التأويل بين اليأس والرجاء
من أجل هوية إسلامية معاصرة
دأب المسلمون بدءا من ماضيهم لحاضرهم على وصف التأويل بصفة (التفسير الباطني) وحورب الذين يفسرون القرءان من الباطن باعتبار ان التأويل صفة مقدوحة مرتبطة بمنهجية تفسيرية مقدوحة المنهج في استخدام علم التأويل بشكل أعوج وذلك ما أكده النص القرءاني(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ) (آل عمران:7)
من النص الشريف يتضح ان الذين يعلمون التأويل انما يحوزون علما الهيا وان ابتغاء تأويله من أجل الفتنة في ما قيل في تفسير الباطن انما مقدوح بمنهجية التأويل وليس في (علم التأويل) وذلك واضح من النص في (ما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم) ... فالتأويل علم منهجي حسب ما ييبينه النص القرءاني في تدبر فطري لنصوصه الشريفة فما هو علم التأويل وما هو منهجه لان الله وصفه بالعلم في النص الشريف
اول ملف فكري يتصف بصفة الحذر والذي يمكن فتحه في هذ المجلس وعلى هذه السطور التي يراد لها الايجاز لتوافق اعراف النشر الالكتروني هو ان النص الشريف الذي يوعد حملة القرءان ان هنلك (تأويل) متصف بصفة (مأتي) أي ان هنلك وعد بظهور تأويل القرءان
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (لأعراف:53)
في هذا البيان خطورة فكرية قصوى تصف إتيان التأويل بصفات عالية القساوة على نوع من حملة القرءان (الذين نسوه من قبل) بحيث وصفهم القرءان بانهم (قد خسروا انفسهم) ... الاصعب من تلك الصفات هو ان نتسائل عن صفات الذين نسوه من قبل فمن هم
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرءانَ مَهْجُوراً) (الفرقان:30)
اتخذوه ولكن بصفة (المهجور) فهم الذين نسوه يقينا وهم حملته الذين تركوا القرءان وتمسكوا بما قيل فيه ....!! ذلك ليس اتهام تسوقه السطور فهو حقيقة حال قائمة يراها ويلمسها كل ذي لب في زمن صعب فنرى (مثلا) فضائيات اسلامية تبث القرءان باصوات رخيمة وتضع في ركن من شاشة العرض شريط مسطور ينشر فتاوى كثيرة نابعة من اسئلة المكلفين المسلمين وفيها حكم الافتاء وفي راصدة لنا لتقرأ قرابة 100 فتوى من ذلك النوع فلم نجد الا بضعة فتاوى لا تزيد على اصابع اليد ربطت الفتوى بنص قرءاني وبشكل غير مباشر في قول على قول اما مصادر جميع الفتاوى فكانت الفتيا فيما ذهب فلان رضي الله عنه وما افتى به زيد رضي الله عنه والقرءان مهجور الا انه متخذ حيث تقرأ شريط الفتاوى المكتوب وتسمع تلاوة قرءانية على شاشة الفضائية الا ان الفتاوى لم تكن من نصوصه فهو مهجور...
القرءان رسالة الله للبشرية وذلك من (فطرة عقل) ولا يمكن دحضها لو اجتمع التطرف كله في خيمة فكرية واحدة ومن فطرة العقل نفسها ندرك ان (البيان) هو من (مسئولية) (المرسل) ولا يمكن ان يكون البيان من (مسئولية) (المرسل اليه) الا ان المسلمين تركوا تلك الصفة وتمسكوا بالبيان الصادر من (المرسل اليه) وتركوا البيان الذي يجب ان تحمله (رسالة) (المرسل) وضاع البيان في رسالة القرءان بين اراء المرسل اليهم وهذه حقيقة لا يستطيع داحض ان يدحضها حتى لو كان من اشد المتطرفين تطرفا ...!!
في هذه النقطة التي اعتمدت على فطرة العقل (بداهة عقل) دون الرجوع الى رأي (ظني) او الى استدلال تاريخي بل عقل حي مع قرءان محمول بين ايدينا (هذا القرءان) الذي لو تدبر حامل القرءان حكمة اللفظ في (هذا القرءان) لوجد ان حكمة الخطاب تلزم حامل القرءان عقلا ان الخطاب موجه اليه لان لفظ (هذا) يكفي ان يذكر حامل القرءان الى ان الخطاب حاضرا بين يدي حامل القرءان الذي يقرأ النص فيرى (هذا القرءان) ولا يعني قرءان محمول في ماضيه ..!! في هذه النقطة سنعرف اول سلمة من سلالم التأويل بصفته علم منهجي فالتأويل في (لسان عربي مبين) وفي سلمة اولى في الفهم ان التأويل هو (اعادة النص الى اولياته) والعودة به الى اولياته تلزم حامله ان يربط البيان بالمسئول عن البيان الا وهو (الله) سبحانه وهو (المرسل) الذي ارسل الرسالة وجعل بيانها معها
(الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرءانٍ مُبِينٍ) (الحجر:1)
فاذا كان القرءان مبين وبموجب نص دستوري قرءاني فكيف يستحلب البيان من رأي بشري ..!! تلك هي في (الذين نسوه من قبل) وهي مرتبطة بيوم يأتي (تأويله) ويوم يأتي تأويله سيكون في يوم الحاجة اليه بعد اكثر من قرنين من الزمن الحضاري المعاصر والمسلمين في اختناق قاسي ربما له عنوان استفزازي في ضياع بيت المقدس الا ان الازمة اكبر بكثير من ضياع بيت المقدس بل ضياع المسلم فردا وجماعة في وسط حضارة وتطبيقات حضارية تخترق المسلمين وتهدم تطبيقاتهم الاسلامية وهم لا يشعرون لانهم نسوه (من قبل) في ماضيه منسي في بيانه فبيانه ليس من مصدرية البيان وحين يعاد البيان الى مصدر البيان والمسؤول عنه وهو الله فان مقاصد النصوص ستكون مقاصد الله (لا يعلم تأويله الا الله و ..) وليس مقاصد حملة القرءان من عرب الرسالة ولسان العرب بل من لسان عربي (مبين) قائم بين ايدي حملته ولا يمكن لقاريء القرءان ان يذهب الى معاجم التاريخ ليقرأ بيان القرءان فيها فذلك يعني (هجر القرءان) ويعني نسيانه (من قبل) ننصح بمراجعة ادراجنا (بين الظن واليقين غفلة الغافلين) تحت الرابط :
بين الظن واليقين غفلة الغافلين
منهجية التأويل (اعادة المقاصد القرءانية الى الله) وهي (اول) (اوليات) القرءان وهي تبدأ في البحث عن البيان في متن القرءان المتصف بصفة المبين وتكون ادوات البحث هي في (لسان عربي) متصف بصفة (المبين) ولا يحق للباحث في القرءان ان يخرج منه الا ليعود اليه ...!!
تلك رجرجة فكر في سلمة اولية مبنية على أمل ورجاء في قيام علم تأويل مأتي بوعد الهي في زمن الحاجة اليه ... ان اذن الله سبحانه فلسوف تلحق بها سلالم اثارات لا يريد كاتبها عليها اجرا من احد بل يريد ان يذكر بالقرءان لكي لا ننساه ولا يكون الخسران المبين ليقوم الامل في رجاء
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
تعليق