الله رحيم ولكنه (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ)
من أجل مرءاة إسلامية غير متموجة
{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }آل عمران74
يركز الخطاب الديني بقديمه وحديثه على ان رحمة الله واسعة وانها تسع السماوات والارض وتشمل كل الناس دون استثناء ورغم ان ذلك الوصف صحيح الا انه غير دقيق في شموليته المطلقة فالعبد حين يكون في العقاب فهو خارج رحمة الله يقينا فكل عبد يخرج عن الصراط المستقيم يخرج من رحمة الله في الخصوصية التي خرج منها لذلك فان الله يختص برحمته من يشاء فلا يحق للعبد ان يتشدق بصفة الله في الرحمة الشاملة وهو يخالف سنن خلق الله سواء كان جاهلا بالمخالفة او غافلا عنها او انه قد خرج عمدا عن صراط ربه فالرحمة الالهية تتوقف في مفصل المخالفة التي مارسها العبد
{مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }البقرة105
فمن يبحث عن رحمة الله المطلقة (التامة) عليه ان يتمم تنفيذ تعاليم الله في مأكله ومشربه ومسكنه وملبسه وفي عياله ومجتمعه ومناسكه فلا تكفي المناسك بكثرتها ان تزيد من فضل الله عليه وعلى سبيل المثال لا ينفع ان ينفق الرجل من ماله كثيرا وهو يكثر من عبوديته للوطن ويصر عليها وكأنه لا يدري بل العقل البشري عموما يدري ان الوطن بديل الله وفي احسن الاحوال يكون شريكا لله يسن الشرائع والقوانين وهي سنن مسنونة من دون الله
رحمة الله لها خصوصية ترتبط بـ (مشيئة الله) وذلك نص دستوري تذكيري لا يخضع للرأي او يخضع للتضليل
عوق الخطاب الديني هو الذي جعل الكثير من المضامين الدينية ضبابية التكوين فترى السارق يسرق وهو طامع برحمة الله بدلا من ان تردعه عقوبة الله ويكثر الخطاب الديني من
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
يحكى ان رجلا من الناس كان قاتلا معتديا اثما على مساحة طويلة من عمره وحين بلغه الكبر استهتر باعراف الناس وصار يعمل الموبقات علنا وهو يقول لا اخافكم ولا اخشى الله لاني مثقل بالذنوب ولا ارتجي رحمة من ربي فوصل خبره لاحد الصالحين فارسل في طلبه وقرأ عليه ءاية عدم القنوط من رحمة الله فبكى وعاد الى صوابه فاصلح حاله حتى ادركه الموت على صلاح وتلك هي وسعة رحمة الله فانها ذات سعة متسعة تتسع لكل خطايا البشر وما من احد بلا خطيئة الا ان العودة لتصحيح الخطأ تقيم (الخصوصية) لرحمة الله وفي اللاعودة لا رحمة وفي الاصرار يحمل الاثم (صرا) فيكون عند الله (إصرا) في اخراجه من الرحمة الالهية التي وعد عباده جميعا لانه كتب على نفسه الرحمة
رحمة ... لفظ يعني (حاوية رحم) والرحم يعني (مشغل وسيلة فائقة) فالله (رحمان) يشغل رحمين فائقي الوسيلة في (العقل + المادة) فحين يخل احد المكلفين برحم العقل او رحم المادة ويصدع او يوقف مشغل ذلك الرحم بفعله فانه يفقد صفة (الرحمة) أي يوقف فعل تلك الحاوية التي فطرها الله في خليقته فتوقف الرحمة توقف تلقائي بمشيئة الهية مودعة في نظم تكوينية تختلف عن رحمة الانسان لللانسان او رحمة الملك للرعية او الامبراطور لشعبه بل هي رحمة تكوين ثابتة لا تتغير ولا تتبدل كيفما يكون العبد بمشيئته فمشيئة العبد حين يكون طالبا لرحمة الله ترتبط بمشيئة الله التي اودعها في كينونة الخلق ونظم التكوين في (رحم عقل + رحم مادي) يجب ان يكون متطابقا لـ صراط الله المستقيم
الرحمة هي (حاوية الرحم) والرحم من (رحمان في رحمين) عقلاني ومادي وذلك لسان عربي مبين ومن بيانه تقوم ذكرى للذاكرين
الحاج عبود الخالدي
تعليق