يتصارعون من اجل مزيدا من الحرمان فيما بينهم ... عندما نرى ان لا رحمة بينهم ... نتسائل ... فهل الله يرحمهم ..؟؟
فعرفت لماذا انا في مقعد الرب ..؟؟ فالله لن ينال دماؤها ولا لحومها ... ولكن كنت اتقي الله من الفقر .. اخاف ان يفقرني الله .. ان لم تكن في قلبي الرحمة ... فلن استحق رحمة الله ..!! وهذا ما رأيته عندما كنت ربا ...
عندما عدت الى مقعدي العابد لرب الرزق الله الواحد وجدت ان ذلك الحال في مظاهر حصار العراق كان ساحة عرض مصغرة للارض كلها وللبشر كلهم مع ربهم فوالله لو ان :
.... كل فرد اكتفى بحاجته من المأكل لفاض الطعام على عدد البشر
.... كل فرد اكتفى بحاجته من الملبس لزاد الملبس على عدد البشر
.... كل فرد اكتفى بحاجته الحقيقية في السكن لما عاش اناس في العراء
....كل فرد اكتفى بحاجته من الماء لاصبح الماء غدقا
فعرفت ان الله يرزق الناس جميعا ... رزقا وفيرا ... يفوق الحاجات لو اجتمعت ... ولكن .... قتل الانسان ... ما أظلمه
الحاج عبود الخالدي
تعليق