بسم الله الرحمن الرجيم
لعل من اكثر الشبهات التي اثارها قسم من علماء السلف والتابعين والمحدثين ومن النحاة, هي شبهة وقوع اللفظ الاعجمي في القرآن الكريم, اما العلماء فاعتمدوا في ذلك على ادلة ظنية مثل عدم سماع اللفظة من قبل او تداخل الثقافات والالسن وغير ذلك من الادلة الظنية التي ساقوها, واما اهل الصنعة فقد وضعوا شروطا وضعية في تصريف الالفاظ واعرابها ومن ثم جعلوا من شروطهم حجة على كتاب الله عز وجل.
واما القول بوقوع اللفظ الاعجمي في القران فهذا مذهب ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم, وقالوا ان القرآن قد وقع فيه من غير لغة العرب, فقول ابن عباس : ومثال عمر بن الخطاب في قوله تبارك وتعالى ((فاكهة وأبّا)) لم يكن يعرف معنى كلمة (أبّ). فلذلك فاعتمد في قوله وقوع الالفاظ الاعجمية في القرآن على عدم معرفة الكلمة. ومن المحدثين الذين قالوا بوقوع الألفاظ الأعجمية في القرآن وساقوا على ذلك الادلة الظنية فمنهم الدكتور حلمي خليل في كتابه المولد في العربية وغيره.
وأما القول بعدم وقوع اللفظ الاعجمي في القرآن الكريم سواء اكان اسم او صفة او غيرذلك فهذا مذهب الشافعي الذي قال بكفر من يقول بوقوع اللفظ ألاعجمي في القرأن, كما وذكر الزركشي ان رأي عدم وقوع اللفظ الاعجمي في القران هو رأي جمهور العلماء ومنهم القاضى أبو بكر بن الطيب ومحمد بن جرير الطبرى وأبو عبيدة والباقلاني وأبو الحسين بن فارس اللغوى وغيرهم.
وقد روى الزركشي عن ابن فارس قول أبو عبيدة في المسألة وهو: إنما أنزل القرآن بلسان عربى مبين فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول ومن زعـم أن كذا بالنبطية فقد أكبر القول قال ومعناه أتى بأمر عظيم.
واما المحدثين في المسألة, فقد تناول الدكتور فهمي خشيم دراسة مستفيضة ووافية لرد ما يعتقد أنه من الفاظ القرآن الاعجمية, كما وتناول الأستاذ أحمد محمد شاكر الموضوع وبحث فيه وقدم الحجج على ماذهب اليه, ولو بحثنا في اراء القدماء والمحدثين لوجدنا ان الخلاف في المسألة هو ذاته لم يتغير.
وسوف اتناول في هذا البحث الادلة التي وردت في كتاب الله عز وجل والتي ترد شبهة وقوع اللفظ الاعجمي في القرأن الكريم.
قال تعالى (( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) – يوسف )).
وقال تعالى (( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) – طه ))
وقال تعالى (( قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) – الزمر )).
وقال تعالى (( كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) – فصلت )).
وقال تعالى (( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) – الشورى )).
وقال تعالى (( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) – الزخرف ))
وقال تعالى (( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ (37) – الرعد )).
وقال تعالى (( وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ (194) – الشعراء ))
وقال تعالى (( وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) – الشعراء ))
وقال تعالى (( لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) – النحل )).
فلو تمعنا في هذه الايات جيدا لخلصنا الى استحالة وقوع اللفظ الاعجمي في القرآن وبأي صيغة كانت سواء العلم او الصفة اوغير ذلك, والدليل على ذلك هو ان جميع الايات التي وردت في كتاب الله تبارك وتعالى والتي تبين نزول القرآن باللسان العربي هي عامة لااستثناء فيها يبين ان الله تبارك وتعالى قد خصص الفاظ غير عربية فيه, ولو بحثنا في كتاب الله تبارك وتعالى لوجدنا انه لم يخصص ولا في موضع واحد من كتابه ان هناك لفظة قد وردت باللغة الاعجمية فنستثني ونخصص من العام وهو الالفاظ العربية لفظة اعجمية مثل العلم او الوصف او غير ذلك.
ثم لنتأمل القواعد الوضعية التي ابتدعها نحاتنا وعلى راسهم سيبويه فجعلوا منها قوانين احتجوا بها على القرآن وقاسوا الفاظه من خلالها ومن هذه البدع اللغوية هي قواعد تصريف الالفاظ. فقالوا في الممنوع من الصرف انه الممنوع من التنوين وله علامتان في اعرابه فينصب ويجر بالفتحة ويرفع بالضمة, وحالات المنع فهي ثلاث ( الوصفية , العلمية , الأسماء) وهنا يتبادر الينا اسئلة مهمة منها.
أولا- هل القواعد التي وضعها سيبويه هي حجة على القرآن ام ان القرآن حجة على قواعد سيبويه وبكلام اعم ليشمل جميع نحاتنا فهل الضوابط التي وضعوها في قواعد النحو هي قواعد وضعية تقبل الصح والخطأ والتغيير والتحديث أم هي ضوابط منزهة عن الحطأ والتغيير وهي الحجة والمقياس على القرأن فتكون حجة على القرآن ولا يكون القرآن حجة عليها.
ثانيا- ماهو مفهومنا لمعنى التنوين من عدمه، والمراد هنا إذا حذفنا تنويناً وابدلناه بضمة او فتحة فهل يتغير المعنى او المدلول, وكما هو معلوم ان لكل شيء معناه ودلالته في القران, فهل توصل النحاة حقا الى تحديد القاعدة من الاسماء او العلم مثلا وعدم صرفها.
ثالثا - اذا كانت اسماء الأنبياء ليس فيها اشتقاق وأدم لفظة عربية لاخلاف عليها وتقبل الاشتقاق ولكنها ممنوعة من الصرف. اما لفظ نوح فلسكون وسطه صرف وجاز تنوينه وقد قال الكثيرون بجواز اعرابه وبغض النظر إذا كان اللفظ عربي او اعجمي فأنهم يصرفونه في الحالتين لسكون وسطه.
رابعا- ان كلا الاسمين ( ادم ويحيى ) هو من علم الله عز وجل فكيف جعلوا اسم ( ادم ) عربيا لاشك فيه وهذا الاسم هو اول اسم للبشرية اي قبل نشوء اللسان العربي حسب زعمهم كما وجعلوا اسم ( يحيى ) اعجميا لاشك فيه, وكما اخبرنا الحق جل وعلا في كتابه بقوله (( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا )) فكيف استدل اهل الصنعة وجعلو اسم يحيى اعجميا لاشك فيه فهل كان لديهم دليل من كتاب الله عز وجل ام وضعوا قواعد للصرف فجعلوها حجة على اسماء القرآن فجعلوا هذا عربي وذاك اعجمي.
خامسا- عندما تحدى الحق جل وعلا المشركين وغيرهم من العرب بأن يأتوا بعشر سور او سورة او حديث من مثله فكانوا يستطيعون ان ياتوا بحديث فيه الكثير من الالفاظ الاعجمية فيتمسكون بانه حجة لهم على القرآن لان القرآن فيه الفاظ اعجمية اخرى لم يسمعوا فيها من قبل وكما اوردت سالفا مثل كلمة ( أبّ ) وكذلك ومن جهة اخرى كانوا يستطيعون الاحتجاج بكون القرآن فيه كلمات اعجمية لايعرفونها فلا يصبح حديثه او سورته اية لهم.
ثم لنبحث في اقوال النحاة فمنهم من رفض الاستشهاد بالقراءات التي خالفت قواعدهم في النحو, ومنهم من استشهد بالقراءات التي خالفت ووافقت قواعدهم, ومنهم من اخذ بين ذلك.
وهناك من النحويين المتقدمين من عاب على قراءة حمزة وعاصم وابن عامر وقالوا ان هذه القراءات بعيدة عن العربية فنسبوها الى اللحن, مع العلم ان هذه القراءات ثابتة بما تواتر من الاسانيد الصحيحة وثبوت صحتها تجيزها في البيان. كما وان ائمة القراءة لم يكن يعتمدون في شيء من حروف القرآن على الاكثر قياس في اللغة والاكثر انتشارا على الالسن أي الافشى في اللغة والاكثر قياس في العربية ولكنهم كانوا يعتمدون على الاصح والاثبت في الرواية والنقل لان القراءة يلزم قبولها والركون اليها لكونها سنة متبعة.
وكذلك تأول اهل الصنعة في لفظ (الله) واطلقوا شبهتهم الشهيرة بقولهم هل لفظ الجلالة مشتق ام مرتجل؟ ثم بعد ذلك اختلف من قال باشتقاقه بقولهم هل اشتقاقه جاء من (لاه أو من وله او من أله) ثم قالوا وما هو الاصل على هذه الاوجه وما هو نوع الحذف والتخفيف والادغام الذي طرء عليه حتى وصلنا بلفظ ( الله ).
وهذا يبين لنا مدى جهلهم وعدم معرفتهم في اللغات الاعجمية لانهم لو كانوا مطلعين على اللغات الاخرى لوجدوا ان لفظ الجلالة عندهم ( الوهيم و الاهو والاها وغيرها من الالفاظ القريبة ) ولو كانوا يتدبرون نصوص القرآن ومنها قوله تعالى (( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) - ألكهف )) وقوله تعالى(( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) - لقمان )) لما قالوا مقالتهم التي تدل على الجهل وقلة العلم.
لعل من اكثر الشبهات التي اثارها قسم من علماء السلف والتابعين والمحدثين ومن النحاة, هي شبهة وقوع اللفظ الاعجمي في القرآن الكريم, اما العلماء فاعتمدوا في ذلك على ادلة ظنية مثل عدم سماع اللفظة من قبل او تداخل الثقافات والالسن وغير ذلك من الادلة الظنية التي ساقوها, واما اهل الصنعة فقد وضعوا شروطا وضعية في تصريف الالفاظ واعرابها ومن ثم جعلوا من شروطهم حجة على كتاب الله عز وجل.
واما القول بوقوع اللفظ الاعجمي في القران فهذا مذهب ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم, وقالوا ان القرآن قد وقع فيه من غير لغة العرب, فقول ابن عباس : ومثال عمر بن الخطاب في قوله تبارك وتعالى ((فاكهة وأبّا)) لم يكن يعرف معنى كلمة (أبّ). فلذلك فاعتمد في قوله وقوع الالفاظ الاعجمية في القرآن على عدم معرفة الكلمة. ومن المحدثين الذين قالوا بوقوع الألفاظ الأعجمية في القرآن وساقوا على ذلك الادلة الظنية فمنهم الدكتور حلمي خليل في كتابه المولد في العربية وغيره.
وأما القول بعدم وقوع اللفظ الاعجمي في القرآن الكريم سواء اكان اسم او صفة او غيرذلك فهذا مذهب الشافعي الذي قال بكفر من يقول بوقوع اللفظ ألاعجمي في القرأن, كما وذكر الزركشي ان رأي عدم وقوع اللفظ الاعجمي في القران هو رأي جمهور العلماء ومنهم القاضى أبو بكر بن الطيب ومحمد بن جرير الطبرى وأبو عبيدة والباقلاني وأبو الحسين بن فارس اللغوى وغيرهم.
وقد روى الزركشي عن ابن فارس قول أبو عبيدة في المسألة وهو: إنما أنزل القرآن بلسان عربى مبين فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول ومن زعـم أن كذا بالنبطية فقد أكبر القول قال ومعناه أتى بأمر عظيم.
واما المحدثين في المسألة, فقد تناول الدكتور فهمي خشيم دراسة مستفيضة ووافية لرد ما يعتقد أنه من الفاظ القرآن الاعجمية, كما وتناول الأستاذ أحمد محمد شاكر الموضوع وبحث فيه وقدم الحجج على ماذهب اليه, ولو بحثنا في اراء القدماء والمحدثين لوجدنا ان الخلاف في المسألة هو ذاته لم يتغير.
وسوف اتناول في هذا البحث الادلة التي وردت في كتاب الله عز وجل والتي ترد شبهة وقوع اللفظ الاعجمي في القرأن الكريم.
قال تعالى (( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) – يوسف )).
وقال تعالى (( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) – طه ))
وقال تعالى (( قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) – الزمر )).
وقال تعالى (( كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) – فصلت )).
وقال تعالى (( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) – الشورى )).
وقال تعالى (( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) – الزخرف ))
وقال تعالى (( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ (37) – الرعد )).
وقال تعالى (( وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ (194) – الشعراء ))
وقال تعالى (( وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) – الشعراء ))
وقال تعالى (( لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) – النحل )).
فلو تمعنا في هذه الايات جيدا لخلصنا الى استحالة وقوع اللفظ الاعجمي في القرآن وبأي صيغة كانت سواء العلم او الصفة اوغير ذلك, والدليل على ذلك هو ان جميع الايات التي وردت في كتاب الله تبارك وتعالى والتي تبين نزول القرآن باللسان العربي هي عامة لااستثناء فيها يبين ان الله تبارك وتعالى قد خصص الفاظ غير عربية فيه, ولو بحثنا في كتاب الله تبارك وتعالى لوجدنا انه لم يخصص ولا في موضع واحد من كتابه ان هناك لفظة قد وردت باللغة الاعجمية فنستثني ونخصص من العام وهو الالفاظ العربية لفظة اعجمية مثل العلم او الوصف او غير ذلك.
ثم لنتأمل القواعد الوضعية التي ابتدعها نحاتنا وعلى راسهم سيبويه فجعلوا منها قوانين احتجوا بها على القرآن وقاسوا الفاظه من خلالها ومن هذه البدع اللغوية هي قواعد تصريف الالفاظ. فقالوا في الممنوع من الصرف انه الممنوع من التنوين وله علامتان في اعرابه فينصب ويجر بالفتحة ويرفع بالضمة, وحالات المنع فهي ثلاث ( الوصفية , العلمية , الأسماء) وهنا يتبادر الينا اسئلة مهمة منها.
أولا- هل القواعد التي وضعها سيبويه هي حجة على القرآن ام ان القرآن حجة على قواعد سيبويه وبكلام اعم ليشمل جميع نحاتنا فهل الضوابط التي وضعوها في قواعد النحو هي قواعد وضعية تقبل الصح والخطأ والتغيير والتحديث أم هي ضوابط منزهة عن الحطأ والتغيير وهي الحجة والمقياس على القرأن فتكون حجة على القرآن ولا يكون القرآن حجة عليها.
ثانيا- ماهو مفهومنا لمعنى التنوين من عدمه، والمراد هنا إذا حذفنا تنويناً وابدلناه بضمة او فتحة فهل يتغير المعنى او المدلول, وكما هو معلوم ان لكل شيء معناه ودلالته في القران, فهل توصل النحاة حقا الى تحديد القاعدة من الاسماء او العلم مثلا وعدم صرفها.
ثالثا - اذا كانت اسماء الأنبياء ليس فيها اشتقاق وأدم لفظة عربية لاخلاف عليها وتقبل الاشتقاق ولكنها ممنوعة من الصرف. اما لفظ نوح فلسكون وسطه صرف وجاز تنوينه وقد قال الكثيرون بجواز اعرابه وبغض النظر إذا كان اللفظ عربي او اعجمي فأنهم يصرفونه في الحالتين لسكون وسطه.
رابعا- ان كلا الاسمين ( ادم ويحيى ) هو من علم الله عز وجل فكيف جعلوا اسم ( ادم ) عربيا لاشك فيه وهذا الاسم هو اول اسم للبشرية اي قبل نشوء اللسان العربي حسب زعمهم كما وجعلوا اسم ( يحيى ) اعجميا لاشك فيه, وكما اخبرنا الحق جل وعلا في كتابه بقوله (( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا )) فكيف استدل اهل الصنعة وجعلو اسم يحيى اعجميا لاشك فيه فهل كان لديهم دليل من كتاب الله عز وجل ام وضعوا قواعد للصرف فجعلوها حجة على اسماء القرآن فجعلوا هذا عربي وذاك اعجمي.
خامسا- عندما تحدى الحق جل وعلا المشركين وغيرهم من العرب بأن يأتوا بعشر سور او سورة او حديث من مثله فكانوا يستطيعون ان ياتوا بحديث فيه الكثير من الالفاظ الاعجمية فيتمسكون بانه حجة لهم على القرآن لان القرآن فيه الفاظ اعجمية اخرى لم يسمعوا فيها من قبل وكما اوردت سالفا مثل كلمة ( أبّ ) وكذلك ومن جهة اخرى كانوا يستطيعون الاحتجاج بكون القرآن فيه كلمات اعجمية لايعرفونها فلا يصبح حديثه او سورته اية لهم.
ثم لنبحث في اقوال النحاة فمنهم من رفض الاستشهاد بالقراءات التي خالفت قواعدهم في النحو, ومنهم من استشهد بالقراءات التي خالفت ووافقت قواعدهم, ومنهم من اخذ بين ذلك.
وهناك من النحويين المتقدمين من عاب على قراءة حمزة وعاصم وابن عامر وقالوا ان هذه القراءات بعيدة عن العربية فنسبوها الى اللحن, مع العلم ان هذه القراءات ثابتة بما تواتر من الاسانيد الصحيحة وثبوت صحتها تجيزها في البيان. كما وان ائمة القراءة لم يكن يعتمدون في شيء من حروف القرآن على الاكثر قياس في اللغة والاكثر انتشارا على الالسن أي الافشى في اللغة والاكثر قياس في العربية ولكنهم كانوا يعتمدون على الاصح والاثبت في الرواية والنقل لان القراءة يلزم قبولها والركون اليها لكونها سنة متبعة.
وكذلك تأول اهل الصنعة في لفظ (الله) واطلقوا شبهتهم الشهيرة بقولهم هل لفظ الجلالة مشتق ام مرتجل؟ ثم بعد ذلك اختلف من قال باشتقاقه بقولهم هل اشتقاقه جاء من (لاه أو من وله او من أله) ثم قالوا وما هو الاصل على هذه الاوجه وما هو نوع الحذف والتخفيف والادغام الذي طرء عليه حتى وصلنا بلفظ ( الله ).
وهذا يبين لنا مدى جهلهم وعدم معرفتهم في اللغات الاعجمية لانهم لو كانوا مطلعين على اللغات الاخرى لوجدوا ان لفظ الجلالة عندهم ( الوهيم و الاهو والاها وغيرها من الالفاظ القريبة ) ولو كانوا يتدبرون نصوص القرآن ومنها قوله تعالى (( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) - ألكهف )) وقوله تعالى(( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) - لقمان )) لما قالوا مقالتهم التي تدل على الجهل وقلة العلم.
فقد بحثت كثيرا عن نسخة لكتاب السيوطي المسمى ( المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب ) ولكنني ومع اجتهادي الكبير في البحث عن هذا المؤلف لم اجده, وكل ماوجدت منه هو ما اقتبسه السيوطي منه في كتابه المسمى ( الاتقان ) وقرأت له قصيدة ذكرها في مؤلفه حول الالفاظ الممنوعة من الصرف التي صرفها القرآن وذكر فيها اكثر من مئة لفظة اعجمية قد صرفها القرآن.
واغرب ما قرأت له ولغيره هو ان لغة صرف الممنوع في الصرف تأتي للتناسب او الضرورة كما اورد السيوطي في كتاب ( همع الهوامع شرح جمع الجوامع 1\131 نسخة جامع التراث ) بقوله: يجوز صرف ما لا ينصرف لتناسب أو ضرورة. وهذا ماجعلني اعتقد يقينا بأنه ماكان عليه ان يتكلم في هذا الموضوع ويؤلف فيه, لانه ثبت لي بالدليل القاطع بأن السيوطي لم يعرف في حياته غير اللسان العربي وهذا موضوع لايخوض فيه الا من كان لديه المام ودراية في اللغات الاخرى.
وخلاصة القول: فقد صرف القرآن مامنع النحاة صرفه من صيغة العلم الاعجمي والعلم المؤنث والعلم المعدول ومنتهى الجموع وما كان على وزن فَعْلى.
وايضا لو تمعنا في السنة النبوية لوجدنا الكثير من الالفاظ الممنوعة من الصرف قد صرفت فيها ولكن سيبويه وغيره من النحاة لايقبلون الاحتجاج بها عليهم فظهر الشذوذ في قواعد اللغة ومنعوا القياس عليه, ففي الحديث قد صرف العلم الاعجمي والعلم المؤنث والعلم المعدول ووزن فعْلان ومؤنثه فَعْلى.
اما في الشعر فقد جاء صرف الممنوع اعم ليشمل بالاضافة الى ماورد في القرآن والحديث على العلم المركب تركيبا مزجيا والعلم الموازن للفعل والعلم الذي ينتهي بألف ونون زائدتين والوصف على وزن فَعْلان.
فخلصت الى ان الممنوع صرفه هو بيان فصيح من بيان اللسان العربي ولو دققنا في اضطراب اراء واقوال اهل الصنعة في علل مامنع صرفه لوجدنا ان هناك بيان للسان عربي مبين يصرف مامنع النحاة صرفه وبالتالي فالقول بوقوع اللفظ الاعجمي في القرآن هو محض افتراء على كتاب الله عز وجل.
واغرب ما قرأت له ولغيره هو ان لغة صرف الممنوع في الصرف تأتي للتناسب او الضرورة كما اورد السيوطي في كتاب ( همع الهوامع شرح جمع الجوامع 1\131 نسخة جامع التراث ) بقوله: يجوز صرف ما لا ينصرف لتناسب أو ضرورة. وهذا ماجعلني اعتقد يقينا بأنه ماكان عليه ان يتكلم في هذا الموضوع ويؤلف فيه, لانه ثبت لي بالدليل القاطع بأن السيوطي لم يعرف في حياته غير اللسان العربي وهذا موضوع لايخوض فيه الا من كان لديه المام ودراية في اللغات الاخرى.
وخلاصة القول: فقد صرف القرآن مامنع النحاة صرفه من صيغة العلم الاعجمي والعلم المؤنث والعلم المعدول ومنتهى الجموع وما كان على وزن فَعْلى.
وايضا لو تمعنا في السنة النبوية لوجدنا الكثير من الالفاظ الممنوعة من الصرف قد صرفت فيها ولكن سيبويه وغيره من النحاة لايقبلون الاحتجاج بها عليهم فظهر الشذوذ في قواعد اللغة ومنعوا القياس عليه, ففي الحديث قد صرف العلم الاعجمي والعلم المؤنث والعلم المعدول ووزن فعْلان ومؤنثه فَعْلى.
اما في الشعر فقد جاء صرف الممنوع اعم ليشمل بالاضافة الى ماورد في القرآن والحديث على العلم المركب تركيبا مزجيا والعلم الموازن للفعل والعلم الذي ينتهي بألف ونون زائدتين والوصف على وزن فَعْلان.
فخلصت الى ان الممنوع صرفه هو بيان فصيح من بيان اللسان العربي ولو دققنا في اضطراب اراء واقوال اهل الصنعة في علل مامنع صرفه لوجدنا ان هناك بيان للسان عربي مبين يصرف مامنع النحاة صرفه وبالتالي فالقول بوقوع اللفظ الاعجمي في القرآن هو محض افتراء على كتاب الله عز وجل.
تعليق