تحية واحترام
الناس حين يصومون الصيف الذي يتصف بارتفاع درجات الحرارة في اغلب الاقاليم الاسلامية والذي يتصف ايضا بطول زمن الصيام الذي قد يصل الى 16 ساعه او اكثر يتصورون ان الله سبحانه سيمنح الصائمين قدرا اكبر من الاجر نتيجة صبرهم على الصيام على قاعدة شرعية مشهورة (الاجر على قدر المشقة) الا ان حقيقة الامر لا تتطابق مع تلك المشاعر فالصوم في الشتاء يساوي اجره في الصوم صيفا فالله سبحانه ليس كما هم الاباطرة والملوك حين يمنحون اجرهم لمن يعمل في خدمتهم اكثر مشقة من غيرهم من الرعية فلله سبحانه وتعالى قوانين نافذة في حق العباد في سنن لا تتبدل ولا تتحول بين الصيف والشتاء فصلاة الصبح ذات الركعتين ليست باجر مضاعف عن صلاة الظهر باربع ركعات على قاعدة الاجر على قدر المشقة وتلك في فطرة عقل يدركها كثير من الناس فمن يعمل عملية جراحية لغرض الشفاء من مرض معين وهو في مشقة جراحية معروفة يتساوى مع من يستشفي من مرض مماثل او مرض شبيه باخذ عدة جرعات دوائية دون الحاجة الى مشاق العملية الجراحية فكلا الناشطين في الشفاء يحصلان على الشفاء احدهما بمشقة والاخر بلا مشقة ومن مثل تلك النظم التي تدركها عقلانية الانسان فان الصوم صيفا لا يشكل منـّة على الله يجعلها الصائم وكأنه قدم خدمة لله سبحانه بمشقته الفائقة من عطش وجوع في الصيف فالله غني عن العالمين وهو غني عن العباد فيما يعبدون فالعبادة لها اجر مقبوض بموجب قوانين الهية لا تتبدل بين الشتاء والصيف ولا ترتبط بحجم المشقة التي يمارسها العابد بل ترتبط بدقة الاداء ونية المسلم في تطبيق ما امر الله به سواء كان ذا مشقة كالصوم في الصيف او كان في الشتاء
ليس سهلا ان نضع معايير الثواب والاجر الالهي وكأنها ذات صلة بحجم المشقة فالمشقة في اداء المنسك او في اداء محاسن العبادة انما هي معايير المؤمن في ما يقوم بتأمينه في نظم الله لغرض الفوز بثمار ممارسته لتلك الانظمة فصلاة الفجر بركعتان تساوي في الدين (فريضة) والسفر في الحج يساوي (فريضة ايضا) ولا يمكن ان نتصور ان من يأتي من اقاصي الارض ليحج البيت وهو في اقصى مشقة ان يحصل على (اجر الحج) اكثر من الحاج الذي يأتي من اقليم قريب للكعبة ففي مناسك الحج يحصل الجميع على موصلاة موحدة مع نظم التكوين التي اودعها الخالق في الكعبة فيتساوى من بذل حجما كبيرا من المشقة مع من بذل حجما معتادا منها ذلك لان القوانين الالهية لا تتغير وفق مشقة العابد بل الاجر يتزايد عند الثبات على العبادة والاصرار عليها في ميسرتها وفي مصاعبها فيكون من (السابقين السابقين) اولك المقربون فمن يفوز بالقرب من انظمة الله يفوز باجر كبير وكبر الاجر يتزايد بزيادة القربى وليس بحجم المشقة
حجم المشقة في صوم صيفي يعني الاصرار والثبات على التواصل مع انظمة الله وقد يكون الاصرار على التواصل مع انظمة الله بدون مشقة فمن يسعى الى الزواج تنفيذا لامر الله فهو سيكون في عرس ولن يكون في مشقه الا ان اصرار العابد على تنفيذ ما امر به الله ان يوصل في الزواج يكون في كتاب الثواب والاجر الكبير
طوبى لمن يصرون على تامين اجسادهم وانشطتهم في انظمة الله سبحانه سواء صاموا في شتاء او في صيف سواء عطشوا او جاعوا او لم يعطشوا ويجوعوا فهم يقتربون من انظمة الله بتنفيذ ما امر به الله
احترامي
تعليق