ان كلمة ( برزخ ) وردت في كتاب الله تبارك وتعالى للدلالة على الحاجز الذي يفصل بحرين من الماء اي ان لهما نفس التركيب المادي ولكن الاختلاف بينهما في درجة الملوحة لكل منهما اي البيئة او الوسط الذي تعيش فيه المخلوقات وهذا ينعكس بالتالي على نوع الاحياء التي تعيش في كل منهما وبمعنى اوضح ان كلا البحرين يعيش فيه الحوت والقشريات والصدفيات وغيرها ولكن لكل بحر منهما انواع واشكال خاصة من هذه المخلوقات تتشابه من حيث الشكل والبنية والقوة والاعضاء وغير ذلك ولكن لكل منهما تركيبه الخاص الذي يختلف عن الاخر.
ومعنى الموت هنا هو بقاء النفس في علم الله سبحانه وتعالى فاقدة للمدارك والاحاسيس والشعوركما هو حالنا عند النوم, وهذا حالنا لانتذكر شيئا عندما ولدتنا امهاتنا لان انفسنا كانت ميته من قبل ولم تحيا اي حياة سابقة لتتذكرها والدليل على ذلك قول الحق تبارك وتعالى ((أَوَلَمْ يَرَ الإنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ(77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيم (79) – يس)).
ثم بعد ذلك يحيا الانسان الحياة الدنيا التي قدرها له الله تعالى في علمه ثم يميته وبعد ان يميته ويقدر له الحياة الاخرى فعندها يوفيه عمله على ماقدم في دنياه وعندها يرسل الله تعالى نفسه الى الاجداث وهي عبارة عن اشياء تشبه البطون تخلق فيها الاجساد من جديد لتحل فيها انفس الموتى كل حسب ماقدر له الله تعالى من شكل وهيئة وسمة في الحياة الدنيا كما عندما تلده امه, فيخرج حيا في حياة اخرى بعد الموت وبانتظاره الملك الموكل به من الله تعالى ليجزيه عمله الذي ارسله له الحق تبارك وتعالى, واما دليلي على ان الاجداث هي ارحام لخلق الاجساد وحلول الانفس الميتة فيها لتحيا حياة اخرى بعد الممات فهو قوله تعالى (( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) - الزمر )) وهنا تبيان لخلق الانسان في بطن امه في الحياة الدنيا بعد ان كان ميتا
وقوله تعالى ((وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) – النحل )) وهنا يبين الحق جل وعلا خروج الانسان من بطن امه حيا الى الحياة الدنيا بعد ان كان ميتا تمعن في لفظة (( أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ )) ثم جعل له المدارك والمشاعر والاحاسيس.
ثم لنتمعن فيما جاء في ذكر الايات في القرآن في قوله تعالى (( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ﴿٧﴾ - القمر )) دقق اخي الكريم في لفظة (( يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ )) تجدها مطابقة للخروج من البطون.
وقوله تعالى (( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) – المعارج )) تمعن اخي في لفظة ((يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ )) كما اسلفت لك في الخروج من البطون في الحياة الدنيا.
اما الرابط بين ما اسلفت فهو قوله تعالى(( أَوَلَمْ يَرَ الإنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيم (79) – يس )).
وقد يقول قائل ان الاجداث هي القبور فأقول ان من بيان القرآن انه لايمكن ان تكون فيه لفظتان تحملان نفس المعنى فلفظة ( المرقد تعني مكان الرقود للنائم والميت ويكون مكشوف ) اما ( القبر فهو مكان دفن الميت وقبره ثم حثو التراب فوقه ) واما ( الاجداث فجاءت في سياقها لتقارب في عملها البطون وهي لخلق الجسد وبث النفس فيه في الحياة الاخرى ).
واما مقصدي مما اسلفت سابقا فهو كالتالي.
اولا- الموت الفردي للبشريه قبل يوم القيامة اي مصير الاموات قبل يوم القيامة.
ويدخل في هذا العموم كل من مات قبل يوم القيامة فبمجرد موت النفس يجمع الله تعالى حسابها ثم يوفيها اياه ثم بعد ذلك يدخلها الى منطقة الاجداث ليحلها هناك في جسد مخصص لها حسب ماقدره تعالى لها من شكل وهيئة وسمة تشبه ماكان عليه في الحياة الدنيا, ثم وبعد خروج النفس من الاجداث حية بجسدها الى ارض الاعراف ذات النصب الكثيرة في حياة اخرى ويكون بانتظارها ملك اوكله الله تعالى بها واوقع حسابها عليه فيتصرف الملك بها على النحو التالي.
أ- عملت صالحا في الدنيا يكرمها الملك الموكل بها بالقول والفعل ويدخلها ابواب الجنة لترزق منها ولكن ليس الرزق المطلق اي لاتفتح لها جميع ابواب الجنة وهذا يعني ليس التمتع الكلي بالجنة ونعيمها والدليل على ذلك من كتاب الله تعالى وهو.
وقال تعالى(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) )) وفي هذه الايات تبيان لكل ذي عقل على المراحل التي تمر بها النفس الصالحة بعد الموت وحتى دخول الجنة فتبدأ بمرحلة الموت والرجوع الى علم الله تبارك وتعالى ثم يبعثها من جديد في جسد خلقه لها في الاجداث بسمة حياتها الدنيا لتكون عبدا حي من عباده في الحياة الاخرى فتدخل مع من سبق من الاموات الذين بعثوا في الحياة الاخرى والذين كانوا عبادا مخلصين لله في الحياة الدنيا فيدخلها الملك الموكل بها معهم في الجنة.
وقال تعالى(( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ(154).سورة البقرة )) وهذا اخبار من الحق جل وعلا بان النفس الصالحة يوفيها الحق اجرها مباشرة ويحلها في جسد ويبعثها مباشرة في حياة اخرى الى الجنة ونعيمها.
وقال تعالى(( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) –ال عمران )) وهذا تاكيد من الله تعالى بان النفس الصالحة عند موتها تبعث في حياة اخرى وتدخل الجنة.
قال تعالى ((الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32) –النحل )) وهذا اخبار من الله تعالى لتبيان ان من يدخل الجنة بعد الموت يكون بجسد قد حلت فيه نفسه الصالحة ولذلك نجد هنا الخطاب من الله تعالى للاحياء بقوله تعالى ادخلوا اي في حياة ثانية ولو كان المقصود بالنفس فقط لقال ( انفسكم).
وقال تعالى ((قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) – يس )) وهذا دليل لالبس فيه بان الذي دخل الجنة هنا قد دخلها بعد ان حلت نفسه في جسد قدره الله له في مصانع خلق الاجساد وهي الاجداث ولذلك كان الخطاب لشخص حي وليس لنفس.
ب- عملت سوء في الدنيا يوفيها الحق حسابها ويرسله الى الملك الموكل بها وبدوره يهينها الملك بالقول والفعل ويدخلها ابواب النار وتبقى على مشارف جهنم ينالها حريقها وخفيف عذابها وتعذب بالعذاب الادنى لجهنم وليس بالعذاب الاكبر والمطلق لجهنم وجحيمها اي لاتفتح لهم جميع ابواب جهنم, والدليل على ذلك سأورد الايات بتسلسل اخبارها والتي تبين حلول نفس الميت في جسد قدره له الحق تعالى كل حسب درجة عمله من سوء ومباشرة بعد موته وتوفيته حسابه ليوكل به احد ملائكته ليوفيه حسابه في النار:
قوله تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)– النساء )) وهنا اول حوار بين المبعوث في الحياة الاخرى بجسد حي كشخص بكامل ادراكه واحاسيسه يتلقاه الملك الموكل به من الله تعالى بعد بعثه فيسأله كما الاخبار الوارد في الاية.
وقوله تعالى ((الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)– النحل )) وهنا يتوضح الاخبار اكثر من ان الشخص المبعوث يريد السلام من الملك الموكل به ولكن الملك يأبى الا ان ينفذ امر الحق جل وعلا.
وقال تعالى (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) – الاعراف )) وهنا يتضح الاخبار اكثر من ان الملائكة التي وكلت بهم تبقى تعذبهم العذاب الادنى الى قيام الساعة.
وقوله تعالى (( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)–الانفال )) وهنا تبيان لماهية العذاب الادنى من الضرب والحرق وغير ذلك من العذاب الادنى قبل يوم المحشر.
وقوله تعالى (( وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْبَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَانُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) – الانعام )) وهنا نجد ان الاخبار صريح من ان الاموات يبعثون احياء بعد الموت ينظرون ويحسون ويدركون ويشعرون ويتذكرون ويجادلون ويبدون ما اخفوه من تكذيبهم بالبعث بعد الموت وغير ذلك من صفات الاحياء.
وقوله تعالى (( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ(45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) – غافر )) وهنا تفصيل من الحق جل وعلا عن العذاب الادنى الذي ينتظر الذين يبعثون مهانين في الحياة الاخرى بعد الموت الى قيام الساعة ثم يدخلون الى العذاب الاكبر.
ج- الله اعلم بأعمالها وبقي حسابها في علمه بقوله تعالى (( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) - التوبة )).
لايكرمها ولا يهينها الملك الموكل بها ويبقيها في ارض بعثها في الاعراف التي تطل على الجنة والنار وتبقى هناك غير مكرمة ولا مهانة, وقد يدخلها الله تبارك وتعالى الجنة قبل يوم الحشر او يبقيها مكانها الى يوم المحشر ثم يدخلهم جميها برحمته الى الجنة.
والدليل على ذلك قوله تعالى (( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (49) )) وهنا نجد اخبار من الله تعالى عن المكان الذي يقف فيه الاحياء بعد خروجهم من الاجداث احياء في الحياة الاخرى فيخرجون سراعا الى منطقة الاعراف شاخصة ابصارهم يبهرها ما يرون من عظيم خلق الله تعالى في الحياة الاخرى, وقد بين الحق هذه المنطقه على انها منطقة ذات نصب كثيرة بقوله تعالى(( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنّهُمْ إِلَىَ نُصُبٍ يُوفِضُونَ(43) – المعارج )) ثم تأخذهم الملائكة الموكلة بهم من هناك الى الجنة او الى النار ويبقى في هذه المنطقة المطلة على الجنة والنار فقط الذين وفاهم الحق حسابهم وبقي في علمه ولم يرسله الى الملائكة فيدخلونهم الى الجنة او الى النار لأمر لايعلمه الا هو ثم يدخلهم برحمته الى الجنة وهناك امر مهم في هذه الايات وهو ان كل شخص يبعث في الحياة الاخرى يكون بسمته وهيئته في الحياة الدنيا ولذلك يعرف بعضهم بعضا.
ثانيا- الموت الجماعي للبشرية في يوم القيامة .
وفي هذا اليوم يموت كل من في السماوات والارض باستثناء من مات قبل يوم القيامة وبعث في الحياة الاخرى كما اسلف والدليل قوله تعالى ((وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ )) وهنا نجد استثناء لكثير من خلق الله تعالى, ومنهم خلقه الذين ماتوا وبعثوا قبل يوم القيامة فانهم لايموتون في يوم القيامة ولذلك اخرجهم بتعميم وهو قوله تعالى))إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ (( فنجد هذا الاخبار هو استثناء عام ويدخل فيه جميع الاموات قبل يوم القيامة لان مشيئته سبحانه وتعالى وسعت كل شيء.
ثم وبعد قيام الساعة يبعث اموات يوم القيامة من الاجداث لتحل انفسهم في اجسادهم هناك ثم يخرجون احياء في حياة اخرى حالهم في ذلك حال من بعث قبلهم من الاموات فيخرجون جميعهم الى منطقة الاعراف ثم يأمر الحق جل وعلا بجمع جميع الاحياء في الحياة الاخرى من اهل الجنة واهل النار واهل الاعراف والمبعوثين من يوم القيامة ثم يكون المحشر, وبعد العرض على الله تعالى يتمتع اهل الجنة بكل خيراتها وذلك عندما تفتح لهم جميع ابوابها ويذوق اهل النار عذابها الاكبر وذلك عندما تفتح لهم جميع ابوابها ويدخل الذين قامت عليهم الساعة والموجودين على الاعراف كل حسب عمله الى الجنة او الى النار, او ان هناك احتمال ثاني والله اعلى واعلم بان يأمر الله تعالى بسوقهم جميعا الى ارض خصصها لحسابهم في يوم الحساب والعرض على الحق جل وعلا ويساق اليها اهل الجنة واهل النار واهل الاعراف مع الذين قامت عليهم الساعة ليوفيهم الحق جل وعلا حسابهم الاكبر جميعا فاهل الجنة يدخلون اليها بتمتع مطلق كل حسب افضلية عمله واهل النار يدخلون اليها بعذاب مطلق كل حسب سوء عمله واهل الاعراف تشملهم رحمة الله تعالى ويدخلهم الجنة بنعيم يقدره هو تبارك وتعالى والله تعالى اعلى واعلم.
تعليق