استراتيجية الفكر الجهادي من اجل
يوم افضل
من اجل حضارة عقائدية معاصرة
قاموس الثورات والانتفاضات الجماهيرية لا يزال مفتوحا منذ ان تم غزو الاراضي الاسلامية على هشيم الدولة العثمانية في الربع الاول من القرن العشرين ولا تزال الذاكرة الجماهيرية تسجل الاحداث التي اقيمت بموجبها الدولة الحديثة على الاراضي الاسلامية فتقطعت الارض الاسلامية الى اوطان صهرت الدين الاسلامي مع بقية الاديان فقام الوطن على فكرة السواسية امام القانون في العرق والعقيدة والغنى والفقر مما وضع للعدالة الاجتماعية عناوين جميلة اطربت السواد الاعظم من الناس الذين رزحوا تحت مظالم مالكي رأس المال والولاة العثمانيين وجلاوزتهم كما تم انهاء نظام الرقيق وبدأت الدنيا تتلون بالوان زاهية تختلف عن الوان الزمن الماضي بسبب التطبيقات التقنية وبعد مسيرة قرابة قرن من الزمن تحتاج الامة الى مراجعة فكرية قد تولد منهجية استراتيجية تغطي مرحلة لا حقة قد تكون افضل من سابقتها فان بقي الحال على ما هو عليه (والعياذ بالله) فان المرحلة اللاحقة ستحمل سوءا يفوق سوء الحقبة الماضية ... نحن في مرحلة قاسية لا محال وهي لا تشبه الماضي ... واسألوا العراق وافغانستان فهي مراحل متقدمة على منهجية الظالمين السابقة
لعل من ابرز ما استفز المسلمين في حقيبة الحدث في القرن العشرين هو احتلال فلسطين وضياع القدس ثالث اكثر المواقع الاسلامية قدسا عند الاسلام وتناغمت الحملات الجماهيرية عربيا واسلاميا من اجل هدف تحرير فلسطين فكلما كان جرح الاغتصاب عميقا كلما كانت وسيلة التحرير هدفا يجمع الاسلام او العرب في قاسم مشترك فكري تقوم ضرورته في الوجدان . ولكن ما حدث كان يخالف المنطق ...
بعد ان تملصت الجماهير من هدفها التحرري من الاستعمار وحصلت قناعات جماهيرية بان الوطنية باتت تقوض التواجد الاستعماري فقالوا بالاستعمار القديم والاستعمار الحديث الذي يقع في تجنيد الحكام من اجل الهدف الاستعماري . ورغم ان صيحات محاربة الاستعمار الحديث قد شهد مسلسل طويل عريض من الانقلابات العسكرية التي اثقلت كاهل الشارع العربي والاسلامي الا ان منهجية الثورات الانقلابية بدأ ينحسر في الربع الاخير من القرن الماضي وباتت الجماهير اكثر قبولا لحكامها واصبح الحكام اكثر قربا من التصرفات الوطنية مما جعل من الهدف الاستراتيجي للجماهير هو الوحدة العربية والوفاق الاسلامي وتحرير الارض المغصوبة ... ولعل من هو في سن الكهولة قادرا على استدراج الذاكرة فهي ذاكرة في حدث ساخن لا ينسى ..
الربع الاخير من القرن العشرين ظهرت تحركات جماهيرية خارج الساحة الفلسطينية تنادي بمحاربة القوة الكبرى التي تدعم دولة اليهود (الامبريالية) وتحولت استراتيجية الجهاد في ايران وافغانستان وعند الجماعات الاسلامية المنتشرة في مجمل الارض الاسلامية والمسلمون في المهجر الى فكر يحارب مراكز القوى لاجهاض دورها في الدول الاسلامية او العربية ومتابعنا الفاضل يعرف تفاصيل تلك الاستراتيجية الفكرية التي ترتبط بشكل مباشر بالعقيدة ومحركها الجهادي المعروف ...
الفكر الاستراتيجي عندما يطفو في المجتمع ويتحول الى قوة لها مؤثر استراتيجي يضع التساؤلات المثورة للعقل في مفترق طرق ... اذا كانت الامة تمتلك فكرا استراتيجيا نافذا فلماذا تتحول تلك الاستراتيجية الى القوة ومن ثم الى الهشيم ... كما هي فصائل الجهاد الاسلامي المنتشرة في كل بقاع الارض ..!!
نفس التساؤل مطروح في استراتيجية المقاومة عندما استعرت بعد حرب 1967 وحشد لها الكثير الكثير من الشباب الفلسطيني والعربي والاسلامي واصبحت تمتلك مقومات الصفة الاستراتيجية وتزايد المد الاستراتيجي للمقاومة بشكل كبير الا ان عوامل فشله بدأت تدب في جسده وفي الكيانات الداعمة له في البلدان المضيفة له حتى تحولت رويدا رويدا تلك المؤسسات التحررية الى مؤسسات القبول بالاحتلال وبناء جسور الود المتبادل مع اعداء الامس الذين كانوا هدفا للقتل ..!!
ليس تلك هي التساؤلات المركزية في ثائرة العقل لمعرفة موقع اقدامنا الهش في الفكر الجهادي بل تمتد وسيلة الاثارة بالتساؤلات الى الكيان اليهودي نفسه وهل حقيقة ان اليهود يحتاجون الى وطن يجمع شتاتهم بعد الهليكوست المزعوم في العهد النازي او قبله ..!! وهل اليهود متدينون الى الحد الذي يدفعهم الى تقديم التضحيات من اجل حائط المبكى ..؟؟ وهل المسلمون منعوا اليهود من الحج الى فلسطين على طول فترة الحكم الاسلامي للقدس ..!!
كل تلك التساؤلات تنصهر في اجبار الفكر على الغوص عمقا في التاريخ الى وصايا (هرتزل) المزعومة حين كانت امريكا البكر بيد اليهود ورساميلهم وكانت مؤسسة (لنكولن) اليهودية ذات الاستثمار الواسع سيدة الموقف اثناء بناء امريكا الاول والهجرة اليها ويضع العقل تساؤلات يجبر فيها العقل على البحث عن السبب الذي لم يدفع اعوان (هرتزل) الى اقامة وطن لليهود في احلى واجمل الولايات الامريكية البكر بخيراتها ومائها وطقسها الجميل ويدفعون ابنائهم اليهود الى موطن صغير محاط بالاعداء من كل جانب وكثيره صحراء (نقب) ... وقليله ماء عذب ..!! انها فزورة تاريخ يهودي يعجب العجب عندما نرى حين يكون احد ابناء العبيد السود رئيس اكبر دولة في الارض في حين يعيش اليهود في دولة محاصرة بالعداء وصواريخ حسينية ونووية ايرانية وجماعات قتالية وصواريخ حماسية ولبنانية ..!! وهل السود في امريكا اكثر حكمة من اليهود ..؟ ام انهم اكثر حظا ..؟ ام اننا نجهل الحقيقة ..؟
هل يمكن ان نتهم حكماء اليهود بالغفلة وعدم التدبر في ترك جمال الارض الامريكية وامانها ..؟ فهي ارض بلا شعب يحاربهم فيه ... وهي ارض اصدقاء اليهود وعبيد اليهود .. وهل يعقل انهم يتركون ذلك العز والرفاه وهم سادته وصناعه ومن ثم يحشروا يهودهم في بقعة من الارض مليئة بالصعاب ومن خلفها امة لا تتنازل عنها ..!! وهم يعلمون ...
هل يمكن ان نعتقد ان قياديي اليهود هم فعلا متدينين ويسعون للعودة الى عصر موسى وهارون ..!! وهل يمكن ان نتهم حكماء الارض كلهم بان الوطن المقترح لليهود لا يقوم الا على برك من الدم في ارض قليلة الماء مرشحة لعدم الراحة والعيش الامين ..!!
لو استطاع الفكر الاسلامي ان يتعامل مع تلك التثويرات بصفتها ذات اثارات مركزية في العقل لخلق استراتيجية تضع النقاط على كثير من الحروف الضائعة بين الاحتمالية واللاتصديق ويرسم المسلمون لانفسهم استراتيجية فكرية تتعامل مع الحقيقة عند نشوئها وليس مع الحقائق العائمة في الحدث الاسلامي ومن ثم نتوارث تلك الرؤيا كما يتوارث الابناء العقم الايماني في عبادة الاصنام من الآباء ونقول (هذا ما وجدنا عليه اباؤنا عاكفين)
الله سبحانه هو اكبر حقيقة يحتاجها الفكر الانساني عندما يقول (انا) ويبدأ العقل يثور عقله في تلك العقلانية ليتسائل (من خلقني ...؟ ) ويبدأ المسلسل الفكري يصنع استراتيجية فكرية تنبع من عقل الانسان المتفكر ليهجر الفكر المستنسخ والمتناقل فيقوم الفكر الايماني كما بدأ في رسالة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وحمل القرءان تساؤلات ابراهيمية في النجم والشمس والقمر والله الخالق لتقوم سنة ابراهيم عليه السلام في القرءان ومن يرغب عنها الا من سفه نفسه ..!!
انها دعوة للبحث عن الحقيقة قبل التعامل معها ... من هي اسرائيل .. وكيف يمكن ان نقبلها كدولة غاصبة لارضنا في العقل وهي بكيانها تجافي المنطق اليهودي نفسه في قيامها ..!! بل يتنافى قيامها مع العقل !! فمن تكون اسرائيل ..؟؟
تلك استراتيجية فكرية ندعو لتثويرها في العقل ليحصل الانسان منها على مسارب فكرية يرى من خلالها الحقيقة فالحقيقة لا يراها الا طالبيها ولا يمكن زق الحقيقة في العقول زقا لانها ان طرحت فهي لن تكون اكثر من رأي في زحمة الاراء فتتحول الحقيقة الى (وجهة نظر) لا تغني ولا تسمن
من اجل يوم افضل علينا ان نعرف الحقيقة ويوم نعرفها ترتسم معالم استراتيجية الفكر المبني على الحقيقة نفسها لان الاباء بنوا استراتيجياتهم على (الخديعة) لان (الحقيقة) ضائعة
الحاج عبود الخالدي
تعليق