تجربة رائدة في اصلاح( البيئة ) للبروفيسور
( دافيد جانزن )
من قصص ونماذج
استراتيجيات الجهاد المعاصر المتصل بالتطبيقات العلمية
يعجب المرء للحماسة التي يقبل بها البيئيين على أمل حماية البيئة ومكافحة التلوث ، فالعديد من المجتمعات لم تألف مثل هذه الحماسة في أعمال خاصة التي لا تعود عليهم بالمنفعة المادية ، او تضمن اشباع الملذات والغرور الذي يغرق المنافع القصيرة الشخصية.( دافيد جانزن )
من قصص ونماذج
استراتيجيات الجهاد المعاصر المتصل بالتطبيقات العلمية
أما المشاريع البيئية التي ستكبّد تلك المجتمعات المشاق أو تكلفهم الخسائر والتضحيات والتي لا تطمح الى أكثر من تنظيف ماء بحيرة هنا ، او انقاذ قطيع من ماشية هناك ، فلا تلقى في الغالب الا القصور ..؟!..انها جشع الانسان الحضاري الذي يلتهم كل شيء ..
والعجيب وانا اتصفح دون ( سابق موعد ) بعض أرشيف الكتب والمجلات وقعت يدي عل هذا المثال الذي ننقله لكم ..فهو مثال جدير بالاهتمام للذين لا يكثرتون ...فسدت البيئة ام بقيت ... وهم كُثُرْ .. لآنهم يعيشون على التهام ثروات هذه الآرض بكل جشع ..ويتركون من وراء جشعهم ذيول فسادهم وافسادهم في كل مربع من هذه الارض مروا عليه ؟!
والتجربة هي تجربة خاصة للبروفيسرو ( دافيد جانزن ) أستاذ يدرس البيلوجيا في جامعة بنسلفايا في الولايات المتحدة .
كان قد أشرف على الخمسين من عمره حين بدأ هذا المشروع ، وكان معروف عنه شغفه الكبير بالعلم والبحث !!..وكان محباً للعطاء وللخير ..حتى أنه آثر العزلة واتخذ وقتها في مكتبه بالجامعة مسكناً له ،وقضى معظم فراغه في جمع البذور النقية والديدان ،ومراقبة الفئران والتجول في الحقول المهجورة ، الى اخر ما هنالك من هوايته العلمية البيئية .
فوقاية البيئة وحماية احيائها البرية ،والمحافظة على توزان منظومتها ، اصبحت تحتل مكانة الصدارة في اهتمامات ذلك العالم الباحث ( جانزن ) ...وذلك منذ 15 عاماً ، فلقد راعه ما حلّ بالسلامة بالبيئة ،لا في بنسلفانيا حيث كان يعمل ويعيش.. ولكن الكثير من الأماكن المحيطة به وبالخصوص الشواطئ الغربية بالذات .، شواطئ المحيط الهادي حيث توجد حديقة الحيوان الوطنية الشهيرة ( سنتاروز ) ذلك أن المناطق المحيطة بتلك الحديقة فقدت حيوتها ، فاختل التوزان في منظوتها البيئة وتحولت بالتالي من غابات استوائية ممطرة الى غابات استوائية جافة . وهكذا أصبحت أمطارها موسمية تشح بل تتوقف تماما طول 6 أشهر وأكثر من شهر ديسمبر حتى يوليو ، واجدبت تلك المناطق وفقدت عطاءها ، سواء من النبات أو الحيوان ، حتى ضاق الفلاحون ذرعا بأراضيهم وأصبحوا يرحبون ببيعها بأبخس الآثمان .
ولم يدري أولائك الفلاحون أنهم كانوا السبب الآول في ما حل بمنطقتهم من دمار ، فلقد بالغوا في التحطيب وقطع الآشجار ،وجاروا في الرعي والصيد ،وواصلوا اشعال الحرائق بعد المواسم بقصد تنظيف الحقول مما تراكم عليها من شوائب ،ولم يخطر لهم ببال أن أعمالهم تلك كانت بمثابتة جريمة اغتيال ارتكبوها لا بحق بيئتهم فحسب !! ولكن بحق أنفسهم وذويهم أيضا .
ودرس ( جانزن ) هذه المشاكل جميعا بتفصيل ، فوجد ان بالامكان انقاذ تلك المناطق مما حل بها على مدى عشرين عاما ،وذلك اذا توفر المال الكافي للقيام بالآعمال والمشاريع التي يتطلبها انقاذها ،وقد قدرها بنحو 12 مليون دولار ، وشعر البروفيسور بالتحدي وقرر الاسهام شخصيا في جمع الآموال ....ويفاوض على شراء الآرض .. اذ لا سبيل للقيام بأعمال الانقاذ المرجوة ما لم تتوفر له حرية التصرف التي لا تكون الا في امتلاك الآرض .وتبين له أن الحد الادنى من المساحة المطلوبة لمشروعه البيئي النموذجي يبلغ 158 ميلا مربعا على وجه التحديد ... وبلغ الثمن الذي طلبه أصحاب الآراضي للتخلي عن أراضيهم بحوالي 200 الى 300 دولار للهكتار الواحد ...
وتابع الشراء حتى بلغت مساحة الآراضي التي يمتلكها المشروع نحوا من 15 ميلا مربعا وأطلق على مشروعه اسمه ( جوانا كاست ) وهو اسم شجرة اشتهرت بها تلك المنطقة ... وتميزت هذه الشجرة بضخامتها فهي تغطي بشتى أغصانها وفروعها أكثر من فدان من الآرض وترتفع في الجو أكثر من 100 قدم .
واقام أستاذ البيلوجيا لنفسه في المنطقة حجرة خشبية متواضعة جعل سقفها من ( ( تنك ) وسمح لبعض المزارعين بالعيش على أرض المشروع والقيام بأعمال زراعية وفق مخططه ...على أن لا يقوموا بأي عمل من الاعمال التي أدت الى اتلاف المنطقة ... وعلى رأسها عملية التحطيب الجائر والرعي الجائر والصيد الجائر وهو اهم الآعمال الانقاذ التي يقوم بها ( جانزن )
وقد أثمرت هذه الاعمال التي مضى على مباشرتها نحو 15 عاما ..بفضل الله وأخذت الحياة تعود الى التربة والآشجار والمراعي وبدات الآحياء البرية التي كانت هجرت المنطقة بالعودة ..وتشمل هذه الآحياء في ما تشمل 170 فصيلة طيور ، و130000فصيلة حشرات ،و 1000 فصيلة زواحف ، و 115 فصيلة حيوان لبون .. ناهيك عن النباتات و قد بلغت 800 فصيلة وذلك وفق الدراسات المتواصلة .................................................. .................
وتشير الدلائل ان في شهر فباير من عام ( 1988 ( ستشهد استكمال ذلك العالم بجع المال والتبرعات لاكمال مساحة الآرض التي تعتبر مخصصة للاصلاح حسب ( دراساته العلمية للمساحة بالضبط التي سيحتاجها ) .. وقد لاتحل سنة 1990 حتى تعود الحياة البيئية بفضل الله الى تلك المنطقة ...
كان هذا مقتطف من هذه التجربة التي قام بها العالم بتاريخ ( الحدث ) نفسه ...
منقول . ( بتصرف )