بسم الله الرحمن الرحيم
لقد بحثت طويلا في معنى ( النبي الأمي ) حتى خلصت إلى ان من كتب تاريخ الإسلام لم يكن يعرف شيئا عن زمن نبينا محمد صلى ألله عليه وعلى أله وسلم وكان بعيدا زمنيا عنه وانه كانت هناك قوة مهيمنة على ارض وتاريخ الإسلام وقامت بسرقة وتدمير كل تراثه وبنيانه ثم جمعت علومه وثقافته فأخرجت لنا ما أرادت أن يصبح مفهوما سائدا وعلما متوارثا ليجعلوا منا نحن موحدين فقط لان كلمة ( المسلمين ألمؤمنين ) مازالت بعيدة في وصفها عنا, ثم قاموا باستخدامنا كأدوات للنيل من نبينا ورسالته.
حتى افتروا على نبينا وجعلوا من معنى الأمي ( الجاهل ) الذي لا يعرف القراءة والكتابة ثم جعلونا نستخدم مصطلح ( الأمي ) لكل جاهل لا يعرف القراءة والكتابة ثم كادوا نبينا محمد صلى ألله عليه وعلى أله وسلم ليكذبوا نبوته وانتسابه لسلالة الأنبياء والأئمة ليطلقوا طعنتهم الشهيرة ( محو الأمية ) ومعناها محو أي دليل أو اثر يثبت انتساب نبينا الكريم إلى أجداده الأنبياء .
فقد بحثت في موضوع سابق عن نسب نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفي بحثنا عن ألحقيقة يجب أن نعرف من هو رسولنا محمد صلى ألله عليه وعلى أله وسلم ونسبه في قومه وبعد تدبر لقوله تعالى (( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) - أل عمران )).
وبحث في هذا ألإخبار تبين لنا ان نبينا ألكريم يعود نسبه إلى أل عمران بنص ألآيتين وذلك أن ألاصطفاء على ( ألعالمين ) لقوله عز وجل ( ألحمد لله رب ألعالمين ) وبهذا تنحصر ألنبوه في ذرية أل عمران حصرا من بعد عيسى وابنه اليسع عليهما ألصلاة والسلام.
ولو تدبرنا قوله تعالى (( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّا (2) - مريم )).
ولو تمعنا جيدا لوجدنا إن ذرية الأنبياء يتوارث بعضهم بعضاً الرسالة والنبوة وكما هو الحال مع إبراهيم وولده إسحاق ثم يعقوب وتستمر الذرية وصولا إلى داوود وسليمان وأيوب ويوسف وعمران وعيسى وهكذا وصولا إلى خاتمهم نبينا محمد عليه وعلى آبائه من الأنبياء الصلاة والسلام.
ولنعرف أكثر ونتيقن يجب أن نعرف لماذا كناه ألله عز وجل بالرسول ( ألامي ) لنتدبر كتاب ألله عز وجل لتتجلى لنا ألحقيقة:
قال تعالى ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) –البقرة )).
في هذا الإخبار نجد إن أول إمام كان إبراهيم عليه وعلى اله الصلاة والسلام.
قال تعالى (( إنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) )) وحتى قوله تعالى (( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْك أَنْ اِتَّبِعْ مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (123) )) ألنحل.
لو تدبرنا ألآية 120 لوجدنا أن إبراهيم عليه وعلى أله ألصلاة والسلام هو ألأصل (( ألأمة )) بنص قوله عز وجل ثم لنعرف من كتاب ألله عز وجل كيف أصبح أمة.
قال تعالى ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةًمُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَالتَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) ألبقرة.
لو تمعنا جيدا في هذه ألآية ألكريمة لوجدنا أن إبراهيم وإسماعيل عليهما ألصلاة والسلام دعا ألله عز وجل تخصيص جزء من ذرية إبراهيم لتكون (( ألأمة ألمسلمة )) .
ثم بعد ذلك يطلبان من ألله عز وجل أن يبعث في هذه ألأمة ألمسلمة رسولا تكون ألنبوة والرسالة في ذريته إلى خاتم ألمرسلين ودعا أن تكون ذرية ألأنبياء في ذريتهم ومن ذريتهم قال تعالى (( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129) )) ألبقرة.
ثم يأتي ألإخبار من ألله عز وجل بقبول دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما ألصلاة والسلام وجعل ألنبوه في يعقوب وذريته من أله بوصية إبراهيم لبنيه ووصية يعقوب لبنيه بأن الله عز وجل أختارهم ليكونوا أنبياء إلى قومهم والى ألعالم أجمعين قال تعالى (( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) ألبقرة )) ثم يخبرنا ألله عز وجل عن ذرية ألائمة والتي منها ألأنبياء والأئمة بقوله تعالى (( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) ألبقرة )).
ثم يستمر ألإخبار من ألله عز وجل عن هذه ألذرية ألمباركة وتسلسل حلقاتها وصولا إلى موسى عليه وعلى أله ألصلاة والسلام بقوله تعالى (( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) – السجدة ))
خلاصة القول بعد البحث هو أن لفظ ( الأميين ) ورد للدلالة على الانتساب إلى ذرية الأئمة من الأنبياء وذريتهم والذين يتسلسل نسبهم إلى أبيهم وإمامهم إبراهيم عليه وعليهم الصلاة والسلام.
ولو تدبرنا القرآن لنعرف هل كان نبينا الكريم يعرف القراءة والكتابة أم انه كان جاهل بهما لنبحث ونعرف.
ان الشبهة التي أطلقها المستفسرون حول جهل نبينا الكريم بالقراءة والكتابة جاء من تفسيرهم لقوله تعالى (( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) – العنكبوت )).
فهل حقا تدل هذه الآية على جهل نبينا الكريم بالقراءة والكتابة أم ان لها مدلول بعيد كل البعد عن ما ذهبوا إليه في تفسيرهم الغريب, فلو قاموا بالبحث عن نسب رسولنا الكريم في القرآن لوجدوا ان الأميين هم سلالة الأنبياء وبذلك تكون النبوة والكتاب والدين متوارث فيهم فيروي الابن عن آبائه من الأنبياء فيكون العلم والكتاب متوارث فيهم وبذلك يكونون قراء وخطاطين يعلمون الناس ما ورثوه من الدين والدليل على ذلك قوله تعالى (( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ... )) وهنا نرى ان النبوة والكتاب والعلم والحكمة متوارثة يورثها النبي الأب إلى أبناءه وهكذا.
ولكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن احد المعلمين والكتاب والرواة الذين ينقلون الدين عن إبائهم من الأنبياء وهذا حسب الإخبار من الحق جل وعلا بقوله (( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى(7) – الضحى )).
وبذلك لم يكن نبينا الكريم رجل دين ولا كاتب أو معلم للكتب التي توارثها من آبائه الأنبياء بل كان بعيد كل البعد عن ما يردده النصارى زورا وبهتانا بأنه كان يسمع القصص من أحبار ورهبان اليهود والنصارى ثم يكتبها في قرآنه لأنه لم يكن قبل أن يصطفيه الحق جل وعلا على مقربة من رجال الدين بل كان بعيد كل البعد عنهم وبذلك لم يأخذ علمه عنهم بل أخذه من الحق جل وعلا وحيا ثم خطه بيمينه في كتاب مقروء.
والدليل على ذلك قوله تعالى (( وَقَالُوا أساطير الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5) – الفرقان )).
ومن قول الكفار هنا نجد ان نبينا الكريم أعطاهم كتابا وقرءوا ما فيه ثم قالوا انها أساطير الأولين.
وقوله تعالى (( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) – يونس )).
وفي هذا الإخبار نجد ان الله تعالى يخبرنا بأن نبينا الكريم يستطيع القراءة حاله حال من يقرأ الكتاب من قبله.
وقوله تعالى ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَوَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ))>
وهنا يتبادر ألينا سؤال إذا كان نبينا الكريم لا يعرف الكتابة والقراءة فكيف يتلوا ويعلم ما كتبه هو إلى عشيرته من ذرية الأنبياء ولذلك جاء التخصيص من الحق جل وعلا بالرسالة في ( الأميين ) أي انه بعث في أقربائه من ذرية النبوة حصرا فأصبح تخصيصا دخل فيه الرسول والأميين, من العموم وهم عموم أهل الكتاب وغيرهم من الناس, وهذا دليل على ما ذهبت إليه من ان الكتاب والحكمة كان يتوارثها الأميين من نسل ذرية الأنبياء ويعلمونها إلى الناس فلذلك كانوا هم الخواص الذين تعلموا الكتاب وعلموه للناس وليسوا الذين لا يعرفون القراءة والكتابة لان الجهال عندما يبلغوا مرحلة الأربعين من العمر يصبح تعليمهم القراءة والكتابة شاقا وصعبا وحتى إذا تعلموا هم فلا يمكن ولا في أي حال من الأحوال ان يصبحوا معلمين يعلموا الآخرين .
ولو تمعنا في باقي الآيات التي ورد فيها ذكر الأمين وهي:
قوله تعالى (( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ )).
ولو تأملنا في هذا الإخبار لوجدنا ان الأميين هم ذرية الأنبياء الذي يتشدق أشخاص منهم بمعرفتهم بالكتاب لأنهم ورثوه عن إبائهم وهم بالحقيقة لا يعلمون منه إلا الظن.
وقوله تعالى (( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَافِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )).
وفي هذه الآية دليل على ان الأمين هم عشيرة وليسوا الذين لا يعرفون القراءة والكتابة فما علاقة الجاهل بالقراءة والكتابة بالأمانة فهل يعني هذا بان جميع قوم محمد من قريش والازد وهوازن وغيرهم من الذين لا يعرفون القراءة والكتابة وبذلك لا يرجع لهم أهل الكتاب أماناتهم لأنهم لا يعرفون القراءة والكتابة إلا بعد ان يصبحوا قائمين عليهم فهذا من العجب, لان في هذا الإخبار دليل على ان الأميين هم ذرية الأئمة من الأنبياء ولذلك ليس لأهل الكتاب عليهم سبيل في أكل أموالهم.
وقوله تعالى (( فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )).
وهنا كذلك إخبار يدل على ذرية الأنبياء الذين ورثوا الكتاب والحكمة من إبائهم.
قوله تعالى (( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )).
وقوله تعالى (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )).
ففي كلا الخبرين يؤكد الحق جل وعلا على انتسابه لذرية الأنبياء والدليل على ذلك قوله تعالى ( المسيح ابن مريم ) أو قوله تعالى ( عيسى ابن مريم ) فجاءت للتأكيد على الانتساب.
وخلاصة القول ان من كتبوا تاريخنا كانوا بعيدين زمنيا عن الأحداث وما نسبوه من أقوال لنبينا الكريم أو صحابته أو التابعين أو تابعيهم ما هو إلا تدليس وكذب وافتراء لان ما وجدته في أقوالهم لا يعدو أكثر من تفسير اجتهادي قام به كل واحد منهم ثم نسبوه إلى نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم والله أعلى واعلم.
لقد بحثت طويلا في معنى ( النبي الأمي ) حتى خلصت إلى ان من كتب تاريخ الإسلام لم يكن يعرف شيئا عن زمن نبينا محمد صلى ألله عليه وعلى أله وسلم وكان بعيدا زمنيا عنه وانه كانت هناك قوة مهيمنة على ارض وتاريخ الإسلام وقامت بسرقة وتدمير كل تراثه وبنيانه ثم جمعت علومه وثقافته فأخرجت لنا ما أرادت أن يصبح مفهوما سائدا وعلما متوارثا ليجعلوا منا نحن موحدين فقط لان كلمة ( المسلمين ألمؤمنين ) مازالت بعيدة في وصفها عنا, ثم قاموا باستخدامنا كأدوات للنيل من نبينا ورسالته.
حتى افتروا على نبينا وجعلوا من معنى الأمي ( الجاهل ) الذي لا يعرف القراءة والكتابة ثم جعلونا نستخدم مصطلح ( الأمي ) لكل جاهل لا يعرف القراءة والكتابة ثم كادوا نبينا محمد صلى ألله عليه وعلى أله وسلم ليكذبوا نبوته وانتسابه لسلالة الأنبياء والأئمة ليطلقوا طعنتهم الشهيرة ( محو الأمية ) ومعناها محو أي دليل أو اثر يثبت انتساب نبينا الكريم إلى أجداده الأنبياء .
فقد بحثت في موضوع سابق عن نسب نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفي بحثنا عن ألحقيقة يجب أن نعرف من هو رسولنا محمد صلى ألله عليه وعلى أله وسلم ونسبه في قومه وبعد تدبر لقوله تعالى (( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) - أل عمران )).
وبحث في هذا ألإخبار تبين لنا ان نبينا ألكريم يعود نسبه إلى أل عمران بنص ألآيتين وذلك أن ألاصطفاء على ( ألعالمين ) لقوله عز وجل ( ألحمد لله رب ألعالمين ) وبهذا تنحصر ألنبوه في ذرية أل عمران حصرا من بعد عيسى وابنه اليسع عليهما ألصلاة والسلام.
ولو تدبرنا قوله تعالى (( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّا (2) - مريم )).
ولو تمعنا جيدا لوجدنا إن ذرية الأنبياء يتوارث بعضهم بعضاً الرسالة والنبوة وكما هو الحال مع إبراهيم وولده إسحاق ثم يعقوب وتستمر الذرية وصولا إلى داوود وسليمان وأيوب ويوسف وعمران وعيسى وهكذا وصولا إلى خاتمهم نبينا محمد عليه وعلى آبائه من الأنبياء الصلاة والسلام.
ولنعرف أكثر ونتيقن يجب أن نعرف لماذا كناه ألله عز وجل بالرسول ( ألامي ) لنتدبر كتاب ألله عز وجل لتتجلى لنا ألحقيقة:
قال تعالى ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) –البقرة )).
في هذا الإخبار نجد إن أول إمام كان إبراهيم عليه وعلى اله الصلاة والسلام.
قال تعالى (( إنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) )) وحتى قوله تعالى (( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْك أَنْ اِتَّبِعْ مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (123) )) ألنحل.
لو تدبرنا ألآية 120 لوجدنا أن إبراهيم عليه وعلى أله ألصلاة والسلام هو ألأصل (( ألأمة )) بنص قوله عز وجل ثم لنعرف من كتاب ألله عز وجل كيف أصبح أمة.
قال تعالى ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةًمُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَالتَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) ألبقرة.
لو تمعنا جيدا في هذه ألآية ألكريمة لوجدنا أن إبراهيم وإسماعيل عليهما ألصلاة والسلام دعا ألله عز وجل تخصيص جزء من ذرية إبراهيم لتكون (( ألأمة ألمسلمة )) .
ثم بعد ذلك يطلبان من ألله عز وجل أن يبعث في هذه ألأمة ألمسلمة رسولا تكون ألنبوة والرسالة في ذريته إلى خاتم ألمرسلين ودعا أن تكون ذرية ألأنبياء في ذريتهم ومن ذريتهم قال تعالى (( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129) )) ألبقرة.
ثم يأتي ألإخبار من ألله عز وجل بقبول دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما ألصلاة والسلام وجعل ألنبوه في يعقوب وذريته من أله بوصية إبراهيم لبنيه ووصية يعقوب لبنيه بأن الله عز وجل أختارهم ليكونوا أنبياء إلى قومهم والى ألعالم أجمعين قال تعالى (( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) ألبقرة )) ثم يخبرنا ألله عز وجل عن ذرية ألائمة والتي منها ألأنبياء والأئمة بقوله تعالى (( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) ألبقرة )).
ثم يستمر ألإخبار من ألله عز وجل عن هذه ألذرية ألمباركة وتسلسل حلقاتها وصولا إلى موسى عليه وعلى أله ألصلاة والسلام بقوله تعالى (( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) – السجدة ))
خلاصة القول بعد البحث هو أن لفظ ( الأميين ) ورد للدلالة على الانتساب إلى ذرية الأئمة من الأنبياء وذريتهم والذين يتسلسل نسبهم إلى أبيهم وإمامهم إبراهيم عليه وعليهم الصلاة والسلام.
ولو تدبرنا القرآن لنعرف هل كان نبينا الكريم يعرف القراءة والكتابة أم انه كان جاهل بهما لنبحث ونعرف.
ان الشبهة التي أطلقها المستفسرون حول جهل نبينا الكريم بالقراءة والكتابة جاء من تفسيرهم لقوله تعالى (( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) – العنكبوت )).
فهل حقا تدل هذه الآية على جهل نبينا الكريم بالقراءة والكتابة أم ان لها مدلول بعيد كل البعد عن ما ذهبوا إليه في تفسيرهم الغريب, فلو قاموا بالبحث عن نسب رسولنا الكريم في القرآن لوجدوا ان الأميين هم سلالة الأنبياء وبذلك تكون النبوة والكتاب والدين متوارث فيهم فيروي الابن عن آبائه من الأنبياء فيكون العلم والكتاب متوارث فيهم وبذلك يكونون قراء وخطاطين يعلمون الناس ما ورثوه من الدين والدليل على ذلك قوله تعالى (( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ... )) وهنا نرى ان النبوة والكتاب والعلم والحكمة متوارثة يورثها النبي الأب إلى أبناءه وهكذا.
ولكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن احد المعلمين والكتاب والرواة الذين ينقلون الدين عن إبائهم من الأنبياء وهذا حسب الإخبار من الحق جل وعلا بقوله (( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى(7) – الضحى )).
وبذلك لم يكن نبينا الكريم رجل دين ولا كاتب أو معلم للكتب التي توارثها من آبائه الأنبياء بل كان بعيد كل البعد عن ما يردده النصارى زورا وبهتانا بأنه كان يسمع القصص من أحبار ورهبان اليهود والنصارى ثم يكتبها في قرآنه لأنه لم يكن قبل أن يصطفيه الحق جل وعلا على مقربة من رجال الدين بل كان بعيد كل البعد عنهم وبذلك لم يأخذ علمه عنهم بل أخذه من الحق جل وعلا وحيا ثم خطه بيمينه في كتاب مقروء.
والدليل على ذلك قوله تعالى (( وَقَالُوا أساطير الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5) – الفرقان )).
ومن قول الكفار هنا نجد ان نبينا الكريم أعطاهم كتابا وقرءوا ما فيه ثم قالوا انها أساطير الأولين.
وقوله تعالى (( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) – يونس )).
وفي هذا الإخبار نجد ان الله تعالى يخبرنا بأن نبينا الكريم يستطيع القراءة حاله حال من يقرأ الكتاب من قبله.
وقوله تعالى ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَوَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ))>
وهنا يتبادر ألينا سؤال إذا كان نبينا الكريم لا يعرف الكتابة والقراءة فكيف يتلوا ويعلم ما كتبه هو إلى عشيرته من ذرية الأنبياء ولذلك جاء التخصيص من الحق جل وعلا بالرسالة في ( الأميين ) أي انه بعث في أقربائه من ذرية النبوة حصرا فأصبح تخصيصا دخل فيه الرسول والأميين, من العموم وهم عموم أهل الكتاب وغيرهم من الناس, وهذا دليل على ما ذهبت إليه من ان الكتاب والحكمة كان يتوارثها الأميين من نسل ذرية الأنبياء ويعلمونها إلى الناس فلذلك كانوا هم الخواص الذين تعلموا الكتاب وعلموه للناس وليسوا الذين لا يعرفون القراءة والكتابة لان الجهال عندما يبلغوا مرحلة الأربعين من العمر يصبح تعليمهم القراءة والكتابة شاقا وصعبا وحتى إذا تعلموا هم فلا يمكن ولا في أي حال من الأحوال ان يصبحوا معلمين يعلموا الآخرين .
ولو تمعنا في باقي الآيات التي ورد فيها ذكر الأمين وهي:
قوله تعالى (( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ )).
ولو تأملنا في هذا الإخبار لوجدنا ان الأميين هم ذرية الأنبياء الذي يتشدق أشخاص منهم بمعرفتهم بالكتاب لأنهم ورثوه عن إبائهم وهم بالحقيقة لا يعلمون منه إلا الظن.
وقوله تعالى (( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَافِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )).
وفي هذه الآية دليل على ان الأمين هم عشيرة وليسوا الذين لا يعرفون القراءة والكتابة فما علاقة الجاهل بالقراءة والكتابة بالأمانة فهل يعني هذا بان جميع قوم محمد من قريش والازد وهوازن وغيرهم من الذين لا يعرفون القراءة والكتابة وبذلك لا يرجع لهم أهل الكتاب أماناتهم لأنهم لا يعرفون القراءة والكتابة إلا بعد ان يصبحوا قائمين عليهم فهذا من العجب, لان في هذا الإخبار دليل على ان الأميين هم ذرية الأئمة من الأنبياء ولذلك ليس لأهل الكتاب عليهم سبيل في أكل أموالهم.
وقوله تعالى (( فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )).
وهنا كذلك إخبار يدل على ذرية الأنبياء الذين ورثوا الكتاب والحكمة من إبائهم.
قوله تعالى (( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )).
وقوله تعالى (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )).
ففي كلا الخبرين يؤكد الحق جل وعلا على انتسابه لذرية الأنبياء والدليل على ذلك قوله تعالى ( المسيح ابن مريم ) أو قوله تعالى ( عيسى ابن مريم ) فجاءت للتأكيد على الانتساب.
وخلاصة القول ان من كتبوا تاريخنا كانوا بعيدين زمنيا عن الأحداث وما نسبوه من أقوال لنبينا الكريم أو صحابته أو التابعين أو تابعيهم ما هو إلا تدليس وكذب وافتراء لان ما وجدته في أقوالهم لا يعدو أكثر من تفسير اجتهادي قام به كل واحد منهم ثم نسبوه إلى نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم والله أعلى واعلم.
تعليق