العرب في فجر جديد
من أجل نهضة إسلامية معاصرة
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران:103)
ذلك الوصف القرءاني وصف فرقتهم بحفرة من نار ... ما ان اعتصموا بحبل الله حتى اصبحوا إخوانا برعاية الهية والخطاب القرءاني قدح العرب في نص اخر بقوله الحكيم
(الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:97)
انها صفة تكوينية وليست صفة مجتمعية قد يتصور البعض ان الاية نص تاريخي فالقرءان لا يقول تاريخ بل يقول أمثالا في التاريخ تحتها قانون الله للبشرية جمعاء وهو للناس كافة على طول زمن نفاذ القرءان في خلق الله ..
الاعراب اشد كفرا لانهم حملة القرءان نطقا عربيا فالكافر الهندي كافر والكافر العربي كافر ولكن الكافر العربي اشد كفرا ذلك لان القرءان قد يسره الله بلسانه فهو في الكفر أشد لأن البيان بين يديه
(قَالَتِ الأَعْرَابُ ءامَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحجرات:14)
ذلك بيان مؤكد من خلال منهجية الخطاب القرءاني الذي يصب في دستورية القرءان وإن مصدرية البيان الايماني تقع حصرا في القرءان وليس في رأي بشري او في نظرية مذهبية
(إِنَّ هَذَا الْقُرءانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الاسراء:9)
ولو عدنا الى نص الاية 14 من سورة الحجرات سنجد أن في الاية وصفان
الاول : الايمان
الثاني : الاسلام
والقرءان يقول لا تقولوا ءامنا بل قولوا أسلمنا (الحجرات) والقرءان يقول (إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم) والأقوم هو الايمان والايمان ليس بديلا عن الاسلام بل الايمان يكون شاملا للاسلام أما الاسلام فهو لن يكون شاملا الايمان وذلك من نص شريف فيكون القرءان هو مصدر ايماني محض ويؤكد هذا المسرب الفكري نص اخر يتعاضد مع الاية 14 من سورة الحجر
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرءانَ مَهْجُوراً) (الفرقان:30)
والرسول هو عربي بنص قرءاني
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (ابراهيم:4)
ومن هنا يترابط الخطاب القرءاني في الفهم أن العرب (قوم الرسول) اتخذوا القرءان مهجورا وأن القرءان يهدي للتي اقوم ففقدوا (الاقوم) في دينهم فإن كانوا اسلاما ولكن الايمان لم يدخل قلوبهم ... القرءان افرز فئة ناجية من العرب
(وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:99)
انهم بارقة الامل (ومن الاعراب) في قيام فجر عربي جديد ولذلك منهجية مسطورة في قرءان
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ) (آل عمران:7)
ذلك الخطاب القرءاني الحكيم يمنح قارئه صفتان واضحتان وهما
الصفة الاولى : ابتغاء الفتنة .... ونحن فيها وما اشدها وما اقساها
الصفة الثانية : تأويله عن طريق (الراسخون في العلم)
التأويل في عربية فطرية تلزم العقل الناطق عربيا أنه (عملية تفعيل ـ الأول) فأول ما جاء في القرءان أنه (كل من عند ربنا) وليس من عند فلان وفلان في (إبتغاء تأويله) فعملية ابتغاء تأويله ينقصها أن يكون القرءان (كل من عند ربنا) ولن يكون من (قال العرب) او من رأي بشري ... أوليات اللفظ القرءاني هي حصرا (مقاصد الله) ولا يمكن أن تكون من مقاصد غير الله وهو تصديق لقول الراسخون في العلم أن القرءان (كل من عند ربنا) ...
القرءان يؤكد إن لتأويله يوم موعود مشهود في نص شريف
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (لأعراف:53)
النص في اللسان العربي المبين واضح في مرابط قرءانية وليست تاريخيه فالذين (نسوه) هم نسوه (من قبل) وليس (من بعد) والوعد مأتي بموجب النص (يوم يأتي تأويله) وهو مرتبط بوثاق عقلاني مؤكد مع الذين (اتخذوا هذا القرءان مهجورا) وفي النص حكمة بالغة فالقرءان (متخذ) فقد اخذه الناس وهو بين اكفهم وفي احظانهم ولكنه موصوف بصفة (مهجور) فهو قد أخذ من الناس بمتنه ومهجور بموضوعيته ويتطابق الوصف مع الذين (نسوه) فالنسيان لا يعني شطب القرءان او الانتقاص منه والمسلمون لم يحاربوه ولكنهم نسوه كـ (قرءان) بل اعتمدوا على اقوال القائلين فيه وتركوه هو للتغني به وتلاوته من أجل الثواب وليس كدستور في قمة الهرم الملزم .
على محطة فضائية اسلامية معروفة كنت اقرأ فتاوى اسلامية لكثير من فقهاء المسلمين تتحدث عن حلول فقهية لمسائل يتسائل الناس عنها وهي فتاوى غزيرة كثيرة يجيب فيها الفقهاء عن تساؤلات فقهية ... وجدت ... وعسى أن يجد متابعنا الفاضل مثل ما وجدنا أن الاجابات الفقهية جميعها (الفتاوى) مبنية على عن فلان وقال فلان ولم اجد فقيها او فتوى تستند الى نص قرءاني محض ولا حتى بنسبة قد تصل الى 2% من حجم ما قرأت من فتاوى منشورة ... نادرا ما نرى فتوى مستندة الى قرءان فالقرءان (منسي) والقرءان (مهجور) في دستوريته وبديلها رأي البشر فيه ..!!
هل ينظرون الا تأويله ..؟؟؟ تساؤل قرءاني حكيم ... بل حكيم جدا ... فهو يقع في (ابتغاء تأويله) وكل الناس يتصورون إن التفسير هو (تأويله) والقرءان يقول هل ينظرون ..؟ غير (إلا) تأويله .. فيجيب القرءان أن لتأويله يوم موعود (يوم يأتي تأويله) .. اما ما قبله فهو (ابتغاء تأويله) وما دام الناس مختلفين فيه فهي صفة مقدوحة في القرءان (ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) ... الذين في قلوبهم (زيغ) لن يكونوا قادرين على تأويله والزيغ يقع حكما في اختلال وحدة النظر الى القرءان فيتفرق الناس وهم لقرءان واحد حاملين ...
هنا تقوم في العقل نتيجة ... نتيجة كبرى ... اذا ءامن الناس ان القرءان دستورا علميا عظيما فان يوم يأتي تأويله سيكون هو هو (يوم العلم) وهو فينا وقد أكثر الباحثون في الاعجاز العلمي القرءاني مرابطهم العلمية مع القرءان في ظاهرة فكرية تخص هذا الجيل ولم يكن لها وجود سابق في الفقه الاسلامي وحياة المسلمين لان العلم الحديث لم يكن معروفا في جيل السابقين فنكون في جيلنا هذا في برامجية الوعد الالهي ... ذلك منطق عقل بل بداهة عقل عندما نقرأ في القرءان نظم التكوين في خلق السماوات والارض وكيف تم الخلق عند نشوئه ونرى إن غاية العلم القصوى اليوم هي معرفة نشأة التكوين ولعل جميع الناس سمعوا بحجم تجربة الانفجار الكبير في سويسرا وما سبقها من جهد ومال وما تنفقه وكالة الفضاء الامريكية من جهد ومال وما تبتغيه مراصد الابحاث العالمية من اجل فهم الكون في (النشيء والتطبيق) والقرءان يحدثنا عنهما بحكمة بالغة لحدود عقلانية قصوى الا ان القرءان مهجور ...
العرب مرشحون (بلسانهم) أن يكونوا رواد فجر يوم جديد ... فهل من مدكر .. لطالبي المجد العربي ... للمتغنين بمجد العرب ... اليوم يوم العرب وأمس العرب ومجدهم ليس اكثر من نشيد عتيق اللحن لا يغني ولا يسمن .. اليوم يوم العرب في قرءان يقرأ ... ولكنهم على اناشيد وطنية يرقصون وقرءانهم رمضاني النغمات .. وهم لسيادة العلم راكعون في حين ان سيادة العلم مرشحة أن تكون فيهم في فجر عربي يتفجر من قرءان عربي عظيم
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
الحاج عبود الخالدي
تعليق