الحروف المقطعة في
القرءان
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
القرءان
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
من الاختناقات الفكرية المشهورة في مدرسة التفسير تلك التي في دائرة الحروف المقطعة في بدايات بعض السور القرءانية حيث اعلنت المدرسة العقائدية عجزها المطلق في تفسير تلك الحروف حتى شاع بين اروقة العقيدة ان (علمها عند الله)
وردت بعض الروايات قالت ان تلك الحروف المقطعة كانت لغرض تخفيف ضوضاء المسلمين اثناء نزول الوحي حيث كانت تلك الحروف تستفز فضولهم فينصتون اثناء نزول الاية عسى ان يسمعوا شيئا عنها ..!! تلك الرواية لا يقبلها العقل لانها ستجعل جزءا من القرءان لجيل الرسالة فقط وليس للناس كافة والازمان كافة ..
المفسرون اعتمدوا كثيرا على الرواية ففقدوا فاعليتهم العقلانية في مواجهة القرءان لان الرسول عليه افضل الصلاة والسلام لم يفسر تلك الحروف كما ان اعتمادهم على اللغة العربية افلس قدراتهم لان الحروف المقطعة لم تكن من سنن العرب الكلامية ...
ومن خلال راسخة من رواسخ الباحث القرءاني المستقل ان ماضي القرءان كامن في متنه الشريف القائم بيننا في عملية جريئة لاحتضان استقلالية الفكر بعيدا عن الرواية المشوبة بالريب في تكوينتها وطبيعتها فان سر صمت الرسول عليه افضل الصلاة والسلام عن تفسير تلك الحروف يمتلك قيمومة معاصرة ندركها عند تثوير القرءان ..
( الم ) ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة:1 ـ 2)
الاثارة القرءانية الملزمة للباحث في منهجية القراءة المستقلة في تساؤل لماذا (ذلك الكتاب) وما كانت (هذا الكتاب) ... !!
الفرق العربي في اللسان العربي المبين يضع فارقة كبيرة بين لفظي (ذلك .. و .. هذا) والكتاب عند نزوله كان حتما وفي بداهة عقل موصوف بـ (هذا الكتاب) فاين يكون القصد في واصفة تصف بـ (ذلك الكتاب) واين هو ... ؟؟
من هذه الرجرجة الفكرية تقوم الزامية عقل في معرفة حقيقة الكتاب بموجب المقاصد الشريفة ولا يحق للباحث المستقل ان يعمل برأيه او ظنونه او برواية يعثر عليها في بطن التاريخ وبالتالي فان شحذ همة العقل من واجب الباحث القرءاني وبما ان الامر الالهي في معرفة بيان القرءان قد ورد حصرا في القرءان بموجب النص التالي :
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرءانَهُ * فَإِذَا قَرءاْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرءانَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة:16 ـ 19)
وبذلك الالتزام العقلاني نتبع قرءانه لنرى بيانه الموعود بوعد الهي قدسي ونرى كينونة الكتاب في اطول آية من ايات القرءان والتي تضع للفظ الكتاب مقاصد واضحة البيان
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:282)
هذا هو الكتاب (قبض ماسكة محتوى) وهو من (علم الحرف القرءاني) نطرحها لضرورة المقام دون تفاصيل ونقوم بتجربة النتاج مع مضامين قرءانية لنتيقن من دقة النتاج وصلاحيته في التطبيق كمرحلة وسط لحين قيام العلم التفصيلي في مقاصد الحروف القرءانية .. وعندما يقرن النتاج مع مقاصدنا ستكون الواصفة في القابضة التي تحتوي ماسكة هو (وعاء الضرورة الثابتة) وقد شملها النص الشريف في بيان واضح لقيام ذلك الوعاء الضروري الثابت في مثل حكيم (اذا تداينتم) .. فهو (قابض بيان) يقبض ماسكة محتوى الدين (دليل قيام القرض وأجله) ... عندما يقبض المدين الدين وعندما يسترجع الدائن دينه فهي (قبض واقباض) فيه ضرورة القرض (فاكتبوه) وثبات الدين في ضرورة استرجاع ذلك القرض لصاحبه وتوثيق بيان الكتاب من عقل غير سفيه (اذا كان عليه الحق سفيها فليملل وليه) ويرتبط فيه الاجل المسمى كواحدة من الضرورات الثابتة فيه وتدخل الفطرة الالهية التي فطر الناس عليها في مضمون تلك الضرورة ( ولا يأب كاتب ان يكتب كما علمه الله فليكتب) ..
من ضرورات ثوابت الكتاب كما جاء القانون الالهي المسطور تحت مثل الدين ان يكون عنصر (الاجل المسى) واحدا من ثبات ضرورات الكتاب .. وبالتالي ومن هذه المعالجة الموجزة جدا يكون الكتاب هو وعاء الضرورات الثابتة
أي ضرورة قائمة فينا ومهما كان شكلها (إن صادق عليها القرءان) .. فهي ثابتة .. فيكون الكتاب هو ضرورة قائمة في زمنها (اجل مسمى) وان يكون الكاتب (القائم بتثبيت الضرورة) يكتب أي (يثبت الضرورة) بما علمه الله (ولا تسأموا ان تكتبوه صغيرا او كبيرا) وعليكم ان تشهدوا شهداء على ثبات الضرورة كما اشهدكم الان عليه في هذه السطور ليكون ثابتة على الناس الذين ينتهجون تلك الضرورة عند ثباتها ..!!
من تلك الرجرجة المتصفة بصفة الايجاز الاجباري يكون القرءان هو القانون ... ويكون الكتاب هو فاعلية القرءان في زمنه حيث تختلف الضرورات الثابتة من زمن الى زمن حسب احوال الناس وانشطتهم ..
الكتاب والقرءان والذكر
اذا رسخت هذه الاثارة وتفعلت في العقل فيكون (الم) ستكون فعالة في (ذلك الكتاب) وليس في (هذا الكتاب) الذي كان قائما بين المسلمين ورسول الله فيهم ... فهو لم يفسره لهم لان فاعلية (الم) سوف لن تنفعهم بل ستضرهم ضررا شديدا لان القرءان للعلم مذخور في زمن طويل من عمر نزوله ... أي ان (الم) كانت خارج الضرورات الثابتة في زمن النزول .. فهي في (ذلك الكتاب) وفي الكتاب عنصر مهم هو (اجل مسمى) وفي الاجل المسى نشاط انساني هو الذي يقيم الضرورة ويكون فيه وجود الضرورة للآية منفصلة ذات بيان في (الم) .. اذن نحن اقمنا الماضي في معالجة صمت الرسول عليه افضل الصلاة والسلام عن تفسير الحروف المقطعة في حاضر نعيشه بفكر مستقل ..!! ولنا في ذلك اجازة قرءانية جازمة حازمة في ان القرءان للذين يعقلون .. وامثال القرءان لا يعقلها الا العالمون ... ففي نصوصه تدبر وتبصرة وذكرى تقوم في العقل
البحث في تطبيقات الكتاب كلفظ كثر استخدامه في المقاصد الالهية في القرءان وتقدر المواقع التي ذكر فيها الكتاب قرابة 250 مرة وذلك يحتاج الى وسعة علمية ومرابط بحث واسعة وان ما نسطره من اثارات هي انما لتثوير العقل ومن يحتاج الى المزيد فعقله معه وليثور في القرءان لفظ الكتاب سيجد انا املينا الحق من مكامن الحق في قرءان يتلى حق تلاوته .
(ا ل م) اية منفصلة مستقلة ومن موصوفات الايات القرءانية انها ايات بينات وانها بلسان عربي مبين وصفة ذلك اللسان مبين وهنا نحتاج الى علم الحرف في النطق (لسان) من قناة ضيقة لنستوفي النتاج دون التفاصيل لان التفاصيل تحتاج الى همة عالم متخصص يتربع على مساحة علم قرءاني اوسع بكثير من مساحة صفحات منشورة ولكن اثارة العقل في القرءان بين الناس منهج تذكيري مستن من سنة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام حين ابلغ الناس بالنتيجة ولم يمارس مهمة الاقناع بل مهمة التذكير والتبليغ وترك الناس يثورون عقولهم في القرءان فاصاب من اصاب الذكرى على قدر ما رجاه المثور في القرءان من علم يرضي طموحه العلمي ..
(أ ل م) هي في نتاج علم الحرف القرءاني ( كينونة نقل مشغل) .. ذلك يعني ان هذه الاية تحمل بيان ان (هنلك كينونة خلق تمتلك مشغل ناقل) وهي في اثارات سابقة روجنا لها بانها تقوم بتشغيل الذاكرة ... تعيد الانسان الى فطرة الله ... فقيام الضرورات الثابتة في زمننا او في أي زمن ستكون (ذلك الكتاب) ويبقى اللفظ قائم (ذلك الكتاب) ففي كل زمن تقوم ضرورة تثبت في زمنها المسى ولا يشترط انها ستكون قائمة فيكون نشاط الانسان على طول عمره في برنامج الخلق في وعاء ضرورات متتالية تتصف بصفة (ذلك الكتاب) حيث تتغير الحاجات عبر الاجيال الا ان صفاتها تبقى ثابته وحين تقوم الحاجة تقوم الضرورة لها وهي متجددة عبر اجيال حملة القرءان ثابتة الصفة الا انها مختلفة الوصف وعلى سبيل المثال كان وصف (طالب العلم) يعني (علم الدين) الا ان وصف (طالب العلم) في زمننا لا يشترط ان يكون في العلم الديني بل في مختلف العلوم ....
الصفة تمتلك كينونة ءاية (الم) يعني انها تمتلك كينونة نقل مشغل وهي الذاكرة ... والمشغل هو (سبب الذاكرة) فالذاكرة لا تقوم الا عندما يقوم سبب والسبب هو الذي يقوم بتشغيل العقل لتقوم الذاكرة وذلك بيان فطري معروف لكل عقل فالذاكرة لا تستحضر الا لسبب .. وذلك الكتاب قائم مع ذلك السبب وبين ايدينا تجربة قائمة تم ادراجها تحت عنوان (الملائكة في التكوين) حيث قلنا
تلك السطور ما هي الا ايجاز موجز في حروف القرءان المقطعة المهملة في مقاصدها المتروكة علومها الا ان المسلمين يبذلون جهودا جبارة في القرءان ولكن التاريخ يمتص تلك الجهود ويضع مسلمي اليوم في قيود الفكر السابق مما ضيع عليهم فرصة مقارعة الظالمين في قمة من قمم ممارسة الظلم المعاصر الا وهو العلم ..!! علم مادي واسع وله تطبيقات معاصرة لا تحمل هوية اسلامية في حرمتها او حليتها مثل الادوية الكيميائية والحقن الطبية وكثير من الممارسات التي تحتاج الى تعيير قرءاني
الحروف المقطعة تلزم العقل وتجبره على تقطيع الكلمة لان الله قد قطعها في قرءانه وعلينا ان نتبع قرءانه في هذه الحاكمية لنمسك بيانه عندما تدبرنا نصوص القرءان في سورة القيامة وعلى الباحث ان يقطع الكلمة ليصل الى مقاصد الحروف كما علمنا الله النطق ونستخلص مقاصد الحرف من عقولنا حتى لو وضعنا العقل بين المطرقة والسندان ...
يجب ان تقوم مدرسة حديثة مستقلة على حاشية بحوث العلم القرءاني ليختص بها رجال يبحثون عن مقاصد الحروف في اعماق العقل ليصلوا الى فطرت الله التي فطر الناس عليها ليكون الاستقلال الفكري في اوج صفة الاستقلال وللتخلص من كل الاراء والافكار التي علقت بالمعارف المكتسبة من الماضي وغلفت الحقيقة بغلاف الاراء البشرية وضيعت مضامين البيان فخسرنا بسببها اكبر دستور للعلم فيه اكبر بطاقة للنصر تعيد الينا ذواتنا الضائعة وسط التقليد الاعمى لعلم حضاري كافر لا يرتبط بالضرورات الثابتة بل يرتبط بجيوب المستثمرين للعلم وكارتلات اقتصادية تستخدم البشر كما يستخدم الاوربيون منصب (الكاو بوي) في تسيير القطع الحيوانية ..!!
الله يجبرنا على تقطيع اللفظ (العجل) ونحن بالعجل متمسكون وكأنه الاصل في اللفظ بل الاصل هو الحرف لانه لبنة بناء المقاصد
انها تثويرات للتذكير فلم تكن الثائرة من بنات افكار خصتها عقولنا بل كان القرءان مذكرا لنا ونحن نذكر به في سنة نبوية شريفة سطرها القرءان
الحاج عبود الخالدي
تعليق