العقل الموسوي وحرمة المراضع
من اجل سلمة علم في علوم العقل في القرءان
{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ }القصص
12
الاية الكريمة تقيم بيان تخصصي في رضاعة موسى بعد ان استحوذ عليه فرعون زمانه ليربيه كما ورد في مثل موسى في القرءان وعندما يؤمن الباحث القرءاني ان الامثال القرءانية هي (خارطة خلق) وردت على شكل امثال لتقيم علوما الهية (مثلى) استنادا الى مصدرية حصرية من الله فتكون (علوم الله المثلى) مسطورة في قرءان يمثل خارطة تكوين الخلق ومثل تلك الصفة تدركها عقولنا عندما يرسم المصمم خارطة صناعة جهاز او منزل فيكون للصورة المرسومة قصدا في ما يريد منفذ الخريطة ان ينقله لمن يستخلفه على الجهاز او المنزل (المستخدم) عن طريق الخارطة فلن تكون صورة الدائرة (مثلا) تعبيرا عن مقاصد المصمم بوجود صورة دائرة بل ذهبت مقاصده الى ان الموصوف بالخارطة هو ترانسستور وضعه المصمم في جهازه المصنوع واشار اليه بالدائره ليكون في (فهم) من سيخلفه في استخدام الجهاز ... تلك هي وظيفة الامثال القرءانية عموما ومنها (موسى) فهو (وعاء المساس العقلاني) في الانسان واشرنا اليه في اثارات تذكيرية منشورة انه (المستوى العقلي السادس)12
موسى وهارون في التكوين
العقل .. مرسل
موسى و ( الكتاب المستبين )
سر العقل والسماوات السبع السماء السادسة
وهنلك عدة ادراجات منشورة في المعهد ترسخ بنية العقل البشري ونظام تكوينه من خلال قراءة علمية لخطاب القرءان بصفته (خارطة خلق) تذكر عقل الانسان لتنفع من (استخلف) من قبل الخالق في استخدام منظومة الخلق كما يفعل المصنعون حين يردفون ما صنعوا بكالتوك يستخدمه المستخلف على ما صنعوا (المستخدم) وذلك الاثر هو من ممارسة عقلية يمارسها البشر دون غيره من المخلوقات لانه يحمل البيان من نظم الخلق (ما كتبه الله للخليقة) في (كتاب مستبين) يدركه العقل الموسوي (السادس) والعقل الهاروني (الخامس) ذو اللسان الفصيح (افصح من موسى)
عندما يسجل العقل البشري حضورا اوليا بعد الولادة (ءأدم) المولود من رحم امه فان (رضاعة الجسد) تقع حصرا في اختصاص الام اما (رضاعة العقل) فان (ام موسى) هي التي ترضعه وام موسى هي المصدر (التكويني) الذي انجب العقل الشخصي الذي يحمله الوليد البشري ومن المؤكد والمعروف جدا جدا ان ذوي الوليد لا يملكون اي فرصة لتغذية وليدهم مادة (العقل) فلا تستطيع العائلة ان تقدم لوليدها تعليمات عقلانية فهو يرضع العقل من مصدريته التكوينية (امه) ولا يستطيع الاب او الاخ او غيرهم ان يضخ مادة عقلية لحديثي الولادة ولغاية سنة او سنتين من عمر الوليد فالوليد ينمو جسدا برضاعة الحليب من ذويه اما نموه العقلي فلا احد يعرف من اين يأتي بل هو من مصدرية تكوينة العقل البشري (ام موسى) فكان الوصف الحكيم ان (حرمت عليه المراضع) ... العلماء والناس يتصورون ان نمو العقل مرتبط بنمو الجسد الا ان مثل عيسى في القرءان يدحض تلك الثابته ومثلها مثل يحيى الذي اوتي الحكمة صبيا ومثلها كثير من الاطفال في حياتنا يمتلكون فائقية عقلية لا تتناسب مع اعمارهم او بنيتهم الجسدية
اخته هي التي قالت (هل ادلكم على اهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون) والاشارة القدسية (وهم له ناصحون) تعني (عقل) ولا تعني (حليب رضاعه) وهو بيان مبين يحمله النص الشريف اما اخته فهي (حاملة عقل مثله) فالصبيان الذين يسبقون الوليد ولادته هم اخوته سواء كانوا في اسرته او في مجتمعهم الانساني المعروف فالقول الذي قالته اخته هو (بيان) الصبيان الذين سبقوا الصغير في ظاهرة مرئية حيث (نما العقل) فيهم دون ان يتم حقن العقل في عقولهم فنمو عقل الصغار لا سلطان عليه من قبل الاهل فالصغار في عمر الرضاعة لا يمتلكون قدرات معرفية لان (المستوى العقلي الخامس) هرون وهو (اخ موسى) لا يزال وليدا والعقل الهروني (الخامس) هو الذي يحصل على قدرة التعرف على محيطه وبه ومن خلاله يستطيع ذوي الصغير تعليم صغارهم اما في عمر الرضاعة فان قدرات الوليد العقلية غير قابلة على التعلم بل تخضع الى مصدرية تكوينية من (ام موسى) فهي التي ترضعه
الاشارة القدسية تؤكد ان اصل العقل الانساني (المستوى السادس) هو في (وسيلة خلق) مركزية (اهل بيت يكفلونه) فرغم ان الوليد يمتلك عقلا موسويا (عقل سادس) الا انه متعلق بعرقوب مركزي (حاوية تكوين) ورغم انها غير مرئية الا ان القرءان يعلن عن وجودها (اهل بيت يكفلونه) وتلك الكفالة في (النصح) تستمر مع عمر الانسان بكامله ولا تقتصر على مرحلة الطفوله ففي الطفولة رضاعة وفي عمر الانسان بكامله (كفالة عقل ومناصحة) ومثل تلك الصفة موجودة في العالم المادي (رحم المادة) في اهل وعشيرة واقليم وهي حاوية تكوين الجسد تظهر في الصغر وتستمر في كامل عمر الانسان والقرءان يؤكد وجود مثلها في (رحم العقل) فمثلما نرى في عالمنا المادي (رضاعة مادية) وبعدها مناصحة عقل فهنلك في رحم العقل (رضاعة عقلية) تبدأ في الصغر وتصاحب الانسان فالعقل الموسوي يمتلك رابط مع اهل بيت يكفلونه ومثلما يكون للوليد في رحم مادي اهل بيت يكفلونه ففي العقل ايضا حاوية تكوين (اهل بيت يكفلونه) ومثلما توجد اخوة واخوات في العالم المادي المرئي يوجد اخوة واخوات في عالم العقل غير المرئي
{هَرُونَ أَخِي }طه30
وهي ءاية مستقلة تحمل بيانا عظيما في علوم العقل فهي مخصصة لعلوم العقل دون غيرها فبيان اخوة هرون وموسى في ءاية مستقلة لا يقيم عبرة عقلانية ولا يقيم حلالا ولا حراما ولا مكروها ولا مستحبا ولا يقيم حدا شرعيا او ترخيصا شرعيا فهي ءاية علمية محض ولا تنفع الا في العلم الخاص بعلوم العقل
هرون (العقل الخامس) ياخذ رضاعه عقلية من ذويه حين يعبر الوليد فترة زمن يستطيع الوليد من خلالها ان يتأقلم على ما يعوده عليه ذويه في لعبة او في ممارسة او في طريقة رضاعة وهو في ممارسات مادية اما موسى (العقل السادس) فلا يمتلك ذوي الوليد اي سلطان عقلاني على عقلانية وليدهم بل يخضع الى رضاعة عقلية من مصدرية تكوينية غير مرئية (اهل بيت يكفلونه) وتكون الرضاعة هي رضاعة عقلية تكوينية لا يعرفها ذوي الوليد (وهم له ناصحون) ومن تلك الصفة حين تبرز الهوية العقلية للوليد تكون مفاجأة (في بعض الاحيان) لذويه فتصدر من الوليد حركات مادية من عقلانية غير معتادة في الاسرة وتظهر عليه بوادر عقلية لن يكون لها وجود داخل اسرته لانه رضع من مصدرية تكوينية غير معرفة لذوي الوليد
يستطيع كل متابع كريم يمر من هنا ان يرقب تلك الصفات في اي وليد يتنامى جسديا وسط رضاعة ذويه ويركز على رضاعة العقل المتنامي فيه فلسوف يجدها من رضاعة تكوينية لا ترتبط في كثير من مفاصلها مع ما يتم بثقه من تعاليم عقلانية يعرفها المراقب على ان تشمل الرقابة كافة التصرفات التي يمكن ان ترتبط بامهات العقل السادس (العقل الموسوي) قبل ان تختلط بتصرفات العقل الهاروني (الخامس) ومن خلال التجربة يستطيع المراقب ان يرقب الفارق في بعض التصرفات ونضرب هنا امثله في النطق او في التصرف المادي ومن خلفه (عقل) اول رقابة نقترحها ليمارسها من يرغب برقابة الرضاعة الموسوية التكوينية هي في (حب التملك) وهي من اشارة قرءانية علمية تصف بدايات (تسجيل خروج) ءادم (الوليد) مرحليا من جنة الوالدين وتلك الصفة تظهر مبكرة وتنمو مع الكبر الا انها تمتلك متغيرات تكون في الكبر مختلفة عنها في الصغر وحين نرصد بداياتها مبكرة عند الانسان نربطها بالعقل السادس (الموسوي) لان العقل الخامس (الهروني) لم يكتسب بعد معارف اهله وخصالهم
{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا ءأدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى }طه120
وحين يمارس الصغير في وقت مبكر من صغره رغبته العقلانية في التملك (الحيازة) فانه يخالف سنن ذويه ومحيطه في تلك الرغبة لانها من رضاعة موسوية فالمعروف ان الراغب في حيازة الاشياء انما تكون له حاجة فيها الا ان الصغير يرغب في حيازة الاشياء التي لا حاجة له فيها فهو قد يتمسك بشدة بقداحة السكائر او علبة السكائر رغم انه ليس بحاجة اليهما ومثلها كثير فهو يرغب في حيازة كل شيء رغم ان عرف ذويه ان كل شيء في حيازتهم عند الحاجة فقط فالامتعة مبعثرة في المنزل الا ان حيازتها من قبل اصحاب المنزل تقوم عند الحاجة اليها اما الصغير فهو يتمسك بحيازة الاشياء مخالفا بتلك الرغبة (العقلانية) ما هو في محيطه واعراف اهله وهو دليل رضاعة موسوية تشكل اول لبنة من لبنات العقل المؤدية الى ظاهرة الوسوسة الشيطانية التي تصاحب العقل البشري وهي (مخالفة السنن) فالوليد الذي يتمسك بحيازة الاشياء مخالفا فيها سنن ذويه انما تتفعل في عقلانيته بداية سنة شيطانية تصاحبه تكوينيا تؤتى من رضاعة موسوية من مصادر تكوينة العقل وفي تلك الممارسة لا يوجد طعن في صفة (وهم له ناصحون) لانها تكوينة عقل فالانسان هو المخلوق الوحيد الذي يمتلك رغبة في الحيازة خارج حاجته وخارج جسده فكل المخلوقات تحوز الغذاء في اجسادها فقط عدا مخلوق النحل حيث يختزن الغذاء في الخلية لموسم ءاتي رغم ان النحلات العاملات على خزن العسل لا يمتلكن عمرا كافيا ليكون الخزين لهن فعمرهن الاقصى 40 يوما والعسل يكون مخزونا لفترات اطول من عمرهن والانسان يتفرد برغبة (عقلانية) في خزن الاشياء خارج حاجاته كتراكم الاموال وتراكم الالبسة والاغذية وغيرها وهي تبدأ من رضاعة موسوية نرى صورتها المادية في تصرفات الصغار في وقت مبكر وهي (نصيحة عقل) موجودة في تكوينة العقل الا ان الاشارة القدسية تفيد انها ستكون عرضة الى الخروج على سنن تنظيمية في ان تكون الرغبة العقلية لغرض مليء الحاجات وعند عبور ذلك السقف فان الوصف القرءاني يكون تحت واصفة (وسواس الشيطان)
في رقابة بحثية لنا كان صغيرا لنا يقترب من سن التمييز بعمر اربع سنوات وهو يصاحبنا ويراقب رافعة انشاءات ترفع مواد البناء الى الطوابق المتعددة فكان ينظر اليها ونحن نسميها (رافعة .. مصعد .. كرين) الا انه طلب منا ان يركب فيها وقد استخدم تسمية سماها من عنده بـ (الصعاد) ومن المؤكد ان تسميته تلك هي الاصدق نطقا لانها من رضاعة موسوية فلفظ رافعة التي ننطقها وهو يسمعها هي (حاوية رفع) ومثلها لفظ مصعد هو (مشغل الصعود) اما لفظ (صعاد) هو (مفعل الصعود) وهي رغبته الموسوية النشيء فنطق فيها حقا لانه صغير ولا يريد ان يكون (مشغل صفة الصعود) او يريد (حيازة حاوية الصعود) بل كان يريد ان يفعل صفة الصعود في رغبته بالصعود فنطق بلفظ (صعاد)
في طفولة اخرى نرى ان الطفل الصغير يخاف المكان المرتفع وهو لم يشاهد حالة سقوط من مكان مرتفع مثلها ولا يمكن تسميتها (غريزة) لان الغرائز جسمانية وهو يتعامل مع (مخاوف عقلية) وردته من رضاعة موسوية في طفولة اخرى نرى الصغير يخاف من الظلام ويصرخ منه وهو تصرف (عقلاني) غير غرائزي وهو دليل رضاعة موسوية
في (الخوف من المجهول) والظلام هو مجهول رغم ان الوليد كان في رحم امه في ظلمة الا ان الرضاعة الموسوية اضافت اليه بناءا عقلانيا في الخوف من المجهول
في طفولة اخرى نرى ان الصغير يقلب الاشياء بين يديه ويحاول الوصول الى مداخلها او انه يقوم بتحريك كل شيء متحرك سواء عجلة او كرة وهو دليل (نمو عقلي) يدرك حراك مادي مأتي من رضاعة تكوينية موسوية ونرى الصغار حين يفرقون بين الالوان دون ان يعلمهم ذويهم فارقات الالوان وهي صفة غير غرائزية لاننا نراهم يختارون الالوان التي يريدونها وهي ممارسة عقلية وليست غرائزية جسدية
كثيرة هي المراصد التي يريد الباحث ان يراقبها وما جاء اعلاه سوى اشارات تذكيرية عامة ومع كل صغير تظهر مظاهر عقلانية خاصة تثير عجب ذويه ومن حوله متسائلين (من اين اتته ..؟) الا انها مأتية من رضاعة خاصة لا تشبه رضاعة اللبن التي نعرفها فكانت تذكرتنا من تذكرة قرءانية (وحرمنا عليه المراضع من قبل) ولفظ (من قبل) لا يعني بعدا زمنيا بل يعني (من قبول) تكويني خلقه الله في (ارض الرضا) ليكون العقل البشري في (ارض) وهي (تساوي) عنصر (الرضا) ولها (قبول) تكويني فكان تحريم المراضع من قبول في رضا تكويني خلقه الله
نؤكد منهجنا المعلن ان ما سطرناه من ذكرى لا يمكن وصفه بصفة (تفسير) لان التفسير هو (نقل معلومه) اي صفة (معرفية) في حين نصف سطورنا بانها صفة (تذكيرية) تنتقل من عقل لعقل بشري من خلال التذكير لا من خلال المعرفة بالشيء كما في التفسير والمسمى الموصوف بـ (التذكيري) مسمى غير مولود في سطورنا بل هو من وصف قرءاني تذكيري (ص والقرءان ذي الذكر) فلو لم يذكرنا القرءان ما ذكرنا بيانه ونقلناه الى واقع نلمس بيانه فنتذكر (انه لقرءان كريم * في كتاب مكنون) وحين تذكرنا من القرءان ادركنا ما كتبه الله في خليقته (كتاب مكنون) الا انه (مستبين) لمن يريد منه البيان فهي ذكرى تنفع المؤمنين وسطورنا لا تمتلك هيمنة فكرية لتذكير الاخر بل الذكرى عند الاخر تقوم بمشيئة الهية محض
{وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ }
المدثر56
الحاج عبود الخالدي
تعليق