فوانيس غادرها الضياء
كنت اقف على مشارف بوابات الكنائس يوم الاحد في دولة أوربية لأرى الخارجين من قداسهم ... اتمعن في ملبسهم لاعرف نسبة الاغنياء المتدينين ... اقرأ نسبة النساء من الرجال .. اقرأ نسبة الشباب من الكهول والعجزة .. وأقرأ .. وأقرأ فيهم ما أقرأ وأنا باحث في قرءان ربي وأعود الى دياري لاقف على اطراف جامع لاقرأ ما قرأت في كنيسة اوربية .. فوجدت أن نسبة الكهول والشيوخ طاغية على نسبة الشباب ... !! والحق له قول ثابت أن نسبة الشيوخ الكنائسيون في اوربا مخيفة وفي ديارنا نسبة الشباب افضل الا ان مراتبها لا تسر النفس وتقيم في العقل ماسكة ترى أن الذهاب الى الدين في المنسك الديني هي راحة المتعبين من مشوار دنياهم ..!! انها فوانيس فقدت الضياء ... في كنائسهم ضياء .. في جوامعنا ضياء ... رغم اختلاف الوانها ... الا انها حاجة خريف العمر ... يوم تدنو الاجساد من لحدها تصبح كفوانيس التراث تصلح أن تكون في عارضات التحف ... فوانيس فقدت وقودها ... كانت بالامس مضيئة وإن استطاعت أن تحتبس من ضياء شبابها فأن أضوية الخريف اكثر حاجة ... يا ايها الهرم العجوز ... تسير على ثلاث ... محدودب الظهر ... ترتجي من ربك هنيهة عطف ... هل يوم شبابك كنت كما اليوم تكون ..؟ بل على مراكب مبحرة في موج دنياك ابحرت وكأن سفينتك لا مرسى لها ..!!
آه من شيخوخة تذهب سلطنة الآدميين ... فتجعلهم ... ودودون ... وديعون ... لا يملكون القدرة على ربط حزام الحذاء ... تلك القدم التي ترفض اليوم راكبها ... تلك اسنان ترفض اليوم مضغ لقمة هنية ... تلك عيون ترفض أن ترى طريقها ... طالبة رحمة ربها ... وهنا لحد قريب ... واكداس منضدة من حلال وحرام ... محاسن وسوء ... تتجمع في يوم آخر .. غير يوم صنيعها ...لقد ساح عن الفوانيس وقودها وفقدت ضيائها ..!! فوانيس صدئة ... معادنها منبعجة ... زجاجها يرتعش بلا صوت ... لا ناصر ... الا قاموس العمل ... هو اليوم الآخر في ناظور شباب يرى اليوم الآخر .. بعيون نظرة ... ليرتعد منه ... قبل الوصول اليه ... ويرتشف ليومه الآخر رحيق عز في يوم ذليل ... لا معين غير العصا ... يتوكأ عليها ... وزجاجة سميكة تعين البصر ... ورعشة يد ليس لها تغيير القدر .. الا باقيات صالحات ... يرجعن ما فات ... عز ونجاة ... حتى ينتهي في بطن الخلود .. ولا عود ... إما جنة وورود ... او قتل اصحاب الاخدود ... في النار ذات الوقود ... فهم عليها قعود ...
الحاج عبود الخالدي
تعليق