تأليه النظم
من أجل ثقافة التأليه في زمن معاصر
مما لا شك فيه ان الثقافة العبادية القائمة بين الناس تستمد مستقراتها من الفكر العقائدي بشكل مباشر وبما ان الفكر العقائدي هو استنساخ شبه مطلق لثقافة حملة العقيدة في تاريخهم السابق فان عملية الارث الثقافي لنظريات التأليه هي التي تسري في عقول المعاصرين من حملة العقيدة ونرى ذلك واضحا في موصوفات تأليه الاصنام والاوثان في العهود الماضية مع ما يصاحبه من نشاط عقائدي وثني معاصر في كثير من الديانات التي تعبد هياكل وثنية او حيوانية او غيرها مما ساعد في استقرار ثقافة التأليه (الالوهية) في محددات وثنية او في نواظير عقلانية ملحدة منتشرة بشكل واسع بين الامم مما جعل من الثقافة العامة للفكر العقائدي في نظرية التوحيد مخرومة من كل اتجاه على غفلة من حملة العقيدة واصبح الشعار العقائدي الثابت (لا إله إلا الله) انما يمثل ترنيمة عقائدية غير معروفة المضمون وغير مستقرة بين الناس مما تسبب في خروقات خطيرة لشعار (لا إله إلا الله) تحت استخدامات الوهية الا انها اصطبغت بصبغات غير وثنيه كما هو المستقر الثقافي للوثنية في ماضيها وحاضرها فكان اكبر إله يعبد على الارض هو (الوطن) حيث هشمت الوطنية الشعار العقائدي السامي (لا إاله إلا الله) فاصبح الوطن إله يعبد على مرأى ومسمع العقائديون انفسهم وبمشاركة عقائدية خطيرة من قبل العقائديين انفسهم ..
قبل ايام صدر من وطن مسلم رائد في الاعلان السامي (لا إله إلا الله) قانون (إله ..!) يمنع بموجبه تزويج الفتيات دون سن الثامنة عشرة الا بموافقة رسمية ولعل مبررات ذلك المنع جاءت من خلال (إله وطني) وهو صنم غير معروف الابعاد اسمه (المصلحة الوطنية) وكأن الوطن هو الاله المسؤول عن العباد ... كثيرة هي مبررات ذلك الاله التي منحته سلطوية على شؤون الناس حتى في خصوصياتهم عند تزويج نسائهم تحت حجج كارثية في التلاعب بالفتيات الصغار من قبل الاغنياء مما حول بعض الزيجات الى عمليات تشبه الرقيق وشراء البنت الصغيرة من قبل الاغنياء ولعل معالجة مثل تلك الحالات الموصوفة بصفات السوء هي كلمة الحق التي يراد بها الباطل وبشكل واضح فقد يرى أي متابع مستقل ان كثيرا من المباحات تسبب صفات قاسية ومدمرة فكثير من الناس يمارسون عملية الانتحار باستخدام الادوية عندما يبتلع المنتحر دفعة كبيرة من عقار معين ومثل تلك الحالات رغم كثرتها الا ان إله (المصلحة الوطنية) لم يتخذ قرارا بمنع انتاج تلك الادوية لانها تسبب حالات انتحار كما لم يصدر إله (المصلحة الوطنية) قرارا بوقف استخدام ولاعة الكبريت رغم ان عيدان الكبريت سببت حرائق كبرى في كثير من بقاع الارض راح ضحيتها الكثير من الناس والاموال ...
تأليه النظم هي وثنية مرت على عقول الناس لان ثقافة الوثنية المعاصرة لا وجود لها بين الانشطة الثقافية فقد رسخت ثقافة الوثن في عقول حملة العقيدة من خلال قراءات تاريخية مما ادى الى ضياع الصفات الوثنية المعاصرة فاصبحت الوثنية هي صفة ملاصقة ملازمة للنظم القائمة في منظومات وليس في اصنام كما كان سابقا فاصبحت منظومة الطب مثلا هي (إله الشفاء) ومنظومة الري هي (إله السقايه) ومنظومة علوم الزراعة (إله الزرع) ومنظومة التعليم هي (إله الهدايه) ومنظومة الصناعة هي (إله الحرث) ومنظومة الكهرباء هي (إله يأتي بالضياء من غير الله) ومنظومة السياسة هي (إله الامن) وتكثر الالهة مع كل منظومة معلنة من قبل الاله الاكبر (المصلحة الوطنية) فاصبح العقائديون يرفعون شعارا لا يبتعد كثيرا عن ترنيمة مقدسة غير مفهومة ينشدها العقائديون ليل نهار ويرفعونها على بعض اوثانهم (العلم الوطني) فتكون (لا إاله إلا الله) ترنيمة لا تمتلك تطبيقات معاصرة ولا توجد ثقافة ألوهية تحدد معنى الالوهية الا في الخلق حصرا عندما يعترف حملة الشعار التوحيدي اعترافا جازما بوحدوية الاله الخالق للبشر والكون وبقية المخلوقات ولكن الثقافة التوحيدية لا تشترط نافذية الإله في النظم الرابطة للخلق فاصبحت المنظومات هي آلهة تتحكم بمرابط الخلق في كل شيء رغم ان الخالق هو إله واحد وكأن الله سبحانه قد خلق الخلق وترك شؤون المخلوقات لآلهة اخرى تتحكم بمصائر الخلق وتقوم بتحديد مرابطه في الزواج والمأكل والمشرب والمسكن والامن والصحة و ..و .. فاصبح مع الخالق الهة اخرى تدير شؤون الخلق وهي المنظومات المتألهة التي صادرت الصلاحيات الالهية واحتكرتها في مقاعد بشرية تسن السنن وتقيم النظم حتى ولو خالفت اوامر الخالق كما في عملية التحكم بزيجات القاصرات ولعل المفجع المبكي ان الجهة التي استصدرت ذلك النظام من كبير الالهة (المصلحة الوطنية) تعلن تمسكها المبالغ به بالسنة النبوية وكل الوطنيون الباحثون عن المصلحة الوطنية متمسكون بسنة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام الذي تزوج من عائشة وهي صغيرة السن في عقدها الاول من الرسول وهو في عقده الخامس ..!!!
ثقافة التأليه يجب ان تبتنى في عقول معاصرة لنعرف معنى (الإله) وصلاحياته فهي ليست في الخلق حصرا بل الالوهية تعني ملكوت كل شيء
(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يّـس:83)
الوهية النظم تسري في عقول الناس في قناة القبول عبر تبريرات الاله الاكبر (المصلحة الوطنية) وكذلك تسري الوهية النظم عبر حاجات الناس المادية في تأليه الطب بصفته الاله الشافي وتسري عبر كل منظومة معاصرة امتلكت الوهية تم قبولها من قبل العقائديين قبولا شبه مطلق وهم يرفعون شعارا ساميا (لا إاله إلا الله) ولعل المسؤول عن تلك الازمة الفكرية (الثقافية) التي ادت الى ذلك الانفلات العقائدي هم حصرا فقهاء الدين المعاصرين الذين تقمصوا الماضي فانفلت منهم الحاضر ولعل اشارة بسيطة الى هجرهم للقرءان واعتمادهم على الخبر الوارد عبر التاريخ ضيع عليهم الكثير من المواقف التي وضعتهم في موقع المسؤولية الاول فنرى على سبيل المثال ان القرءان المهجور يقول
(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان:19)
ولكن فقهاء الدين هم الذين خرقوا القرءان اول الناس فاستخدموا مكبرات الصوت في حديثهم في خارجة قاسية على النص القرءاني لانهم منغمسون في ماضي العقيدة لينفلت حاضرها بين الناس وهم اول المنفلتين لانهم هجروا القرءان يقينا وننصح بمراجعة ادراجنا (مكبرات الصوت في خطوات الشيطان)
مكبرات الصوت في خطوات الشيطان
ولعل قيام ثقافة توحيدية معاصرة اصبح ضرورة من ضرورات شؤون المسلمين انفسهم عندما يمعن رجال الدين في هجر القرءان وندعوا مثقفي الامة الى النهوض لبناء الفكر المستقل لقيام ثقافة دينية معتصرة من قرءان الله وعلى المسلمين ان يهجروا متقمصات الماضي ليعيشوا فكرا ثقافيا يفي بمتطلبات شؤونهم الدينية في احلك ظلمة يعيشها حملة الدين مع قرءان مهجور
(إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:62)
تلك لا تعلو فوق صفة التذكرة فهي ليست رأيا يطرح او نظرية تتدحرج متطفلة على عقول الناس بل هي ذكرى فمن شاء الذكرى كانت له نافعة في زمن لا ينفع فيه غير رشاد المؤمنين
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
الحاج عبود الخالدي
تعليق