أغطية الدين في مصنع المنافقين
يحكى ان رجلا حكيما كان في سفر الى بلاد بعيدة بمفرده مع راحلته فمر في مدينة صغيرة ليستريح في احد خاناتها بضعة ايام فداهمته شرطة المدينة واقتيد الى الوالي وهو لا يعرف السبب وحين مثل امام الوالي عرف ان المدينة تمر في ازمة خانقة بسبب اختطاف فتية وفتيات بحوادث منفصلة على مدى بضعة شهور الا ان الفاعل مجهول وبما ان ذلك الحكيم هو الغريب الوحيد الذي شوهد في المدينة فانه يكون المتهم الاول في عمليات الاختطاف المتكررة للفتية والفتيات ...
قال الحكيم للوالي (أوتظلمون الناس بجهلكم ..؟؟ وتحكمون على الاغراب بعجزكم ..؟؟ ولا تعرفون عدوكم ..؟) فعجب الوالي من جرأته واستكان لبيان حكمته وعرف انه حكيم عقل فاستنجد به لمعرفة المجرم الذي يخطف الفتيات فقال له الحكيم (دعني ادور في ازقة مدينتكم لاعرف اعرافها وارى احوال فتيانها وفتياتها) فاستجاب له الوالي فخرج منفذا وعده وقضى بضعة ايام وهو يدور ويدور في الحارات والازقة ويكلم الناس شيبا وشبابا فرأى طيبة اهلها وبساطة احوالهم ولمس فيهم حبا كبيرا لدينهم وبينما هو يسير اذ سمع جمهرة من الناس تكبر الله فهرول الى مصدر الصوت فشاهد رجل دين شاب والناس يحفون به من كل صوب مكبرين فسأل من هذا ..؟ فقالوا انه امام هذه المدينه ورجل الدين فيها .. فقال وما بالكم تكبرون لمقدمه فهل كان في سفر فقالوا كلا بل هو يسكن خارج المدينة خوفا من مسكن في المدينة اصابته الحرمات من الاباء والاجداد .. !! وحين اراد ان يشبع فراسته في رجل الدين عسى ان يعرف دواخل شخصيته من شكله فوجيء بان رأى رجل الدين حافي القدمين وهو يضع خلخالا في كل ساق من ساقيه فسارع ليسأل احدهم (لم امامك حافي وما هذه الخلاخيل في قدميه ..؟؟) فقيل له ان هذا الرجل يخشى ان يسحق نملة او اي مخلوق يدب في الارض فيكون في غضبة الله فيمشي حافيا ويضع تلك الخلاليل لينفر النمل من طريقه ..!! فاصرها الحكيم في نفسه فليس في الدين مثل ما يقول ذلك الامام وسعى لكشف ذلك الرجل وهو يضع غطاء الدين في غير موضعه فسار مع الناس وصلى مضطرا خلفه حتى فرغ منه الناس وقفل راجعا الى منزله في ضيعة غناء خارج المدينة فاستطاع الحكيم ان ينسل بين الجموع ليتخذ لنفسه مخبأ يتوارى فيه فاذا فرغ المنزل من المتابعين والمستفسرين عن دينهم وغلقت الابواب واذا برجل الدين في مجلس طرب ونبيذ وبغاء وفتيات راقصات وغلمان يتراقصون ... صبر في مخبأه حتى اخذ النبيذ مأخذه من عقولهم الثملة واستطاع ان يفلت من المنزل كما دخله وسارع الى بوابة المدينة يطلب الوالي وشرطته على عجل ليسير به الى مجلس رجل الدين الغارق في خمرته وسط ما خطف من فتية وفتيات مجبرين على فسق رجل الدين المزعوم
قدم الوالي الى الحكيم منحة كبيرة وسط حفل كبير وقبل ان يسلمه المنحة سأله (كيف وصلت الى الشك في رجل الدين والمدينة كلها تثق به ..؟؟) فقال (وجدته قد جعل للدين غطاءا يصنعه المنافقون)
اسطورة من زهرة مجالس السابقين
الحاج عبود الخالدي
تعليق