مدرسة علوم القرءان المعاصرة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
لكل بداية مصاعبها ولا يمكن لاي نشاط انساني ان يكون مجردا من البداية ولا يمكن ان تتجرد البداية من مصاعب محددة.
مدرسة علوم القرءان كمصطلح ليس بجديد بل مصطلح (علوم القرءان )
استخدم منذ بداية صناعة الفقه وظهور طبقة الفقهاء في مدرسة العقيدة
لم تستطع المدرسة التقليدية ان تفرز علوم القرءان فرزا فكريا منفصلا عن بنود الفقه وجعل النشاط الفكري محددا بعلوم القرءان بشكل حصري
علوم القرءان في مدرسة العقيدة لم تضع معايير حاسمة لفصل النشاط الفقهي عن النشاط العلمي فشملت علوم القرءان كامل محتوى المتن الشريف بما فيها قصص الانبياء وعربية القرءان واسباب النزول والاحكام والاخبار السماوية في البعث والجنة والنار ..
اول ضابطة فكرية نبثقها هي في وضع معيار فكري يتم فيه تعيير النشاط العلمي عن غيره من الانشطة الفقهية .
الضرورة الثابتة :
مدرسة علوم القرءان تتفرد في نتاجها العلمي عن غيرها من الانشطة المادية والعقائدية في مسرب متفرد يقع تحت عنوان (الضرورة الثابتة):
المدرسة المادية تبحث عن (الحقيقة الثابتة)
مدرسة العقيدة تبحث عن ( الخبر الصادق)
نتاج الحقيقة الثابتة في مدرسة الماديين هي (الحاجات الثابتة) ومن خلال الوصول الى الحاجات الثابتة في هندسة البناء ونظم الدواء وفيزياء الكم وغيرها حتى تحصلت لدينا في اعراف الماديين انهم يبحثون عن الحقيقة الثابتة لغرض الوصول الى حاجة ثابتة وعرف هذا النهج في اعراف الماديين حتى في الخيال العلمي قبل الوصول الى الحقائق مثل ما اعلن عن اهداف الاستنساخ البشري لغرض الوصول الى عملية استنساخ العباقرة لدفع عملية التطور الانساني نحو قفزات نوعية كبيرة.
الخبر الصادق هو معيار المادة الفقهية في اعراف الفقهاء وبالتالي فان الخبر الصادق يجب ان يأخذ حيزه في نشاط الفقيه حتى ولو كان يتناقض مع مباديء العقل او مباديء العلم وغيرها ومن الامثلة الواضحة جدا هو في حكاية بقرة بني اسرائيل او نومة اصحاب الكهف او ولادة عيسى عليه السلام وامثال ذلك كثيرة ...
الضرورة الثابتة هي معيار مدرسة القرءان فهي ضرورة وتعني انها واجبة القيام فهي حاجة ثابتة واخبار صادق في وقت واحد
الحاجة الثابتة لايمكن ان تمتاز بصفة الضرورة الثابتة ... صناعة الكهرباء حاجة ثابتة في علوم المادة الا انها فساد في الارض في علوم القرءان .. ذلك لا يعني ان صناعة الكهرباء نقطة اعتراض في علوم القرءان بل فسادها في الارض هي نقطة الاعتراض ومنها فان ثبات الضرورة يستوجب ان يصنع الكهرباء ويعالج فساد الارض الناتج من تلك الصناعة ... وذلك ما فعله ذو القرنين في ( الردم ).
ثبات الضرورة لا يساوي ثبات الحاجة ولا يساوي ثبات الخبر بمصداقيته
ثبات الضرورة لا يمكن ان يساوي ثبات الحاجة لان موضوع الثبات في المدرسة المادية يخضع الى معيار عقلاني
مثال :
حاجة الانسان الى تكييف الهواء في المناطق الحارة حاجة ثابتة بموجب ضوابط عقلية الا ان ثبات تلك الحاجة وانتشار ثابتيتها بين مجتمعات المناطق الحارة ادى الى زيادة مذهلة في انتاج غاز خاص اسمه غاز (الفريون) يستخدم في منظومة التبريد ... ذلك الغاز يشارك عنصر الكلور في تركيبته ... وجد ان غاز الكلور يؤثر بشكل كبير على طبقة الاوزون في الغلاف الجوي الارضي .. طبقة الاوزون تحمي البشرية من الاشعة الكونية الواردة من الشمس والكون الرحيب وبالتالي فان
ثبات الحاجة الى التكييف تسبب في فساد كبير للنظام الكوني ..
ثبات الحاجة في المدرسة المادية لا يخضع الى مرشحات ذات رقابة طويلة الاجل لمعرفة مدى التأثيرات الجانبية التي تسبب اضرارا للبيئة البشرية ..
مثلها التلفون النقال الذي عرف عنه ان الذبذبات القصيرة التي يرسلها جهاز الهاتف اليدوي ذات تأثير على انسجة الرأس خصوصا على انسجة الدماغ ... ثبات الحاجة لا يساوي ثبات المصلحة العليا للجنس البشري .. ثبات الحاجة للاسلحة قد يثبت لدى طرف من اطراف الصراع ويكون وبالا على الطرف الاضعف مثله ما هو ثابت من حاجة في دولة اليهود من سلاح كثيف ومتطور ازاء شعب فلسطين الاعزل عن السلاح تقريبا .. حاجة اليهود لا تساوي حاجة الفلسطينين في مبدأ ثبات الحاجة البشرية ...
المدرسة المادية رفعت شعارا ولا زال مرفوعا ان الحضارة تسير نحو حتفها .. تلك المؤشرات وان كانت فكرية محضة الا انها وليدة بيانات مؤكدة اعترف بها العلم المادي نفسه .. اقراص تنظيم الاسرة كعقار مستقر منذ اكثر من نصف قرن اتضح انه مسبب من اسباب سرطان الثدي لدى المرأة .. الوليد العلمي قبر في مقبرة علمية بعد نصف قرن من الضحايا .. العلماء انفسهم يتحدثون عن كوارث مرتقبة ... التلاعب بالنظم الكونية هو نتاج لثبات الحاجة وقيام الحضارة باغناء تلك الحاجة والعلم عندما يتعامل مع الحاجة الانسانية فهو لا يقدر على تحديد ضروراتها بالنسبة للنظام الكوني ونواميس العيش على الارض فكانت النتيجة المزيد من الاشكاليات
ثبات مصداقية الخبر في المدرسة العقائدية ايضا لا يساوي ثبات الضرورة في مدرسة القرءان العلمية لان الخبر الصادق في العقيدة لا يمنح المتفكر بؤرة الضرورة لكي يقام مبدأ تثبيتها ..
مثال:
(يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب:32)
نساء النبي عليه افضل الصلاة والسلام عشن وقبضن فان ضرورة عدم زواجهن من بعد المصطفى ثابتة لغاية وفاتهن ... القرءان قائم الى يوم القيامة ... ففي وفاتهن رضي الله عنهن انقطعت ضرورة منعهن من الزواج بالوفاة فانقطع ثبات الضرورة المعلن عنها في القرءان العظيم ...
مدرسة علوم القرءان تبحث عن ثبات الضرورة ثباتا مطلقا ( غير منقطع ) لان القرءان قائم الى يوم القيامة وان قيامه يعني مسك وسيلته فتكون قيامة الاية في ضرورة ثابتة ثباتا مطلقا في صفة زيجات النبي عليه افضل الصلاة والسلام لان النبوة لها ضوابط عقلية ثابتة في علوم العقل القرءانية والاية 32 من الاحزاب تصف وصفا علميا للعلاقة بين النبي وزوجاته بعد وفاته حيث تبقى الاثار الكينونية لزواجهن من المصطفى مستمرة لحين وفاتهن في حين تنقطع تلك الاثار كينونة للمتوفين من غير النبي لازواجهن لفترة تم تحديدها وهي اربعة اشهر وعشرة ايام
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)(البقرة: من الآية234)
تحت نفس العنوان العلمي وجدنا ان المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام قد جمع تسعة زوجات في حين لايحق لغير النبي ان يجمع اكثر من اربع زوجات
( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ )(النساء: من الآية3)
تلك الامثال انما تحدثت عن نظم عقلية وعن حقيقة ما يجري بعد عقد الزواج كذلك عن النظم العقلية الخاصة بالنبوة وان التعرف عليها علميا يجعل من دين الاسلام خاتم الرسالات السماوية بموجب برنامج دقيق الاحكام ويمتلك نظم ذاتية الاستمرار بحيث ان البشرية لا تحتاج الى نبي جديد بعد المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام ..
تلك هي الضرورة اما ثباتها فان العالم بعلوم القرءان سيقوم باستقراء ثابتيتها من خلال بنود علمية لا يمكن للعقل ان يحيد عنها ... وتلك ضرورة ثابتة لها مفصل علمي في عدم زواج النبي من بعده لقيام رابطة الزوجية معه بعد وفاته وفي تلك النقطة يرسم القرءان مفاصل خارطة الخالق لارتباطها بنظام ثبات الضرورة فب العقل .
مثل بقرة بني اسرائيل يحمل عند العقائدي ثباتا في مصداقية الخبر الا ان ثبوت الضرورة في آية البقرة غير متحصل اما ثبات الخبر فهو يكفي ان يكون من المتن الشريف للقطع بمصداقيته اما الضرورة التي يحملها الاخبار فهي غير متحصلة وبالتالي فان ثباتها خارج منظومته الفكرية ...
بقرة بني اسرائيل مثل من امثال القرءان العلمية
(وَتِلْكَ الامْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)
وهو مثل يخص علوم العقل وتظهر الضرورة من البحث عن المادة العلمية اما ثباتها فان القرءان هو الذي يقر دستور ثباتها وبما يختلف عن ثبات الحاجة التي يقرر الانسان بقرار منه ثباتها فيقع في الخطأ كما ورد في مثل الاوزون وغيره ...
ثبات الضرورة من علوم القرءان يمنح المتفكر استقرارا فكريا في ان الثبوت امر لازم مع الضرورة … صفة الضرورة في علوم القرءان تلتحق بها صفة الثبات .. ذلك الاستقرار العقلي يتحقق لدى الباحث من صفات القرءان ومن صفات الله سبحانه في دقة خلقه وعظيم قدرته
الصلاة ضرورة … لايحتاج ذلك الى اثبات لان منظومة الله سبحانه في القرءان وسنة المصطفى هي التي منحت عقولنا المستقر العقلي في ان ماجاء به الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام هو الحق وهو من الضرورات التي تتمتع بصفة الثبات
(فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّة اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّة اللَّهِ تَحْوِيلاً)(فاطر: من الآية43)
وما جاء في النص الشريف اعلاه عنوان واضح في صفة الثبات لسنة الله سبحانه اما سنة الله فهي قوانينه ونظمه ونواميسه والتي لايمكن ان يقبل ان تكون خارج عنوان الضرورات لان الحكيم (الله سبحانه) لايمكن ان يسن سنة زائدة او سنة لا ضرورة لها لان مثل ذلك يتعارض مع صفات الله سبحانه في ( الحكيم , الخبير , العليم . القدير . المتمكن , ....)
من ذلك فان الباحث في علوم القرءان عندما يمسك بالمادة العلمية من القرءان فانها سوف تتصف بصفة (الضرورة) لانها مستخلصة من وعاء الضرورات اما ثباتها فهو متحصل اصلا لان وعاء الضرورات لا يحوي ضرورات غير ثابتة تحتاج الى ( التحويل او التبديل ) لاننا سوف لن (نجد) لتلك الضرورات (بديلا) ولن نجد لتلك الضرورات (تحويلا)
والتحويل يعني التحول من غاية لغاية في ضرورة معينة ... الصلاة ضرورة ثابتة بكل ما تحتويه من نظم فلا يمكن ان يقوم نشاط فكري لاستبدال ضرورات الصلاة بضرورات اخرى لانها ثابتة ولا يمكن تحويل ضرورات الصلاة الى وعاء اخر غير الصلاة لان تلك النظم اتصفت بالثبات ولا يمكن العبث بها بالتبديل او التحويل ...
تلك هي واحدة من بنود علوم القرءان التي لا بد ان تثبت وتترسخ في عقل الباحث في علوم القرءان لان علوم القرءان ليست كالعلوم المكتشفة (كما قلنا) لانها تمثل الحقيقة في الحيازة والباحث في علوم القرءان هو التائه عن الحقيقة القرءانية والحقيقة موجودة في القرءان .. علوم العصر ممنهجة بشكل معاكس حيث تكون الحقيقة هي التائهة والباحث موجود يبحث عنها !!
من الثوابت التي تتمتع بها مدرسة علوم القرءان ان الضرورة الثابتة لا تحتاج الى جهة تصادق على دستوريتها لانها ترد من دستور علمي وان عملية المصادقة او تصديق النتاج العلمي مفروغ منه مثاله (وجود مخلوقات عاقلة في الكون) اما منهجية البحث هي التي تخضع للرقابة الا ان مفارقة كبرى سوف تتحصل نرجو من متابعنا الاهتمام بها
نظم الاستقراء العلمي في علوم القرءان حتمية النتاج
النتاج العلمي في علوم القرءان يفرض نفسه فرضا اجباريا على عقل العالم
العالم يتلقى البيان العلمي من وعاء القرءان (يفهم)
العالم هو الباحث في علوم القرءان (المتفكر) وهو الموصوف بالذكر المبارك في مواقع كثيرة في القرءان
(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرءانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الامْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21)
عندما يتفكر الباحث في علوم القرءان تقوم لديه تفاعلية عقلية (ملزمة) وهي بؤرة المفارقة المطروحة
(كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الاياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(يونس: من الآية24)
لا يمكن ان يكون الباحث في علوم القرءان خارج وصف (المتفكر) وان عملية التفكر تعني (عقل) فتكون تسلسلية التفاعلات هي يتفكر فيكون يعقل) ومنها ما جاء نصا شريفا
(وَتِلْكَ الامْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)
وعند هذه النقطة التي لا يتحصل فيها (التعقل) الا (للعالمون) وهي من (وما يعقلها الا العالمون) فتكون صفة (العالم) صفة سابقة على صفة التفكر ..
نحن امام شرط مشروط بحكم قرءاني ... فكيف يكون العالم عالما قبل ان يتفكر ثم يعقل ..! فعند العالم القراءني يقوم العقل ونتاجه (تفكر)
اذا حصل العالم على صفات العالم بعلوم القرءان امسك بوسيلة القرءان (قام القرءان في عقله) فتحصلت لديه نتيجة مفادها ان الباحث سوف (يتفكر) القرءان وهي نتيجة الزامية وتتفرد بها مدرسة القرءان العلمية
(إِنَّ هَذَا الْقُرءانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )(الاسراء: من الآية9) ... القرءان يتصف بصفة (الهادي)
المتفكر يتصف بصفة ( المهتدي ) تلك الصفة هي التي تمنح عقولنا صفة الالزام في (عقل) المتفكر ... هذه الصفة هي واحدة من المراشد البحثية التي تمنح عقولنا مستقرا عقليا (عظيما) في فهم الزامية قراءة القرءان بالعربية حصرا حتى ولو كان القاريء غير عربي
ان عقولنا لا تستطيع ادراك ذلك الالزام العربي لغير العربي لانه سوف لن يفهم من القرءان شيئا وبالتالي فان حقيقة تلك الضابطة القدسية لا يمكن ان تدرك على حقيقتها الا عندما يكون قاريء القرءان من علماء علوم القرءان (العالمون)
عندما يعقل العالم ايات الله يحصل التفكر فيها فان النتاج العلمي سوف يكون مصادقا عليه قرءانيا ولا يحتاج الى مصادقة الاخرين وكل ذلك يجري بين العالم والقرءان في وعاء محدد تحت عنوان (الفهم) وهو اليقين (اللاريب) الذي يستقر في عقل الباحث
الفهم هو الوعاء الذي يترسخ في عقل الباحث والذي يحمل المزيد المزيد من النتاجات في رحاب القرءان .. (وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض ليكون من الموقنين) فالقين سمة من سمات المتفكر بايات الله لانه يشترط ان رأى الايات بفعل الهي مسبق على التفكر كما حصل لابراهيم
عملية التبليغ بتلك المستقرات يحتاج الى نشاط فكري اخر ويحدد في وعاء فكري محدد تحت عنوان (الافهام)
(الافهام) هو الذي يحتاج الى المصادقة الجماهيرية او الجهات القطاعية التي تسعى لتطبيق النتاج الفكري المستحلب من القرءان
المفارقة المرصودة
نظم الامساك بالمادة العلمية القرءانية تحتاج الى نهج مدرسة القرءان ومنها تتحصل عملية (الفهم)
نظم اثبات المادة العلمية ستكون خارج مدرسة علوم القرءان (الافهام)
العالم بعلوم القرءان عندما يكون في وعاء الفهم فانه يتحرك تحت عنوان (الضرورات الثابتة)
العالم بعلوم القرءان يحتاج الى ان يرتدي ثوبين مختلفين
الاول
ثياب مدرسة القرءان ليكون في وعاء الفهم
الثاني
ثياب المدرسة المادية ليكون في وعاء الافهام
ثياب مدرسة علوم القرءان يجب ان تكون بنفس الوان ثياب مدرسة العقيدة
ثياب مدرسة علوم القرءان يجب ان تكون الوانها مختلفة عن ثياب مدرسة الماديين
اذا استطاع الباحث في علوم القرءان ان يرتدي ثياب مدرسة الماديين في وعاء الافهام فعليه ان يخلع تلك الثياب عندما يكون في وعاء الفهم
عندما يكون الباحث في علوم القرءان في وعاء الفهم فانه يستطيع ان يجلس مع العقائديين على بساط عقائدي
عندما يكون الباحث في وعاء الافهام فانه لا يستطيع ان يجلس على بساط مادي او عقائدي بشكل مزدوج
العالم بعلوم القرءان عندما يكون في وعاء الافهام فعليه ان يجلس على بساط عقائدي ولا يشرك الماديين في مجلسه لانه يرتدي ثيابا بالوان ثياب اهل العقيدة ( وهو ما يجري على صفحات مشروعنا المنشور)
العالم بعلوم القرءان عندما يكون في وعاء الافهام فعليه ان يجلس على بساط مادي محض مع الماديين ولا يشرك العقائديين في مجلسه لانه يرتدي ثيابا مطابقة لثياب اهل المادة من حيث اللون والمضمون ... ليقول فيهم بند معرفي مادي
العالم في علوم القرءان سيكون في مدرسته حصرا مع علماء من جنسه عندما يكون في وعاء الفهم ( وهو مايجري على صفحات مشروعنا المنشور ايضا)
وعاء الافهام
انه وعاء يمتحن فيه صبر العالم المؤمن بدستورية علوم القرءان
انه وعاء الدعوة المتصفة بالصبر
انه الوعاء الذي كان عليه صبر الانبياء والرسل والدعاة الى دين الله
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) (العنكبوت:14)
(قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً) (نوح:8)
ذلك منهج تبليغ رسالي ورد على شكل مثل قرءاني وتحته قانون تبليغ نظم الله سبحانه وفيه ايضا
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) (الحجر:97)
(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (الكهف:6)
(لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (الشعراء:3)
تلك منهجية ردود فعل الجمهور على تبليغ نظم الله وبرنامجه يسطرها الله كقانون في امثال القرءان
ان النصوص الشريفة التي سطرت انفا لا تعني ان العالم الباحث في علوم القرءان يرسم لنفسه محيط دائرة اليأس لان اليأس ليس من سنن الرسالات وليست من ناموس الرسالات ولن تكون قيودا على الدعاة الى الحق ...
البرنامج الالهي هو الذي يتحكم بمعادلة النتاج
(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56)
وفي معالجة النص فان (من يشاء) تخص المكلف ولا تخص مشيئة الله لان الله سبحانه قد اعلن مشيئته في برنامج خلقه
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56)
تحت عنوان ( من يشاء ) يتحدد من سيكون المتفكر الذي عقل النص القرءاني ... من يشاء ليكون عالما من علماء علوم القرءان فيحصل على امتياز (يهدي) فيكون بصفة (المهتدي) فيكون من الراسخ في العلم فيقول امنت به كل من عند ربنا فيتحقق لديه (علم تأويله) لان العلم بتأويله سيكون حصرا للراسخ بالعلم
(لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:162)
(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الالْبَابِ)(آل عمران: من الآية7)
الايمان به هو وعاء الفهم .... الدعوة اليه هي في باب الافهام وهي المهمة الصعبة
ومن اجل ان يكون الكلام خارج ظنون اليأس بل في دائرة الطموح فان المتابع الفاضل عليه ان يتحسس حجم الطموح في حجم الحضارة المرتبط بكبر زاوية الانحراف عن الحقيقة وتوريط البشر في مسالك مهلكة حتى تقترب البشرية من حالة اللهث وراء المصلح وترقب الصلاح سواء كان على يد داعية حق او عن طريق ظهور منظومة حق تمتلك بناءا ذاتيا يعالج امهات المشاكل التي يعاني منها بني البشر سواء بتوفير الطمأنينة او بوضع الحلول لاشكاليات مدمرة من سرطانات وفايروسات قاتلة وامراض تغزوا شعوبا مثل مرض الايدز والزايهايمر او كوارث مرتقبة كالتصحر او النينو او سرطانات الجلد في النصف الجنوبي من الكرة الارضية وغيرها كثير كثير ...
القرءان هو منظومة الحق والتي يراد لها اعلان افاقي علمي لان عملية الفهم التي تتحصل لدى العالم بعلوم القرءان عندما تتحول الى وعاء الافهام فان عظمة القرءان ستكون وسيلة الافهام ذات سلطوية عليا تدحض ما هو اقل من العظيم وذلك يؤتى من حيث النتيجة.
اذا استطاع الباحث في علوم القرءان ان يعالج ما عجزت عن معالجته المدرسة الحديثة فان عظمة القرءان ستكون سيفا علميا يقطع كل حائل يحول بين علوم القرءان وتطبيقها ... شروط ديكارت ... نظريات داروين .. ستكون اقل ما يمكن ان تكون امام عظمة القرءان ... تلك كلمات نابعة من ثوابت ايمانية مفصلة تفصيلا دقيقا وليست من بلاغة كلام على منبر حماسي ..
يوم يمسك العالم بسبب وجود الفايروس ويضع معالجة ذلك السبب من البناء الدستوري لعلوم القرءان (الضرورات الثابتة) فان عملية الافهام ستكون مطارق فكرية تطرق عقل كل من يسخر من القرءان
(وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) (القلم:51)
(بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) (الصافات:12)
وعاء الافهام هو الذي استعصى على عقول زمن الرسالة لذلك (عفا الله عنه) في تلك الحقبة من الزمن ... ذلك العفو استمر مع الاجيال التي رسمت منهجيتها متوارثة من الاباء فكان (العفو) موروثا منهجيا في السؤال عن الاشياء التي ان تبين تسوء السائل وبقيت تلك الضابطة قائمة حتى تحركت عقول البشر نحو علوم مادية اصبح الالمام بها يمنح عالمها فرصة تلقي الفهم في وعاء الافهام .. من تلك الثابتة يمكن للعالم بعلوم القرءان ان يكون في وعاء الافهام بسلطوية علمية عالية المستوى وبشكل اعظم من أي وصف يمكن ان يوصف لان عظمة القرءان مطلقة ولا تداني عظمته عظمة كفؤا لها او عظمة اعلى ...
وعاء الضرورات الثابتة
(قُلْ الِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )(الأنعام: من الآية12)
(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )(الأنعام: من الآية54)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:282)
سورة المداينة هي اطول سورة في القرءان يفصل فيها الحكيم سبحانه ضرورة من الضرورات (المداينة واجلها) ويصف الخبير سبحانه ان فعل الكاتب والكتابة والامر بكتابته هي مستلزمات ثبات الضرورة
منها نرى ان فعل الكتابة في المقاصد الشريفة هو تثبيت الضرورة ومنها نفهم ان الله كتب على نفسه الرحمة ان الله سبحانه ثبت ضرورات الرحمة في نفسه الشريفة
هذا الفهم يختلف عن مقاصدنا في فعل الكتابة الا ان اتحاد العنوان (تثبيت الضرورة) يمنح العقل ان القصد الشريف هو الاعم من مقاصدنا وكلاهما يقعان تحت عنوان واحد في الفهم
من تلك الرجرجات العقلية (تفكر) نستدرج عقولنا الى القصد الشريف من (الكتاب) وهو وعاء الضرورات الثابتة لانها
اولا .. تتصف بالضرورة ومثلها جاء في آية البيع الدين لاجل مسمى
ثانيها ... كتابتها لتثبت
فاصبح الكتاب وعاء الضرورة بثباتها
والكتاب في القصد القرءاني هو وعاء الضرورات الثابتة التي تشتمل اسلاميا على القرءان والسنة وهما مصدر التشريع المتفق عليه بلا اختلاف ..
سنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وردت تواترا في المنسك وتتصف بالشهرة اضافة لتواترها وعدم انقطاع الاجيال التي حملت تلك السنة
سنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام والتي شملت الكثير من الاحاديث والاحكام حملتها الاجيال على شكل النقل الروائي وليس النقل المادي كما في المنسك
السنة المنسكية في وعاء اليقين (اللاريب) لتواترها وشهرتها
السنة الفكرية (الروائية) فيها اختلاط بين اليقين واللايقين فاصبح كامل الوعاء وعاء حذر يفيد الباحث على منهجة عقله الباحث لا لغرض الامساك بالمادة العلمية ... بل لغرض تحسين ماسكاته العلمية
الضرورة .. في القصد هي .. ان تركت اضرت بتاركها ... اما ثباتها فيعني انها تتعلق بنظم الكون ومستلزمات تلك النظم وترابطها
كل الحضارة القائمة الان لا تمثل ضرورات ثابتة لانها ان تركت لا تتحصل اضرار لتركها ونؤكد ان رصد الضرر يتعلق بنظم الخلق لا بنظم دنيوية مستحدثة ومن ذلك فان انقطاع التيار الكهربائي عندما ينقطع يضر بالمجتمع ضررا كبيرا ولكنه لا يضر بنظم التكوين في الخلق بدليل ان مجتمعات ما قبل الحضارة عاشت دون ان يكون التيار الكهربائي في حيازتها
امثلة على الضرورات الثابتة
الحرث , الصلاة , الحج , الصيام , قصر الصلاة في السفر , دوران الافلاك , نظم الارض ( ملكوت الارض) , مستويات العقل ( ملكوت السماوات ) ..و كثير من الموارد الرئيسية والفرعية لا يمكن عدها او حصرها
امثلة على الحاجات الثابتة
الكهرباء وهي في الطاقة السلكية والطاقة الموجية ( الاتصالات الموجية ).. محروقات النفط .. سرعة التنقل ... التحكم بانسيابية المياه العذبة .. التحكم بالسكن العمودي وزيادة حجم المدن .. التدخل بالبرنامج الجيني .. التدخل بكيمياء الطبيعة .. التدخل الصناعي للغذاء الحيواني والبشري ... وغيرها من العناوين التي لا يمكن استيعابها في ملف محدد ولكن متابعة تفصيلية ستحملها صفحات منشورة في متسعات بحثية عسى ان يروج لها عندما يلتحق الثوار بهذه الثورة
مهمة الباحث في علوم القرءان لا تجعل عنوان الضرورات الثابتة منهجا استقرائيا بل ستكون صفة الضرورات الثابتة صفة لصيقة بالنتاج العلمي وهي صفة ذاتية كما اشرنا
رغم ان وعاء البحث سيكون في حيز الضرورات الثابتة الا ان الحاجة كما قلنا هي في (تطبيق القرءان) وان عملية تطبيقات القرءان هو تفعيل وعاء الضرورات الثابتة في ميدان الانشطة الانسانية وبما ان تاج الانشطة وقائدها هو النشاط العلمي فان مدرسة علوم القرءان ستنحى منحى علمي متجرد من الصفات الوضعية التي قد يتصف بها وانما تتوالد الصفات والمميزات من طبيعة البحث الذي سيكون القرءان دستوره
البحث عن مخلوقات عاقلة سوف لن يكون تحت عنوان الضرورات الثابتة او الحاجات الثابتة او لغرض السبق العلمي او لغرض نصرة دين الاسلام او لغرض طموح علمي مجرد او لصفة وضعية اخرى قد يضعها صحفي او باحث او جماعة معينة لها غايات معلنة او خفية
ان العناوين التي ستتبناها مدرسة علوم القرءان انما هي عناوين مبرمجة اساسا في الذكر الحكيم بمسمياتها وعناوينها وتشتمل على غاياتاها لانها ضرورات ثبتت من لدن حكيم خبير وكل ما نقوم به هو التثوير الفكري فيها لنستبين اهدافها وغاياتها وضروراتها فتكون تلك الصفات لصيقة بها وهي من مجمل صفاتها الغالبة
نحن عندما نبحث عن مخلوقات عاقلة في الكون في بحوث قرءانية سيكون عنوان بحثنا هو الجن والملائكة باعتبارها مخلوقات عاقلة راسخة في الذكر الحكيم
نحن لا نستطيع ان نثبت ضروراتها ... ضرورات تلك المخلوقات سوف تحدد من خلال البحث الا ان تلك المخلوقات لها ضرورات ثابتة فهو امر مفروغ منه وهو من ثوابت البحث بموجب النهج القرءاني
(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (الأحزاب:43)
ان الملائكة كمخلوقات عاقلة لها حضور في برنامج الخلق فهي تصلي على المؤمنين لسبب اوضحه الذكر المبارك (لتخرج المؤمنين من الظلمات الى النور) وعلينا ان نفهم ذلك لتحديد ضروراتها وثوابت تلك الضرورات ومنها نحدد حاجاتنا التي لا تتناقض مع برنامج الخلق ونظمه
نحن سوف لن نبحث عن خلية داروين في المريخ او المشتري لاننا لا نريد ان نغفل عن ايات الله فنكون من المغفلين
(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الامْوَالِ وَالاوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُوراً) (الاسراء:64)
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الانْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الانْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (الأنعام:128)
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50)
(قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) (سـبأ:41)
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الانْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجـن:6)
ان مخلوقات الجان ومثلها مخلوقات الملائكة تشاركنا في ترابطيات خلق علينا ان نكشف ضروراتها الثابتة وازاء تلك الضرورات نحدد حاجاتنا المعاصرة ونضع لتلك الترابطية حدودا لا نتخطاها للحصول على منافع صلاح (الملائكة) ومنافع اتقاء (أضرار الجان ) وفي ذلك النشاط يتألق العلم والعلماء لتألق مصدريته وتكون مدرسة علوم القرءان سيدة المدارس بلا منازع وعلماء القرءان سادة العلماء بلا منازع
اذا تم التعرف العلمي على مخلوق الجان
اذا تم التعرف العلمي على مخلوق الملائكة
ماذا يتصور العقل من تصورات ايجابية ... بل ماذا يحدث ..؟
انه لن يكون خيالا علميا كما يتصف الخيال العلمي في المدرسة المادية بل يقول علماء القرءان قولا في ضرورات تلك المعرفة ناتج من نتاجات علمية وليست تصورات خيالية لان وعاء الضرورات الثابتة منظومة متكاملة لا تحتمل التصورات
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: من الآية89)
الكتاب هو وعاء الضرورات الثابتة وفيه تبيان لكل شيء فلا وجود للتصورات ... لا وجود للفرضيات ... لا وجود للخيال .. لاوجود للتنبؤات (الاحتمالات) .. لاوجود للبطولات (المكتشف والمخترع) .. لا وجود للاحتكار (صاحب حق الامتياز) ...لا وجود للحافات العلمية .. لاوجود للنظريات ... لاوجود للغيبيات ... لاوجود للتكتلات ( عروش العلم ) ... لا وجود للتسلطية ( فنون السلاح ) ... لا وجود للوطنية او المذهبية او العرقية او الطائفية او النعرات الراديكالية او الليبرالية او عالم متمدن ودول عالم ثالث او شعوب متقدمة واخرى متخلفة او شعوب غنية واخرى فقيرة !!
لان القرءان للناس كافة
وهو بحر يبحر فيه كل من يمتلك وسيلة الابحار
فلا سدود ولا جوازات سفر او اختام ملونة او تأشيرة مرور او بطاقة احوال مدنية او لون بشرة او ملامح شرقية واخرى يابانية اوصينية ...
كلها تذوب في ( للناس كافة )
فهي رسالة اشرف الخلق
وسيد البشر والمرسلين
المصطفى من بين البشر محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والسلام كما صلى عليه الله وملائكته
وماسكات الختام احلى من بداياته
في منهجية عصرنة علوم القرءان تخطت كل من .. المذاهب .. حدود الدول ... اختلاف اللهجات .. اختلاف الصفات .. اختلاف الالوان .. اختلاف الملامح .. اختلاف الاختصاصات .. لا جنسية فيها .. لا عرقية لها .. لاغنى فيها ... لافقر فيها ..انها حشد فكر ثورة علم في القرءان ..لا تزال ثورة بلا ثوار
مدرسة علوم القرءان كمصطلح ليس بجديد بل مصطلح (علوم القرءان )
استخدم منذ بداية صناعة الفقه وظهور طبقة الفقهاء في مدرسة العقيدة
لم تستطع المدرسة التقليدية ان تفرز علوم القرءان فرزا فكريا منفصلا عن بنود الفقه وجعل النشاط الفكري محددا بعلوم القرءان بشكل حصري
علوم القرءان في مدرسة العقيدة لم تضع معايير حاسمة لفصل النشاط الفقهي عن النشاط العلمي فشملت علوم القرءان كامل محتوى المتن الشريف بما فيها قصص الانبياء وعربية القرءان واسباب النزول والاحكام والاخبار السماوية في البعث والجنة والنار ..
اول ضابطة فكرية نبثقها هي في وضع معيار فكري يتم فيه تعيير النشاط العلمي عن غيره من الانشطة الفقهية .
الضرورة الثابتة :
مدرسة علوم القرءان تتفرد في نتاجها العلمي عن غيرها من الانشطة المادية والعقائدية في مسرب متفرد يقع تحت عنوان (الضرورة الثابتة):
المدرسة المادية تبحث عن (الحقيقة الثابتة)
مدرسة العقيدة تبحث عن ( الخبر الصادق)
نتاج الحقيقة الثابتة في مدرسة الماديين هي (الحاجات الثابتة) ومن خلال الوصول الى الحاجات الثابتة في هندسة البناء ونظم الدواء وفيزياء الكم وغيرها حتى تحصلت لدينا في اعراف الماديين انهم يبحثون عن الحقيقة الثابتة لغرض الوصول الى حاجة ثابتة وعرف هذا النهج في اعراف الماديين حتى في الخيال العلمي قبل الوصول الى الحقائق مثل ما اعلن عن اهداف الاستنساخ البشري لغرض الوصول الى عملية استنساخ العباقرة لدفع عملية التطور الانساني نحو قفزات نوعية كبيرة.
الخبر الصادق هو معيار المادة الفقهية في اعراف الفقهاء وبالتالي فان الخبر الصادق يجب ان يأخذ حيزه في نشاط الفقيه حتى ولو كان يتناقض مع مباديء العقل او مباديء العلم وغيرها ومن الامثلة الواضحة جدا هو في حكاية بقرة بني اسرائيل او نومة اصحاب الكهف او ولادة عيسى عليه السلام وامثال ذلك كثيرة ...
الضرورة الثابتة هي معيار مدرسة القرءان فهي ضرورة وتعني انها واجبة القيام فهي حاجة ثابتة واخبار صادق في وقت واحد
الحاجة الثابتة لايمكن ان تمتاز بصفة الضرورة الثابتة ... صناعة الكهرباء حاجة ثابتة في علوم المادة الا انها فساد في الارض في علوم القرءان .. ذلك لا يعني ان صناعة الكهرباء نقطة اعتراض في علوم القرءان بل فسادها في الارض هي نقطة الاعتراض ومنها فان ثبات الضرورة يستوجب ان يصنع الكهرباء ويعالج فساد الارض الناتج من تلك الصناعة ... وذلك ما فعله ذو القرنين في ( الردم ).
ثبات الضرورة لا يساوي ثبات الحاجة ولا يساوي ثبات الخبر بمصداقيته
ثبات الضرورة لا يمكن ان يساوي ثبات الحاجة لان موضوع الثبات في المدرسة المادية يخضع الى معيار عقلاني
مثال :
حاجة الانسان الى تكييف الهواء في المناطق الحارة حاجة ثابتة بموجب ضوابط عقلية الا ان ثبات تلك الحاجة وانتشار ثابتيتها بين مجتمعات المناطق الحارة ادى الى زيادة مذهلة في انتاج غاز خاص اسمه غاز (الفريون) يستخدم في منظومة التبريد ... ذلك الغاز يشارك عنصر الكلور في تركيبته ... وجد ان غاز الكلور يؤثر بشكل كبير على طبقة الاوزون في الغلاف الجوي الارضي .. طبقة الاوزون تحمي البشرية من الاشعة الكونية الواردة من الشمس والكون الرحيب وبالتالي فان
ثبات الحاجة الى التكييف تسبب في فساد كبير للنظام الكوني ..
ثبات الحاجة في المدرسة المادية لا يخضع الى مرشحات ذات رقابة طويلة الاجل لمعرفة مدى التأثيرات الجانبية التي تسبب اضرارا للبيئة البشرية ..
مثلها التلفون النقال الذي عرف عنه ان الذبذبات القصيرة التي يرسلها جهاز الهاتف اليدوي ذات تأثير على انسجة الرأس خصوصا على انسجة الدماغ ... ثبات الحاجة لا يساوي ثبات المصلحة العليا للجنس البشري .. ثبات الحاجة للاسلحة قد يثبت لدى طرف من اطراف الصراع ويكون وبالا على الطرف الاضعف مثله ما هو ثابت من حاجة في دولة اليهود من سلاح كثيف ومتطور ازاء شعب فلسطين الاعزل عن السلاح تقريبا .. حاجة اليهود لا تساوي حاجة الفلسطينين في مبدأ ثبات الحاجة البشرية ...
المدرسة المادية رفعت شعارا ولا زال مرفوعا ان الحضارة تسير نحو حتفها .. تلك المؤشرات وان كانت فكرية محضة الا انها وليدة بيانات مؤكدة اعترف بها العلم المادي نفسه .. اقراص تنظيم الاسرة كعقار مستقر منذ اكثر من نصف قرن اتضح انه مسبب من اسباب سرطان الثدي لدى المرأة .. الوليد العلمي قبر في مقبرة علمية بعد نصف قرن من الضحايا .. العلماء انفسهم يتحدثون عن كوارث مرتقبة ... التلاعب بالنظم الكونية هو نتاج لثبات الحاجة وقيام الحضارة باغناء تلك الحاجة والعلم عندما يتعامل مع الحاجة الانسانية فهو لا يقدر على تحديد ضروراتها بالنسبة للنظام الكوني ونواميس العيش على الارض فكانت النتيجة المزيد من الاشكاليات
ثبات مصداقية الخبر في المدرسة العقائدية ايضا لا يساوي ثبات الضرورة في مدرسة القرءان العلمية لان الخبر الصادق في العقيدة لا يمنح المتفكر بؤرة الضرورة لكي يقام مبدأ تثبيتها ..
مثال:
(يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب:32)
نساء النبي عليه افضل الصلاة والسلام عشن وقبضن فان ضرورة عدم زواجهن من بعد المصطفى ثابتة لغاية وفاتهن ... القرءان قائم الى يوم القيامة ... ففي وفاتهن رضي الله عنهن انقطعت ضرورة منعهن من الزواج بالوفاة فانقطع ثبات الضرورة المعلن عنها في القرءان العظيم ...
مدرسة علوم القرءان تبحث عن ثبات الضرورة ثباتا مطلقا ( غير منقطع ) لان القرءان قائم الى يوم القيامة وان قيامه يعني مسك وسيلته فتكون قيامة الاية في ضرورة ثابتة ثباتا مطلقا في صفة زيجات النبي عليه افضل الصلاة والسلام لان النبوة لها ضوابط عقلية ثابتة في علوم العقل القرءانية والاية 32 من الاحزاب تصف وصفا علميا للعلاقة بين النبي وزوجاته بعد وفاته حيث تبقى الاثار الكينونية لزواجهن من المصطفى مستمرة لحين وفاتهن في حين تنقطع تلك الاثار كينونة للمتوفين من غير النبي لازواجهن لفترة تم تحديدها وهي اربعة اشهر وعشرة ايام
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)(البقرة: من الآية234)
تحت نفس العنوان العلمي وجدنا ان المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام قد جمع تسعة زوجات في حين لايحق لغير النبي ان يجمع اكثر من اربع زوجات
( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ )(النساء: من الآية3)
تلك الامثال انما تحدثت عن نظم عقلية وعن حقيقة ما يجري بعد عقد الزواج كذلك عن النظم العقلية الخاصة بالنبوة وان التعرف عليها علميا يجعل من دين الاسلام خاتم الرسالات السماوية بموجب برنامج دقيق الاحكام ويمتلك نظم ذاتية الاستمرار بحيث ان البشرية لا تحتاج الى نبي جديد بعد المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام ..
تلك هي الضرورة اما ثباتها فان العالم بعلوم القرءان سيقوم باستقراء ثابتيتها من خلال بنود علمية لا يمكن للعقل ان يحيد عنها ... وتلك ضرورة ثابتة لها مفصل علمي في عدم زواج النبي من بعده لقيام رابطة الزوجية معه بعد وفاته وفي تلك النقطة يرسم القرءان مفاصل خارطة الخالق لارتباطها بنظام ثبات الضرورة فب العقل .
مثل بقرة بني اسرائيل يحمل عند العقائدي ثباتا في مصداقية الخبر الا ان ثبوت الضرورة في آية البقرة غير متحصل اما ثبات الخبر فهو يكفي ان يكون من المتن الشريف للقطع بمصداقيته اما الضرورة التي يحملها الاخبار فهي غير متحصلة وبالتالي فان ثباتها خارج منظومته الفكرية ...
بقرة بني اسرائيل مثل من امثال القرءان العلمية
(وَتِلْكَ الامْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)
وهو مثل يخص علوم العقل وتظهر الضرورة من البحث عن المادة العلمية اما ثباتها فان القرءان هو الذي يقر دستور ثباتها وبما يختلف عن ثبات الحاجة التي يقرر الانسان بقرار منه ثباتها فيقع في الخطأ كما ورد في مثل الاوزون وغيره ...
ثبات الضرورة من علوم القرءان يمنح المتفكر استقرارا فكريا في ان الثبوت امر لازم مع الضرورة … صفة الضرورة في علوم القرءان تلتحق بها صفة الثبات .. ذلك الاستقرار العقلي يتحقق لدى الباحث من صفات القرءان ومن صفات الله سبحانه في دقة خلقه وعظيم قدرته
الصلاة ضرورة … لايحتاج ذلك الى اثبات لان منظومة الله سبحانه في القرءان وسنة المصطفى هي التي منحت عقولنا المستقر العقلي في ان ماجاء به الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام هو الحق وهو من الضرورات التي تتمتع بصفة الثبات
(فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّة اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّة اللَّهِ تَحْوِيلاً)(فاطر: من الآية43)
وما جاء في النص الشريف اعلاه عنوان واضح في صفة الثبات لسنة الله سبحانه اما سنة الله فهي قوانينه ونظمه ونواميسه والتي لايمكن ان يقبل ان تكون خارج عنوان الضرورات لان الحكيم (الله سبحانه) لايمكن ان يسن سنة زائدة او سنة لا ضرورة لها لان مثل ذلك يتعارض مع صفات الله سبحانه في ( الحكيم , الخبير , العليم . القدير . المتمكن , ....)
من ذلك فان الباحث في علوم القرءان عندما يمسك بالمادة العلمية من القرءان فانها سوف تتصف بصفة (الضرورة) لانها مستخلصة من وعاء الضرورات اما ثباتها فهو متحصل اصلا لان وعاء الضرورات لا يحوي ضرورات غير ثابتة تحتاج الى ( التحويل او التبديل ) لاننا سوف لن (نجد) لتلك الضرورات (بديلا) ولن نجد لتلك الضرورات (تحويلا)
والتحويل يعني التحول من غاية لغاية في ضرورة معينة ... الصلاة ضرورة ثابتة بكل ما تحتويه من نظم فلا يمكن ان يقوم نشاط فكري لاستبدال ضرورات الصلاة بضرورات اخرى لانها ثابتة ولا يمكن تحويل ضرورات الصلاة الى وعاء اخر غير الصلاة لان تلك النظم اتصفت بالثبات ولا يمكن العبث بها بالتبديل او التحويل ...
تلك هي واحدة من بنود علوم القرءان التي لا بد ان تثبت وتترسخ في عقل الباحث في علوم القرءان لان علوم القرءان ليست كالعلوم المكتشفة (كما قلنا) لانها تمثل الحقيقة في الحيازة والباحث في علوم القرءان هو التائه عن الحقيقة القرءانية والحقيقة موجودة في القرءان .. علوم العصر ممنهجة بشكل معاكس حيث تكون الحقيقة هي التائهة والباحث موجود يبحث عنها !!
من الثوابت التي تتمتع بها مدرسة علوم القرءان ان الضرورة الثابتة لا تحتاج الى جهة تصادق على دستوريتها لانها ترد من دستور علمي وان عملية المصادقة او تصديق النتاج العلمي مفروغ منه مثاله (وجود مخلوقات عاقلة في الكون) اما منهجية البحث هي التي تخضع للرقابة الا ان مفارقة كبرى سوف تتحصل نرجو من متابعنا الاهتمام بها
نظم الاستقراء العلمي في علوم القرءان حتمية النتاج
النتاج العلمي في علوم القرءان يفرض نفسه فرضا اجباريا على عقل العالم
العالم يتلقى البيان العلمي من وعاء القرءان (يفهم)
العالم هو الباحث في علوم القرءان (المتفكر) وهو الموصوف بالذكر المبارك في مواقع كثيرة في القرءان
(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرءانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الامْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21)
عندما يتفكر الباحث في علوم القرءان تقوم لديه تفاعلية عقلية (ملزمة) وهي بؤرة المفارقة المطروحة
(كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الاياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(يونس: من الآية24)
لا يمكن ان يكون الباحث في علوم القرءان خارج وصف (المتفكر) وان عملية التفكر تعني (عقل) فتكون تسلسلية التفاعلات هي يتفكر فيكون يعقل) ومنها ما جاء نصا شريفا
(وَتِلْكَ الامْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)
وعند هذه النقطة التي لا يتحصل فيها (التعقل) الا (للعالمون) وهي من (وما يعقلها الا العالمون) فتكون صفة (العالم) صفة سابقة على صفة التفكر ..
نحن امام شرط مشروط بحكم قرءاني ... فكيف يكون العالم عالما قبل ان يتفكر ثم يعقل ..! فعند العالم القراءني يقوم العقل ونتاجه (تفكر)
اذا حصل العالم على صفات العالم بعلوم القرءان امسك بوسيلة القرءان (قام القرءان في عقله) فتحصلت لديه نتيجة مفادها ان الباحث سوف (يتفكر) القرءان وهي نتيجة الزامية وتتفرد بها مدرسة القرءان العلمية
(إِنَّ هَذَا الْقُرءانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )(الاسراء: من الآية9) ... القرءان يتصف بصفة (الهادي)
المتفكر يتصف بصفة ( المهتدي ) تلك الصفة هي التي تمنح عقولنا صفة الالزام في (عقل) المتفكر ... هذه الصفة هي واحدة من المراشد البحثية التي تمنح عقولنا مستقرا عقليا (عظيما) في فهم الزامية قراءة القرءان بالعربية حصرا حتى ولو كان القاريء غير عربي
ان عقولنا لا تستطيع ادراك ذلك الالزام العربي لغير العربي لانه سوف لن يفهم من القرءان شيئا وبالتالي فان حقيقة تلك الضابطة القدسية لا يمكن ان تدرك على حقيقتها الا عندما يكون قاريء القرءان من علماء علوم القرءان (العالمون)
عندما يعقل العالم ايات الله يحصل التفكر فيها فان النتاج العلمي سوف يكون مصادقا عليه قرءانيا ولا يحتاج الى مصادقة الاخرين وكل ذلك يجري بين العالم والقرءان في وعاء محدد تحت عنوان (الفهم) وهو اليقين (اللاريب) الذي يستقر في عقل الباحث
الفهم هو الوعاء الذي يترسخ في عقل الباحث والذي يحمل المزيد المزيد من النتاجات في رحاب القرءان .. (وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض ليكون من الموقنين) فالقين سمة من سمات المتفكر بايات الله لانه يشترط ان رأى الايات بفعل الهي مسبق على التفكر كما حصل لابراهيم
عملية التبليغ بتلك المستقرات يحتاج الى نشاط فكري اخر ويحدد في وعاء فكري محدد تحت عنوان (الافهام)
(الافهام) هو الذي يحتاج الى المصادقة الجماهيرية او الجهات القطاعية التي تسعى لتطبيق النتاج الفكري المستحلب من القرءان
المفارقة المرصودة
نظم الامساك بالمادة العلمية القرءانية تحتاج الى نهج مدرسة القرءان ومنها تتحصل عملية (الفهم)
نظم اثبات المادة العلمية ستكون خارج مدرسة علوم القرءان (الافهام)
العالم بعلوم القرءان عندما يكون في وعاء الفهم فانه يتحرك تحت عنوان (الضرورات الثابتة)
العالم بعلوم القرءان يحتاج الى ان يرتدي ثوبين مختلفين
الاول
ثياب مدرسة القرءان ليكون في وعاء الفهم
الثاني
ثياب المدرسة المادية ليكون في وعاء الافهام
ثياب مدرسة علوم القرءان يجب ان تكون بنفس الوان ثياب مدرسة العقيدة
ثياب مدرسة علوم القرءان يجب ان تكون الوانها مختلفة عن ثياب مدرسة الماديين
اذا استطاع الباحث في علوم القرءان ان يرتدي ثياب مدرسة الماديين في وعاء الافهام فعليه ان يخلع تلك الثياب عندما يكون في وعاء الفهم
عندما يكون الباحث في علوم القرءان في وعاء الفهم فانه يستطيع ان يجلس مع العقائديين على بساط عقائدي
عندما يكون الباحث في وعاء الافهام فانه لا يستطيع ان يجلس على بساط مادي او عقائدي بشكل مزدوج
العالم بعلوم القرءان عندما يكون في وعاء الافهام فعليه ان يجلس على بساط عقائدي ولا يشرك الماديين في مجلسه لانه يرتدي ثيابا بالوان ثياب اهل العقيدة ( وهو ما يجري على صفحات مشروعنا المنشور)
العالم بعلوم القرءان عندما يكون في وعاء الافهام فعليه ان يجلس على بساط مادي محض مع الماديين ولا يشرك العقائديين في مجلسه لانه يرتدي ثيابا مطابقة لثياب اهل المادة من حيث اللون والمضمون ... ليقول فيهم بند معرفي مادي
العالم في علوم القرءان سيكون في مدرسته حصرا مع علماء من جنسه عندما يكون في وعاء الفهم ( وهو مايجري على صفحات مشروعنا المنشور ايضا)
وعاء الافهام
انه وعاء يمتحن فيه صبر العالم المؤمن بدستورية علوم القرءان
انه وعاء الدعوة المتصفة بالصبر
انه الوعاء الذي كان عليه صبر الانبياء والرسل والدعاة الى دين الله
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) (العنكبوت:14)
(قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً) (نوح:8)
ذلك منهج تبليغ رسالي ورد على شكل مثل قرءاني وتحته قانون تبليغ نظم الله سبحانه وفيه ايضا
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) (الحجر:97)
(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (الكهف:6)
(لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (الشعراء:3)
تلك منهجية ردود فعل الجمهور على تبليغ نظم الله وبرنامجه يسطرها الله كقانون في امثال القرءان
ان النصوص الشريفة التي سطرت انفا لا تعني ان العالم الباحث في علوم القرءان يرسم لنفسه محيط دائرة اليأس لان اليأس ليس من سنن الرسالات وليست من ناموس الرسالات ولن تكون قيودا على الدعاة الى الحق ...
البرنامج الالهي هو الذي يتحكم بمعادلة النتاج
(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56)
وفي معالجة النص فان (من يشاء) تخص المكلف ولا تخص مشيئة الله لان الله سبحانه قد اعلن مشيئته في برنامج خلقه
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56)
تحت عنوان ( من يشاء ) يتحدد من سيكون المتفكر الذي عقل النص القرءاني ... من يشاء ليكون عالما من علماء علوم القرءان فيحصل على امتياز (يهدي) فيكون بصفة (المهتدي) فيكون من الراسخ في العلم فيقول امنت به كل من عند ربنا فيتحقق لديه (علم تأويله) لان العلم بتأويله سيكون حصرا للراسخ بالعلم
(لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:162)
(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الالْبَابِ)(آل عمران: من الآية7)
الايمان به هو وعاء الفهم .... الدعوة اليه هي في باب الافهام وهي المهمة الصعبة
ومن اجل ان يكون الكلام خارج ظنون اليأس بل في دائرة الطموح فان المتابع الفاضل عليه ان يتحسس حجم الطموح في حجم الحضارة المرتبط بكبر زاوية الانحراف عن الحقيقة وتوريط البشر في مسالك مهلكة حتى تقترب البشرية من حالة اللهث وراء المصلح وترقب الصلاح سواء كان على يد داعية حق او عن طريق ظهور منظومة حق تمتلك بناءا ذاتيا يعالج امهات المشاكل التي يعاني منها بني البشر سواء بتوفير الطمأنينة او بوضع الحلول لاشكاليات مدمرة من سرطانات وفايروسات قاتلة وامراض تغزوا شعوبا مثل مرض الايدز والزايهايمر او كوارث مرتقبة كالتصحر او النينو او سرطانات الجلد في النصف الجنوبي من الكرة الارضية وغيرها كثير كثير ...
القرءان هو منظومة الحق والتي يراد لها اعلان افاقي علمي لان عملية الفهم التي تتحصل لدى العالم بعلوم القرءان عندما تتحول الى وعاء الافهام فان عظمة القرءان ستكون وسيلة الافهام ذات سلطوية عليا تدحض ما هو اقل من العظيم وذلك يؤتى من حيث النتيجة.
اذا استطاع الباحث في علوم القرءان ان يعالج ما عجزت عن معالجته المدرسة الحديثة فان عظمة القرءان ستكون سيفا علميا يقطع كل حائل يحول بين علوم القرءان وتطبيقها ... شروط ديكارت ... نظريات داروين .. ستكون اقل ما يمكن ان تكون امام عظمة القرءان ... تلك كلمات نابعة من ثوابت ايمانية مفصلة تفصيلا دقيقا وليست من بلاغة كلام على منبر حماسي ..
يوم يمسك العالم بسبب وجود الفايروس ويضع معالجة ذلك السبب من البناء الدستوري لعلوم القرءان (الضرورات الثابتة) فان عملية الافهام ستكون مطارق فكرية تطرق عقل كل من يسخر من القرءان
(وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) (القلم:51)
(بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) (الصافات:12)
وعاء الافهام هو الذي استعصى على عقول زمن الرسالة لذلك (عفا الله عنه) في تلك الحقبة من الزمن ... ذلك العفو استمر مع الاجيال التي رسمت منهجيتها متوارثة من الاباء فكان (العفو) موروثا منهجيا في السؤال عن الاشياء التي ان تبين تسوء السائل وبقيت تلك الضابطة قائمة حتى تحركت عقول البشر نحو علوم مادية اصبح الالمام بها يمنح عالمها فرصة تلقي الفهم في وعاء الافهام .. من تلك الثابتة يمكن للعالم بعلوم القرءان ان يكون في وعاء الافهام بسلطوية علمية عالية المستوى وبشكل اعظم من أي وصف يمكن ان يوصف لان عظمة القرءان مطلقة ولا تداني عظمته عظمة كفؤا لها او عظمة اعلى ...
وعاء الضرورات الثابتة
(قُلْ الِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )(الأنعام: من الآية12)
(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )(الأنعام: من الآية54)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:282)
سورة المداينة هي اطول سورة في القرءان يفصل فيها الحكيم سبحانه ضرورة من الضرورات (المداينة واجلها) ويصف الخبير سبحانه ان فعل الكاتب والكتابة والامر بكتابته هي مستلزمات ثبات الضرورة
منها نرى ان فعل الكتابة في المقاصد الشريفة هو تثبيت الضرورة ومنها نفهم ان الله كتب على نفسه الرحمة ان الله سبحانه ثبت ضرورات الرحمة في نفسه الشريفة
هذا الفهم يختلف عن مقاصدنا في فعل الكتابة الا ان اتحاد العنوان (تثبيت الضرورة) يمنح العقل ان القصد الشريف هو الاعم من مقاصدنا وكلاهما يقعان تحت عنوان واحد في الفهم
من تلك الرجرجات العقلية (تفكر) نستدرج عقولنا الى القصد الشريف من (الكتاب) وهو وعاء الضرورات الثابتة لانها
اولا .. تتصف بالضرورة ومثلها جاء في آية البيع الدين لاجل مسمى
ثانيها ... كتابتها لتثبت
فاصبح الكتاب وعاء الضرورة بثباتها
والكتاب في القصد القرءاني هو وعاء الضرورات الثابتة التي تشتمل اسلاميا على القرءان والسنة وهما مصدر التشريع المتفق عليه بلا اختلاف ..
سنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وردت تواترا في المنسك وتتصف بالشهرة اضافة لتواترها وعدم انقطاع الاجيال التي حملت تلك السنة
سنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام والتي شملت الكثير من الاحاديث والاحكام حملتها الاجيال على شكل النقل الروائي وليس النقل المادي كما في المنسك
السنة المنسكية في وعاء اليقين (اللاريب) لتواترها وشهرتها
السنة الفكرية (الروائية) فيها اختلاط بين اليقين واللايقين فاصبح كامل الوعاء وعاء حذر يفيد الباحث على منهجة عقله الباحث لا لغرض الامساك بالمادة العلمية ... بل لغرض تحسين ماسكاته العلمية
الضرورة .. في القصد هي .. ان تركت اضرت بتاركها ... اما ثباتها فيعني انها تتعلق بنظم الكون ومستلزمات تلك النظم وترابطها
كل الحضارة القائمة الان لا تمثل ضرورات ثابتة لانها ان تركت لا تتحصل اضرار لتركها ونؤكد ان رصد الضرر يتعلق بنظم الخلق لا بنظم دنيوية مستحدثة ومن ذلك فان انقطاع التيار الكهربائي عندما ينقطع يضر بالمجتمع ضررا كبيرا ولكنه لا يضر بنظم التكوين في الخلق بدليل ان مجتمعات ما قبل الحضارة عاشت دون ان يكون التيار الكهربائي في حيازتها
امثلة على الضرورات الثابتة
الحرث , الصلاة , الحج , الصيام , قصر الصلاة في السفر , دوران الافلاك , نظم الارض ( ملكوت الارض) , مستويات العقل ( ملكوت السماوات ) ..و كثير من الموارد الرئيسية والفرعية لا يمكن عدها او حصرها
امثلة على الحاجات الثابتة
الكهرباء وهي في الطاقة السلكية والطاقة الموجية ( الاتصالات الموجية ).. محروقات النفط .. سرعة التنقل ... التحكم بانسيابية المياه العذبة .. التحكم بالسكن العمودي وزيادة حجم المدن .. التدخل بالبرنامج الجيني .. التدخل بكيمياء الطبيعة .. التدخل الصناعي للغذاء الحيواني والبشري ... وغيرها من العناوين التي لا يمكن استيعابها في ملف محدد ولكن متابعة تفصيلية ستحملها صفحات منشورة في متسعات بحثية عسى ان يروج لها عندما يلتحق الثوار بهذه الثورة
مهمة الباحث في علوم القرءان لا تجعل عنوان الضرورات الثابتة منهجا استقرائيا بل ستكون صفة الضرورات الثابتة صفة لصيقة بالنتاج العلمي وهي صفة ذاتية كما اشرنا
رغم ان وعاء البحث سيكون في حيز الضرورات الثابتة الا ان الحاجة كما قلنا هي في (تطبيق القرءان) وان عملية تطبيقات القرءان هو تفعيل وعاء الضرورات الثابتة في ميدان الانشطة الانسانية وبما ان تاج الانشطة وقائدها هو النشاط العلمي فان مدرسة علوم القرءان ستنحى منحى علمي متجرد من الصفات الوضعية التي قد يتصف بها وانما تتوالد الصفات والمميزات من طبيعة البحث الذي سيكون القرءان دستوره
البحث عن مخلوقات عاقلة سوف لن يكون تحت عنوان الضرورات الثابتة او الحاجات الثابتة او لغرض السبق العلمي او لغرض نصرة دين الاسلام او لغرض طموح علمي مجرد او لصفة وضعية اخرى قد يضعها صحفي او باحث او جماعة معينة لها غايات معلنة او خفية
ان العناوين التي ستتبناها مدرسة علوم القرءان انما هي عناوين مبرمجة اساسا في الذكر الحكيم بمسمياتها وعناوينها وتشتمل على غاياتاها لانها ضرورات ثبتت من لدن حكيم خبير وكل ما نقوم به هو التثوير الفكري فيها لنستبين اهدافها وغاياتها وضروراتها فتكون تلك الصفات لصيقة بها وهي من مجمل صفاتها الغالبة
نحن عندما نبحث عن مخلوقات عاقلة في الكون في بحوث قرءانية سيكون عنوان بحثنا هو الجن والملائكة باعتبارها مخلوقات عاقلة راسخة في الذكر الحكيم
نحن لا نستطيع ان نثبت ضروراتها ... ضرورات تلك المخلوقات سوف تحدد من خلال البحث الا ان تلك المخلوقات لها ضرورات ثابتة فهو امر مفروغ منه وهو من ثوابت البحث بموجب النهج القرءاني
(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (الأحزاب:43)
ان الملائكة كمخلوقات عاقلة لها حضور في برنامج الخلق فهي تصلي على المؤمنين لسبب اوضحه الذكر المبارك (لتخرج المؤمنين من الظلمات الى النور) وعلينا ان نفهم ذلك لتحديد ضروراتها وثوابت تلك الضرورات ومنها نحدد حاجاتنا التي لا تتناقض مع برنامج الخلق ونظمه
نحن سوف لن نبحث عن خلية داروين في المريخ او المشتري لاننا لا نريد ان نغفل عن ايات الله فنكون من المغفلين
(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الامْوَالِ وَالاوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُوراً) (الاسراء:64)
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الانْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الانْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (الأنعام:128)
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50)
(قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) (سـبأ:41)
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الانْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجـن:6)
ان مخلوقات الجان ومثلها مخلوقات الملائكة تشاركنا في ترابطيات خلق علينا ان نكشف ضروراتها الثابتة وازاء تلك الضرورات نحدد حاجاتنا المعاصرة ونضع لتلك الترابطية حدودا لا نتخطاها للحصول على منافع صلاح (الملائكة) ومنافع اتقاء (أضرار الجان ) وفي ذلك النشاط يتألق العلم والعلماء لتألق مصدريته وتكون مدرسة علوم القرءان سيدة المدارس بلا منازع وعلماء القرءان سادة العلماء بلا منازع
اذا تم التعرف العلمي على مخلوق الجان
اذا تم التعرف العلمي على مخلوق الملائكة
ماذا يتصور العقل من تصورات ايجابية ... بل ماذا يحدث ..؟
انه لن يكون خيالا علميا كما يتصف الخيال العلمي في المدرسة المادية بل يقول علماء القرءان قولا في ضرورات تلك المعرفة ناتج من نتاجات علمية وليست تصورات خيالية لان وعاء الضرورات الثابتة منظومة متكاملة لا تحتمل التصورات
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: من الآية89)
الكتاب هو وعاء الضرورات الثابتة وفيه تبيان لكل شيء فلا وجود للتصورات ... لا وجود للفرضيات ... لا وجود للخيال .. لاوجود للتنبؤات (الاحتمالات) .. لاوجود للبطولات (المكتشف والمخترع) .. لا وجود للاحتكار (صاحب حق الامتياز) ...لا وجود للحافات العلمية .. لاوجود للنظريات ... لاوجود للغيبيات ... لاوجود للتكتلات ( عروش العلم ) ... لا وجود للتسلطية ( فنون السلاح ) ... لا وجود للوطنية او المذهبية او العرقية او الطائفية او النعرات الراديكالية او الليبرالية او عالم متمدن ودول عالم ثالث او شعوب متقدمة واخرى متخلفة او شعوب غنية واخرى فقيرة !!
لان القرءان للناس كافة
وهو بحر يبحر فيه كل من يمتلك وسيلة الابحار
فلا سدود ولا جوازات سفر او اختام ملونة او تأشيرة مرور او بطاقة احوال مدنية او لون بشرة او ملامح شرقية واخرى يابانية اوصينية ...
كلها تذوب في ( للناس كافة )
فهي رسالة اشرف الخلق
وسيد البشر والمرسلين
المصطفى من بين البشر محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والسلام كما صلى عليه الله وملائكته
وماسكات الختام احلى من بداياته
في منهجية عصرنة علوم القرءان تخطت كل من .. المذاهب .. حدود الدول ... اختلاف اللهجات .. اختلاف الصفات .. اختلاف الالوان .. اختلاف الملامح .. اختلاف الاختصاصات .. لا جنسية فيها .. لا عرقية لها .. لاغنى فيها ... لافقر فيها ..انها حشد فكر ثورة علم في القرءان ..لا تزال ثورة بلا ثوار
الحاج عبود الخالدي
تعليق